في العمل الشرفي الرياضي.. فهد المشيقح نموذج يحتذى به

دعم إدارات النصر المتتالية ضاربا بخلافات الكبار «عرض الحائط»

TT

حينما يجمع منسوبو النصر إعلاما وشرفيين وجماهير وإدارة على تكريم رجل منهم.. ففي ذلك بعد غريب في ظل وقع الاختلاف الكبير الذي يعيشه النادي، بل وقوة الانقسام الذي أفضى إلى نصر مهلهل تراجعت نتائجه من جراء تبارز، بل تناحر منسوبيه إلى درجة أنه من النادر أن تجد اتفاقا بين شرفييه حتى لو ابتسموا متلاصقين أمام كاميرات المصورين!! وعليه فلا بد أن يكون من حظي بالتكريم رجلا قد تجاوز، بل قفز من فوق كل الإرهاصات والخلافات التي أعيت هذا النادي العريق.

قبل أن نشير إلى الشخصية التي اتفق أهل النصر جميعا على تكريمها، جدير أن نذكر أن المطلع على ماهية العمل الإداري في نادي النصر، وتحديدا بعد وفاة الرمز الراحل الأمير عبد الرحمن بن سعود (رحمه الله)، سيلمس اختلافا كبيرا بين أعضاء الشرف يصل في كثير من الأحيان إلى «الخلاف الضار» الذي يؤثر على النادي وعلى مسيرته، تلك المسيرة المظفرة التي اختلت بسبب هذا الفعل غير الموضوعي.

بكل صراحة فالنصر أصبح رهينة لمعسكرين اختلفا في كل شيء وحتى كيفية الاجتماع الشرفي لم يتفقا عليه، حتى وإن بدت على بعضهم وفاقا، لكن الأيام المقبلة ستكون حبلى بما سيكون عليه الاختلاف في ظل تراجع النتائج! لكن ألم يلحظ الجميع أن هناك من يعنيه النصر ولا شيء غيره، فمن يخدم النصر هو في صفه، والكل له الاحترام والتقدير سواء في منظومة النصر أو المنافسين.

من هنا لا بد أن نشير إلى أن كل من عرف هذا النادي العريق يعرف جيدا العميد فهد المشيقح.. وأدرك لماذا يتفق، بل يبادر كل منسوبي النصر لتكريمه، هذا الرجل الذي تخرج في مدرسة عبد الرحمن بن سعود وشرب حب النصر صافيا غير كدر، لذلك فهو لا يعنيه إلا النصر، حضرت إدارة سعد بن فيصل بعد وفاة الرمز.. فوقف معها، وأكمل المهمة بعدها بكل تجل حينما تبوأ منصب الرئاسة، وحضرت إدارة ممدوح بن عبد الرحمن ثم فيصل بن عبد الرحمن، وأخيرا فيصل بن تركي وعمل الشيء نفسه، بل كان معها جميعا قلبا وقالبا ماديا ومعنويا.. هنا يلحظ مدى الفعل الكبير لفهد المشيقح ولا غرابة في ذلك، وهو الرجل الذي اختاره عبد الرحمن بن سعود لكي يرأس النصر في منتصف التسعينات الميلادية، حينما أراد عراب النصر ومؤسسه الحقيقي أن يترجل لظروف معينة تكالبت عليه خلال تلك الفترة،، لكن المشيقح رفض ذلك من باب أنه لن يعتلي كرسي الرئاسة والرمز على قيد الحياة.. بل إنه استمر معه وسانده من خلال عمله نائبا له في مجلس إدارة نادي النصر.

عمله الإيجابي لم يكن متوقفا على ناديه النصر ففعل ذلك خلال مناسبات كروية وطنية سعودية، بدعمه ماديا دخول الجماهير.. غير أنه قد تبرع بألف تذكرة لدخول الجماهير مباراة الاتحاد أمام فريق سيول الكوري في ربع النهائي الآسيوي الحالي قبل نحو نصف الشهر وهي المبادرة التي كانت كالوخزة المفيدة، التي من جرائها تسابق رؤساء أندية سعودية كثر لإعلان وقوفهم مع الاتحاد في مهمته الخارجية.. وإن كان وقوفا معنويا.. وليس معنويا وماديا كما فعل المشيقح. والتاريخ يذكر المباراة التكريمية لنجم منتخب السعودية حارس مرمى النصر السابق سالم مروان الذي تعرض لحادث مروري شل حركته، في وقت تخلى كثيرون عن هذا النجم.. لكن المشيقح وعبد الرحمن بن سعود أججا المبادرة التي كانت عنوانا لفعل عظيم لنجم سعودي.. بات يعاني! يزيد على ذلك بتقديمه التبرعات باستمرار لقطبي مدينة بريدة الرائد والتعاون وهو يحمل العضوية الشرفية لكليهما.. بل إنه تكفل بمبادرات إنسانية باسم نادي النصر لجمعيات خيرية.. والأهم أنه لم ينجرف مع موجة التعصب لكل ما هو منافس حينما شارك في تكريم نجوم هلاليين كما فعل مع محمد الدعيع وسامي الجابر ومنتمين آخرين لأندية أخرى غير النصر والهلال. لن نطيل في سرد التاريخ، لكن كلما سمعنا تصريحا أو رأيا لفهد المشيقح آمنا بأن العمل الرياضي ما زال يحتاج للرجال المتميزين، ونحسب أن فترة رئاسته القصيرة كانت ستنتج لولا الحظ العاثر والمنعطف الذي كان يمر به النصر خلال تلك الفترة.

لكن ما يهمنا في ما يحتاجه النصر أن المشيقح يعطينا أنموذجا لما يجب أن يكون عليه عضو الشرف، وخاصة في ناد جماهيري ذي تاريخ حافل كالنصر.

ونؤكد مرارا وتكرارا، وحتى لو غضب البعض أن الانتماء الحقيقي لعضو الشرف ينطلق من حب الكيان مع الإجادة في التعامل بعيدا عن النقد الجارح والتلاسن المضر، والأشد من ذلك العمل من خلف الكواليس لإفساد عمل الإدارة!!.. بل هو كما يفعله المشيقح عقلانيه ورزانة وبحثا عن نتائج إيجابية تفيد النصر، يزيد على ذلك علاقات ترتكز على الاحترام مع الآخرين.

والأكيد أن هذا هو ما نحتاجه في أنديتنا، وخاصة النصر، فهو قريب من الجميع ومقبول منهم كلهم.. صاحب فكر راق وعمل رائع وعلاقات متميزة حتى مع المنافسين الآخرين الذين ما برح البعض يشدد على زيادة الخلافات معهم ويرى فيها تكسبا وقربا من أنصار فريقه، رغم أن مثل ذلك ليس في مصلحة الجميع.

ونختم بالقول إنه كان من الإنصاف أن يبادر كل منتمي النصر لتكريم هذا الرجل، لا سيما أنهم قد أدركوا أن الزمن بات زمن النوادر، وخاصة فيمن يتفق عليهم الجميع ولا يختلفون.