لوران بلان «ربان سفينة» فرنسا الذي أنقذ منتخبها من الغرق

نجح باقتدار في بناء فريق قوي بعد نكسة مونديال 2010

TT

كان المنتخب الفرنسي في أقل مستوى له خلال مونديال جنوب أفريقيا 2010، وشكل تمرد لاعبيه ضربة قوية للكرة الفرنسية معنويا وفنيا، لكن الفريق عاد تحت قيادة مديره الفني لوران بلان اللاعب الدولي السابق ليفرض سيطرته وليجذب الاحترام الذي اختفى تحت قيادة ريمون دومينيك.

بعد أن سجل فلوران مالودا الهدف الأول في مباراة انتهت بفوز ساحق للمنتخب الفرنسي على نظيره الألباني يوم الجمعة الماضي، كانت الأعلام الفرنسية ترفرف بحماس شديد. بل إن الجمهور أخذ يحتفي بالطريقة المكسيكية، وكان واضحا أن الفرنسيين يحاولون بجد استعادة روح التفاؤل. ولكن لطالما كانت هناك شكوك حول نجاح الفريق منذ كأس العالم 2010.

وعندما تولى لوران بلان زمام الأمور بعد ريمون دومينيك، كان أمامه الكثير من الأشياء التي عليه إصلاحها، وكان واضحا أنه سيحتاج إلى بعض الوقت كي تتمكن فرنسا من استعادة سمعتها. وقد كان يكتنف هذه المهمة الكثير من التعقيدات، حتى بالنسبة إلى بطل وطني مثله شارك في الفوز بكأس العالم 1998 وأمم أوروبا 2000 ويعرف باسم «الرئيس».

وعند النظر وقت تقديم بلان في منصبه، نجد أن منتخب فرنسا كان في وضع مترد، حيث كان جزءا من فوضى كأس العالم 2010 لا يزال مسيطرا على الأجواء، وكان هناك تحقيق يجري مرتبط بالسلوك أكثر منه مرتبط بالمهارات. ونتيجة لذلك الوضع تراجع المنتخب إلى المركز السابع والعشرين في التصنيف الدولي بعد أن قضى وقتا طويلا من العقد الماضي على رأس تصنيفات الفيفا العالمية.

وانتهت المباراة الأولى لبلان، وهي مباراة ودية مع النرويج، بهزيمة المنتخب الفرنسي، وبعد ذلك خسر المنتخب المباراة الأولى في التصفيات المؤهلة ليورو 2012 على أرضه أمام روسيا البيضاء. ولكن تمكن المنتخب من التعافي سريعا من هذا الوضع المتردي بفضل أداء جيد على مدار 13 شهرا. والآن الفريق وصل إلى كأس الأمم الأوروبية.

فبعد إكرام الضيف الألباني بثلاثية بيضاء مساء الجمعة، تحول الاهتمام إلى المباراة مع البوسنة الأخيرة وهم لا يشعرون بالتوتر، ودار التساؤل هل يمكن التكيف على الوضع رغم وجود عدد كبير من اللاعبين المهمين على مقعد الاحتياطي؟ هل التعادل يكفي في موقف خطير؟ ويقول بلان: «أرى هذه نظرة تشاؤمية، فاستراتيجياتنا هي الفوز بالمباراة كما الحال دوما. نحن لا نلعب للتعادل، فهذه وسيلة للخسارة». وعلق سمير نصري قائلا: «نحن لسنا الإيطاليين».

وعلى الجانب الإيجابي، فقد جلب الأداء أمام ألبانيا بعض الأشياء المفيدة، فقد كان أداء الظهير الأيمن ماتيو دبوتشي الذي شارك للمرة الأولى خاليا من الأخطاء، وكان لويك ريمي خطرا في الهجوم، وكان مارفين مارتين مثيرا كاحتياطي ورد نصري على بعض الانتقادات الموجهة إليه بأداء ناضج.

وعلى بلان أن يبرهن على تنوع موارده خلال فترة توليه قيادة المنتخب الفرنسي. لقد قام بإعادة بناء روح الفريق. وكان عليه أن يعيد دمج بعض المستثنين بعد كأس العالم (من المثير أنه عندما جاء جبريل سيسيه ضد ألمانيا أصبح الخامس عشر الذي يتم استدعاؤه إلى المنتخب الفرنسي من بين المستثنين الـ23).

ورغم تراجع موقف بلان بعد فضيحة تسريب اجتماع ناقش بشكل عنصري قضية تحديد نسب اللاعبين من غير الأصول الفرنسية في منتخبات كرة القدم الشبابية، فإنه نجح في تغيير الصورة نحوه بالنتائج الجيدة التي حققها وإن بدت بعض مشكلات الفريق القديمة تعود إلى السطح مرة أخرى، مثل الخلاف حول لعب مالودا أم ريبري في جهة اليسار.

ويوجد سبب واحد مهم ساعد فرنسا على تجنب الإهانات التي كانت تلحق بها إبان دومينيك: إنه لوران بلان، الذي ما زال يحظى باحترام بين النقاد. كما أنه يحتاج إلى بعض الوقت ليتمكن من تشكيل فريق، ولكن التأهل إلى يورو 2012 بالطبع هو الخطوة الأولى نحو نسيان نكسة مونديال 2010.

وبعد أمم أوروبا سيكون على بلان الاستعداد لتحد جديد مع بداية مشوار المنتخب الفرنسي في منافسات المجموعة التاسعة من التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى مونديال البرازيل 2014 في مواجهة فنلندا على ارض الأخيرة في السابع من سبتمبر (أيلول) 2012، على أن يخوض الموقعتين المرتقبتين أمام إسبانيا حاملة اللقب في 16 أكتوبر (تشرين الأول) 2012 و26 مارس (آذار) 2013، وذلك بحسب ما أعلن الاتحاد الفرنسي لكرة القدم.

واتفق على المواعيد بعد اجتماع في مقر الاتحاد الفرنسي بين مدربي ومسؤولي منتخبات المجموعة التي تضم بيلاروسيا وجورجيا إلى جانب فرنسا وإسبانيا وفنلندا. يذكر أن بيلاروسيا موجودة أيضا في مجموعة فرنسا في التصفيات المؤهلة إلى كأس أوروبا 2012، وهي فاجأت «الديوك» في معقلهم في افتتاح التصفيات القارية وفازت عليهم. ونجح مدرب فرنسا لوران بلان في مسعاه لتجنب خوض أي مباراة في يونيو (حزيران) 2013 لأن البطولات الأوروبية المحلية والقارية ستكون قد انتهت للتو واللاعبون سيكونون منهكين.

ودفع المنتخب الفرنسي ثمن تصنيفه في القبعة الثانية من القرعة الأوروبية المؤهلة إلى مونديال 2014، مما تسبب بوقوعه إلى جانب إسبانيا حاملة اللقب وبطلة أوروبا أيضا. والتقت فرنسا مع إسبانيا 30 مرة حتى الآن، وفي المواجهات الأربع الأخيرة، فاز رجال المدرب الإسباني فيسنتي دل بوسكي 3 مرات على فرنسا التي فازت بدورها 3 - 1 في ثمن نهائي مونديال 2006. ويتأهل أبطال المجموعات التسع إلى النهائيات مباشرة بينما تخوض المنتخبات الثماني صاحبة أفضل مركز ثان الملحق للمنافسات على البطاقات الأربع المتبقية ليرتفع العدد إلى 13 منتخبا وهي الحصة التي حددها الاتحاد الدولي للقارة العجوز.