فيرغسون.. «ربع قرن» من العطاء المستمر مع مانشستر يونايتد

إنجازاته تتحدث عنه.. ولا يقارن بأي مدرب آخر في عالم الكرة

TT

إنه الرجل الذي لم يتمكن من الاعتزال، الرجل الذي قذف حذاء في وجه النجم ديفيد بيكام والرجل الذي حول مانشستر يونايتد إلى أنجح فريق في تاريخ الدوريات البريطانية. يحتفل الاسكوتلندي سير أليكس فيرغسون اليوم بمرور 25 عاما على توليه منصب المدير الفني لمانشستر يونايتد، ربع قرن حقق خلاله 27 لقبا مع الفريق.

ومن المرجح أن يذكر التاريخ فيرغسون على أنه أنجح مدرب في تاريخ الكرة الإنجليزية، ومع اقتراب عيد ميلاده السبعين لا يبدو على المدرب الاسكوتلندي أي علامات تدل علي فتور همته. وقال فيرغسون في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي): «إنه أمر يشبه القصص الخيالية أن أستمر (مع مانشستر يونايتد) طوال هذه المدة.. كانت فترة تدريبية رائعة بالنسبة لي. فمثل هذه الأمور لا تتوقع أن تحدث ولهذا فإنني أقدر ذلك».

وعندما وصل فيرغسون إلى مانشستر لخلافة المدرب رون أتكينسون في منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) 1986، أصبح المدرب الجديد محببا سريعا بالنسبة لجماهير مانشستر عندما قال إنه يريد «إزاحة ليفربول من فوق عرشهم». وقبل ستة أشهر من ذلك، كان ليفربول أحرز لقبه الـ16 بمسابقة الدوري الإنجليزي. وفيما عانى فيرغسون لترك بصمته في مانشستر خلال سنواته الأولى هناك، أحرز ليفربول لقبين آخرين بالدوري الإنجليزي الممتاز في عامي 1988 و1990.

ولكن في يناير (كانون الثاني) 1990 تبدلت الأحوال بالنسبة لفيرغسون ومانشستر يونايتد.

فوسط صراع الفريق في منطقة الهبوط بدوري الدرجة الأولى آنذاك (الدوري الممتاز حاليا)، سجل مارك روبنز هدفا متأخرا ليقود الفريق للفوز على نوتنغهام فورست في مباراة بالدور الثالث لبطولة كأس إنجلترا. ورغم أن مانشستر ما زال ينكر هذا الأمر إلى يومنا هذا، فقد انتشرت شائعات قوية آنذاك بأن فيرغسون كان سيقال من منصبه لو كان الفريق خرج من منافسات كأس إنجلترا في تلك الليلة.

ولم ينظر فيرغسون أو مانشستر إلى الوراء منذ ذلك الوقت حيث أحرزا لقب كأس إنجلترا في ذلك الصيف ثم لقب بطولة أوروبا للأندية أبطال الكؤوس في 1991 قبل أن يفوز مانشستر بعدها بعامين بلقبه الأول في الدوري الإنجليزي منذ عام 1967.

ورغم أن مزاج فيرغسون الحاد أمر ظاهر بالنسبة للاعبين والجماهير ووسائل الإعلام، فقد أكد قائد فريقه السابق جاري نيفيل أن مهارات المدرب الاسكوتلندي في الإدارة لا يعلى عليها.

وصرح نيفيل لصحيفة «ديلي ميرور» قائلا: «ربما يعتقد الناس التي تنظر إلى الأمر من الخارج أن فيرغسون يحصل على العروض الجيدة من لاعبيه عن طريق الخوف ولكن الأمر أكبر من ذلك بكثير». وأضاف: «لقد كان أقرب إلى الأب بالنسبة لنا في أولد ترافورد. فهناك لاعبون سابقون أصبحوا مدربين الآن في أندية أخرى عادة ما يطلبون منه النصيحة وهو لا يتأخر عنهم أبدا». وتابع نيفيل حديثه قائلا: «إنه ليس من الناس الذين قد يغدقون عليك في المديح ولكن عندما يأتي إليك ويقول: أحسنت يا بني، يكون هذا أهم شيء بالنسبة لك».

وربما شكك البعض أحيانا في عقلية فيرغسون الفنية ولكن قدرته على التعامل مع بعض أكثر الشخصيات صعوبة في عالم كرة القدم ونجاحه في استخراج أفضل ما فيهم لم يكن أبدا محل شك. فمن روي كين وديفيد بيكام إلى إريك كانتونا وكريستيانو رونالدو، كان فيرغسون يضع يده على أكتافهم وقت الحاجة دائما ولم يتردد قط في أن يظهر لهم أن هناك قائدا واحدا في الفريق.

وبقيادة مانشستر لإحراز 12 لقبا بمسابقة الدوري الإنجليزي الممتاز، رفع الفريق إجمالي رصيده من الألقاب في المسابقة المحلية إلى 19 لقبا بزيادة لقب واحد عن ليفربول. ورغم أن رصيد مانشستر من الألقاب الأوروبية لا يتجاوز الثلاثة ألقاب أي أقل بلقبين من ليفربول، فهناك إمكانية كبيرة بزيادة هذا الرصيد قريبا. وأشاد كيني دالغليش مدرب ليفربول بالعمل الذي قام به فيرغسون في مانشستر يونايتد حتى لو كان ذلك على حساب ناديه. وقال دالغليش: «إنه رائع حقا.. وأعتقد أنه حتى تجاوز الأسطورة سير مات باسبي (المدير الفني السابق لمانشستر يونايتد) من حيث الإنجازات والنجاحات التي حققها». وأضاف: «لا شك أن البقاء لمدة 25 عاما بمكان واحد هو أمر مذهل، ولكي تحقق نجاحا مثل الذي حققه فهو شهادة رائعة لنفسك ولناديك».

أما فيرغسون المتواضع فقد أكد أنه محظوظ لأنه حظي بقائمة طويلة من اللاعبين الرائعين تحت قيادته بداية من برايان روبسون في أيامه الأولى بمانشستر يونايتد ووصولا إلى واين روني حاليا. وقال فيرغسون لـ«بي بي سي»: «من الصعب مجرد التفكير في أنني سيطرت على كل هؤلاء اللاعبين طوال هذه المدة.. ولكنني أحب أن أرى شخصيتي في جميع اللاعبين، بأن يكونوا أشخاصا مهووسين ومدفوعين ولا يحبون الهزيمة».

وبعدما حاول فيرغسون الرحيل عن صفوف مانشستر قبل عقد مضى، لا يعرف فيرغسون حاليا إلى متى سيظل في منصبه الحالي. وقال: «وماذا سأفعل غير ذلك؟.. عندما بلغت 50 عاما بدأت أقلق بسبب السن ولكن عند بلوغي 60 عاما و65 عاما لم أعد أكترث بالأمر. إنني سعيد بوجودي هناك وحسب ولا يختلف الأمر كثيرا مع بلوغي السبعين. وإذا جاء يومي الأخير هنا وأنا في السبعين من العمر فسأكون سعيدا بذلك».

وكان فيرغسون قد تعهد بمواصلة مشواره «الخرافي» مع مانشستر يونايتد طالما تسمح له صحته القيام بهذه المهمة. وكثرت التخمينات حول مشوار فيرغسون مع مانشستر ومتى سيعلن المدرب الاسكوتلندي الفذ نهاية المشوار ومن سيكون خلفه، لكنه لم يعط أي أشارات حول نيته بالاعتزال قريبا، حيث قال «سأواصل مشواري طالما تسمح لي صحتي القيام بالمهمة»، مشددا على أن الفضل في النجاحات التي حققها يعود إلى اللاعبين المذهلين الذين دربهم طيلة هذه الأعوام.

وتابع «كنت محظوظا جدا لحصولي على بعض أفضل اللاعبين في هذه اللعبة. عندما أتذكر هؤلاء أقول لنفسي (كم أنا محظوظ)، إنه أمر مذهل. إذا نظرت إلى لائحة اللاعبين الذين كانوا موجودين عندما وصلت - براين روبسون، نورمان وايتسايد، ثم براين ماكلير، مارك هيوز، بول إينس، روي كين، اريك كانتونا.. يا الهي، يا لها من مجموعة».

وواصل «كانوا لاعبين رائعين. ومن الصعب التفكير في أني كنت أسيطر على كل هؤلاء اللاعبين لفترة طويلة. إن الحقبة الحالية من اللاعبين تتمايز بشخصيات وثقافات مختلفة. كانت فعلا فترة رائعة بالنسبة لي. إنه أمر لا تفكر في إمكانية حصوله، إنها قصة خرافية نوعا ما أن أصمد طيلة هذه الفترة. التدريب تغير كثيرا مع الوقت. الأمور تتغير مع تقدم الأعوام. طريقة التدريب الحالية تختلف عما كانت عليه قبل 7 أو 8 أعوام. لقد تغيرت».