خبراء كرويون سعوديون: ريكارد لا يتحمل المسؤولية.. وتطور المنتخبات الأخرى أعادنا للمكان الطبيعي

«الشرق الأوسط» سعت إلى استقصاء آراء أبرز المدربين والنجوم السابقين بعد موقعة «الدرة» الشهيرة

TT

لم يشفع التاريخ ولا الإنجازات للمنتخب السعودي الأول لكرة القدم في الفترة الأخيرة حينما بات مستواه الفني متوسطا وغير مقنع ولا يتوازى مع التاريخ الكبير الذي بناه الأخضر طوال الـ27 عاما الماضية، منذ تحقيقه لقبه الأول في كأس آسيا عام 1984، فالآراء تنوعت حيال الأسباب التي أوصلت المنتخب السعودي إلى هذه المرحلة، حيث أصبح الأخضر السعودي يصارع كمنتخب جديد لا تاريخ له في الوصول إلى المرحلة الرابعة والنهائية من التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2014، وهي التي كانت في فترات ماضية بمثابة محطة العبور السريع نحو الهدف الأول، نهائيات كأس العالم. فبعد أن كان الأخضر اسما قويا في آسيا والمرشح الأول لبلوغ النهائيات العالمية حيث نجح في الوصول إلى أربعة مونديالات على التوالي، ابتداء من كأس العالم التي استضافتها أميركا عام 1994 وانتهاء بمونديال 2006 الذي أقيم في ألمانيا، فإنه لم يعد كذلك في الآونة الأخيرة، إذ بات يترنح وينتظر الجولة الأخيرة من التصفيات الآسيوية في مرحلتها الثالثة لمعرفة هل سيبلغ المرحلة الرابعة والأخيرة من التصفيات أم لا، وهو الأمر الذي سيتحدد وتتضح معالمه في الجولة الأخيرة التي ستقام في شهر فبراير (شباط) المقبل.

وحملت بعض الآراء مسؤولية الوصول إلى هذه المرحلة للاعبين، الذين باتوا لا يستشعرون القيمة الحقيقية في ارتداء شعار المنتخب، حيث طالبت بعض الآراء بتغيير الأسماء الحالية، والزج بعناصر شابة ومتحمسة لخدمة المنتخب السعودي الأول، وفي ذات الوقت هناك من يرى بأن وسائل الإعلام كان لها الدور الأبرز في هذا الإخفاق، وسعت الـ«الشرق الأوسط» مع عدد من الخبراء الفنيين إلى كشف مكامن الخلل الحاصلة في المنتخب السعودي، الأمر الذي دفعه للتراجع كثيرا عن هيبته وإنجازاته وقوته، وإليكم التفاصيل.

البداية كانت مع الخبير الفني أمين دابو الذي رفض تحميل مدرب المنتخب السعودي الهولندي فرانك ريكارد مسؤولية الأداء الباهت للأخضر في التصفيات الآسيوية المؤهلة لكأس العالم، مرجعا سبب ذلك إلى عدم خوض ريكارد إلا 5 مباريات مع الأخضر منذ التعاقد معه صيف العام الحالي، على الرغم من ارتكابه لعدد من الأخطاء، وعرج دابو بحديثه لما قاله لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق فور صدور قرعة التصفيات عندما قال: «إن تايلاند منتخب متطور جدا، وسنشاهده في التصفيات بمستوى مغاير عما كنا نعرفه به سابقا، وهذا ما حدث للأسف، فنحن يجب أن نرى العيوب التي لدينا، وأن المنتخبات التي من حولنا وأقل منا باتت أفضل، والدليل على ذلك أننا بعدما كسبنا تايلاند بدت فرحتنا وكأننا كسبنا البرازيل».

وعن النقطة الأخيرة تحديدا وهل دابو يرى أن الفرحة كانت مبالغا فيها بعد الفوز على تايلاند مما أثر على اللاعبين في لقاء عمان، تابع: «بالطبع لا، لأن هذه لا تشكل فارقا مع اللاعب الذي يسعى لتقديم كل ما يملك لمنتخب بلاده، فلا الفرحة أو المكافآت هي ما أثر على نتيجة الأخضر أمام عمان، بل نحن قابلنا منتخبا قويا لديه انسجام ولاعبوه مستمرون كمجموعة منذ 5 أعوام أو أكثر، وشاهدنا في المباراة الأخيرة تحديدا كيف قدم 4 لاعبين أولمبيين مستوى ومباراة جيدة»، وأضاف: «يجب أن نشاهد العيوب التي ارتكبناها في مواجهة عمان. صحيح أن الفوز كان الأقرب لنا، ولكن المسؤولية غير موجودة لدى اللاعبين، كان من الضروري أن يشعر المدرب واللاعبون والإدارة بالخطر، وأن الفوز هو المطلب الرئيسي، ولكنني أعتقد أن بعض اللاعبين كان لديهم إحساس بكسب المباراة في لحظة ما، وهذا أكبر خطأ، ولا بد أن ندرك أن من حولنا تطور وأصبح أفضل مما كان عليه، فمن رأيي أن غرور اللاعبين هو ما أوصلنا إلى هذه المرحلة، إضافة إلى بقية الطاقم الإداري والفني».

وعن المواجهة المقبلة أمام أستراليا أردف: «التوفيق بيد الله، ولكن يجب أن نهاجم بقوة، فهي مباراة (أكون أو لا أكون)، مع ضرورة وجود نية صادقة للفوز»، مضيفا: «لا أريد ظلم جميع اللاعبين، ولكن بعضهم يجب إحلال لاعب شاب مكانه، ومطالبتي هذه ليست وليدة اليوم أو بعد مواجهة عمان، فالتغيير كان يجب أن يتم منذ فترة طويلة، حيث كان التغيير مطلوبا أن يحدث بعد كأس آسيا 2011، ولكن مع الأسف لم نستفِد من تلك الدروس، فهناك لاعبون بحاجة إلى فرصة فقط، فمثلا منصور الحربي في الأهلي إذا ما استمر على مستواه الحالي فسيكون أفضل لاعبي السعودية في مركز الظهير الأيسر، ومثل هذا اللاعب بحاجة إلى فرصة المشاركة مع المنتخب».

واختتم دابو حديثه عن نواف العابد عندما قال: «هو من أفضل المواهب التي خرجت في الفترة الأخيرة، ولكن ما فعله أمام تايلاند انتقده الجميع، ولو استمر على هذا النهج لن يواصل في الملاعب طويلا، ومشكلته كانت بحاجة إلى توجيه وإرشاد، وهذا بالتأكيد دور إداري وقيادي داخل الملعب أيضا حتى نتفادى مثل هذه الأخطاء».

من ناحيته أكد قائد المنتخب السعودي الأول سابقا عبد المجيد كيال أن الأخضر بحاجة إلى دماء جديدة خلال المرحلة المقبلة التي تسبق مباراة أستراليا، و«من خلال متابعتي لمباريات المنتخب الماضية وبالتحديد مباراة عمان لاحظت أن هنالك عددا من اللاعبين لم يتطور مستواهم ولا بد من تغييرهم، يأتي أبرزهم محمد نور، والظهيران عبد الله الزوري وحسن معاذ اللذان لم يقدما أي شي يذكر في الجانب الدفاعي أو الهجومي، كذلك خط الوسط يحتاج إلى منح الفرصة لبعض اللاعبين أمثال اللاعب عبد العزيز الدوسري الذي أجد أنه لاعب مهم في التشكيلة الأساسية. أيضا هناك أخطاء فنية واضحة من قبل المدرب الهولندي فرانك ريكارد، حيث لم يوفق في وضع بعض اللاعبين في مراكزهم، فنحن لم نشاهد في الـ6 أشهر التي أشرف فيها على المنتخب أي تطور أو فكرة جديدة تؤكد على تطور المنتخب، لذلك لا بد من إيجاد حلول وأفكار للخروج من هذا المأزق قبل مواجهة المنتخب الأسترالي، والمدرب لديه الوقت الكافي لوضع استراتيجية للمرحلة المقبلة، وباختصار يحتاج المنتخب إلى التجديد وضم ما لا يقل عن 5 لاعبين».

وأضاف كيال: «أنا تابعت حديث مدير إدارة شؤون المنتخبات محمد المسحل في (الشرق الأوسط) يوم أمس، ومعظم كلامه منطقي ومتزن، ولكن هناك نقطة مهمة وهي تحتاج إلى تفسير، هي: كيف ستكون المرحلة المقبلة التي تحتاج إلى جهد مضاعف حتى نستطيع التأهل للمرحلة الأخيرة من التصفيات؟ ونحن لم نصل إلى مرحلة اليأس، فما زال الأمل موجودا ولكن لا بد من التخطيط وإيجاد أفكار جديدة تساهم في رفع مستوى المنتخب».

من جهته وجّه اللاعب الدولي السابق فهد المهلل أصابع الاتهام إلى الإعلاميين، مشيرا إلى أنهم هم من يتحمل هذا الإخفاق الذي حدث، قائلا: «مع الأسف هناك إعلاميون طالبوا بإحضار مدرب عالمي، ومشكلة الاتحاد السعودي التفاعل معهم، فهم أول من طالب بالمدرب الكبير، وبعد ذلك هم أول من انتقده وتخلى عن هذه المطالب، فبعض وسائل الإعلام أثر في قرارات المسؤول، ومن المفترض من الأمير نواف أن يكون أكثر صرامة بأن يقوم بالتصدي لمثل هؤلاء، فيجب أن تحضر الصرامة إذا أردت أن تمسك بزمام الأمور في الرياضة».

وعن رأيه بأن المسؤول ضعيف إلى درجة التأثر بكل شيء تقوله وسائل الإعلام، قال: «تركيبة الإنسان وطبيعته أنه يعتقد أن رأي البعض هو الأصح، صحيح أن المدرب العالمي حضوره كان جيدا ولكن الفترة الحالية لا تستوجب حضور مدرب عالمي، لأنها فترة قصيرة والمفترض أن لا يحضر إلا عندما تكون هناك فترة طويلة وكافية بين حضوره وأول مباراة رسمية يخوضها المنتخب، فمثلا المدرب البرازيلي كاندينيو عندما حضر في عام 1994 كان يعرف بيوت اللاعبين ومعه جهاز كامل، فهو كان يعرف كل صغيرة وكبيرة عن كل لاعب».

وعاد المهلل بالإجابة المباشرة على السؤال السابق ليقول: «الأمير نواف بن فيصل لم يتأثر ولكنه سمع آراء يعتقد أنها جيدة، ولكن أول من انسحب هم أصحاب تلك الآراء، فمثلا هناك إعلامي خرج وبدأ بالهجوم على البلجيكي برودوم مدرب الشباب الحالي عندما فاوضه الاتحاد السعودي، حيث قال ذلك الإعلامي: (كنا ننتظر مدربا عالميا وبالأخير نفاجأ بهذا الاسم)، ولكن ها نحن نشاهد برودوم مع فريقه الشباب وكيف يفرض الانضباط والحضور الفني والتكتيك العالي، لذلك مثل ذلك الإعلامي يجب أن يوقف، وأنا لست ضد الإعلام، ولكن ضد هذه الأطروحات والتضليل».

وعن مستقبل الأخضر قال: «من الممكن أن نعمل مفاجأة مع أستراليا، فقد تعودنا من الأخضر أنه في المباريات التي يتوقع أن لا يعمل شيئا فيها يفوز، وعنده القدرة على ذلك، وشاهدنا ذلك في مباراة عمان، إلا أن اللاعبين في هذه المواجهة كانوا مضغوطين نفسيا ولم يعرفوا التعامل مع هذا الضغط».

من جانبه أشار اللاعب الدولي السابق والمدرب الوطني الحالي فؤاد أنور إلى أنه حان وقت تغيير اللاعبين، «فهم من خذلونا في مواجهات سابقة»، على حد قوله. وأضاف: «لعبنا 5 مباريات مع الهولندي ريكارد لم نحقق الفوز إلا في واحدة، لقد كانت لدينا مشكلات دفاعية كثيرة، ولكن الآن لدينا ثلاثة أشهر قبل مواجهة أستراليا الأخيرة، وهي فترة كافية لتحسين الأوضاع، فاللاعبون أضاعوا أكبر فرصة كانت ستؤهلنا للأدوار النهائية عندما أضعنا الفوز أمام عمان، فأغلب اللاعبين الموجودين لم يستفيدوا من الدروس الماضية، فبعد خروجنا من كأس آسيا شاهدنا تغييرات إدارية وفنية عندما حضر الأمير نواف وحضرت إدارة المنتخبات والهولندي ريكارد كمدرب ومدير فني، ولكن ظل اللاعبون لا يقدمون أي شيء يذكر، ولم يستغلوا المرحلة الانتقالية للكرة السعودية، فأعتقد أنه حان وقت التغيير والزج بوجوه شابة، فهناك أسماء بكل صراحة لم تعد قادرة على تقديم المفيد للأخضر، وشاهدنا المنتخب العماني يحضر فيه 5 لاعبين أولمبيين كانوا منضبطين فنيا وتكتيكيا أكثر من لاعبين لدينا في المنتخب منذ عام 2007، وكانت هذه جرأة من المنتخب العماني (مدربا وإدارة)، وشاهدنا كيف نجحت وفازت على أستراليا وتعادلوا مع المنتخب السعودي صاحب الإنجازات العريضة والتاريخ الكبير، مشكلتنا أن اللاعب بات همه كم يقدم له وبعد ذلك لا يقدم أي شيء جديد للكرة السعودية».

وواصل أنور: «هي عناصر بسيطة من ثلاثة إلى خمسة لاعبين يتم الزج بهم ومنحهم الثقة، وهم أيضا لاعبون مميزون ولا يقلون عن الموجودين وربما أفضل منهم، وهذا التغيير سيكون بمثابة الإنذار للاعبين المتبقين».

وعن الفترة المقبلة وهل هي كافية للتغيير قبل أستراليا أم لا، قال: «الفترة الزمنية كافية جدا شريطة وجود مباريات دولية كبيرة وبرامج إعداد جيدة، فمن رأيي أنه يجب أن يكون التغيير بنسبة 50% إذا كان هناك جرأة مع اختيار عناصر بحكمة وخبرة».

وعن مواجهة تايلاند بعد أن قال البعض إن هناك مبالغة بالفرحة وهذا سبب انخفاض المستوى والتعادل أمام عمان، قال: «هذا كلام غير صحيح، فالمنتخب العماني أخذ مكافأة أكثر من غيره، ومع ذلك قدم مستوى رائعا، لكن ربما هناك من رأى أن نزول الأمير نواف داخل الملعب غير جيد، ولكن أعتقد أن هذا دوره كمسؤول، وأنا أعود بالتأكيد على أن اللاعبين هم من خذلوا الجميع».