برشلونة يسقط ميلان بملعبه ويحتفظ بصدارة مجموعته في دوري الأبطال

أليغري ولاعبوه قدموا عرضا قويا.. واعترفوا بأنهم خسروا أمام أفضل لاعبي العالم

TT

خسر فريق ميلان على ملعبه ووسط جمهوره أمام برشلونة حامل اللقب بنتيجة 2 - 3، وذلك في المباراة التي جمعت بينهما أول من أمس في استاد سان سيرو بمدينة ميلانو، ضمن مباريات الجولة قبل الأخيرة لدوري المجموعات في بطولة دوري أبطال أوروبا لهذا الموسم. تقدم الفريق الكتالوني في الدقيقة 14 من الشوط الأول بهدف سجله فان بوميل لاعب وسط الميلان في مرمى فريقه بطريق الخطأ، لكن سرعان ما أدرك إبراهيموفيتش التعادل في الدقيقة 20، ثم تقدم مرة أخرى الضيوف في الدقيقة 31 من ركلة جزاء. وفي الشوط الثاني، تعادل كيفن برينس بواتينغ مرة أخرى لأصحاب الأرض، لكن تشافي حسم المباراة بهدف ثالث في الدقيقة 18، لتنتهي المباراة بنتيجة 3 أهداف مقابل هدفين ويضمن برشلونة التأهل إلى ثمن النهائي في صدارة المجموعة.

لم يكن الهدف المذهل الذي سجله كيفن برينس بواتينغ، وهو أجمل ما في المباراة، وكذا هدف وجسارة زلاتان إبراهيموفيتش، كافية لهزيمة برشلونة. كما أن ميسي حقق إحدى مهامه المهمة كأفضل لاعب في العالم والتي كان يفقدها في مسابقة دوري الأبطال، وسجل هدفه الأول في فريق إيطالي في الليلة التي كان من المفترض أن تكون أمسية إبراهيموفيتش. خرج زلاتان، وهو اللاعب الذي ضحى به غوارديولا من أجل الأفضل في العالم، من الملعب برأس منكس، وظلت رائحة الثأر تفوح في شوطي اللقاء. لكن ميسي وإبرا تعانقا عناقا ربما يضع نهاية مثالية لفصل يجب إغلاقه بعد أن استقر إبراهيموفيتش في إيطاليا وعليه أن ينسى العام الذي قضاه مع غوارديولا في برشلونة.

كان من المفترض أن تكون أمسيته.. أمسية إبراهيموفيتش الساحر، وفعل كل ما بوسعه حتى تكون هكذا، لكن الفريق الكتالوني أشبه بالجدار المرن وميسي لا يتوقف قط. لا يبدو أن أي شيء يمكن أن يقلل من خطورته ولو قليلا وسط الدفاعات الصلبة وبين من يتقاتلون من أجل مكان بين أفضل اللاعبين إلا أنهم يبدون إلى جواره أقزاما. إن ميسي لا يصنع معجزات، ومع ذلك فإنه يقوم بكل ما يفيد فريقه، ويدخل في الأحداث المهمة، ويسجل من ركلة جزاء، ويحصل على إنذار لاحتجاجه، وسدد كرة ارتطمت بالعارضة، ومنح الكرة الرائعة لتشافي ليسجل هدف الحسم. بينما يتعادل الميلان ويركض خلف أبطال العالم، فالأمر أشبه بمحاولة صيد الذئب وإبراهيموفيتش كصياد بارع لم يتوانَ أبدا في المتابعة. لكن الذئب الكتالوني ماكر وأدى بمرونة، بينما من يركضون خلفه كانوا منهكين. رأى إبراهيموفيتش حلما آخر يتبخر، على الرغم من الهدف الذي سجله ولكن يستمر لقب الصياد دائما ملتصقا به.

لقد سجل اللاعب السويدي مرة أخرى، ووصل إلى رصيد ثمانية أهداف بقميص الميلان في دوري الأبطال، ويتفوق على نفسه بتسجيله للمرة الرابعة على التوالي في دوري الأبطال، وهو أيضا إنجاز لم يتحقق من قبل. وقد يقول البعض إن فيكتوريا بلزن وباتي بوريسوف، فريقي المجموعة الآخرين، ليسا خصمين مستحيلين، ولذا فإن الهدف الذي سجله في مرمى برشلونة له ثقل مختلف. ويصرح عقب المباراة: «هدفي؟ لا شيء شخصي، لقد قمت بذلك من أجل فريقي، ومن أجل جماهيري، كما في المباريات الأخرى. مع غوارديولا لا شيء شخصي، لقد قلت ما شعرت به وكفى. الآن، لننظر إلى المستقبل». وتابع زلاتان: «لقد لعبنا أمام أقوى فريق في العالم، وقدمنا مباراة طيبة، وسجلنا هدفين، وخسارة أننا لم نحرز الثالث. المباراة أعجبتني، وأنا سعيد، لكننا خسرنا. لكن يمكننا الوصول بعيدا في دوري الأبطال».

يتبقى للميلان المركز الثاني الذي كان متوقعا له منذ يوم إجراء القرعة، الصيف الماضي. لم يفلح سحر إبراهيموفيتش، وحصل البارسا على ما كان يبدو حقا فعليا له. إن اللافتة الكبيرة التي رفعتها رابطة مشجعي الميلان كانت بسيطة لكنها مناسبة: «نحن العرض الأكبر بعد مسلسل الانفجار العظيم»، هكذا كُتب على اللافتة وعليها شعار نادي الميلان. في الواقع، كان العرض الأكبر مساء أول من أمس من نصيب برشلونة، لكن المباراة كانت ممتعة ومثيرة للمشاعر والميلان لم يقدم عرضا سيئا أمام أقوى فرق عالم، ولهذا قامت جماهير استاد سان سيرو بتقديم التحية والتصفيق وقوفا في نهاية المباراة، لأن جمال كرة القدم قد يحطم التعصب الكروي. ليس سهلا اللعب أمام فريق هكذا، فحينما تعتقد أنك أمسكت بميسي وأوقفت خطورته يبزغ فورا تشافي أو فابريغاس ليخفي الكرة منك. وكان المدرب ماسيمليانو أليغري قد قال عشية اللقاء «لا ينبغي علينا أن نخجل من استحواذهم على الكرة». لكن الميلان، على العكس، حاول مهاجمة برشلونة واستغلال سرعة ومهارة لاعبيه. أليغري يذهب إلى ما وراء النتيجة ويشيد بأداء وتطور الفريق، ويقول: «بالنسبة إلينا كان مهما لعب مباراة هكذا، وكنا في حاجة لذلك لمعرفة في أي مستوى نحن. لقد واجهناهم بجرأة، وخرجنا مهزومين ربما من دون استحقاق، لكن بتقدير أكبر للذات». تحلى الميلان بشجاعة أكبر من مباراة الذهاب وأظهر أن برشلونة ليس فريقا لا يمكن المساس به. لقد كان فريق الميلان هو الوحيد في هذه البطولة الذي تمكن من التسجيل في مرمى الفريق الكتالوني، هدفين في الذهاب ومثلهما في الإياب. ويتابع أليغري: «حينما تلعب مباراة هكذا فإنك تواجه خطر ارتكاب أخطاء، لكنني سعيد بما قام به اللاعبون، ومن أجل الحد من خطورة ميسي لا بد من الحذر إلى أقصى درجة، وهذا المساء قمنا بذلك بشكل جزئي وخلقنا صعوبات. في الشوط الأول، حينما كانوا هم يلعبون بثلاثة لاعبين في الدفاع استغلينا الأجناب جيدا، لكننا أخطأنا بالسماح لهم بإحراز ثلاثة أهداف حيث لم ندافع بشكل جيد. يظل برشلونة هو الفريق الأقوى في العالم، لكننا على الطريق السليم».

وبواتينغ نفسه يقول ذلك: «رأيتم ذلك، حينما كنا في أفضل حالاتنا لعبنا جيدا أيضا أمام أفضل لاعبي العالم، لكن غاب عنا الفوز فقط. ركلة الجزاء؟ بالنسبة لي لم تكن صحيحة، وستارك حكم المباراة أكد لي ذلك بين الشوطين. هدفي؟ لقد فكرت في التسديد فقط، وكنت قد قلت لزملائي إنني سأحاول التسجيل».

بينما ينظر سيدورف إلى الأمام: «هذه المباراة تمنحنا ثقة كبيرة للمستقبل، وكان الأمر أصعب من لقاء الذهاب، فهم لديهم مهارة كبيرة في المواجهات التي يتحتم فيها فرض الرقابة، لكن إن كنت منظما وتضغط عليهم بإمكانك أن تضعهم في مواقف صعبة، مثلما فعلنا نحن». الخلاصة هي أن الميلان يتطور أيضا في دوري الأبطال، وأليغري ينتظر القرعة بثقة، نظرا لأن المركز الثاني بات مؤكدا والمباراة الأخيرة أمام فيكتوريا بلزن تعتبر تحصيل حاصل. لكن، أولا، لا بد من العودة بقوة في البطولة المحلية، ويوم الأحد هناك مباراة كييفو ولا مكان للخطأ بعد التعادل في فلورنسا.

في المقابل، خرج غوارديولا من الملعب مثلما كان قد دخل إلى قاعة المؤتمرات الصحافية ومثل مرات كثيرة أخرى فعل في مسيرته القصيرة لكن السعيدة جدا. كان المدير الفني لبرشلونة مطمئنا جدا ولا يمكن إزعاجه، وقال إنه لا يهمه الحديث عن تصفية حسابات مع إبراهيموفيتش ووصفه بأنه لاعب «قوي جدا لا يتغير». وقال بيب غوارديولا: «لقد ساعدنا على الفوز، وإذا كان هو غاضبا معي فإن حكمي لا يتغير».

الجميع كان ينتظر المصافحة بينهما، لكن لم نرَ شيئا، كما قال مدرب برشلونة هذا أيضا: «لن ندعو لمؤتمر صحافي كي نتصافح ونجعلكم تلتقطون الصور». ورغم اختلافهما، فإنهما يتشابهان في شيء ما، لأن الأحاديث الكثيرة لا تروق لغوارديولا، كما هو حال إبرا، وتابع: «هل لم نتصافح؟ هذا لأننا لم نلتقِ، ومن غير المجدي الحديث في ذلك، لدرجة أن نشرات الأخبار لا تغلق». وإبراهيموفيتش يؤكد بطريقته: «لقد عانقت ميسي. لم أصافح غوارديولا؟ لم يكن مهما».

وهكذا ومن دون إنييستا وداني ألفيس، لكن بنفس الثقة، استعاد برشلونة النقطة التي انتزعها الميلان منه في كامب نو، وغوارديولا راض جدا: «إننا سعداء، والمجيء إلى سان سيرو واللعب أمام الميلان والقيام بهذا الأداء لم يكن سهلا. بعدما فزنا بالكثير، لدينا رغبة دائما أن نكون الأوائل، وكنا نود ذلك أيضا بعد هذا اللقاء. لقد حاولنا التسجيل دائما والجماهير رأت كيف لعبنا واستمتعت. ويعد أمرا مبهجا دائما اللعب في هذا الاستاد، أمام الميلان، وهو أحد أكثر الفرق ألقابا في العالم».