سعد الحارثي.. من جفاف المنصات إلى معقل البطولات

راؤول العرب سجل نفسه أول لاعب ينتقل من البيت الأصفر إلى الأزرق

TT

«بقايا نصر ورحيل قامة ورمز» هكذا كان العنوان الأبرز لنادي النصر في موسم 2004/ 2005، بعد وفاة عرابه الأمير الراحل عبد الرحمن بن سعود الذي قاد النصر من «لا شيء» إلى فريق بطولات يملك شعبية جماهيرية عملاقة وركن ثابت من أركان الرياضة السعودية قدم العديد من النجوم لخدمة المنتخبات السعودية ويكفي من ذلك ماجد عبد الله دون تعريف ومقدمات فالاسم يختصر كل المسافات.

كان أنصار الأصفر قلقين ويعتريهم الخوف لمستقبل مجهول الهوية وغير واضح المعالم، فالرئاسة غير مرغوبة والشرفيون يعتذرون بأن المهمة تتطلب الكثير، في الطرف الآخر هناك لاعب شاب برز اسمه وفرض نفسه وبات يسجل في مباراة ويغيب تارة ويتابع في بعض الأحيان بتسجيل الأهداف رغم ضعف الإمكانات للفريق وقلة الموارد المادية، فنجح هذا النجم الشاب الواعد في إعادة الأمل للجماهير النصراوية ولو كان ذاك الأمل ضعيفا، أهدافه أعادت العاشقين للمدرجات والمنقطعين لمتابعة المباريات، فأصبح سعد الحارثي الاسم الأبرز والأكثر محبة وعشقا من الجماهير الصفراء رغم وجود بدر الحقباني وعبد الرحمن البيشي ومحسن الحارثي وفيصل سيف وإبراهيم ماطر، إلا أن الحارثي بات معشوقا للجماهير التي أطلقت عليه «راؤول العرب» تيمنا وتشبيها بالنجم الإسباني وقائد ريال مدريد راؤول غونزاليس، في الخامس من مايو (أيار) 2005 كانت الجماهير السعودية على موعد مع ديربي الكرة السعودية بين فريقي النصر والهلال ضمن منافسات الدوري السعودي، اكتظ المدرج الأصفر كما هو حال جاره الأزرق، رُفعت اللافتات وكانت بين رمز النصر الراحل «الأمير عبد الرحمن بن سعود» ونجم النصر القادم «سعد الحارثي»، في هذه المواجهة كان الأخير على موعد مع الجماهير التي طرحت الثقة فيه فأدرك التعادل لفريقه النصر ليخطف نقطة ثمينة ساهمت في استمرار النصر في المربع الذهبي، ليزيد من رصيد محبيه وعشاقه وينجح في إبراز اسمه للمدرج الأصفر أكثر من السابق، أما على صعيد المنتخب السعودي فبعدما فرض الحارثي نفسه وبقوة على صعيد النصر في موسمه الأول انضم لقائمة الصقور الخضر وخاض التصفيات الآسيوية المؤهلة لمونديال 2006 حيث ما زال هدف الحارثي في مرمى الكويت راسخا في الأذهان بعدما سجله بطريقة حملت الكثير والكثير من اللمحات الفنية التي توحي بميلاد نجم جديد في خارطة الكرة السعودية.

سعد الحارثي من مواليد الرياض 3 فبراير (شباط) 1984 شق مشوار النجومية مع فريقه النصر موسم 2004-2005 حيث تصدر لائحة هدافي فريقه بـ12 هدفا، إلا أنه سرعان ما قل حسه التهديفي لسبب وآخر وسجل أربعة أهداف خلال الدوري فقط في الموسم الذي يليه الذي تراجع مستوى خلاله فريق النصر حتى أنهى الموسم بالمركز السادس، وفي الموسم الذي يليه زادت أوضاع النصر سواء حيث استقر به الحال لاحتلال المركز التاسع بسلم الترتيب وبذات الوقت تراجع سلم الحارثي التهديفي لثلاثة أهداف، وفي موسم 2007-2008 تحسن أداء النصر قليلا وارتفعت مستوياته ونجح في الوصول للمركز الخامس ونجح مهاجمه الحارثي في تسجيل عشرة أهداف أعادت شيئا من مستوياته الماضية، استمر النصر في الموسم الذي يليه باحتلال المركز الخامس إلا أن الحارثي تراجعت حصيلته التهديفية ولم يسجل إلا ثلاثة أهداف، وفي الموسم 2009-2010 احتل النصر المركز الثالث كأفضل مركز له خلال الفترة الماضية إلا أن الحارثي لم يسجل إلا هدفين وذلك على صعيد دوري زين السعودي للمحترفين دون النظر لبقية المسابقات الأخرى لأن الدوريات في الغالب هي المقياس الحقيقي للاعب وللنادي، وفي الموسم الماضي تراجع النصر ليحتل المركز الخامس في حين تقدم الحارثي خطوة متواضعة للإمام بعدما سجل ثلاثة أهداف فقط، هذه الأرقام التي ذكرت في السابق ليست دليلا واضحا على انخفاض مستواه فدقائق مشاركة اللاعب وعدد مبارياته والظروف التي تطوقه لا بد أن تؤخذ بالحسبان، ولا بد من الوقوف أمام نقطة مهمة في مسيرة الحارثي الرياضية حيث يعزو نقاد رياضيون إلى تعرض الحارثي لقطع في الرباط الصليبي وهي تعتبر من أخطر الإصابات التي يتعرض لها اللاعب حيث غاب على أثرها موسم 2008-2009 ولم يظهر المهاجم الدولي بمستواه المعهود رغم عودته في بطولات مختلفة ومباريات متفرقة، حيث ظل حبيسا لمقاعد البدلاء وتحت رحمة المدربين الذين يُشركونه لدقائق معدودة.

سعد الحارثي ذهب لضحية صراعات وتناحرات شرفية أطاحت بالنصر وأطالت سنين إبعاده عن البطولات فكيف بلاعب كالحارثي، الذي لن يصمد بكل تأكيد أمام هذا الكم من التأثيرات السلبية وما تصريح الحارثي قبل فترة قليلة بأنه بات يحتاج لمن يقف معه ويحتضنه حتى يعود لمستواه إلا دليل على كم الفراغ الإداري الذي يعيشه ناديه النصر.

سعد الحارثي اختار في نهاية عقده مع فريقه النصر الرحيل واختار الوجهة الغريم التقليدي الهلال ليزيد مرارة عشاقه ومحبيه من جماهير وشرفيين لا حيلة لهم سوى التحسر على هذا النجم الذي يحمل معه شيئا من الزمن الجميل كونه آخر لاعب من جيل العملاق الرمز الأمير عبد الرحمن بن سعود ويكون بذلك أول لاعب من النصر يرتدي قميص الهلال قادما من غريمه التقليدي «النصر»، رحيل الحارثي للهلال جاء بمثابة التحدي لنفسه قبل الآخرين في رحلة جديدة يسعى معها لتطليق مقاعد البدلاء التي سئم منها كثيرا دون رجعة والتحليق والعودة لسابق عهده ومستوياته.