برشلونة يحول أحلام ريال مدريد إلى كابوس ويعيد المنافسة لنقطة البداية

الفريق الكتالوني قلب تأخره بهدف إلى فوز بالثلاثة ليصدم جماهير النادي الملكي في ملعب برنابو

TT

بعد عدة أسابيع سيطرت فيها الطموحات الهائلة والآمال العريضة على مشجعي ريال مدريد وخيمت فيها ملامح القلق على مشجعي برشلونة، جاءت مباراة القمة (الكلاسيكو) 216 بين الفريقين لتبخر كل ذلك على استاد «سانتياغو برنابو» بالعاصمة الإسبانية مدريد، بينما ظلت حقيقة واحدة قائمة بذاتها وهي أن الدوري الإسباني بدأ من جديد.

لقد لقن برشلونة منافسه التقليدي العنيد ريال مدريد درسا قاسيا وهزمه بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد على عشب البرنابو، وألحق به خسارة لم يكن أكثر المتشائمين من مشجعي الريال يتوقعها في ظل مستوى الفريقين في الفترة الماضية، وكذلك بعد الهدف المبكر الذي سجله ريال مدريد في الدقيقة الأولى من اللقاء.

وأصابت النتيجة كثيرين «بالسكتة» بعدما تمادوا في الإشادة بالفريق الملكي وأنه على أعتاب حسم اللقب بشكل كبير قبل وصول الموسم إلى منتصفه.

وتبخرت أحلام مشجعي الفريق الأبيض في الثأر لهزائمهم المتتالية أمام الفريق الكتالوني في الدوري الإسباني على مدار المواسم القليلة الماضية، حيث كانت مباراة الأمس بمثابة نقطة النهاية لمرحلة من الدوري الإسباني هذا الموسم، وبداية انطلاقة جديدة لبرشلونة المتوج بلقب الدوري المحلي في المواسم الثلاثة الماضية.

وتحولت أحلام أنصار الريال إلى «كابوس» مزعج في مواجهة برشلونة بقيادة مديره الفني، جوسيب غوارديولا، الذي حافظ على سجله خاليا من الهزائم في مواجهة الريال بالدوري الإسباني منذ أن تولى تدريب الفريق الكتالوني في عام 2008.

ولم يجد تشافي هيرنانديز نجم خط وسط وصانع ألعاب برشلونة ما يعبر به عن هذا الموقف إلا قوله «الموسم ما زال طويلا، ولكن هذا الفوز يمثل نقطة تحول بالنسبة لنا كما ارتفعت به معنوياتنا».

وانتزع برشلونة صدارة جدول المسابقة برصيد 37 نقطة وبفارق الأهداف فقط أمام الريال، علما بأنه خاض مباراة أكثر من ريال مدريد، وذلك لظروف مشاركته المرتقبة في بطولة كأس العالم للأندية المقامة حاليا في اليابان.

وأكدت المباراة أن الحظ لا يدير ظهره لغوارديولا في معظم المباريات الحاسمة، حيث استعاد الفريق معظم بريقه بعدما ظهر الفريقان في الأسابيع الأولى من المسابقة بشكل معاكس تماما لما كان عليه الموقف بينهما في المواسم الثلاثة الماضية.

وأثمر قرار غوارديولا في الدفع بالمهاجم التشيلي أليكسيس سانشيز لقيادة الهجوم بدلا من الإسباني ديفيد فيا، حيث سجل اللاعب التشيلي الدولي هدف برشلونة الأول ليقوده إلى التعادل، كما شكل إزعاجا مستمرا لدفاع الريال عبر شوطي اللقاء.

كما لعب المهاجم الأرجنتيني المتألق ليونيل ميسي دورا بارزا أيضا في تحقيق هذا الفوز الرائع، حيث صنع الهدف الأول وساهم في صنع الهدف الثالث لفريقه.

وحقق غوارديولا وبرشلونة الفوز في لقاء الأمس بفضل خط الوسط الذي قاد المنتخب الإسباني للقب كأس العالم بالفوز على نظيره الهولندي في النهائي، حيث تألق تشافي هيرنانديز وأندريس إنييستا بشكل رائع على مدار المباراة ليتغلبا على المتاريس التي أقامها البرتغالي جوزيه مورينهو، المدير الفني لريال مدريد، من خلال استعانته بالبرتغالي فابيو كوينتراو لزيادة القدرات الدفاعية للريال بجانب مواطنه بيبي وكل من سيرجيو راموس وتشابي ألونسو، ومن أمامهم لاسانا ديارا.

ونجح برشلونة بأهدافه الثلاثة، التي كان بإمكانه مضاعفتها، في هدم «معبد» البرنابو على رأس مورينهو حيث كانت الهزيمة هي الأولى للريال بعد 15 فوزا متتاليا (رقم قياسي) في مختلف المسابقات.

ولم يستفد ريال مدريد من حالة الهدوء التي التزم بها مورينهو في الشهور القليلة الماضية، على عكس طبيعته المشاغبة وسلوكياته العنيفة في التعامل مع منافسيه ورجال الإعلام.

كما أهدر الريال فرصة ثمينة للثأر من برشلونة على الرغم من التقدم على الفريق الكتالوني بأسرع هدف في تاريخ مباريات الكلاسيكو، حيث افتتح المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة التسجيل في المباراة بعد 22 ثانية فقط، مستغلا الخطأ الفادح لفيكتور فالديز حارس مرمى برشلونة.

وشهدت المباراة أمس شهادة نجاح جديدة للصفقتين اللتين أبرمهما برشلونة قبل بداية الموسم الحالي، حيث سجل سانشيز وسيسك فابريغاس الهدفين الأول (التعادل) والثالث (الاطمئنان) للفريق.

بينما أظهرت المباراة أيضا أن الهدوء الشديد والسلوكيات الراقية لميسي ليست كافية لتحميه من الطرد، حيث كان على وشك الطرد في لقاء الأمس بسبب الحماس الزائد أحيانا. وبالفعل، طالب مورينهو الحكم بطرد اللاعب من خلال بطاقة صفراء ثانية في الدقيقة 44 إثر التحام عنيف منه مع تشابي ألونسو نجم ريال مدريد.

وبينما فرض ريال مدريد سيطرته على وسط الملعب في بداية المباراة بفضل تألق البرازيلي مارسيلو والفرنسي لاسانا ديارا وسيرخيو راموس وألونسو، تفرغ ميسي كثيرا للحديث مع حكم اللقاء مما كلفه الحصول على بطاقة صفراء في وقت مبكر من اللقاء.

ولكن النجم الأرجنتيني نجح في تعويض ذلك من خلال التفاهم الواضح مع سانشيز وداني ألفيش وسيسك فابريغاس إضافة إلى شريكيه في وسط الملعب تشافي وإنييستا، ليقلب النتيجة من تأخر بهدف إلى فوز بالثلاثة.

وعقب اللقاء أكد غوارديولا أن فريقه واجه صعوبة بالغة لتحقيق الفوز، مشيرا إلى أن هذه النتيجة لن تغرق فريق ريال مدريد في الدوري المحلي.

وقال غوارديولا: «كل الانتصارات على استاد سانتياغو برنابو تكون مهمة. هناك أشياء لم أكن راضيا عنها ومنها فقد الكرة كثيرا، ولكننا نجحنا في الفوز بالمباراة عبر كثير من المجازفة. هذه هي الحياة. علينا أن نحدد ما إذا كنا نتسم بالشجاعة أو الشجاعة الطاغية».

وأشاد غوارديولا بمهاجمه التشيلي أليكسيس سانشيز وقال: «لم يرتكب أخطاء ودائما ما يسعى لأداء دوره بجانب البحث عن أفضل المساحات، لقد قدم مساعدة مذهلة للفريق».

كما أعرب فابريغاس عن سعادته بالفوز وإحراز هدف لبرشلونة في أول مشاركه له مع برشلونة أمام ريال مدريد. وأعرب لاعب آرسنال الإنجليزي السابق عن سعادته برد فعل مدربه غوارديولا عقب تسجيل الفرنسي كريم بنزيمة هدف التقدم لريال مدريد قبل مرور الدقيقة الأولى من بداية المباراة، وقال: «لقد لعبنا أغلب أوقات المباراة بثلاثة مدافعين، إنه إنجاز رائع للفريق».

في المقابل أعرب مورينهو، مدرب الريال، عن تحمله مسؤولية الهزيمة، مشيرا إلى أن الحظ لعب بعض الدور في هذا الفارق. وقال مورينهو: «دون إغفال لحق وقدرة الفريق الفائز، لعب الحظ بعض الدور في هذا الفارق، ولكنه نتيجة لطبيعة كرة القدم ويجب أن نتقبلها كذلك».

واعترف مورينهو بأن الحزن خيم على لاعبي فريقه بعد المباراة، ولكن فريقه ما زال متزنا من الناحية النفسية، وقادرا على استعادة الصدارة والتربع عليها بجدارة.

وأضاف: «إذا نجحنا في تحقيق الفوز على أشبيلية مطلع الأسبوع المقبل، فسنظل في الصدارة».

كما أبدى إيكر كاسياس حارس مرمى ريال مدريد عن حزنه للهزيمة وقال: «لم نندفع في أدائنا ولعبنا بشكل منظم، الهدف الثاني لبرشلونة ربما أثر علينا بعض الشيء، هناك الكثير من المباريات ما زالت متبقية بالدوري الإسباني، ولا يمكن أن تنتابنا الهواجس بشأن برشلونة». وتابع: «نعيش حالة من سوء الحظ، ولكن ينبغي ألا نختلق الأعذار، كانت المهمة أسهل بالنسبة لهم عندما تقدموا 3-1، بينما تصعبت الأمور علينا تماما بعد أن تفككت خطوطنا وأصبحت المباراة مفتوحة بشكل أكبر».

وأشار الحارس الإسباني الدولي: «مستقبلنا يعتمد أولا على كأس إسبانيا، ثم المباراة المصيرية أمام أشبيلية، إننا فريق، والانتقادات تطالنا جميعا».