نظرية «الصاعد الهابط» تتلاشى في المواسم الأخيرة.. والكبار يقعون في فخ الصغار

المستويات الفنية المتفاوتة في الدوري تحير المتابع.. وتقليص اللاعبين السبب الأبرز

TT

ترسخت في أذهان متابعي الكرة السعودية قواعد ثابتة، أهمها أن الفرق الصاعدة حديثا للدرجة الممتازة تكون ذات زاد فني محدود، ولا يكاد ينتهي الموسم الرياضي حتى تجد هذه الفرق عادت من حيث أتت، لذلك قيل عن هذه الفرق «الصاعد الهابط»، لكن من خلال النظر للظروف الحالية قد لا تكون هذه المقولة تنطبق على الفرق الصاعدة حديثا.

وبالنظر إلى السنوات القليلة الماضية، وجدت بعض الفرق مكانا لها في ذاكرة المتابع السعودي، نظير ما قدمت من مستويات لافتة بخبرة تقل عن 10 سنوات في الدرجة الأعلى محليا، كفريق النهضة والنجمة والحزم والطائي، وإن كان الأخير فاقت خبرته العقد بأربع سنوات.

لكن الفوارق الفنية تقلصت خلال السنتين الأخيرتين بين الفرق قليلة الخبرة والفرق الأكثر خبرة في دوري «زين» السعودي للمحترفين، ولم تعد الفرق الصغيرة إن صحت التسمية صيدا سهلا في معظم الأحيان للأندية الكبيرة، وبالعودة لنتائج هذا الموسم نتذكر فشل الاتحاد من إدراك الفوز أو التعادل أمام الفتح في أرض الاتحاد وبين جماهيره وخسر بنتيجة 2/ 1، وألحق الفتح ذات النتيجة بالنصر في الرياض، وفي ظل نقص عددي للفتح الذين حاولوا تكرار السيناريو مع الهلال، وعلى الرغم من النقص العددي أيضا، إلا أن الهلال خرج بفوز صعب وشاق في المباراة.

فريق نجران هو الآخر كان بمثابة مشكلة للفرق الكبيرة أيضا هذا الموسم حيث أثبت نجران لخمسة مواسم متتالية أنه ليس بالفريق السهل، ولم يستطع النصر ولا الهلال أيضا التغلب عليه إلا في الوقت البدل الضائع في كلا المباراتين، حتى في كون المباراة على أرض النصر والهلال.

رئيس الفتح عبد العزيز العفالق، تحدث بشكل خاص عن فورة فريقه الفنية التي حدثت خلال الموسم الثالث له في دوري «زين» السعودي للمحترفين، وأكد على سير الفريق وفق خطط وأهداف واضحة، وتنسيق متواصل ما بين أعضاء مجلس الإدارة وأعضاء الشرف للنادي، وينعكس هذا التنسيق على الاستقرار الفني الذي يظهر به الفريق، وأشار العفالق إلى المؤازرة الجماهيرية التي يجدها الفتح حين يلعب على أرضه الأحساء وأن الكثافة السكانية في المنطقة خدمت الفريق، وأضاف: تمتاز منطقتنا بالمواهب، وفي ظل إجادتنا استثمار تلك الثروة البشرية، كونا فريقا معظمه من المتدربين في الفئات السنية بالنادي.

«الشرق الأوسط» استطلعت آراء بعض الخبراء الرياضيين وهم المحلل الكروي الدكتور مدني رحيمي ومدرب منتخب الشباب خالد القروني واللاعب الدولي السابق صالح الداود، واستفسرت منهم عن هذه الظاهرة التي خلقت فارقا في مباريات دورية بين فريقين يختلفان جذريا في الإرث الكوري التاريخي والمستوى الفني، واعتبر الدكتور مدني رحيمي وجود مسببات طبيعية وأخرى ناتجة عن قرارات الاحتراف الجديدة وقال مدني: في كل دوريات العالم عندما تلعب فرق الوسط والفرق المتذيلة للترتيب أمام فرق البطولات والفرق الكبرى يرتفع مستواها تلقائيا بتحفيز جماهيري وإعلامي، وقد لا يبدو الاختلاف واضحا في الجولة التالية التي يخوضها الفريق متوسط الإمكانات حينما يلاقي فريقا من نفس مستواه، وهنا سيتناقص المستوى باستثناء الفرق التي تتقارب بالمستوى الفني ولكنها في نفس المنطقة، كالتعاون والرائد مثلا.

كما امتدح خطوة تقليص عدد اللاعبين المسجلين في كشوفات كل فريق وأنها من الأسباب الرئيسية، شارحا ذلك بقوله: جميع الأندية الكبيرة يلعبون بخبرة كافية، ولكن حينما تقلص تسجيل اللاعبين في كشوفات الأندية إلى 26 لاعبا، شاهدنا ما يفيض من هذه الأندية من لاعبين، على سبيل المثال انظر إلى لاعبي الرائد والتعاون ومن قبلهم الحزم، من أين أتوا؟ جميعهم تلقفتهم هذه الأندية من الفرق الكبيرة، كما أن بعضهم تنقل بين أكثر من ناد كبير ومتوسط كوليد الجيزاني والسنغالي حمادجي، وأشار مدني رحيمي إلى تأثير عصر الاحتراف على اللاعب الذي بات في الوقت الراهن يبحث عن تسويق نفسه بشكل جيد، ويستغل أدنى فرصة مثلما حصل مع صاحب هدف نادي نجران في مرمى الهلال الذي أصبح حديث الوسائل الإعلامية، واختتم حديثه بأن اللاعب السعودي أصبح يتابع المنافسات الأوروبية وذلك له أثر إيجابي وتحسن فني على مستوى اللاعب.

من جانبه، اتفق مدرب منتخب شباب السعودية خالد القروني مع مدني رحيمي فيما يتعلق بدور انتقال لاعبي فرق البطولات إلى أندية الوسط، وقال: «ألق نظرة على اللاعبين في الأندية المتوسطة، فستجد معظم العناصر كانت في الهلال أو الاتحاد أو النصر أو الشباب أو الأهلي وما شابههم، وعصر الاحتراف أتاح انتقالات اللاعبين من الفرق الكبيرة إلى فرق أصغر ليحدث هذا الفارق الفني».

كما أشار القروني إلى أن غالبية لاعبي المنتخبات السنية كانوا من الفتح ونجران والفيصلي، وبعضهم سنحت له الفرصة لتمثيل المنتخب الأول، لذلك تقلصت الفوارق الفنية بين الفرق.

أما اللاعب الدولي السابق صالح الداود، كان له رأي مختلف، إذ أرجع التقارب الفني إلى تذبذب المستوى لدى الفرق الكبيرة، ورفض الداود أن تكون الفرق الصغيرة قد تحسنت، وأضاف: «الفرق المهددة بالهبوط تفوقت في بعض مبارياتها بأمور يسيرة كاللعب الجماعي واستغلال الإمكانات المتاحة، وربما أن الفرق الكبرى لم تحسن إعدادها للموسم بشكل جيد أو لم تحضر الأجنبي المؤثر باستثناء الشباب والاتفاق اللذين يعيشان حالة من الاتزان في المستوى والنتائج»، واستدرك الداود حديثه قائلا: «قد نستثني من الفرق الصغيرة فريق الفتح، الذي يعيش حالة من الاستقرار الفني والإداري ويشعرك الفريق وكأنه عائلة واحدة».

وشدد على السبب وراء تقارب المستويات الفنية هو ضعف الفرق الكبرى أكثر مما هو تحسن في أداء الصغار، واختتم حديثه بقوله: «هذا المؤشر ليس جيدا على الإطلاق حينما تحرج فرق آخر الترتيب فرقا في المراكز الأولى، وهذا يعني وجود خلل له انعكاسات سلبية، وهو لا يتعدى كونه تذبذبا في مستوى الفرق المنافسة على الدوري، وإن كنت أثق أن أحد هذه الفرق سيظفر بالدوري في النهاية».