ريال مدريد وبرشلونة في كلاسيكو الكأس وإثبات الجدارة اليوم

التزام مورينهو الخططي في مواجهة إبداع فريق غوارديولا

TT

تتجه أنظار عشاق كرة القدم في العالم بوجه عام، وإسبانيا على نحو خاص، اليوم إلى ملعب سانتياغو برنابيو عندما يستقبل ريال مدريد، حامل اللقب برشلونة، وصيفه في ذهاب دور الثمانية من مسابقة كأس إسبانيا في مباراة ثأرية.

قبل خمسة أسابيع أحاط الغموض الشديد بما يدور في ذهن كل من مدربي ريال مدريد وبرشلونة قبل مباراتهما في الدوري الإسباني لكرة القدم في العاشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي والطريقة التي سيخوض بها قطبا الكرة الإسبانية هذه المواجهة. ولم يشر أي من المدربين البرتغالي جوزيه مورينهو المدير الفني للريال والإسباني المتألق جوسيب غوارديولا المدير الفني لبرشلونة إلى الطريقة أو الملامح التي سيكون عليها أسلوب تعاملهما مع المباراة، وكان السؤال الذي دار بأذهان كثيرين وقتها هو النزعة التي سيميل إليها كل من المدربين الكبيرين وهل ستكون نزعة «شجاعة أم حذر؟».

والآن، وبعد مرور الأسابيع الخمسة وانتهاء مواجهة الشهر الماضي بفوز جديد ومثير 3 - 1 للفريق الكتالوني، زال الغموض تماما فيما يتعلق ببرشلونة وزاد الوضع غموضا في الريال، وذلك قبل لقاء الكلاسيكو الجديد بين الفريقين والمقرر اليوم على استاد سانتياغو برنابيو في ذهاب دور الثمانية لكأس إسبانيا. ويتبع برشلونة وغوارديولا سياسة محددة المعالم وهي اللعب الهجومي، سواء اعتمد غوارديولا على ثلاثة مدافعين أو أربعة، وسواء اعتمد على المهاجمين المتأخرين أو لم يعتمد عليهم.

وفي المقابل، يواجه مورينهو مأزقا حقيقيا في ريال مدريد ويحتاج للمفاضلة بين أمرين كلاهما صعب. الأول هو أن يراهن على الشجاعة والمجازفة الهجومية والآخر هو أن يراهن على الحذر في هذه المواجهة الصعبة اليوم وفي لقاء الإياب الأكثر صعوبة على استاد كامب نو في برشلونة يوم الأربعاء التالي. وأصبح الاستفسار الذي يشغل الجميع حاليا هو هوية الفخ الذي سينصبه مورينهو للإيقاع بمنافسه العنيد غوارديولا هذه المرة بعدما فشل في ذلك مرارا.

وعلى مدار الموسمين الماضي والحالي، نجح مورينهو في تحقيق فوز وحيد على غوارديولا، حيث قاد الريال للفوز على برشلونة في نهائي كأس ملك إسبانيا بالموسم الماضي بهدف سجله البرتغالي كريستيانو رونالدو في الوقت الإضافي بعد انتهاء الوقت الأصلي للمباراة بالتعادل السلبي. والحقيقة أن مورينهو لجأ حتى الآن في تجربة جميع السيناريوهات الممكنة للتغلب على برشلونة ولكنه حقق فشلا ذريعا، حيث كانت النتائج دائما معاكسة لما يريده المدرب البرتغالي القدير. وخاض مورينهو أول كلاسيكو له في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2010 ومني خلال هذه المباراة بأسوأ هزيمة له على مدار مسيرته التدريبية، حيث خسر بخماسية نظيفة على استاد كامب نو.

ثم استعان مورينهو بعد ذلك بتشكيل مفعم بالمهاجمين واللاعبين أصحاب النزعة الهجومية ولكن ذلك لم يسفر إلا عن مزيد من الترنح في مواجهة الفريق الكتالوني العنيد. وفي أبريل (نيسان) الماضي، دفع مورينهو بمواطنه المدافع بيبي في وسط الملعب خلال مباراة الفريق أمام برشلونة كنوع من الحذر والتأمين الدفاعي في نهائي كأس ملك إسبانيا وتسبب ذلك في انتقادات كثيرة للمدرب البرتغالي رغم الفوز والتتويج بلقب الكأس. ولجأ مورينهو لطريقة أخرى تتسم بالشجاعة في مباراته مع برشلونة بكأس السوبر الإسباني خلال أغسطس (آب) الماضي. ونال مورينهو هذه المرة إشادة كبيرة من المحللين رغم خسارة فريقه، حيث حرم برشلونة من نسبة كبيرة من خطورته بعدما ضغط عليه في فترات كثيرة من المباراة.

ويسعى معظم المحللين الرياضيين حاليا إلى فك شفرة الخطة التي سيتبعها مورينهو في مباراة اليوم والطريقة التي سيتعامل بها مع هذه المباراة ومباراة الإياب يوم الأربعاء التالي ليطيح ببرشلونة ويتأهل للمربع الذهبي في رحلة الدفاع عن اللقب الوحيد الذي أحرزه مورينهو مع الفريق حتى الآن. ولكن فك هذه الشفرة ليس أمرا سهلا في ظل غياب الجناح الأيمن ألفارو أربيلوا عن صفوف الريال في مباراة اليوم للإيقاف. ويعاني الريال من أزمة حقيقة في هذا المركز لعدم وجود بديل جاهز لأربيلو الذي غاب أيضا عن لقاء الفريقين بالدوري الشهر الماضي عندما خسر الريال على ملعبه 1 - 3 رغم تقدمه بهدف مبكر بعد 22 ثانية فقط من بداية اللقاء الذي شهد أداء سيئا للغاية من البرتغالي فابيو كوينتراو في هذا المركز.

وليس متوقعا أن يعيد مورينهو هذه التجربة. وقد يكون البديل الآخر المتاح أمامه هو الدفع باللاعب الفرنسي لاسانا ديارا. ولكن ذلك سيحرم مورينهو من الاعتماد على ديارا في تكوين ثلاثي الارتكاز بخط الوسط والمكون من ديارا وتشابي ألونسو والألماني سامي خضيرة. ويستطيع مورينهو الإبقاء على ديارا في ثلاثي خط الوسط مع الدفع باللاعب راؤول ألبيول في الناحية اليمنى. كما ظهر سيناريو آخر جديد أمام مورينهو في الأسبوع الماضي وهو الدفع بثلاثة مدافعين صرحاء والاعتماد على خطة اللعب 3 – 5 - 2 ولكن هذا السيناريو سيثير بالتأكيد الكثير من الانتقادات من جماهير الفريق ضد مورينهو. وقد يقدم مورينهو على أسلوب الشجاعة والمجازفة من خلال الدفع بالثنائي الهجومي المكون من الفرنسي كريم بنزيمة والأرجنتيني غونزالو هيغوين معا خاصة بعدما أكد هذا الثنائي على خطورته في كل مباراة يلعبان فيها سويا.

وفي المقابل، تبدو الشكوك والتخمينات أقل كثيرا فيما يتعلق بالأداء وطريقة اللعب المتبعين من برشلونة في مباراة اليوم، حيث قال غوارديولا «نحاول دائما تجربة الأداء المبهر والممتع في الناحية الهجومية وأن نصنع الأهداف. ولذلك، يتسم أسلوبنا بالشجاعة دائما مثلما اعتدنا ذلك في مبارياتنا باستاد سانتياغو برنابيو في المواسم الماضية». وأضاف أن فريقه يسعى للأداء الهجومي والبحث الدائم عن الأهداف بغض النظر عن النتيجة التي تنتهي إليها المباراة. ولذلك، لا ينتظر من برشلونة سوى السعي للسيطرة على مجريات اللعب والاستحواذ على الكرة والوصول لمنطقة جزاء المنافس بعدد كبير من اللاعبين دون الاعتماد على مهاجم بعينه والتعامل مع مباريات الكلاسيكو بهدوء وهو ما نجح فيه غوارديولا حتى الآن بعكس مورينهو.

وينما يترقب عشاق الساحرة المستديرة في كل أنحاء العالم المباراة بين ريال مدريد وبرشلونة، لم تعد مباراة الكلاسيكو الأولى بين الفريقين في عام 2012 هي الشاغل الأبرز لمشجعي برشلونة حيث يترقب أنصار الفريق الكتالوني قرارا يعتبرونه أكثر أهمية. ويترقب مشجعو برشلونة أن يعلن المدرب غوارديولا خلال الفترة القصيرة المقبلة قراره بشأن تجديد عقده مع النادي، حيث يمتد العقد حتى نهاية الموسم الحالي فقط. وأكدت وسائل الإعلام الإسبانية على مدار الأسبوعين الماضيين أنه من المرجح أن يحسم غوارديولا موقفه في غضون الفترة القصيرة المقبلة كما يرجح أنصار النادي الكتالوني أن يستمر غوارديولا مع الفريق وأن يمدد عقده حتى نهاية الموسم المقبل مثلما دأب في الماضي على التجديد لموسم واحد فقط.

وقاد غوارديولا البالغ من العمر41 عاما فريق برشلونة إلى أنجح الفترات على مدار تاريخ النادي، حيث فاز مع الفريق بألقاب 15 من 18 بطولة خاضها منذ أن تولى مسؤولية الفريق في 2008. ولم يكن غريبا أن يحصل غوارديولا على جائزة أفضل مدرب في العالم لعام 2011 خلال حفل توزيع جوائز الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) منتصف الأسبوع الماضي، حيث قاد غوارديولا الفريق للفوز بخمسة من ستة ألقاب أتيحت أمامه في عام 2011. وتوج الفريق بألقاب الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا وكأسي السوبر الإسباني والأوروبي وكأس العالم للأندية، بينما سقط أمام منافسه التقليدي العنيد ريال مدريد في المباراة النهائية لبطولة كأس ملك إسبانيا.