المغرب وتونس يبحثان عن اللقب الثاني في كأس الأمم الأفريقية

في غياب الكبار مصر والكاميرون ونيجيريا وجنوب أفريقيا والجزائر

TT

يطمح المنتخبان التونسي والمغربي في إحراز اللقب القاري الثاني في تاريخهما عندما يدخلان غمار المنافسة في النسخة الثامنة والعشرين من نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم المقررة في الغابون وغينيا الاستوائية من 21 يناير (كانون الثاني) الحالي وحتى 12 فبراير (شباط) المقبل.

ويأمل كلا المنتخبين المغاربيين في ضرب عصفورين بحجر واحد: استغلال غياب كبار القارة، مصر حاملة لقب النسخ الثلاث الأخيرة والرقم القياسي في عدد الألقاب (7 ألقاب)، والكاميرون ونيجيريا وجنوب أفريقيا والجزائر، لإضافة لقب ثان إلى سجله، وبالتالي الإبقاء على الكأس الغالية عربية خالصة. بيد أن طريق المنتخبين نحو اللقب يبدأ بقمة نارية بينهما الاثنين المقبل في افتتاح منافسات المجموعة الثالثة التي سيصطدمان فيها برغبة أصحاب الضيافة الطامحين إلى استغلال عاملي الأرض والجمهور للتتويج باللقب الأول في التاريخ، والضيف الجديد منتخب النيجر الساعي إلى ترك بصمة في أول مشاركة له في العرس القاري بعدما كان سببا في حرمان الفراعنة من الوجود في النسخة الحالية.

وتعتبر المواجهة بين تونس والمغرب استمرارا للمواجهات التي جمعت بين الكرتين التونسية والمغربية العام الماضي في الكؤوس القارية، حيث كانتا طرفي الدور النهائي لمسابقتي دوري أبطال أفريقيا وكأس الاتحاد الأفريقي، حيث حسم الترجي لقب الأول على حساب الوداد البيضاوي، ورد المغرب الفاسي الاعتبار للكرة المغربية بالفوز بالمسابقة الثانية على حساب النادي الأفريقي. كما أن المواجهة بينهما ستكون لتصفية حسابات بالنسبة إلى المغرب الذي خسر نهائي نسخة عام 2004 في تونس أمام الأخيرة 2/1، فتوج نسور قرطاج باللقب الأول في تاريخهم، فيما حرم أسود الأطلس من معانقة اللقب للمرة الثانية بعد عام 1976. وتكتسي المواجهات بين الكرتين المغربية والتونسية أهمية كبيرة على الصعيد المغاربي، ودائما ما تحفل بالإثارة والندية لتقارب المستوى بين الطرفين، والأكيد أن الفوز بها سيمنح صاحبه جرعة معنوية كبيرة في سعيه إلى التتويج.

وتشكل البطولة القارية تحديا كبيرا بالنسبة إلى مدرب تونس سامي الطرابلسي، الذي يأمل في محو الفشل الذريع لمواطنيه في النسخة الأخيرة في أنغولا عندما كان مساعدا للمدرب فوزي البنزرتي، حيث سقطت تونس في فخ التعادل في 3 مباريات وودعت البطولة من الدور الأول، وتكرار إنجازه مع منتخب اللاعبين المحليين حين قادهم إلى اللقب القاري العام الماضي في عز الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي.

ويعول الطرابلسي على أغلب العناصر التي توجت باللقب المحلي في السودان، خصوصا نجوم الترجي الرياضي بطل الدوري المحلي ومسابقة دوري أبطال أفريقيا، إلى جانب أصحاب الخبرة القائد مدافع هانوفر الألماني كريم حقي، ومحمد أمين الشرميطي وياسين الشيخاوي (زيوريخ السويسري) وعصام جمعة (أوكسير الفرنسي) وسامي العلاقي (ماينتس الألماني). وأكد الطرابلسي أن طموح منتخب بلاده الوصول إلى نهاية مشوار المسابقة القارية، وقال «يجب أولا أن نتخطى الدور الأول، وبعدها نفكر في الأدوار التالية بالتعامل مع كل مباراة على حدة». وأضاف «سنسعى إلى المنافسة بقوة على اللقب ونعرف جيدا أن مهمتنا لن تكون سهلة»، مشيرا إلى أن «الكثير يرشحون تونس للفوز بالبطولة لغياب المنتخبات الكبيرة عن البطولة المقبلة، لكنهم في الوقت نفسهم ينسون أن هناك منتخبات أخرى قوية ستشارك في البطولة القارية وتسعى إلى الهدف ذاته». واستعدت تونس جيدا للبطولة بمعسكر إعدادي في إسبانيا ثم دبي، وخاضت مباريات ودية عدة أبرزها أمام السودان (3/صفر) وساحل العاج (صفر/2).

من جهته، يمني المغرب النفس بمواصلة عروضه الرائعة بقيادة مدربه البلجيكي إيريك غيريتس الذي أصبحت لمساته واضحة على طريقة لعب «أسود الأطلس» وتحديدا منذ مباراته الأولى معهم عندما خسروا بصعوبة وبركلة جزاء أمام مضيفتهم الجزائر في ذهاب التصفيات، قبل أن يكرموا وفادتها إيابا برباعية نظيفة، وكانوا سببا في فشلها في التأهل إلى العرس القاري وهي التي أبلت بلاء حسنا في النسخة الأخيرة في أنغولا عندما بلغت دور الأربعة، قبل أن تخسر برباعية أيضا أمام الفراعنة، علما بأنها كانت الممثل الوحيد للعرب في المونديال في جنوب أفريقيا. ويتخوف المغاربة من غياب المنافسة لدى أبرز لاعبيهم الأساسيين الذين لا يلعبون في صفوف أنديتهم الأوروبية، وفي مقدمتهم القائد حسين خرجة (فيورنتينا الإيطالي) ومروان الشماخ (آرسنال الإنجليزي) وعادل تاعرابت (كوينز بارك رينغرز الإنجليزي) وأحمد القنطاري (بريست الفرنسي)، إلى جانب لاعبي أنجي ماكاشكالا الروسي مبارك بوصوفة والمهدي كارسيلا بسبب توقف الدوري قبل شهرين.

لكن غيريتس أكد أن «جميع لاعبي المنتخب في أفضل الحالات البدنية والذهنية وكلهم على أهبة الاستعداد لخوض الكأس القارية لأول مرة بالنسبة لكثيرين منهم، ولن يكونوا تحت وقع الضغط إلا عندما ينتقلون إلى الغابون». وشدد على ضرورة الفوز في المباراة الأولى أمام تونس، وقال «من المهم أن نحقق الفوز في مباراتنا الأولى أمام تونس، وأعتقد أنه الطموح نفسه لنسور قرطاج، مما سيجعلنا نعيش صراعا رياضيا مغاربيا، ثم هناك مباراة أصحاب الأرض والجمهور قبل ملاقاة النيجر التي ليس لديها ما تخسره». وأضاف «لا نعتبر أنفسنا مرشحين، لكن طموحنا كبير لبذل قصارى الجهود لنيل اللقب والذي يمر عبر تجاوز الدور الأول الذي وضعنا في مجموعة ليست سهلة، وأنا دائما لا أختار مواجهة منتخبات بعينها في الأدوار الأولى، لأنك إذا كنت تطمح للفوز باللقب فعليك هزيمة الكبار في أي دور». ودافع غيريتس عن اختيار إسبانيا لإقامة المعسكر وعدم مواجهة أي منتخب قوي مكتفيا بمواجهة غراسهوبرز السويسري (1/3) الاثنين الماضي، قائلا «نوجد هنا في أجواء مريحة وملاعب تدريبات عالية المستوى وحرارة معقولة، مما سمح لنا بالتدرب بجرعات عالية والعمل على تطبيق أسلوب اللعب في ظروف أفضل، كما أننا فضلنا عدم مواجهة منتخب أفريقي حاليا لتفادي الإصابات». وستكون الغابون خصما عنيدا خصوصا أنها تلعب على أرضها وأمام جماهيرها، وهي تسعى إلى محو خيبة أمل النسخة الأخيرة عندما خرجت من الدور الأول، مما أدى إلى إقالة مدربها الفرنسي آلان جيريس الذي تدين له الكرة الغابونية بتحسن مستواها. وحدد الاتحاد الغابوني الدور نصف النهائي هدفا لمنتخب بلاده في العرس القاري الذي يستضيفه، وهو دور لم يسبق للغابونيين أن بلغوه في كأس أمم أفريقيا.

واستعان الاتحاد الغابوني بخدمات المدرب الألماني غيرنوت روهر الذي قال «ننتظر بفارغ الصبر انطلاق المنافسات وتقديم بطولة جيدة. اللاعبون مستعدون»، بيد أن استعدادات المنتخب الغابوني تعكرت بخلاف بينه وبين أحد المشرفين على المنتخب، على الرغم من أن المدرب الألماني حصل على دعم الرئيس الغابوني. كما يعاني المنتخب الغابوني من خلاف بين نجمي المنتخب إيريك مولونغي ودانيال غوزان.

وسيكون منتخب النيجر الحصان الأسود في المجموعة، وهو يطمح إلى مواصلة تفننه في الإطاحة بالكبار بعدما كان سببا في فشل مصر وجنوب أفريقيا في حجز بطاقتيهما إلى العرس القاري. ويدين منتخب النيجر بتأهله إلى مدربه المحلي هارونا دولا الذي اختير أفضل مدرب في القارة السمراء العام الماضي. وقال دولا «بالنسبة لنا المشاركة للمرة الأولى في النهائيات تعتبر إنجازا كبيرا، ونحن نسعى إلى الظهور بمستوى جيد يؤكد النتائج التي حققناها في التصفيات». وعززت النيجر إدارتها الفنية بتعيين الفرنسي الشهير رولان كوربيس مستشارا فنيا.