السودان يسعى لتحقيق إنجاز تاريخي على حساب زامبيا.. وتونس في اختبار صعب أمام غانا

الدور ربع النهائي لكأس أمم أفريقيا ينطلق غدا

TT

يبدو المنتخبان الغاني والعاجي الأقرب إلى الظفر بلقب النسخة الثامنة والعشرين من نهائيات كأس أمم أفريقيا لكرة القدم المقامة في الغابون وغينيا الاستوائية، على ضوء نتائجهما في الدور الأول الذي أسدل عليه الستار أول من أمس.

وباستثناء المفاجآت التي على كثرتها في النسخة الحالية كان أبرزها الخروج المبكر للمغرب والسنغال وغينيا وبوركينا فاسو والتأهل التاريخي لغينيا الاستوائية إلى ربع النهائي في أول مشاركة لها في العرس القاري، فإن الكأس الغالية لن تفلت من منتخبي «النجوم السوداء» و«الفيلة» المرشحين لخوض المباراة النهائية على ملعب الصداقة الصينية - الغابونية في ليبرفيل في 12 فبراير (شباط) الحالي، في إعادة للنهائي التاريخي بينهما عام 1992 في السنغال عندما فازت ساحل العاج (11 - 10) بركلات الترجيح الماراثونية (24 ركلة).

ورغم عروضهما غير المقنعة، فقد أكد المنتخبان الغاني والعاجي الترشيحات التي صبت في صالحهما قبل انطلاق البطولة والتي رفعت أسهمهما في معانقة اللقب القاري في ظل النجوم التي تضمها صفوفهما وخبرتهم الدولية والاستقرار الفني الذي ينعمان به بالإضافة إلى غياب منتخبات مصر المتوجة بالنسخ الثلاث الأخيرة وحاملة الرقم القياسي في عدد الألقاب (7 مرات أعوام 1957 و1959 و1986 و1998 و2006 و2008 و2010)، والكاميرون صاحبة 4 ألقاب أعوام 1984 و1988 و2000 و2002، ونيجيريا بطلة عامي 1980 و1994، وجنوب أفريقيا بطلة عام 1996، والجزائر بطلة عام 1990.

كما أن مدربي المنتخبين شددا على ضرورة حصد الانتصارات وعدم الالتفات إلى الطريقة، وقال زاهوي مدرب ساحل العاج: «إذا كنت ترغب في نيل اللقب، فإن الفوز هو الطريق الصحيح. نحن هنا من أجل تحقيق ذلك، علمتنا التجارب السابقة أن النتيجة هي الحكم وليست العروض الجيدة. هدفنا هو التتويج باللقب وذلك يمر بالفوز. حققنا العلامة الكاملة في الدور الأول، وسنسعى إلى تحقيقها حتى المباراة النهائية».

من جهته، قال مدرب غانا الصربي غوران ستيفانوفيتش: «الجميع يرشحنا إلى إحراز اللقب وتعويض خسارتنا لنهائي 2010 خاصة أننا نلعب بالتركيبة البشرية التي أبلت بلاء حسنا في مونديال جنوب أفريقيا. المهمة ليست سهلة كما يتوقعها الناس، لأن غانا ستكون هدفا لجميع المنتخبات التي سنواجهها خاصة في الأدوار الإقصائية، وبالتالي يجب توخي الحذر واعتماد الواقعية في اللعب وهز الشباك لأنها لغة الانتصارات».

حصدت ساحل العاج العلامة الكاملة في المجموعة الثانية بتغلبها على السودان 1 - صفر وبوركينا فاسو 2 - صفر وأنغولا بالنتيجة ذاتها، محققة فوزها التاسع على التوالي بعد العلامة الكاملة في المباريات الست في التصفيات. وتصدرت غانا بدورها المجموعة الرابعة لكن بانتصارين على بوتسوانا 1 - صفر بعشرة لاعبين ومالي 2 - صفر وتعادل مع غينيا 1 - 1.

وخلف الدور الأول تأهل 8 منتخبات، 4 منها سبق لها تذوق طعم التتويج وهي فضلا عن غانا (4 مرات) وساحل العاج (مرة واحدة)، تونس والسودان (مرة واحدة لكل منهما)، ومنتخبان وصيفان هما زامبيا (1974) ومالي (1972)، فيما تخوض الغابون المضيفة ربع النهائي للمرة الثانية بعد الأولى عام 1996، وشريكتها غينيا الاستوائية للمرة الأولى في تاريخها.

وازدادت حظوظ ساحل العاج وغانا الساعيين إلى فك صيام عن اللقب لمدة 20 و30 عاما على التوالي، بخروج 3 منتخبات منافسة من العيار الثقيل هي السنغال التي ودعت بثلاث هزائم متتالية بعدما ضربت بقوة في التصفيات وحرمت الكاميرون من الوجود في الغابون وغينيا الاستوائية، والمغرب الذي خيب التوقعات ومني بخسارتين متتاليتين أخرجته مبكرا من المنافسة، وغينيا التي كانت أفضل المنتخبات في النسخة الحالية بالنظر إلى عروضها الهجومية في المباريات الثلاث التي خاضتها أمام مالي وبوتسوانا وغانا، بيد أن ذلك لم يشفع لها وهي التي حرمت نيجيريا من التأهل إلى النهائيات.

وستشكل منتخبات تونس وزامبيا والغابون والسودان العقبة الأولى أمام غانا وساحل العاج، وذلك لاعتبارات عدة؛ فنسور قرطاج حجزوا بطاقتهم في صمت بفوزين ثمينين على المغرب والنيجر بنتيجة واحدة 2 - 1 قبل أن يبدعوا أمام الغابون المضيفة في الثالثة وكانوا الأقرب إلى الفوز (صفر - 1) بالنظر إلى سيطرتهم الميدانية بتشكيلة رديفة طيلة مجريات المباراة. من جهتها، كشرت زامبيا عن أنيابها منذ المباراة الأولى وكانت أحد الأسباب التي أدت إلى خروج السنغال بالفوز عليها 2 - 1 في الجولة الأولى، كما أنها أوقفت طفرة غينيا الاستوائية في المباراة الثالثة 1 - صفر. أما الغابون المدعمة بجماهيرها الغفيرة على ملعب الصداقة الصينية الغابونية، فحققت بدورها العلامة الكاملة في المجموعة الثالثة وحققت ما عجزت عنه في النسخة الأخيرة عندما خرجت من الدور الأول بفارق المواجهات المباشرة خلف الكاميرون وزامبيا.

يذكر أن 11 لقبا من أصل 27 كانت من نصيب المنتخبات المضيفة بينها لقبان من النسخ الأربع الأخيرة: تونس (2004) ومصر (2006). أما السودان، فلم يكن أي أحد يتوقع تخطيه الدور الأول، لكنه خالف التوقعات وحجز بطاقته إلى الدور ربع النهائي ليتخطى الدور الأول للمرة الأولى منذ تتويجه باللقب عام 1970 على أرضه. وفاجأ السودان الجميع بعرضه الرائع أمام ساحل العاج وأحرجها خصوصا في الشوط الثاني وكان بإمكانه الخروج فائزا أو متعادلا على الأقل.

ولم يظهر المنتخب المالي الذي بلغ ربع النهائي للمرة الرابعة في 7 مشاركات، مما يؤشر على قدرته على المنافسة على اللقب الذي يلهث خلفه منذ مشاركته الأولى عام 1972 عندما حل وصيفا. وعانت مالي الأمرين للتأهل حيث خطفت الفوز من غينيا 1 - صفر في المباراة الأولى، وخسرت أمام غانا بثنائية نظيفة في الثانية، قبل أن تنتزع فوزا بشق النفس من بوتسوانا الضيفة الجديدة على النهائيات 2 - 1 في الجولة الثالثة، واستفادت من خدمة غانا التي أرغمت غينيا على التعادل 1 - 1.

ويبدو أن مغامرة غينيا الاستوائية ستتوقف غدا في ربع النهائي لأنها ستلاقي ساحل العاج الساعية إلى فك العقدة التي لازمتها في النهائيات القارية في النسخ الثلاث الأخيرة؛ حيث خسرت المباراة النهائية عام 2006 أمام مصر المضيفة بركلات الترجيح، وخرجت من نصف النهائي عام 2008 في غانا على يد مصر بالذات 1 - 4 قبل أن تحل رابعة بخسارتها أمام البلد المضيف، ومن الدور ربع النهائي في النسخة الأخيرة في أنغولا بسقوطها أمام الجزائر 2 - 3 بعد التمديد (الوقت الأصلي 2 - 2).

وحظيت غانا التي خسرت أمام الفراعنة صفر - 1 في نهائي النسخة الأخيرة، علما بأنها حلت ثالثة في نسخة 2008 على حساب ساحل العاج، بخصم من العيار الثقيل في ربع النهائي سيكون بمثابة اختبار حقيقي لها ويتمثل في المنتخب التونسي الذي أكد مدربه سامي الطرابلسي استعداده لمواجهة جميع المنتخبات «لأن هدفنا الذهاب بعيدا في المسابقة وبالتالي بذل كل ما في وسعنا من أجل تحقيق الفوز».

وتصطدم الغابون في ربع النهائي بمالي ومدربها السابق الفرنسي آلان جيريس.

وتدين الغابون بتألق منتخب بلادها إلى جيريس الذي كان قاب قوسين أو أدنى من قيادتها إلى نهائيات كأس العالم الأخيرة للمرة الأولى في تاريخها، بيد أن الاتحاد الغابوني رفض تمديد عقد الدولي الفرنسي السابق عقب الخروج من الدور الأول لنسخة أنغولا، وبالتالي فإن رائحة الثأر تنبعث من هذه المواجهة الساخنة الأحد المقبل. ويقول جيريس في هذا الصدد: «سنخوض مباراة رائعة وأمام جمهور غفير. لست بحاجة إلى دراسة المنتخب الغابوني ولاعبيه لأنني أعرفهم جيدا. سنضع خطتنا الاستراتيجية والتكتيكية لخوض هذه المباراة من أجل الفوز بها»، معربا عن أمله في أن تذهب مالي بعيدا في هذه البطولة.

ويلعب السودان مع زامبيا غدا في مباراة لا تخلو من صعوبة وأهمية بالنسبة إلى المنتخبين وبطموحات مشتركة. فالسودان يرغب في تحقيق إنجاز تاريخي آخر ببلوغ دور الأربعة للمرة الأولى منذ 1970، وزامبيا تهدف إلى الدور ذاته والذي لم تبلغه منذ عام 1996. وقال مدرب السودان محمد عبد الله مازدا: «أثبتنا قدرتنا على مواجهة المنتخبات الكبيرة بمنتخب من لاعبين محليين. منتخب بلادي تطور تدريجيا في هذه البطولة، خسرنا المباراة الأولى، وتعادلنا في الثانية، وفزنا في الثالثة. حققنا هدفنا بتخطي الدور الأول، والآن سنلعب بارتياح كبير لتحقيق إنجاز تاريخي آخر ألا وهو بلوغ نصف النهائي. إنها المرة الأولى التي نفوز فيها منذ عام 1970 (الفوز على بوركينا فاسو 2 - 1)، وبلغنا ربع النهائي للمرة الأولى أيضا. ضد أنغولا سجلنا هدفين هما الأولان منذ 1976، إنها إنجازات رائعة وخالدة».

من جهته، أكد مدرب زامبيا الفرنسي هيرفيه رينار أن «السودانيين لا يوجدون عن طريق الصدفة في النهائيات. قوة هذا المنتخب في لاعبيه الذين يمارسون جميعهم في الدوري المحلي. لقد كان الأمر ذاته مع مصر التي توجت بالنسخ الثلاث الأخيرة». وأضاف: «السودان منتخب قوي وعنيد ولا يستسلم. لديه لاعبون جيدون جدا مثل رقم 10 وقدمه اليسرى (مهند الطاهر). ضد ساحل العاج (خسروا صفر - 1)، سنحت لهم العديد من الفرص. يلعبون كرة قدم تعتمد على التمريرات القصيرة والفنيات بالإضافة إلى القتالية». وتابع: «نحترم المنتخب السوداني ولن نواجهه بإفراط في الثقة. استعدنا عافيتنا والجميع مستعد للمباراة. حققنا هدفنا ببلوغ ربع النهائي، ويجب علينا الآن تحقيق الهدف الأسمى وهو بلوغ نصف النهائي، وهذا الأمر لم تحققه زامبيا منذ 16 عاما»، في إشارة إلى خروجها من دور الأربعة عام 1996 في جنوب أفريقيا بخسارتها أمام تونس 2 - 4 قبل أن تحل ثالثة على حساب غانا 1 - صفر.