ساحل العاج وغانا مرشحتان لتجاوز مالي وزامبيا والتأهل لنهائي أمم أفريقيا

منتخبا الأفيال والنجوم السوداء يخشيان مفاجآت المحطة قبل الأخيرة

TT

يبدو المنتخبان العاجي والغاني مرشحين بقوة لبلوغ المباراة النهائية للنسخة الثامنة والعشرين من نهائيات كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم التي تستضيفها الغابون وغينيا الاستوائية حتى الأحد المقبل، عندما يلتقيان اليوم مع مالي في ليبرفيل وزامبيا في باتا في الدور نصف النهائي للبطولة.

قدم المنتخبان مشوارا جيدا في البطولة حتى الآن، وتقدما بثبات نحو دور الأربعة في طريقهما إلى النهائي «الحلم» بينهما، في إعادة لمواجهتهما الأخيرة في هذا الدور عام 1992 في السنغال عندما توجت ساحل العاج بلقبها القاري الوحيد حتى الآن على حساب النجوم السوداء 11/12 بركلات الترجيح الماراثونية في المباراة النهائية (24 ركلة).

وضرب منتخب ساحل العاج بقوة حتى الآن في البطولة، وإن كان ذلك جاء تدريجيا، حيث حقق 4 انتصارات متتالية، وهو الوحيد الذي حقق هذا الإنجاز في النسخة الحالية، كما أنه المنتخب الوحيد الذي لم تهتز شباكه، علما بأنه لم يواجه منتخبات من العيار الثقيل، ففاز على السودان 1/صفر، وبوركينا فاسو وزامبيا بنتيجة واحدة 2/صفر، ثم على غينيا الاستوائية 3/صفر في ربع النهائي.

في المقابل، حافظت غانا الساعية إلى اللقب الخامس في تاريخها على سجلها خاليا من الخسارة حتى الآن، وحققت 3 انتصارات على بوتسوانا 1/صفر ومالي 2/صفر وتونس 1/2 بعد التمديد في ربع النهائي، وتعادلت مرة واحدة أمام غينيا 1/1 في الجولة الثالثة (الأخيرة) من الدور الأول.

ويبدو أن المنتخبين تعلما الدرس جيدا من مشاركتهما السابقة في العرس القاري عندما كانا يقدمان أفضل العروض ويودعان خاليي الوفاض: ساحل العاج وعقدة النسخ الثلاث الأخيرة حيث خسرت المباراة النهائية عام 2006 أمام مصر المضيفة بركلات الترجيح، وخرجت من نصف النهائي عام 2008 في غانا على يد مصر بالذات 4/1 قبل أن تحل رابعة بخسارتها أمام البلد المضيف، ومن الدور ربع النهائي في النسخة الأخيرة في أنغولا بسقوطها أمام الجزائر 3/2 بعد التمديد (الوقت الأصلي 2/2).

أما غانا فأخفقت في النسختين الأخيرتين أمام الفراعنة صفر/1 في المباراة النهائية في بطولة أنغولا 2010، ونصف نهائي 2008 على أرضها عندما خسرت أمام الكاميرون صفر/1 قبل أن تحل ثالثة على حساب ساحل العاج (2/4). ولم يتوقف مدربا ساحل العاج المحلي فرانسوا زاهوي وغانا الصربي غوران ستيفانوفيتش عن القول منذ بداية البطولة إن الأداء الجيد والعروض الرائعة لا ينفعان في بطولة مثل أمم أفريقيا، خصوصا إذا كان المنتخب يأمل في إحراز اللقب، والدلائل كثيرة سواء من النسخ السابقة حيث تذوق المنتخبان مرارة الفشل الذريع، أو النسخة الحالية التي شهدت خروجا مفاجئا لمنتخبات أبدعت وأبهرت على غرار غينيا والسنغال والمغرب وبوركينا فاسو.

ساحل العاج × مالي تدخل ساحل العاج مواجهتها أمام جارتها مالي بمعنويات عالية بعد فوزها الكبير على غينيا الاستوائية بثلاثية نظيفة. ويعد هذا الفوز هو العاشر لها على التوالي بعد الانتصارات الستة المتتالية في التصفيات. ويصب التاريخ في مصلحة العاجيين في مواجهتهم لمالي، حيث حققوا الفوز في 21 مباراة جمعت بينهما حتى الآن، بينها مباراتان في الكأس القارية عامي 1994 في تونس على المركز الثالث عندما فاز الفيلة 1/3، و2008 في الدور الأول في أكرا 3/صفر. وحققت مالي فوزا واحدا على العاجيين وكان 1/صفر في مباراة دولية ودية في أبيدجان عام 1995، فيما انتهت المباريات الست الأخرى بالتعادل.

بيد أن لاعب وسط مالي نجم برشلونة الإسباني سيدو كيتا حذر العاجيين بقوله «مواجهتنا الأربعاء لا علاقة لها بالتاريخ، لأن كرة القدم الحالية لا تعترف بالماضي». وأضاف «ستكون الضغوطات كبيرة على ساحل العاج لأنها المرشحة للظفر باللقب، وإذا خسرنا أمامها فسيكون ذلك أمرا عاديا، وإذا فزنا فإن العاجيين يعرفون أن ذلك سيكون بمثابة قنبلة، وهذا ما نسعى إليه». ولم يكن كيتا مخطئا لأن ساحل العاج مرشحة بقوة سواء تاريخيا أو على الورق بالنظر إلى تشكيلتها المرصعة بالنجوم الذين يملكون خبرة كبيرة في الملاعب الأوروبية والقارية، أبرزهم القائد ديدييه دروغبا صاحب الأهداف الثلاثة حتى الآن، بينها ثنائية في مرمى غينيا الاستوائية، ولاعب وسط مانشستر سيتي الإنجليزي أفضل لاعب في أفريقيا العام الماضي وصديق كيتا سابقا في برشلونة يحيى توريه وشقيقه حبيب كولو توريه، وزميل دروغبا في تشيلسي الإنجليزي سالمون كالو، ومهاجم آرسنال الإنجليزي جيرفينهو.

كل هذه الترسانة الهجومية ستشكل عبئا كبيرا على دفاع مالي الذي عانى الأمرين أمام مهاجمي الغابون بيار إيميريك أوباميانغ ودانيال كوزان وإيريك مولونغي في ربع النهائي. وهي المرة التاسعة التي تبلغ فيها ساحل العاج دور الأربعة بعد أعوام 1965 (ثالثة) و1968 (ثالثة) و1970 (رابعة) و1986 (ثالثة) و1992 (بطلة) و1994 (ثالثة) و2006 (وصيفة) و2008 (رابعة).

وأوضح مدرب ساحل العاج زاهوي أن فريقه سيواصل اللعب بواقعية وقتالية من أجل الفوز وليس لإمتاع الجماهير. وقال «نحن مصرون على مبادئنا في مواجهة المنافسين: برودة الأعصاب وأقصى درجات التواضع والاحترام واللعب بقتالية من أجل تحقيق الفوز وبلوغ هدفنا ألا وهو التتويج باللقب».

من جهته، شاطر دروغبا مدربه الرأي، وقال «في عام 2008 سجلنا العديد من الأهداف ولم ننجح في بلوغ المباراة النهائية، وفي عام 2006 بلغنا المباراة النهائية وخسرنا.. الآن نظهر بوجه مختلف»، مضيفا «مالي منتخب قوي وصعب المراس، وسيكون مخطئا من يعتبره غير مرشح للفوز. علينا الحذر لأنه لا مجال للخطأ ولا للتعويض».

في المقابل، حققت مالي هدفها من النسخة الحالية ببلوغها نصف النهائي بحسب ما جاء على لسان مدربها الفرنسي آلان غيريس، مؤكدا أن فريقه ليس لديه ما يخسره أمام الفيلة اليوم. وحجزت مالي بطاقتها إلى ربع النهائي بصعوبة مستفيدة من تعادل غانا وغينيا في الجولة الثالثة الأخيرة، وهي وإن حققت فوزا ثمينا على غينيا في الجولة الأولى فإنها سقطت أمام غانا صفر/2 في الثانية، وتغلبت بشق الأنفس على بوتسوانا في الثالثة 1/2، علما بأنها كانت متخلفة صفر/1.

وقلبت مالي المسلحة بلاعبي الخبرة قائدها المدافع سيدريك كانتيه، ولاعب الوسط كيتا، الطاولة على الغابون صاحبة الضيافة، وحرمتها من تحقيق إنجاز تاريخي وبلوغ دور الأربعة للمرة الأولى في تاريخها بإرغامها على التعادل 1/1 قبل 6 دقائق من الوقت الأصلي، وجرها بالتالي إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت لنسور مالي.

غانا × زامبيا لا تختلف حال غانا عن ساحل العاج لدى مواجهتها زامبيا في باتا، لأنها المرشحة إلى بلوغ المباراة النهائية، بيد أنها تواجه عقبة صعبة بقيادة مساعد مدربها في نسخة 2008 الفرنسي هيرفيه رينار. وكان رينار مساعدا للمدرب الفرنسي الآخر كلود لوروا عام 2008 عندما بلغ منتخب النجوم السوداء الدور نصف النهائي قبل أن يحل ثالثا.

وتدين زامبيا بتطور مستوى منتخب بلادها إلى رينار الذي قادها إلى ربع النهائي في النسخة الأخيرة، قبل أن يترك منصبه للانتقال إلى تدريب اتحاد العاصمة الجزائري، ثم عاد إلى منصبه قبل البطولة تلبية لنداء رئيس الاتحاد الزامبي ونجمه السابق كالوشا بواليا. وتحن زامبيا إلى إنجازها عام 1994 عندما كانت قاب قوسين أو أدنى من التتويج باللقب القاري الأول في تاريخها، لكنها خسرت أمام نيجيريا 2/1 في المباراة النهائية في تونس.

ولم تذق زامبيا حلاوة اللقب قط، لكنها تلعب دائما دورا مهما في النهائيات وتبلغ أدوارا متقدمة. وهي أهدرت فرصة إحراز اللقب مرتين، الأولى عام 1974 في مصر عندما خسرت أمام زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا) صفر/2 في المباراة النهائية المعادة (تعادلا في الأولى 2/2)، والثانية عام 1994 في تونس. كما أنها حلت ثالثة ثلاث مرات أعوام 1982 في ليبيا و1990 في الجزائر و1996 في جنوب أفريقيا.

ونجح رينار في فك «حرقة» الفشل في بلوغ دور الأربعة عام 2010، لأنه بلغ هدفه هذه المرة ووصل إلى نصف النهائي في نسخة 2012. وقال في هذا الصدد «بإمكاننا منافسة جميع المنتخبات. جئنا إلى النهائيات بمنتخب أفضل من الذي كنا نملكه قبل عامين»، مضيفا «زامبيا ليست بين المنتخبات المرشحة، لكن بإمكاننا خلق المفاجأة والفوز بالكأس. كل ما نحتاجه هو العمل الجدي والشاق والالتزام». وأوضح رينار أن المهمة لن تكون سهلة أمام منتخب غانا الذي يعتبره «المرشح الأول للفوز باللقب. أنا أعرفه جيدا. إنه أفضل منتخب في القارة السمراء منذ سنوات عدة».

في المقابل، أكد مدرب غانا الصربي غوران ستيفانوفيتش أن فريقه سيتوج باللقب القاري للمرة الخامسة في تاريخه على الرغم من الانتقادات الموجهة إليه بسبب تباين المستوى في الدور الأول. وقال ستيفانوفيتش «نحن مستعدون للفوز بهذه البطولة. يجب على الشعب الغاني أن يثق بنا ويدعو لنا وسنستجيب له». ويطمح المنتخب الغاني إلى مواصلة بريقه بعد تألقه اللافت في نهائيات كأس العالم الأخيرة في جنوب أفريقيا عندما كان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ دور الأربعة للمرة الأولى في تاريخه وتاريخ القارة السمراء لولا ركلة الجزاء التي أهدرها هدافه ولاعب العين الإماراتي حاليا أسامواه جيان في الثواني الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، قبل أن يخسر بركلات الترجيح. وتعول غانا على جيان بالذات لرفع الكأس الذهبية إلى جانب الشقيقين غوردن وأندريه أيو اللذين يرغبان في أن يحذوا حذو والدهما عبيدي بيليه المتوج باللقب القاري عام 1982، كما يبرز سولي علي مونتاري وأسامواه كوادو وأنطوني أنان وإيمانويل بادو، إلى جانب القائد جون مانساه الذي سجل هدفين غاليين حتى الآن (الفوز في مرمى بوتسوانا 1/صفر وافتتح التسجيل في مرمى تونس 1/2) بيد أن الشك يحوم حول مشاركته بسبب الإصابة التي تعرض لها أمام تونس.

وأعرب ستيفانوفيتش عن أمله في أن يستعيد لاعبوه أنفاسهم قبل مواجهة زامبيا بعد المباراة المثيرة أمام تونس في دور الأربعة. وقال «قدمنا مباراة كبيرة أمام تونس، وبذلنا جهودا كبيرة حتى إننا أرغمنا على التمديد. أتمنى أن نستعيد حيويتنا ونشاطنا حتى نكون في القمة أمام زامبيا التي ستستفيد من يوم إضافي للراحة والمجهود البدني الإضافي الذي بذلناه طيلة 30 دقيقة توقيت التمديد أمام تونس»، في إشارة إلى خوض زامبيا لمباراتها أمام السودان (3/صفر) السبت الماضي.