تبرئة ريدناب مدرب توتنهام من قضية التهرب الضريبي

أشار إلى أن الزج به في قفص الاتهام يرجع لأنه من أحد الأحياء الفقيرة في لندن

TT

برأت محكمة في لندن، أمس، هاري ريدناب مدرب نادي توتنهام هوتسبير المنافس في دوري إنجلترا الممتاز لكرة القدم، من تهمة التهرب الضريبي بعد محاكمة استمرت أكثر من أسبوعين.

واتهم ريدناب بالتلاعب في دخل حصل عليه ويصل لنحو 295 ألف دولار حول إلى حساب يخصه في إمارة موناكو خلال عمله مدربا لنادي بورتسموث. وعقب الحكم، عانق ريدناب ميلان مانداريتش رئيس نادي بورتسموث السابق المدعى عليه الآخر في القضية، وصدرت صيحات فرح من المكان الذي كانت تجلس فيه عائلتا الرجلين بعد تبرئتهما.

وكان مان مانداريتش قد حول الأموال إلى حساب مصرفي يحمل اسم كلب يمتلكه ريدناب. وقال الرجلان إن الأموال كانت مخصصة للاستثمار خارج اللعبة. وتولى ريدناب تدريب بورتسموث بين عامي 2002 و2004 ثم من 2005 إلى 2008، قبل أن ينتقل إلى توتنهام. ويحتل توتنهام حاليا المركز الثالث في الدوري الإنجليزي الممتاز. ولا يزال مانداريتش يرتبط بعالم كرة القدم من خلال رئاسته لنادي شيفيلد وينزداي المنتمي للدرجة الثالثة.

وكان ريدناب، المرشح الأوفر حظا لتولي تدريب المنتخب الإنجليزي خلفا للإيطالي فابيو كابيللو، قد نفى تلقيه مكافآت سرية غير خالصة الضرائب من ميلان مانداريتش على اعتبار أنها مكافأة لبيع اللاعب بيتر كراوتش والفوز على مانشستر يونايتد.

وكان ريدناب قد ادعى أمام محكمة ساوثوورك كراون الأسبوع الماضي أنه أبعد ما يكون عن الاتهامات التي تسيء لسمعته بسبب التهرب من الضرائب، وقال إن أصدقاءه قد أخبروه بأن اسمه ولهجته الكوكنية (اللهجة التي يتحدث بها أفقر أحياء العاصمة البريطانية لندن) هما السبب في اتهامه بتلك الاتهامات.

وكان ريدناب قد أدلى بتلك التصريحات في مقابلة مع لجنة التحقيق التي تم تشكيلها للتحري في قضايا الفساد في كرة القدم برئاسة الرئيس السابق لشرطة العاصمة لورد ستيفنز في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2006، حيث تحدث ريدناب خلال تلك المقابلة عن محادثة مع أحد أصدقائه. وقال ريدناب «قال لي (صديق ريدناب) هاري: لا أستطيع أن أصدق أنه دائما ما يتم توجيه الاتهامات لك. أعتقد أن هذا يحدث لك لأن اسمك هاري وتتحدث باللهجة الكوكنية». وأضاف ريدناب «لقد سئمت من هذا في حقيقة الأمر، على الرغم من أنني أكثر من يحب ويشجع هذه اللعبة، علاوة على أن نجلي لاعب كرة قدم. ولو كانت هناك اتهامات بالفساد والتهرب الضريبي فسأكون أنا آخر من توجه له مثل هذه الاتهامات. عليكم البحث في كل مكان، ولن تعثروا على أي شيء ضدي في هذا العالم».

وقد نفى ريدناب ومانداريتش تورطهما في قضيتي تهرب من دفع الضرائب، الأولى لقيام مانداريتش خلال الفترة بين الأول من أبريل (نيسان) عام 2002 والثامن والعشرين من نوفمبر عام 2007 بوضع 93.100 جنيه إسترليني في حساب ريدناب، أما التهمة الثانية فتتلخص في حصول ريدناب على مبلغ 96.300 جنيه إسترليني خلال الفترة بين الأول من شهر مايو (أيار) عام 2004 والثامن والعشرين من شهر نوفمبر عام 2007.

وقد تم اتهام ريدناب في البداية بتلقي أموال في حسابه المصرفي في موناكو قبل 48 ساعة من نهائي كأس كارلينغ (المحترفين) في الأول من مارس (آذار) عام 2009 بين توتنهام ومانشستر يونايتد. وفي محادثة هاتفية مسجلة مع أحد الصحافيين بصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي تم إغلاقها، قال ريدناب «سوف تكتب ما تريد كتابته و(غير مسموع)، ثم تنتقدني بشدة في نهائي الكأس». ولم تقم صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد»، المغلقة حاليا بسبب فضيحة التنصت الشهيرة في بريطانيا، بنشر ادعاءاتها حتى شهر أكتوبر (تشرين الأول) عام 2009. وقد انتهت المباراة النهائية بالتعادل السلبي، قبل أن يفوز مانشستر يونايتد بركلات الترجيح.

وقال المحامي جون بلاك لهيئة المحلفين إن ما قاله ريدناب حول حسابه في موناكو يختلف عما قاله مانداريتش، وأضاف بلاك «تقول محكمة ساوثوورك كراون إن هناك تناقضا وتعارضا وعدم مصداقية في روايتهما». واستطرد بلاك قائلا «جوهر القضية في محكمة ساوثوورك كراون هو أن هناك تهربا ضريبيا». وطُلب من هيئة المحلفين أن تقوم بالنظر في ما إذا كان من المنطقي أن يظل ريدناب غير مدرك للأموال التي يتم وضعها في حسابه المصرفي في موناكو، وما إذا كان من المنطقي أيضا أن «يضحك بكل بساطة وينسى كل شيء»، على الرغم من إخباره بأنه قد خسر معظم أمواله بسبب تعثر الاستثمارات التي قام بها مانداريتش.

وكشفت الأدلة التي قدمها نايغل لايتون، المدير السابق للجنة التحقيق، أن ريدناب قد كشف لأول مرة عن وجود حساب مصرفي له في موناكو باسم «روزي 47» خلال المقابلات التي أجراها مع محققي اللجنة التي تم تشكيلها بناء على توجيهات من الدوري الإنجليزي الممتاز للتحقيق في أي مخالفات في عمليات انتقال اللاعبين خلال الفترة ما بين الأول من يناير (كانون الثاني) عام 2004 والحادي والثلاثين من يناير عام 2006. وفي إطار التحقيقات، قال لايتون للمحكمة إن اللجنة قد عقدت اجتماعا مع مانداريتش والرئيس التنفيذي بيتر ستوري وهاري ريدناب في الثالث من شهر مايو عام 2006، ثم تم الترتيب لعقد مقابلات في وقت لاحق.

وكجزء من مقابلة أجريت معه في نوفمبر عام 2006، سئل ريدناب عما إذا كانت له أي حسابات مصرفية في الخارج أم لا (قال لايتون إن هذا السؤال أساسي في أي مقابلة مع أي مدير أو مسؤول تنفيذي لأي ناد) ردا على كشف ريدناب طواعية على وجود حساب مصرفي له في موناكو.

وقال لايتون إن لجنة التحقيق «كانت تملك السلطات التي تمكنها من معرفة تفاصيل انتقالات اللاعبين بين الأندية، لكن لم تكن لها السلطة لإجبار الناس على الكشف عن المعلومات الشخصية». وأضاف لايتون «الغالبية العظمى من الرؤساء التنفيذيين والمديرين وبعض الوكلاء يقولون التفاصيل الخاصة بهم».

وبعد اطلاعه على التفاصيل الخاصة بحساب ريدناب، وتلقي رسالة بالفاكس من مانداريتش، والتي تم إرسالها في نوفمبر 2006، والقول بأن ريدناب قد حصل على مكافأة بسبب «نجاحه الكروي» لتوضيح السبب وراء إيداع أموال في هذا الحساب، قال لايتون إن لجنة التحقيق لم تتخذ مزيدا من الإجراءات أو تبلغ لجنة الإيرادات الداخلية، لكنها اكتفت بنقل تلك المعلومات للشرطة.

واستمعت هيئة المحلفين أيضا لتسجيلات لمحادثات هاتفية بين روب بيسلي، وهو صحافي سابق في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» والذي حقق في القضية في عام 2009. وفي محادثة قبل نهائي كأس كارلينغ عام 2009، نفى ريدناب بغضب أن يكون قد قام بأي عمل خاطئ، وهدد باتخاذ إجراءات قانونية ضد الصحيفة. وقال ريدناب لبيسلي «أعرف ما يحدث يا روب، وكلكم مخطئون. إذا كنتم تقولون إنني لم أقم بدفع الضرائب، فسوف أقاضيكم». وفي وقت لاحق من نفس المحادثة نفسها، قال ريدناب إن لجنة التحقيق قد علمت بحصوله على أموال من مانداريتش لأنه هو من أخبرها بذلك، وليس أي شخص آخر. وقال بيسلي للمحلفين إنه دفع لمصدر تلك المعلومات 8.000 جنيه إسترليني، ونفى أن يكون هذا المصدر عضوا في شرطة مدينة لندن أو إدارة الإيرادات والجمارك. وقال بيسلي للمحلفين إنه استخدم «المداهنة والصداقة وقليلا من الخداع» في محادثاته مع ريدناب ومانداريتش. ووفقا لذلك برأت المحكمة ريدناب من تهمة التهرب الضريبي.