تسعى ساحل العاج إلى إحراز لقبها القاري الثاني وزامبيا إلى الأول في تاريخها، عندما يلتقيان اليوم على ملعب الصداقة الصينية الغابونية في ليبرفيل، في المباراة النهائية للنسخة الثامنة والعشرين من نهائيات كأس أمم أفريقيا لكرة القدم.
وهذا هو اللقاء النهائي الثالث للمنتخبين في النهائيات، حيث توجت ساحل العاج بلقبها الأول والأخير حتى الآن في مباراتها النهائية الأولى عام 1992 في السنغال على حساب غانا 11/12 بركلات الترجيح الماراثونية (24 ركلة)، علما بأنها تخطت زامبيا 1/صفر بعد التمديد في ربع النهائي، ثم خسرت نهائي عام 2006 أمام مصر المضيفة بركلات الترجيح.
أما زامبيا التي لم تذق حلاوة اللقب قط، لكنها تلعب دائما دورا مهما في النهائيات وتبلغ أدوارا متقدمة، فأهدرت فرصة إحراز اللقب مرتين. الأولى عام 1974 في مصر عندما خسرت أمام زائير (الكونغو الديمقراطية حاليا) صفر/2 في المباراة النهائية المعادة (تعادلا في الأولى 2/2).. والثانية عام 1994 عندما خسرت أمام نيجيريا 2/1 في المباراة النهائية في تونس. يذكر أن زامبيا تخطت ساحل العاج في المرتين اللتين بلغت فيهما المباراة النهائية، لكن في الدور الأول، وفازت عليها بنتيجة واحدة 1/صفر.
ويدخل المنتخبان المباراة النهائية اليوم بقاسم مشترك هو تضميد جراح شعبيهما، فساحل العاج عانت من الحرب الأهلية في الأعوام الأخيرة، فيما لا تزال زامبيا تلهث وراء إنجاز قاري لتكريم أرواح ضحايا انفجار الطائرة التي كانت تقل المنتخب إلى السنغال لخوض مباراة في تصفيات الكأس القارية عام 1993. وللمصادفة تعود زامبيا إلى العاصمة الغابونية للمرة الأولى منذ تحطم طائرتها العسكرية في أحد الشواطئ بالقرب من العاصمة ليبرفيل، وزار اللاعبون مكان تحطمها الخميس الماضي لدى وصولهم إليها من غينيا الاستوائية حيث خاضوا مباريات الدور الأول وربع ونصف النهائي.
وقال مدرب ساحل العاج فرانسوا زاهوي «لديهم طاقة خارقة ورغبة كبيرة في تحقيق حلمهم وتكريم ضحايا الطائرة، وهو أحد الأسباب التي أوصلتهم إلى المباراة النهائية. إنه منتخب جريح وتجاوز العديد من المآسي. لكننا لسنا أفضل حالا منهم. لقد عانينا من حرب أهلية، واللاعبون مصممون على العودة باللقب لتضميد جراح شعبنا وإعادة الدفء إلى صفوف الشعب العاجي».
على الورق، تبدو ساحل العاج هي الأقرب إلى إحراز اللقب. ففضلا عن أنها كانت أحد أبرز المرشحين قبل انطلاق البطولة إلى جانب غانا والسنغال والمغرب وتونس، بالإضافة إلى غياب المنتخبات الخمسة العريقة، مصر والكاميرون ونيجيريا والجزائر وجنوب أفريقيا، فإن الفيلة يملكون جيلا ذهبيا مرصعا بالنجوم في مقدمتهم القائد ديدييه دروغبا ويحيى توريه أفضل لاعب في القارة العام الماضي وسالمون كالو وجيرفينهو وديدييه زوكورا.
ويدرك الجيل الذهبي أن النسخة الحالية هي الفرصة الأخيرة لهم لمعانقة اللقب، خصوصا دروغبا (33 عاما) وحارس المرمى بوبكر باري (32 عاما) وزوكورا (31 عاما) وحبيب كولو توريه (30 عاما)، وبالتالي فهو مصمم على فك العقدة التي لازمته في النسخ الثلاث الأخيرة حيث خسر المباراة النهائية عام 2006 وخرج من نصف النهائي عام 2008 في غانا على يد مصر (4/1) ومن الدور ربع النهائي في النسخة الأخيرة في أنغولا على يد الجزائر (3/2).
ورفض زاهوي فكرة ترشيح منتخب بلاده للقب قائلا «إنها المباراة النهائية الآن وكل شيء وارد. سنحاول مواصلة تركيزنا وتصميمنا على الفوز مع احترام كبير للمنتخب الزامبي الذي فجر مفاجأتين مدويتين في النسخة الحالية»، في إشارة إلى تغلبه على السنغال في المباراة الافتتاحية وعلى غانا في دور الأربعة. وأضاف «إنه منتخب (زامبيا) جيد يدافع جيدا ويهاجم ويخلق المشاكل. لا يستسلم. قوي بدنيا ومعنويا»، مشيرا إلى أنه «عندما تملك منتخبا مدججا بالأسماء الكبيرة فإن ذلك يحفز كثيرا المنتخب المنافس من أجل التغلب عليك. لكننا تعلمنا الدروس من النسخ السابقة. ليس هناك أي إفراط في الثقة». وأردف قائلا «نملك خطا هجوميا قويا، وبإمكان أي لاعب أن يهز الشباك، لكننا نملك أيضا خطا دفاعيا قويا. بيد أن ذلك لا يعني أن الكأس بحوزتنا. سنبذل كل ما في وسعنا لتحقيق ذلك، وسأكون سعيدا لو اهتزت شباكنا 3 مرات أمام زامبيا وسجلنا 5 أهداف في مرماها».
من جهته، قال مدرب زامبيا الفرنسي هيرفيه رينار «قدمنا مشوارا جيدا حتى الآن وعروضا رائعة. لن ننكر أن الحظ حالفنا شيئا ما للوصول إلى هنا، لكننا بحثنا عنه ولم نحظ به صدفة. لن نغير تصرفاتنا وفلسفتنا. الاستعدادات هي نفسها وهدفنا واحد هو الفوز باللقب». وتابع «لا نخاف من أي أحد. نحترم العاجيين كثيرا ونعرف قيمة لاعبيهم الذين نشاهدهم كل أسبوع على شاشة التلفزيون. نحن أمام جبل كبير، لكننا نملك من الإرادة والعزيمة والتصميم ما يكفي للوصول إلى القمة».
وأردف قائلا «خسارة نهائي كأس أمم أفريقيا أمر صعب جدا، ولا نريد أن يكون مصيرنا كذلك ويقول الناس (على الأقل لعبتم جيدا)، لأن ذلك هو ما سيجعلنا أكثر عصبية». وأوضح رينار «رغم أن شباك ساحل العاج لم تهتز، ولنفرض أنها لن تهتز الأحد (اليوم)، فذلك لا يعني أنها ستحرز اللقب، لأنه بالإمكان أن تفشل في إحراز اللقب دون أن تهتز شباكها، وبأفضل خط هجوم في الدورة»، مشيرا إلى أن زامبيا سحقت ساحل العاج بثلاثية نظيفة في المباراة الافتتاحية لبطولة أمم أفريقيا للاعبين المحليين عام 2009 «ولن نتأخر عن القيام بذلك غدا (اليوم)». وختم رينار قائلا «عندما بدأنا الاستعدادات للعرس القاري في 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي كان ذلك يبدو بعيد المنال. لكن عندما ينجح المنتخب الرديف في بلوغ المباراة النهائية لعام 1994 (في إشارة إلى المنتخب الذي خاض النهائيات بدلا من المنتخب الأول الذي قضى أغلب لاعبيه في حادث تحطم الطائرة) فإن ذلك يعني أن كرة القدم مسألة معنويات وحالة نفسية. ينبغي علينا أن نستغل هذه الأمور، لأن اللاعبين أبدوا تصميمهم على إحراز اللقب من أجل ضحايا 1993».
وقال القائد كريستوفر كاتونغو «إنها فرصتنا للتعريف عن أنفسنا ومؤهلاتنا وقدراتنا وقوتنا»، مضيفا «هذا المنتخب يرغب في تحقيق إنجاز ما لكرة القدم الزامبية التي لامست الكأس مرتين عام 1974 و1994، وأتمنى أن تكون الثالثة ثابتة». وتابع كاتونغو «بلغنا المباراة النهائية عن جدارة واستحقاق. لا أدري لماذا يعتبر الجميع أن وصولنا إلى النهائي مفاجأة. جميع المنتخبات المتأهلة إلى النهائيات تملك حظوظا متساوية للفوز باللقب، وبالتالي ليس هناك منتخب مرشح للفوز باللقب أكثر من منتخب آخر. يمكن القول إن هناك مرشحا على الورق، لكن الواقع قد يسفر عن شيء آخر، وهو ما نجحنا في تحقيقه حتى الآن».