دي ماتيو يبدأ مهمته الانتحارية بقيادة تشيلسي أمام برمنغهام بكأس إنجلترا اليوم

الإعلام الإنجليزي يتساءل: هل يستطيع أي مدير فني الاستمرار في العمل تحت قيادة أبراموفيتش

TT

عند تحليل الدبلوماسية الروسية، لاحظ المؤرخون ميلا إلى الحسم - وبوحشية في بعض الأحيان، بغض النظر عما إذا كان في سياقه الصحيح. وقد أظهر رومان أبراموفيتش مالك نادي تشيلسي الإنجليزي هذا التوجه التاريخي القديم، فهو يخشى الحيرة، والاندفاع - ولذا فهو يبحث الآن عن مديره الفني الثامن للفريق منذ أن أصبح النادي في حوزته قبل تسع سنوات.

وضع أبراموفيتش مشروعا للتغيير، ودفع لنادي بورتو البرتغالي 13.3 مليون جنيه استرليني للتخلي عن مدربه فيلاس بواس، وبعد 8 أشهر مفزعة، ألقى اللوم على المدير الفني وتجاهل أخطاء المديرين والوسطاء وقسم التعاقدات وفوق كل ذلك اللاعبين.

وسيبدأ المدرب المؤقت روبرتو دي ماتيو عمله مع تشيلسي من اليوم وهدفه الأساسي تأمين مكان للفريق الموسم المقبل في دوري أبطال أوروبا قبل أن يبدأ الملياردير أبراموفيتش مالك النادي رحلة البحث عن مدرب دائم لخلافة البرتغالي المقال أندريه فيلاس بواس.

وإنهاء الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم بين الأربعة الأوائل سيضمن على الأقل أن يبدأ النادي اللندني موسمه القادم في موقف غير بعيد عن الموسم الحالي رغم أن تشيلسي ربما سيعاني من نفس المشكلات التي تعاقد مع فيلاس بواس من أجل حلها في يونيو (حزيران) الماضي.

وإذا أخفق النادي في الحصول على مركز مؤهل للعب في أرفع مسابقات الأندية في أوروبا فان هذا الموسم سيكون الأسوأ منذ شراء أبراموفيتش للنادي عام 2003.

وأمام المدرب المساعد السابق دي ماتيو 11 مباراة في الدوري سيعمل جاهدا على تغيير حظوظ الفريق فيها ومساعدته على الارتقاء من المركز الخامس حاليا. وحصل المدرب الإيطالي الذي كان لاعبا سابقا لخط الوسط في تشيلسي وسبق له تولي تدريب وست بروميتش البيون على مساندة المدرب المساعد السابق راي ويلكينز.

وقال ويلكينز: يعلم دي ماتيو الموقف في الدوري الممتاز فلقد عمل هناك لفترة طويلة، وأود القول إنه ربما يكون من الأفضل أن يتولى المسؤولية بدلا من التعاقد مع شخص آخر من الخارج لباقي الموسم. وستكون أول مباراة لتشيلسي تحت قيادة دي ماتيو اليوم في الدور الخامس لكأس الاتحاد الإنجليزي أمام برمنغهام سيتي المنتمي للدرجة الثانية وهي المسابقة الوحيدة التي لا يزال يملك فيها تشيلسي فرصة واقعية لتحقيق لقب. وسيستضيف تشيلسي منافسه ستوك سيتي في الدوري الممتاز يوم السبت قبل أن يواجه مهمة صعبة للغاية تتمثل في محاولة تعديل تأخره 1 - 3 أمام نابولي الإيطالي عندما يلتقي الفريقان في إياب دور الستة عشر لدوري أبطال أوروبا.

ويقول الناقد الرياضي بول هيوارد في صحيفة «ديلي تلغراف» كان ينبغي أن يكون عنوان هذا المقال، «روبرتو دي ماتيو على شفير الهاوية»، لأن ذلك وضع دائم بين جميع مدربي تشيلسي. ثم، عندما يعين الخليفة الدائم يجب أن يوصف أيضا بأنه «رجل على شفير الهاوية»، حتى وهو يبتسم ابتسامة عريضة للمصورين في مدرجات ستامفورد بريدج.

إذا كان أبراموفيتش جادا بشأن محاسبة العاملين معه، ينبغي عليه أن ينظر إلى دائرته الداخلية، من أمثال مايكل إيمينلو، الذي يلقب بالمدير التقني، الذي يفترض أن يكون هو الآخر جزءا من أي مشكلة.

ينبغي عليه أن يتجاوز وجهة نظره الاختزالية بأن أي ضعف في نادي كرة القدم يتحمله اللاعبون. فجميعنا يعلم أن هذا أسلوب ساذج في إدارة مؤسسة. لأنه سيوفر ملاذا للمديرين التنفيذيين وخلق ثقافة المحاسبة للبعض والاستثناءات من اللوم لآخرين. على سبيل المثال أنفق 50 مليون جنيه استرليني في صفقة فيرناندو توريس؟ ولم يكن فيلاس بواس هو من فعل ذلك. بينما إذا سألنا عن من صاحب الفضل في أبرز تعاقدات تشيلسي خلال الاثني عشر شهرا الأخيرة (خوان ماتا)؟ الإجابة إنه فيلاس بواس.

ويقول هيوارد: لقد تحدث تصريح تشيلسي عن الحاجة إلى التغيير، وهذه كناية عن الثورة الدائمة. فالتجربة مع فيلاس بواس، الذي كان في نفس عمر فرانك لامبارد عندما عين مديرا فنيا، جاءت في أعقاب القرار الكارثي بإقالة الإيطالي كارل أنشيلوتي بعد 12 شهرا من الفوز بثنائية الدوري وكأس الاتحاد الإنجليزي. وكانت الحجة رغبة أبراموفيتش في الانتقال إلى ما وراء الأسلوب الذي يعتمد على القوة البدنية إلى الأسلوب الذي يعمد إلى إمتاع الجمهور بالفوز، ولم يفسر أحد في ذلك الوقت أو الآن سبب الاعتقاد بعدم قدرة أنشيلوتي، الذي يعتبر مديرا فنيا بامتياز، على القيام بهذا التحول.

وبعد الكثير من التساؤلات، تخبط أبراموفيتش باتجاه فيلاس بواس، ودفع 28 مليون جنيه استرليني ليستبدل أنشيلوتي وفريقه. كان من بين ذلك ضخ المال في سوق الانتقالات للمديرين الفنيين في صورة تعويض لبورتو.

وصل فيلاس بواس المدرب المنضبط والمفعم بالحيوية من البرتغال وهو على يقين بأن لديه صلاحية للتخلص من الأسلوب القديم لنادي تشيلسي والاستعاضة عنه بشيء يرفع المعنويات.

ربما فعل ذلك، لكن المهلة القصيرة انتهت عندما فاز في ثلاث مباريات فقط من بين 12 مباراة في الدوري، وتكاتفت الغيلان القديمة ضده. كان فيلاس بواس متملقا في دعمه لجون تيري في حادثة الادعاءات العنصرية لأنطون فيرديناند، وأظهر رغبة في الهجوم على فرانك لامبارد واصفا إياه بالعقبة الأكبر في طريق التقدم.

وبعبارة أخرى فقد صنع لنفسه أعداء دون أن يسحقهم، ربما كما أخبره جوزيه مورينهو المدرب الأكثر ميكافيلية.

الصمت المخزي الذي فضله أبراموفيتش نفسه تجاه دعمه لفيلاس بواس أدى إلى الشكوك في البداية، ثم إلى عدم الاستقرار عندما تبين أن كبار اللاعبين كانوا أكثر تحديا وتدميرا. فهناك الكثير من الطرق للتخلص من المدير الفني دون الشكوى إلى مالك النادي، مثل تعادل تشيلسي مع بيرمنغهام سيتي في الكأس والخسارة أمام وست برومويتش. مثل هذه التصرفات كفيلة بإنزال الخصومة على أرض تدريب تشيلسي.

وإذا كان أبراموفيتش يرى أن المدير الفني هو دائما المشكلة، فقد كان عليه أن يعلم أن موقف تيري لم يكن صائبا وأن كابتن الفريق سب أنطون فيرديناند لاعب كوينز بارك رينجرز سبابا عنصريا (الاتهام الذي ينكره جون تيري).

وعندما تشاهد إدارة أبراموفيتش، ستتعجب كيف نجح في مجال الأعمال، بينما يبدو مصمما على تخريب استثماراته في النادي التي تتجاوز 700 مليون جنيه استرليني في الوقت الذي تجاهل فيه الإشراف الحقيقي على تشيلسي. وهو ما يضعف الاعتقاد بأنه كان ينبغي عليهم إنفاق 90 مليون جنيه استرليني على توريس وديفيد لويز وراميريز في الوقت الذي خسروا فيه هدافا من أمثال روميل لوكاكو.

أسفل الطبقة العليا للشركة التقليدية (رون غورلاي، الرئيس التنفيذي، وبروس باك، رئيس النادي) يستمع أبراموفيتش إلى دوائر متداخلة من الموثوقين، القليلون منهم يخدمون بشكل صحيح.

هناك بعض الرجال بالغي الكفاءة الذين لا يزالون مستمرون في وظائفهم يعملون بأفضل صورة ممكنة، لكن هناك دائما إحساس بأن القوة الحقيقية، ما زالت خفية وتقف في حالة تأهب دائم للتخلص من القواعد.

يعتبر أبراموفيتش بكل المقاييس حاكما مطلقا في عالم لم يبن على التعبير عن النزوات الشخصية المتطرفة. ولأنه حليف لبوتين فهو ينفذ نفس النهج من نفاد الصبر وعدم التسامح في إمبراطوريته الرياضية.

ومن ينجحون في إخفاء أخطائهم ويظهرون خضوعا غير مشروط ينجون من براثنه، أما المديرون الفنيون فهم من يتحملون اللوم عندما تسوء الأمور.

وسيشعر الفريق المضطرب في غرفة تبديل ملابس تشيلسي بالزهو بنفسه بشدة فها هو ضحية أخرى قد رحل. لكن هناك مشكلة عميقة تواجههم هم ومالك النادي المتقلب. فعندما تنظر إلى فريق تشيلسي الآن سترى أن الفريق يفتقر إلى لاعبين جيدين بما يكفي للحصول على لقب آخر. فمع الخسارة 3 - 1 أمام نابولي يتراجع حلم أبراموفيتش في تحقيق حلمه بالحصول على دوري أبطال أوروبا.

وتتعامل دوائر التدريب مع تشيلسي بمبدأ اقبل الصفقة والعمل، ثم احترس وانتظر شيك الإقالة. ويرى البرازيلي لويز فيليبي سكولاري المدير الفني السابق لنادي تشيلسي والمدرب الحالي لنادي بالميراس البرازيلي، أن المدرب المقبل في ستامفورد بريدغ سيواجه «الجحيم».

وأبدى سكولاري تعاطفه مع فيلا بواس، مشيرا إلى أن اللوم كله يقع على عاتق مالك النادي أبراموفيتش. وقال سكولاري: «إنجلترا بها أندية مثل آرسنال، حيث يستمر المدرب الفرنسي أرسين فينغر في موقع المسؤولية لأعوام عديدة، رغم أنه لم يفز سوى بلقبين أو ثلاثة، لكن العادات والطباع مختلفة في تشيلسي، ورغم ذلك فإن هذه الخطوة (إقالة فيلا س بواس) غريبة، ولكنها ليست غريبة بالنسبة لي لأنني مررت بنفس التجربة».

وأشار سكولاري: «فيلاس بواس كان بطلا وسيظل كذلك، إنه كان يحتاج إلى تغيير سبعة أو ثمانية لاعبين، ولكن فشل في تحقيق ذلك.. لذا فالجحيم ينتظر المدرب القادم لتشيلسي».

وانتقد ريتشارد بيفان الرئيس التنفيذي لرابطة مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم نادي تشيلسي بعد قرار إقالة فيلاس بواس وبدء البحث عن مدرب جديد.

وقال بيفان لراديو «فايف لايف» أمس: «ما هو مؤكد أن النادي رغم الثروات الطائلة، لم يتوصل بعد لكيفية بناء فريق كرة قدم ناجح».

وأضاف: «بالنظر إلى توالي ثمانية مدربين خلال تسعة أعوام هو إحراج كبير بالنسبة للمالك، والنادي، والجماهير وللرابطة».