ماتزاري: نابولي خرج مرفوع الرأس.. ويستحق 8 من 10

مغامرة الفريق الإيطالي تنتهي بسقوط حزين

TT

ودع فريق نابولي الإيطالي بطولة دوري أبطال أوروبا بخسارته أمام مضيفه تشيلسي الإنجليزي بأربعة أهداف مقابل هدف، في اللقاء الذي جمعهما في استاد «ستامفورد بريدج» بالعاصمة لندن ضمن إياب ثمن النهائي، وكانت مباراة الذهاب في إيطاليا قد انتهت بفوز نابولي بثلاثة أهداف مقابل هدف.

وأنهى تشيلسي الشوط الأول لصالحه بهدف سجله العاجي المخضرم ديدييه دروغبا في الدقيقة 28 ثم عزز زميله المدافع جون تيري تقدم الفريق بهدف آخر في الدقيقة 47.

وجدد جوكان إنلر آمال نابولي بهز شباك تشيلسي في الدقيقة 55، ولكن فرانك لامبارد أعاد الفارق إلى هدفين لصالح أصحاب الأرض بتسجيل الهدف الثالث للفريق من ضربة جزاء في الدقيقة 75 لينتهي الوقت الأصلي من المباراة بفوز تشيلسي 3 - 1 وهي نتيجة لقاء الذهاب نفسها ليلجأ الفريقان إلى وقت إضافي لمدة نصف ساعة مقسمة بالتساوي على شوطين. وفي الشوط الإضافي الأول، حسم تشيلسي المواجهة لصالحه بالهدف الرابع الذي سجله برانيسلاف إيفانوفيتش في الدقيقة 105 ليقود فريقه إلى دور الثمانية.

ولحق تشيلسي بقافلة المتأهلين لدور الثمانية حيث سبقه كل من ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين وميلان الإيطالي ومرسيليا الفرنسي وآبويل نيقوسيا القبرصي وبنفيكا البرتغالي وبايرن ميونيخ الألماني.

ورغم النتيجة التي انتهت إليها المباراة على استاد «ستامفورد بريدج» في لندن، لم يكن اللقاء مواجهة من طرف واحد؛ حيث كانت الندية هي السمة السائدة فيها ولكن تشيلسي نجح في حسمها لصالحه.

وأنقذ تشيلسي الكرة الإنجليزية من الغياب التام عن دور الثمانية في البطولة الحالية علما بأن الكرة الإنجليزية ظلت ممثلة بفريق واحد على الأقل في دور الثمانية لهذه البطولة منذ عام 1996.

وودع نابولي دوري الأبطال مرفوع الرأس، لأنه كافح دون ادخار طاقات أمام لاعبي تشيلسي الأفذاذ. من الصعب سرد ليلة كهذه، كان ممكنا أن تصير ساحرة، فالروح وحدها لا تكفي، والفصل الأخير مرير. ومع ذلك ينبغي الاعتراف لفريق المدرب ماتزاري بأفضال مهمة.

لقد أدرك الطليان أنها لن تكون سعيدة من اللحظات الأولى للمباراة، وفي المقارنة بتشيلسي العائد بقوة برعاية دي ماتيو، نجد أن نابولي قد استهلك كل القوى المتاحة لديه تحت ضغط استثنائي في استاد يعج بعشاق الفريق الإنجليزي. ويقول المدرب ماتزاري الذي عاد إلى مقعده بعد قرار رفع الإيقاف عنه: «حينما كانت النتيجة 0 - 0 أضعنا فرصتين للتسجيل، بعدها أصيب ماجيو وبينما كنت أجري التغيير دخل مرمانا الهدف. مر الشوط الأول على نحو جيد، وفي الثاني عانينا وهم تجاوزونا، وتعرضنا لبعض الكرات الركنية الكثيرة. لقد قمنا بشيء ما وهذه المرة ظهرت خبرة تشيلسي. إنهم أفذاذ، لكن لو سارت معنا بعض الأحداث جيدا لتغير الموقف، لم نكن محظوظين. الفريق يستحق تحية كبيرة للطريقة التي واجه بها هذه الخبرة الأوروبية، خاصة لو فكرنا في المجموعة التي وقعنا فيها في المرحلة الأولى. أمنح فريق نابولي 8 درجات من 10 في دوري الأبطال، ودفعنا ثمن فجوة الخبرة أمام المسؤوليات الكبيرة لدينا، في ملعب ومباراة من هذه النوعية. كانت هناك بعض الأخطاء الزائدة عن الحد راجعة إلى السذاجة، ولم نكن عنيدين، وخلقنا 4 أو 5 فرص حقيقة للتهديف، وهم في لحظات الصعوبة كانوا يتمكنون دائما من تشتيت الكرة والاعتماد على دروغبا. حينما كانت النتيجة 2 - 1، حاولنا، وسنحت لنا أيضا فرصة ممتازة من خلال زونيغا، لكن الأمور كانت تسير بشكل سيئ هذه الليلة. أيضا في الوقت الإضافي أتيحت لنا كرة تجاوز الدور عن طريق هامسيك، وفي مرات أخرى ربما كانت الكرة لتسكن الشباك بدلا من خروجها. في غرفة الملابس، حاولنا استخراج الروح المعنوية للاعبين، لأنهم كانوا قد منحوا كل ما لديهم حقا».

سرد فريق نابولي لجماهيره قصة جميلة في كرة القدم، تملؤها الموهبة والأيام الخالدة، من ليلة مانشستر إلى فياريال. كرة القدم مثل الحياة، تصعد وتهبط، لكن فريق ماتزاري أرسى القواعد لمستقبل بوصفه فريقا كبيرا في الكرة الأوروبية. ويختتم ماتزاري حديثه قائلا: «الآن أمامنا 11 مباراة نهائية في موسمنا الإيطالي؛ واحدة منها في كأس إيطاليا مع سيينا. سنعطي أقصى ما لدينا كالعادة. على أي حال، بعد 21 عاما، عادلنا رقم مارادونا القياسي، وهذا يجعلنا فخورين. ربما كنا نستحق ما هو أكثر، لكن حسنا».

حقا كانت أمسية طويلة، مريرة وأشبه بالكابوس. ومباراة يصعب هضمها بعد الأحلام الكبيرة. كانت مائة وعشرون دقيقة كفيلة لتبديد الحلم والخروج من أوروبا.

ودع نابولي دوري الأبطال من لندن، المدينة الأكثر عالمية في القارة العجوز، التي تصعد فيها إلى أي مترو أنفاق ويبدو كما لو كنت في جولة حول العالم، فإلى جوارك يجلس إيطالي، وأمامك صيني، ويقف شخص بوليفي ومن يقرأ الجريدة هو إنجليزي دائما. إنها أمسية سيئة في يوم كان خادعا، شمس وسماء زرقاء، وعلى العكس فاز الملك، وخسر نابولي، وودع البطولة.

ها هو باولو كانافارو قائد الفريق يتحدث عقب اللقاء قائلا: «أتيحت لنا فرص كثيرة، لكننا لم نفلح في استغلالها، وكانت هناك بعض الأخطاء أيضا وجاءت هذه النتيجة. في فرصة الهدف الثاني كنا نشعر بالاضطراب من الفوضى. في هذا الملعب لا تسمع شيئا، وهكذا تسلم تيري الكرة وأفلت. إنه خطأ كبير بالفعل، لكن الآن سنفعل ما بوسعنا كي نحل في المركز الثالث في الدوري ونعود إلى دوري الأبطال. لقد رأينا أن اللعب في هذه المحافل هو الشيء الذي يريده اللاعب أكثر». هناك شعور تام بخيبة الأمل، وإن كان دي لاورنتيس رئيس النادي يقول عكس ذلك: «لا، كانت تجربة رائعة بالنسبة إلينا. تشيلسي ناد يمتلك معرفة أكبر بمنافسة مهمة هكذا مثل الشامبيونز ليغ». إنها كلمات تخفي المرارة بسبب هدف، التأهل إلى ربع النهائي، كان الجميع مؤمن به بعد الفوز 3 - 1 في لقاء الذهاب. لكن لم يكف، وتغلب تشيلسي بذكاء وخبرة. ويتابع رئيس النادي: «بالتأكيد كان تنظيمنا في اللعب أفضل من تشيلسي، وبالطبع لو تركت لهم مساحات واسعة كثيرا، فإنك تدفع الثمن».

وأكد دي لاورنتيس أن إدارة الحكم كانت طيبة، ولا يشكو حتى من ضربة الجزاء التي منحت لتشيلسي، وفي هذه الكرة، أنعم حكم المباراة على دوسينا لعدم طرده لأنه قد حصل على إنذار قبلها، كان ينبغي طرده لخطأ باليد. ويقول رئيس النادي: «ركلة الجزاء صحيحة، ولا يمكني أن أشكو من الحكم مطلقا. على أي حال، أكرر: كانت تجربة جميلة وبدلا من الانهزام علينا إيجاد قوة الانطلاق مجددا من هنا تحديدا. قلت ذلك للاعبين، وأننا ما زلنا واقفين على أقدامنا في الدوري المحلي وكأس إيطاليا. للأسف الفوز 3 - 1 في الذهاب لم يكفِ، ولا أعتبر هذه هزيمة، وأقبل حُكم الملعب». وأخيرا تأكيد استمرار ماتزاري مع الفريق: «برنامجي مستمر معه»، هكذا أراد دي لاورنتيس الاعتراف للمدير الفني بأفضاله في هذه المغامرة الأوروبية المنتهية من دون حسرة على أي حال.

لكن كان الجميع في نابولي ينتظرون أن تتفجر موهبة النجوم القادرين على صناعة الفارق في المباريات الصعبة والمصيرية، خاصة الثلاثي لافيتزي وهامسيك وكافاني، في لقاء العودة أمام تشيلسي. فقد حقق هذا الثلاثي الكثير من الإنجازات للفريق خلال الموسم الحالي وظل مشجعو نابولي، 3000 مشجع تقريبا، يهتفون بأسمائهم لفترة طويلة قبل المباراة وخصوا بالجانب الأكبر من الهتافات النجم الأرجنتيني لافيتزي. لكن المباراة أظهرت أن الثلاثي الخطير لم يكن في مستواه المعهود ولم ينجح في الأخذ بيد فريق نابولي لعبور هذه المحطة الصعبة والتأهل لدور الثمانية بدوري أبطال أوروبا.

ويكفي النظر إلى قائمة هدافي المباراة لندرك أن دروغبا وتيري ولامبارد وإيفانوفيتش قد قاموا بواجبهم، بينما عجز لافيتزي وكافاني وهامسيك عن إحراز أي هدف ليخرج نابولي. وتعرض الثلاثي لرقابة قوية من مدافعي تشيلسي، ولم ينجح لافيتزي في الإفلات من رقابة ديفيد لويز وهو ما ينطبق أيضا على كافاني مع تيري. وتكفل إنلر بإحراز هدف نابولي الوحيد الذي لم يشفع لاستمرار الفريق في البطولة بعد أن تلقت شباكه 4 أهداف كاملة. لتنتهي مغامرة نابولي الرائعة في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم داخل استاد ستانفورد بريدج. لكن الفريق استحق رغم ذلك تصفيق جماهير نابولي التي ساندته منذ بداية الموسم وحتى الثانية الأخيرة. وفي ظل غياب تام لخطورة ثلاثي نابولي، تمكن حارس مرمى تشيلسي من الحفاظ على شباكه بعد الهدف الوحيد لنابولي، ولم تفلح تغييرات ماتزاري في الوقت الإضافي، عندما أشرك بانديف وفارغاس، في تعديل النتيجة وإحراز هدف يعيد البسمة لمدينة نابولي بأكملها.

وهكذا غاب الثلاثي وبرز لاعب آخر في تلك المباراة المهمة والمصيرية، وهو إنلر. فقد تكفل لاعب خط الوسط السويسري بعض الشيء بتعويض العجز الكامل للثلاثي وأحرز الهدف الوحيد، الذي وصل بالفريق على الأقل إلى الوقت الإضافي، من تسديدة رائعة على حدود منطقة الجزاء. وكانت جماهير نابولي تأمل أن يكون هدف إنلر هو تأشيرة المرور إلى دور الثمانية، مثلما فعل هدفه في مرمى فياريال في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ففي تلك المباراة أمام الفريق الإسباني انعدمت خطورة الثلاثي الهجومي وتولى إنلر نيابة عنهم إحراز الهدف الثمين الذي أكد تأهل نابولي إلى دور الـ16.