طارق ذياب: الثورات العربية جعلتني وزيرا للرياضة في تونس

نجم مونديال 78 في حوار لـ «الشرق الأوسط»: همي الأول توظيف 6 آلاف عاطل تونسي تخرجوا في معاهد الرياضة

TT

شدد وزير الرياضة والشباب في تونس حاليا، لاعب نادي الترجي والأهلي السعودي والمنتخب التونسي سابقا، طارق ذياب، على أن الربيع العربي بدأ يؤثر بشكل إيجابي على الرياضة في العالم العربي، خصوصا بلاده تونس بعد أن أصبح أول رجل رياضي سابق يحمل الحقيبة الرياضية في بلاده بعد أن كان السياسيون في السابق هم من يديرون الشؤون الرياضية هناك، مشيدا بالقرار الذي اتخذته الحكومة التونسية الجديدة، والهادف إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، متمنيا أن يوفق في مهمته التي تتطلب بذل جهد كبير.

وقال: «هدفي الأول الآن في الوزارة أن أقضي على البطالة التي يعاني منها الشباب في تونس، فنحن في الوزارة نعاني من بطالة 6000 آلاف شاب عن العمل، بحكم أن لدينا أربعة معاهد عليا للرياضة تقوم في كل عام بتخريج دفعة من المتدربين، لذلك هدفنا الآن أن نوفر لهم الأعمال حتى ننهض بشبابنا للأمام».

وعن رأيه في السبب الرئيسي وراء تراجع كرة القدم في العالم العربي، قال: «هي لا تعمل وفق برامج محددة وواضحة، كما أنها تنتظر أن تحصل على النتائج بأسرع طريقة ممكنة، وهذا الأمر لا يجدي نفعا، أظن أن هذين هما أبرز سببين في تراجع أداء الكرة العربية بشكل كبير، فيجب عليهم أن يخططوا بشكل سليم وأن تكون أهدافهم مرسومة بطريقة واضحة إذا ما أرادوا تحسين المستوى الفني لكرة القدم في بلادهم».

الكثير من الأمور التي تطرق لها ذياب كتجربته مع النادي الأهلي السعودي قبل 30 عاما، وأوجه الاختلاف بين المنتخب التونسي ونظيره السعودي، ومطالبته باحتراف اللاعب السعودي في الخارج تحت أي ظرف كان، تجدونها في هذا الحوار الخاص لـ«الشرق الأوسط» في جدة، وإليكم التفاصيل:

* من لاعب داخل الملعب إلى وزير للرياضة التونسية؟ ما الفرق بينهما؟

- لا فرق بينهما باعتقادي، كون تجربتي الرياضية في نادي الترجي والمنتخب التونسي منحتني أحقية الوزير لأخدم بلادي من بوابة الرياضة، سواء حينما كنت أشارك مع الترجي أو المنتخب الأول، فالأمر بالنسبة لي عادي ولا يشكل فارقا، لكن في نفس الوقت هذه مسألة ليست بسهلة أن تكون على رأس الهرم الرياضي، لأن رئيس الحكومة التونسية اتخذ قرارا جريئا عندما اعتمد سياسة جديدة تهدف إلى وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وكل ما أتمناه أن يوفقني الله بأن أقوم بواجباتي تجاه الشباب والرياضة في تونس على أكمل وجه.

* هل تعتقد أن الربيع العربي بدأ يضع بصمته على الرياضة العربية؟

- في تونس بدأ فعلا، خصوصا أنني أول رجل رياضي يتسلم الحقيبة الرياضية في الوزارة، على عكس ما كان سائدا في الوقت السابق، إذ كانت الأمور في الغالب مسيسة، فكل من تولوا منصب وزارة الشباب والرياضة في السابق هم أشخاص سياسيون، ولكن بعد الثورة التونسية بات الوزير الرياضي من اللاعبين القدامى، كون الرياضي أعلم وأدرى بالوسط الرياضي من غيره، وأتمنى من الله أن تكون التجربة ناجحة، فالمهمة صعبة جدا، حيث لا بد أن نعمل على الشباب في تونس بحكم أننا نعاني من نسبة بطالة كبيرة نعمل على تشغيلهم والاهتمام بهم والعناية بدورهم وتفعيل أدائهم لأنهم مستقبل البلاد.

* إذا يمكن القول إن الربيع العربي هو الذي منحك فرصة إدارة وزارة الشباب والرياضة؟

- نعم في الغالب، لأنني كما قلت لك سابقا، إن كل من تولوا منصب وزارة الشباب والرياضة في السابق هم أشخاص سياسيون، لكن بعد الربيع العربي قد تعود الأمور إلى مختصيها، وهذا هو الفعل الأصح، ففي أوروبا على سبيل المثال وزير الشباب والرياضة في فرنسا رياضي قديم، كان مدربا أولمبيا في وقت سابق، وها هو الآن يحقق النجاحات في وزارته، لذلك يمكننا القول، إن منح الرياضيين السابقين مثل هذه الفرص لتحمل الحقيبة الرياضية وزرع الثقة فيه سيكون أمرا إيجابيا، لأنهم يملكون الطاقة والإمكانات والخبرة.

* لكن الربيع العربي جاء بشكل سلبي على الرياضة المصرية بخلاف ما حدث لديكم في تونس؟

- بطبيعة الحال، ليس من السهل أن ينتقل الأمر بسلاسة من الديكتاتورية إلى الديمقراطية، لقد كان الأمر لدينا في تونس أبسط من الوضع في مصر، ربما هذا هو السبب وراء الأحداث السلبية التي ارتبطت بالرياضة المصرية بعد الثورة، فالعملية صعبة جدا وتتطلب مجهودا كبيرا وصبرا ووعيا من الشعوب، لذلك أتمنى من الشعوب العربية التي قامت بالثورة أن تكون واعية لأن نجاح الثورة وتفهم الشباب يساعد على النجاح، وأتمنى أن تعود الفائدة من ثورات تونس وليبيا ومصر بالفائدة على البقية، وألا تكون مثل هذه الثورات سلبية، فوعي المجتمع وشباب الشعوب يلعب دورا في الاستقرار والنقلة الحضارية المنتظرة.

* بصراحة.. ما الأمر الذي يؤرقك وأنت على كرسي الوزارة الآن؟

- التوظيف هو همي الأول حاليا بكل صراحة، لأننا في وزارة الشباب والرياضة في تونس نعاني من وجود 6000 عاطل عن العمل، إذ إن العدد يتضاعف عاما بعد عام بحكم أن لدينا أربعة معاهد عليا للرياضة تقوم في كل عام بتخريج دفعة من المتدربين، لذلك من الطبيعي أن يكون همي الأول أن أوفر لهؤلاء الشباب وظائف وأعمالا بعد الجهود التي بذلوها في السابق، لذلك أؤكد لهم أننا نقوم بعمل كبير من أجلهم، ففي هذا العام وضعنا 2000 خطة للشباب، فشعارنا الثورة قامت على الكرامة، والكرامة أن يعمل الإنسان.

* نقاد كثر يقولون، إن كرة القدم في الدول العربية تراجعت كثيرا، هل لك أن تشخص سبب ذلك؟

- من أبرز مشاكل كرة القدم العربية أنها لا تعمل على برامج واضحة، فكل مسؤول يحب النتائج السريعة، وكل رئيس يعمل على النتائج العاجلة، ولا ننسى أن النتائج السريعة صعبة، إذ لا بد من التخطيط السليم والأهداف المرسومة، لهذا نقول لهم شاهدوا ما يحدث في الأندية الأوروبية مثل ريال مدريد وبرشلونة وغيرهما، صحيح أن هناك عملا جادا للحاضر ولكن أيضا هناك عملا دؤوبا للمستقبل الذي يبدأ من الفئات السنية، وبالتنظيم والبرامج المرسومة سنصل للهدف المنشود، لكن للأسف في العالم العربي النتائج تتحكم في القرارات وفي المدرب وفي رئيس النادي، وفي رئيس الاتحاد الأهلي كذلك، فلا بد أن نخرج من هذه المنظومة السيئة التي لم توصلنا للنجاح الذي كنا نطمح إليه، وبالتالي فإن التخطيط المرسوم والأهداف المرجوة وتوفير الإمكانات المادية ستصنع جيلا رياضيا متقدما.

* ما رأيك في تأخر لاعب كرة القدم السعودي عن الاحتراف الخارجي؟

- هذا ينطبق على البلدان الخليجية جميعها، إذ إن اللاعب الخليجي لم يحترف خارج بلده وهذا أمر صعب، خصوصا كرة القدم السعودية التي تزخر بالكثير من المواهب واللاعبين ذوي الإمكانات الفنية العالية، ولكن دعني أحدثك بصراحة عن اللاعب السعودي الذي ينقصه الطموح، فهذا اللاعب كل الإمكانات متوفرة له في بلده، كما أن المشكلة أيضا في اللاعب العربي أنه دائما يفكر في المادة، وليس في تطوير مستواه، وهذا ما يجعله لا يفكر في الاحتراف الخارجي كون هذا الأمر متوفرا في بلده، على عكس اللاعب الأفريقي الذي سجل تقدما لافتا للأنظار وبات يبحث عن اللعب خارج وطنه، وعندما تتوفر لديه المادة يكبر معها طموحه من الناحية الفنية، أما في الخليج والدول العربية فإن اللاعب عندما تزداد معه المادة يموت لديه الطموح، والكرة السعودية والخليجية مر عليها لاعبون سابقون وضعوا بصمتهم وكان بإمكانهم الاحتراف الخارجي آنذاك، أما الآن فلاعبو شمال أفريقيا تفوقوا على الكرة السعودية والخليجية واللاعب السعودي ما لم يحترف خارجيا فإن ذلك سيؤثر على منتخب بلاده، لذلك لا بد أن يكون لديه الطموح بأن يحترف خارجيا.

* هل لك أن تبين لنا وجه الاختلاف بين المنتخب السعودي والمنتخب التونسي؟

- الاختلاف هو أننا تفادينا ما يعانيه اللاعب السعودي حاليا قبل عشرة أعوام ماضية، وهو التطلع للاحتراف الخارجي مهما كان الأمر، ففي هذه الأعوام الأخيرة كان لدينا ما بين 60 و70 لاعبا محترفا في فرنسا وبلجيكا وفرنسا وإسبانيا وغيرها، فالاحتراف حسن من مستوى المنتخب التونسي فنيا، ولو كنا نعتمد على لاعب البطولات المحلية فإن الأمر سيكون صعبا للغاية، وسيكون مستوى المنتخب التونسي الفني متواضعا جدا، فيجب أن تتغير العقلية في المنتخب السعودي ولاعبيه، وأن تسهل أمور الاحتراف الخارجي من قبل الجهات المعنية ومسؤولي الأندية، وأن يسهم الجميع في تسهيل عملية الاحتراف الخارجي، لأن اللاعب المحلي لديه سقف محدود، لذلك نجد طموحه لا يتجاوز البطولات المحلية أو القارية فقط.

* أخيرا، هل لك أن تحدثنا عن ذكرياتك الجميلة مع النادي الأهلي إبان احترافك في صفوفه؟

- أنا أعتبر النادي الأهلي السعودي عائلتي الثانية بعد نادي الترجي، فعلى الرغم من مرور 30 عاما على احترافي في صفوفه، إلا أنه تربطني علاقة كبيرة بهذا النادي فهو في القلب دائما، وبالعودة للذكريات الجميلة لا يمكن أن أنسى البطولة الأولى لكأس الملك فهد، رحمه الله، التي حققها الأهلي من أمام منافسه اللدود الاتحاد بعد أن تغلبنا عليه في المباراة النهائية بأربعة أهداف دون مقابل لنتوج بالكأس، على الرغم من أن الاتحاد كان أبرز مرشح للفوز بالبطولة بعد أن أخرج فريقا الهلال والنصر، لكننا في النهاية تمكنا من التغلب عليه في تلك المباراة التي لن أنساها ما حييت، وبالمناسبة أحب أن أشيد بالدور الذي يقدمه رئيس هيئة أعضاء الشرف بالنادي الأهلي الأمير خالد بن عبد الله، الذي قام بإنشاء أكاديمية رائعة ستؤتي ثمارها قريبا، فهي إنجاز حضاري رياضي مستقبلي.