بيرباتوف يتجه نحو مغادرة أولد ترافورد من باب «صيانة الكرامة»

مهاجم مانشستر يونايتد لم يعترض على تهميشه ليعطي درسا في الاحترافية وكيفية الرحيل بسلام

TT

قيل الكثير خلال الأيام القليلة الماضية عن كارلوس تيفيز، في الوقت الذي لم يذكر فيه سوى القليل عن الرجل الذي شارك الأرجنتيني لاعب مانشستر سيتي جائزة الحذاء الذهبي الموسم الماضي، والذي يستطيع أن يعطي الأخير درسا أو اثنين فيما ينبغي على لاعب كرة القدم القيام به لنيل الاحترام في الأوقات العصيبة.

نال البلغاري ديميتار بيرباتوف الكثير خلال العام الماضي نتيجة الأسلوب الهادئ والراقي الذي تعامل به مع الكثير من الإحباطات التي وصلت إلى حد خروج وكيل أعماله، إميل دانتشيف، للتأكيد على أن مانشستر يونايتد سيتخلى عنه نهاية الموسم الحالي.

كان ذلك واقعا لا محالة، وعندما يحدث سيجري دون جلبة. ربما يكفي بضعة أسطر على موقع النادي. ثم سيرتدي بيرباتوف معطفه ويخرج من بوابة النادي بأدب، ويكاد يكون من المؤكد أن يخرج من الباب الخلفي للنادي. كانت رحلة غريبة الأطوار بين اللاعب البلغاري وناديه يونايتد وليس من السهل تتبع الكيفية التي انفكت بها هذه الرابطة. فمشاعر بيرباتوف ثابتة في السعادة أو الحزن. فقد لعب بعقولنا وسحرنا في اللحظات الجيدة وأصابنا بالحيرة في الأيام الصعبة. بيد أننا سنضطر في النهاية إلى الاعتقاد بأنه قد فشل، على الأقل في كونه اللاعب الأعلى ثمنا الذي فقد ثقة المدير الفني لمانشستر يونايتد إلى غير رجعة. لكن قصة بيرباتوف قصة ليست بالقصة العادية التي يصعب الحكم عليها بسهولة من خلال علامات النجاح والفشل.

من شبه المؤكد أن يذكر بيرباتوف على نطاق واسع بأنه شخص فاشل، رغم إحرازه 48 هدفا في 82 مباراة في الدوري شارك فيها كأساسي و24 في المباريات التي شارك فيها كبديل، التي تعتبر تطورا عن سجله في توتنهام. سجل بيرباتوف 20 هدفا من هذه الأهداف، الموسم الماضي، حيث رشحه الكثيرون من زملائه، بمن فيهم واين روني، لنيل جائزة أفضل لاعب في الموسم. لكنه لم يتمكن هذا الموسم من تسجيل سوى سبعة أهداف فقط في عشر مباريات شارك فيها أساسيا ونصف ذلك في المباريات التي شارك فيها كبديل.

هذا هو نوع الإحصاءات التي يفتخر بها المهاجم، لكن الحقيقة التي لا فرار منها، هي أن السير أليكس فيرغسون قرر أن بيرباتوف لم يعد مؤهلا للبقاء ضمن الفريق. وقد تطور الأمر إلى أن تحول إلى إشراك بيرباتوف في المباريات أمام الفرق الأدنى، لكنه عادة ما كان يسحب من المباريات عندما تشتد سخونة المباراة. أكثر الإحصاءات إثارة للذهول هو أنه لم يبدأ المباريات ضد الخصوم الـ6 الكبار على مدى 14 شهرا. ومنذ وصوله في اليوم الأخير من نافذة الانتقال الصيفي، لم يشارك في 41 من مباريات يونايتد الـ66 الكبرى، وهو ما يعني النهائيات ونصف النهائي، من مباريات التصفيات النهائية الأوروبية، وكأس العالم للأندية، ومباريات الدوري ضد آرسنال وتشيلسي، وليفربول ومانشستر سيتي وتوتنهام. حتى إنه لم يكن على طاولة مانشستر يونايتد خلال المباريات الأربع الأخيرة، قبل ان يظهر في اخر 13 دقيقة من مباراة الامس امام استون فيلا، ولن تمثل دهشة إذا ما تكرر نفس الشيء حتى نهاية الموسم.

وما من تفسير مقبول لذلك عدا أن فيرغسون أخبر بيرباتوف، بحسب دانتشيف، بأنه يرغب في تغيير أسلوب لعب مانشستر يونايتد لتسريع وتيرة المباراة. ربما كان ذلك بسبب إرث هزائم برشلونة التي لقيها مانشستر يونايتد خلال نهائيات بطولتي دوري أبطال أوروبا. والتي أظهرت أسلوب بيرباتوف في اللعب البطيء للغاية.

في آخر مباراة لبيرباتوف مع يونايتد قبل مباراة الامس تشاجر معه أحد زملائه لأنه لا يجري بالشكل الكافي خلال اللقاء. وأوضح بيرباتوف أن تلك كانت الطريقة التي يلعب بها ولم يكن بحاجة إلى الإسراع.

كل من يسيء فهم الصفات التي تجعل من بيرباتوف خصما قويا - بصورة عشوائية - عندما تكون لمساته بارعة الجمال، يمكن أن تجعل جمهوره يعتقد أنه أفضل لاعب في العالم. لكن هذه اللمسات السحرية نادرة، وربما لا تكون كافية.

سيخلف بيرباتوف إحساسا بأنه يفتقر إلى الشيء الذي يمكن أن يميز لاعبي كرة القدم على أعلى مستوى - قوة الشخصية لفرض نفسه بشكل أكبر على أكبر المباريات، والذي ظهر بشكل واضح في مباراة الموسم الماضي في نصف نهائي كأس الاتحاد، عندما ضيع أكثر من فرصة أمام مانشستر سيتي. وفي دوري الأبطال مرت 22 مباراة دون مشاركة. وأصبح أول لاعب لمانشستر يونايتد منذ 1946 ليسجل ثلاثة أهداف ضد ليفربول الموسم الماضي، لكن حتى ذلك جاء مع مكتسب إضافي، وهو أن خصمهم كان الخامس من قاع الدوري في هذه المرة. إضافة إلى ذلك، كانت الفترات الطويلة عندما لم تشع بنفس الصورة التي توقعها فيرغسون. كانت هناك مناسبتان في الموسم الأول عندما هيأ الآخر للتسديد. وقد تألقا في الكثير من المناسبات لكنها لم تكن فاعلة على نحو صحيح.

وقد أدى بنا ذلك كله إلى النقطة التي شعر بها بيرباتوف، بحسب دانتشيف، الآن بأنه غير مرتاح للحصول على راتبه الضخم من النادي، وهو اعتراف يتفق مع ما قاله وكيل أعماله «إنه ليس من أسلوبه أن يبدأ في افتعال الفضائح كما يفعل تيفيز». لن تكون هناك مقابلات أو ضجة دون علم المدير الفني، مجرد الإحساس أن ما رغب فيه جاء بشكل مختلف، خاصة إذا ما تذكرنا نهائي دوري أبطال أوروبا، عندما لم يتمكن كبير هدافي يونايتد من النزول كبديل وكان من الإحباط بأنه لم يغادر غرفة تبديل الملابس. وبعد ذلك، كانت الدهشة الوحيدة هي أن الانفصال تطلب وقتا طويلا كي يتأكد. زادت حدة الانفصال حتى أوشك أن يصبح أحد رجال كرة القدم المنسيين.

ومنذ أن أكد دانشيف ما تشكك بشأنه الجميع عن انتهاء مسيرة بيرباتوف تقريبا مع يونايتد، لم يخرج فيرغسون ليعلل ذلك ولم ينفجر المهاجم البلغاري الذي اشتراه مانشستر يونايتد مقابل 30.75 مليون جنيه إسترليني غضبا في الحديث، مؤكدا أنه رجل يعرف ما هو الاحتراف.