على خطى بيلسا وروجرز.. البلجيكي برودوم يصنع فلسفة النجاح مع «الليوث»

المدربون الأكفاء عملة نادرة في كرة القدم.. وثقافة المدير الفني غائبة في السعودية

TT

يعتبر الكثير من خبراء كرة القدم في العالم أن نجاح فريق معين يرتبط ارتباطا وثيقا بالقدرات الفنية والشخصية التي يتميز بها المدرب، كونه من يخلق من مجموعة لاعبين تشكيلة قوية تقارع الخصوم وتلعب كرة قدم بطريقة جميلة مقرونة بتحقيق النتائج الإيجابية حتى لو لم تحتوِ تلك الفرقة على لاعبين من فئة «5 نجوم»، مثلما يحدث هذه الأيام في إسبانيا مع فريق أتليتك بلباو بقيادة المدرب الأرجنتيني الشهير مارسيلو بيلسا، الذي أخرج متصدر الدوري الإنجليزي ووصيف النسخة السابقة من دوري أبطال أوروبا مانشستر يونايتد من بطولة «يوروبا ليغ»، وكذلك الآيرلندي الشمالي براندن روجرز مدرب فريق سوانسي سيتي الويلزي الذي يقدم مستويات باهرة هذا الموسم، ضمن من خلالها البقاء في الدوري الممتاز للموسم المقبل في أول تجربة له بدوري «باركليز».

في المقابل، لا يتوانى أي شخص عن توجيه أصابع الاتهام إلى المدرب الإيطالي روبرتو مانشيني، كونه ساهم بإخراج فريقه مانشستر سيتي من بطولة دوري أبطال أوروبا رغم كل الإمكانيات البشرية التي يملكها فريق مانشستر الأزرق، وذلك بأخطائه في قراءة المباريات وتعامله السيئ مع اللاعبين في قراراته واختياراته.

في الدوري السعودي يبدو أمثال مانشيني كثرا والإشارة إليهم ستطول ولن تأتي بجديد، ولكن في الجانب آخر المضيء يبدو البلجيكي ميشال برودوم النموذج الأمثل والمستحق الأول للقب أفضل مدرب في الدوري السعودي لهذا العام نظير إنجازاته الكبيرة التي حققها مع فريق الشباب في دوري زين وحصوله على لقب البطولة بعد 26 مباراة أتمها دون أي خسارة، ليصبح الشباب ثاني فريق يحقق هذا الرقم بعد الهلال في 2011م.

التميز الذي عليه برودوم لم يتوقف فقط على النتائج المذهلة التي حققها، بل امتد ذلك إلى الجانب التكتيكي والانضباطي، مستفيدا من تجربته كمدير رياضي في ستاندرد ليغ البلجيكي بين عامي 2002 و2006، ومساهما بنقل ثقافة احترافية جديدة على الأندية السعودية بمساعدة من إدارة الشباب التي وفرت له كل الإمكانيات وأصبحت أكبر داعمة له منذ توقيع عقده التدريبي في منتصف يونيو (حزيران) الماضي.

ومن المعروف أن من أبرز المشكلات في الكرة السعودية هي التدخلات الإدارية في عمل المدربين وفرض اسم أو إبعاد آخر، وهذا أقصى مفهوم «المدير الفني» من أنديتنا، حيث أصبح دور المدرب يقتصر غالبا على التوجيه وقت المباراة دون التدخل في أية أمور أخرى تتعلق بالانتدابات أو العقوبات، ولكن في التجربة «الشبابية – البلجيكية» لم يكن لتلك التدخلات أي وجود، بل وقفت إدارة الشباب بجانب كل اختيارات مدربها من اللاعبين الأجانب ونفذت طلبه بإبعاد المحترف الأبرز في الدور الأول إبراهيما ياتارا واستبدلته في وقت قياسي بالجناح البرازيلي ويندل جيرالدو من الاتحاد، وكذلك أبعدت خالد عزيز عن صفوف الفريق بعد أقل من شهرين على انتقاله لمصلحة الشباب قادما من الهلال عقب غيابه عن تمارين الفريق، وأبقى الظهير الدولي السابق عبد الله شهيل في مقاعد البدلاء في مباريات كثيرة.

واستطاع حارس بلجيكا السابق إعادة عدد من اللاعبين إلى التوهج أمثال عمر الغامدي الذي أضحى رقما صعبا في تشكيلة الشباب هذا الموسم بعدما كان حبيس دكة البدلاء مع الأوروغوياني خورخي فوساتي والأرجنتيني إنزو هيكتور، ومنح الثقة من جديد لعبد الله الأسطا، وكان نتيجة ذلك إعادته لصفوف المنتخب السعودي بعد غياب طويل.

وعلى الرغم من امتلاكه دكة بدلاء وافره باللاعبين الجاهزين فإن برودوم – وعلى عادته – منح اللاعبين الشبان من الفريق الأولمبي مثل تميم الدوسري وفهد المنيف وخالد عواجي وصالح القميزي فرصا كثيرة لتمثيل الفريق في مباريات رسمية، وهو ما اعتاد المدرب البلجيكي فعله مع فرقه التي دربها حيث منح الفرصة للاعب الساحل العاجي الشباب باكاري سار مع فريق أندرلخت بعمر 17 عاما، وكذلك فعل مع الكوستاريكي براين رويز، والبلجيكي المغربي ناصر شاذلي في فريق تفينتي انشخيده قبل مجيئه للشباب.