شكوك حول مرض وراثي في القلب أدى إلى وفاة موروسيني

تواصل التحقيقات لمعاقبة المتسببين في تأخر وصول سيارة الإسعاف

TT

«لم تكن أزمة قلبية أو نزيفا داخليا بالمخ هو ما أدى إلى موت بييرماريو موروسيني في الملعب يوم السبت الماضي خلال مباراة فريقه ليفورنو في بيسكارا».. هذه هي ترجمة الكلمات القليلة جدا التي صرح بها الطبيب الشرعي المكلف بإجراء التشريح الطبي على جثة اللاعب، ويقول البروفسور كريستيان دوفيديو: «الفحص التشريحي جعلنا نستبعد أسبابا واضحة بصورة كبيرة أدت إلى الوفاة، سيتطلب الأمر المزيد من الفحوصات المعملية والدقيقة». كل شيء قبل السادسة من عصر أول من أمس، حينما كانت أنا، خطيبة بييرماريو، تغادر الفندق للعودة إلى مدينة برغامو؛ حيث منزل العائلة.

مات بالقلب: لكن ماذا بعد؟ بعد استبعاد الأسباب «الواضحة»، فإن موروسيني قد تعرض للوفاة بالقلب بصورة مؤكدة تقريبا. «في 90% من الحالات، وأكثر أيضا»، هكذا أخبرنا روبرتو كورسيتي، الطبيب الذي يدرس منذ فترة أسباب الوفاة المفاجئة التي تتناول ما يسمى «الأمراض المخلة بانتظام ضربات القلب» كسبب وارد. الأمر يتعلق في الجانب الأكبر منه بحالات مرضية ذات أصل وراثي، ويتبادر إلى الذهن فورا التفكير في والد موروسيني، الذي ربما توفي بسبب مرض بالقلب.

لا تفسيرات: ويرى باولو أرباريللو، مدير قسم الطب الشرعي بجامعة سابينزا، بروما، أن استبعاد الأسباب «الواضحة» يقلص المجال إلى احتمالين. ويقول: «أجل، هناك فرضية وجود عيب خلقي له أصل وراثي، لكن توجد أيضا فرضية الموت المفاجئ، وهو عبارة عن صدمة كهربية للقلب من دون تفسيرات». وفي إحصاء الحالات، ما الأكثر شيوعا بينهما؟ يجيب أرباريللو: «ليس شائعا وإنما يوجد». إذن هناك إمكانية أن يفضي التقرير الذي سيسلمه البروفسور دوفيديو في غضون 60 يوما إلى انعدام سبب الوفاة.

الملف الطبي: إلى ذلك، تم فتح التحقيق بشكل رسمي أول من أمس في النيابة؛ حيث يجرى التحقيق بخصوص القتل غير المتعمد بسبب الإهمال، لكن بالنسبة لمجهولين. وتؤكد وكيلة النيابة الإضافية، كريستينا تيدسكيني، أن التحقيق سيكون طويل الأمد، وهذا ما يشرح مسألة تعيين خبيرة في السموم، الطبيبة سيمونا مارتيللو، من جامعة كاتوليكا، بروما: «إننا في الرياضة ونريد امتلاك إطار كامل».

على أي حال، ما زال ينبغي أن تبدأ الفحوصات على هذا الجانب، بينما يقتصر التشريح الذي شاركت فيه خبيرة العائلة، كريستينا باسو، من جامعة بادوفا، وليس أطباء النادي الذي لعب فيه موروسيني من قبل، على توضيح مواقف «ظاهرية». ومن المتوقع أن تطلب المستشارة فالنتينا داغوستينا بالحصول على الملف الطبي لموروسيني مع التوثيق الذي أدى إلى تأكيد قدرته على ممارسة النشاط الكروي خلال سنوات مسيرته. وأحيانا لا تظهر الفحوصات العيوب البنيوية الدقيقة، لكن سيتم التعمق بشأن الأوراق، وربما بتعيين طبيب استشاري.

مزيل الارتجاف: كما سينشغل القاضي أيضا بمسألة مدى جاهزية الإسعافات واستخدام الجهاز المزيل لارتجاف القلب، كما أن الوسط العلمي نفسه منقسم بشأن هذا الموضوع. بالنسبة لبعض الأطباء فإن استخدام الجهاز أساسي في كل حالة، وبالنسبة لآخرين، على العكس، فإن غياب النشاط الكهربي الذي أكده تدليك القلب من الطبيب يجعل اللجوء إلى مزيل الارتجاف غير مجدٍ.

وداعا ماريو: انتهى يوم أول من أمس بعدم اليقين حول أسباب وفاة اللاعب، وبنهاية العصر تم إخلاء ساحة مشرحة المستشفى في انتظار سيارة نقل الموتى التي ستحمل جثمان موروسيني أولا إلى ليفورنو ومنها إلى برغامو.

من جهة أخرى، يتواصل التحقيق بشأن تأخر وصول سيارة الإسعاف إلى داخل الملعب لدى سقوط موروسيني؛ حيث تم إيقاف ف.م، 39 عاما، ضابط الشرطة ببلدية بيسكارا والمتسبب في الركن بشكل سيئ، مما أعاق وصول الإسعاف، بينما كان موروسيني يلفظ أنفاسه الأخيرة، عن العمل، ويوضح العمدة ألبوري ماشيا في مؤتمر صحافي ملتهب: «فتحنا تحقيقا سينتهي في 7 مايو (أيار) المقبل، وسنأخذ في الاعتبار أيضا تطورات التشريح والأسباب التي أدت إلى الوفاة. لكن يبدو لي أن النيابة العامة تعتبر إعاقة سيارة الإسعاف أمرا عديم التأثير».

ويقر عمدة بيسكارا: «كانت هناك سلسلة من الأمور الساذجة».. ويحدد: «في تلك المنطقة لا اختصاص للمقاطعة ونحن ندير المرور حتى المعابر، وليس داخلها؛ نظرا لأن الاستاد ممنوح لنادي بيسكارا». ويرسم في النهاية ملامح الحارس المخلص لعمله، بشكل زائد على الحد. ويتابع: «رتب الضابط في البداية مع زملائه الـ14 الذين كانوا يتحكمون في الدخول إلى الاستاد، بعدها لحق متعبا بالمجموعة التنظيمية للاستاد، وكان يتعين عليه الوجود سواء في مباراة بيسكارا أو في تلك التي كانت لتقام في اليوم التالي أمام ضيفنا جوليانوفا. وكان من المفترض أن يدير مع زملائه بعدها مرور الجماهير خلال مغادرة الاستاد، وأخيرا متابعة إعادة وضع الحواجز حول المنشأة. أشياء كثيرة.. هذا صحيح».

تفاصيل: لكن من التفتيش الأولي يتضح أن ف.م لم يكن مدرجا ضمن قائمة مجموعة الاستاد التنظيمية، «سنقوم بتقييم هذا أيضا»، هكذا صرح عمدة المقاطعة، وهو من ميلانو ومتحمس، لدرجة أنه غالبا ما يتابع الميلان واحتفل بانتخابه عمدة بالاستمتاع بباتو الساحر، في استاد برنابيو، في لقاء ريال مدريد – ميلان (2 - 3)، في أكتوبر (تشرين الأول) 2009.

الخوف: عائلة الضابط ف.م محطمة، وانغرس ولده، البالغ من العمر 11 عاما، أمام التلفزيون، والتهم الصحف، على أمل إيجاد شق يبرئ أباه ف.م، الضابط السابق بالجيش، ولحق بالحراسة المدنية ببيسكارا منذ عام 1999، وبعد 10 سنوات تمت ترقيته لأفضاله في الملعب، وهو حاصل على دبلوم. وفي الصيف الماضي استغل بعض إجازاته للذهاب إلى مدينة لورد الفرنسية (منذ صغره كان يذهب كمسعف). وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، حصل على تقدير رسمي لإلقائه القبض على لص بأحد المحال، ويذكر العمدة: «مع سيرة مهنية كهذه، لا يمكننا اتخاذ قرارات متعجلة، لكن التحقيق مستمر».

محاكمات وتحولات: لا محاكمة متعجلة، أجل، لكن لا بد من حل مشكلة استاد الأدرياتيكي، كما أن رجل الأمن الذي أعاق وصول الطبيب بالوشيا بينما كان يحاول النزول إلى الملعب مع موروسيني الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، وسأله: «إلى أين أنت ذاهب؟»، يحتاج للتفكير. مثل الساحة المكتظة دائما بسيارات الخدمة. الجميع يتحمل الذنب، ولا يمكن أن يتحمله فقط حارس المرأب.