كونتي يستدعى خبراته كلاعب ومدرب لحسم سباق الأمتار الأخيرة مع الميلان

ردود الفعل تتوالى بعد تأكيد ديل بييرو رحيله عن اليوفي بنهاية الموسم

TT

إنه يجيد القيام بذلك، فقد فعلها مرات عديدة، ولا يمثل الصراع على درع الدوري جديدا بالنسبة لأنطونيو كونتي المدير الفني لفريق يوفنتوس الإيطالي. وقد خسره مرتين، وفاز به مرات أكثر، وعلى أي حال دائما ما خاض هذه الصراعات بشجاعة وكبرياء. ويعد هذا مفهوما مهما خاصة لمدرب اليوفي الذي دائما ما أكد معنى موسم منح جماهير الفريق مجددا طعم الليالي الكبيرة، فبعد فضحية الكالتشيوبولي الشهيرة لم يفز فقط يوفنتوس بشيء وإنما لم يكن حتى بين المنافسين على البطولات. وتغيرت الأمور هذا العام، ويؤكد كونتي هذا، ومعه الحق، أيضا لتجنب أن يغيّر مركز الوصيف المحتمل في بطولتين (الكأس والدوري) من التقييمات بصورة قاسية. لكن بالطبع عند هذه النقطة يريد فريق اليوفي أن يعيش حلم الفوز بدرع الدوري حتى النهاية، وكونتي الذي على الرغم من اعتزاله كرة القدم منذ سنوات قليلة، يجيد - بحسب اعترافه هو - الدخول في رأس اللاعبين، ويمكنه أن ينهل من خبرته الكبيرة لإدارة توتر المراحل الأخيرة في كل شيء. وها هي البطولات التي فاز بها في الملعب بينما كان لاعبا.

موسم 1994 - 1995: يحمل كونتي أول لقب دوري (وأيضا بالنسبة للمدرب مارتشيلو ليبي وديل بييرو) تطورات غريبة، فهو أول موسم يتم فيه احتساب الفوز بثلاث نقاط. تأقلم اليوفي ونزل إلى الملعب دائما من أجل الفوز حتى لو كلفه الأمر الخسارة. واحتفل في نهاية الموسم باللقب على الرغم من تعرضه لسبع هزائم، ثلاث منها في الجولات السبعة الأخيرة. لكن المباريات الأربع الأخرى كانت أربع انتصارات، وأبرزها تغلبه على بارما في المواجهة المباشرة وحسم اللقب نظريا، قبل جولتين من نهاية البطولة.

موسم 1996 - 1997: في تلك المرة أيضا كانت مواجهة بارما قبل جولتين من نهاية البطولة حاسمة، وانتهى بالتعادل 1 - 1 وبنفس النتيجة في برغامو في الجولة التالية حقق يوفنتوس اللقب. في الست مباريات الأخيرة أدار لاعبو اليوفي تقدمهم في الترتيب (وهي رفاهية ليست لديهم الآن) وأنهوا بانتصارين وأربعة تعادلات.

موسم 1997 - 1998: مرة أخرى المواجهة المباشرة، هذه المرة مع الإنتر، هي التي صنعت الفارق، حيث فاز في أربع لقاءات وتعادل في اثنين خلال الست جولات الأخيرة بالفوز الشهير على الإنتر بهدف نظيف قبل انتهاء البطولة بثلاث جولات والاحتفال في تورينو بعدها بأسبوعين.

موسم 1999 - 2000: كانت نهاية بطولة مريرة حيث بعثر يوفنتوس سبع نقاط في ثماني جولات، وخسر مرتين (في فيرونا وبيروجيا) في الثلاث جولات الأخيرة وسمح لفريق لاتسيو بتجاوزه وتحقيق اللقب.

موسم 2000 - 2001: ظل درع الدوري في روما، وهذه المرة في ضفة فريق روما، وحينها أنهى اليوفي البطولة بخمسة انتصارات متتالية لكن هذا لم يكن كافيا لأنه كان قد أهدر قبل نهاية البطولة بخمس جولات المواجهة المباشرة مع روما، وتعادل 2 - 2 بعدما كان متقدما 2 - 0 بفضل خطأ ساذج للحارس فان دير سار.

موسم 2001 - 2002: عاد يوفنتوس للفوز في الصراع الأخير في العام التالي، وكان النصر في 5 مايو (أيار) بالفوز على أودينيزي الذي أنهى سلسلة من تعادل وخمسة انتصارات متتالية وتمكن من تجاوز الإنتر. وبالنسبة لكونتي يمثل هذا اللقب السعادة الأكبر مع بطولة دوري أبطال أوروبا التي حققها في عام 1996.

موسم 2002 - 2003: ربما كان هذا هو الدرع الأهدأ، حيث جاء قبل ختام البطولة بجولتين بتعادله مع بيروجيا على ملعبه بهدفين لكل منهما، وكانت النهاية مطمئنة وتمكن اليوفي من تحقيق ثلاثة انتصارات، وتعادلين وخسارة (بعد حسم اللقب). والآن تنتقل الكرة إلى كونتي المدرب.

إلى ذلك، هناك التسديد والتسجيل وطريقة الاحتفال المميزة، هذه هي طبيعة ديل بييرو والذي ظهر في مران أمس أيضا في حالة ممتازة. وقد تدرب المهاجمون على التسديدات في المرمى من كل مكان وموقف، بعد تبادل الأماكن مع الزملاء وبعد انطلاقة رأسية. بورييللو قوي، وفوسينيتش عبقري، كوالياريلا مذهل، وماتري حاسم. لكن ديل بييرو هو ديل بييرو، فلا أحد يسدد مثله في الفريق، وأمس كانت له نسبة عالية جدا في التسجيل في مواجهة ستوراري ومانينجر.

كما لم تغب التعليقات بشأن الحوار الصحافي الذي أجرته مجلة «فانيتي فير» مع القائد المخضرم، والذي أكد فيه مستقبله البعيد عن يوفنتوس. ولا يبدو أليغري مدرب الميلان مقتنعا حيث قال: «يوفنتوس لن يترك ديل بييرو يفلت منه»، ويقول رجيوفاني كوبولي جيلي رئيس النادي السابق: «لتسامحنا الجماهير، لا يمكن للإدارة الآن التراجع إلى الوراء لأن أحدهم قد يخسر سمعته». وفي النهاية يقول جامباولو بوتسو مالك نادي أودينيزي عن إمكانية ضم ديل بييرو: «كان ليمثل لنا راحة كبيرة، لكنها مسألة اقتصادية، ولا تتحملها ميزانيتنا. خسارة، لأنه قادر على قيادة الفريق ويمتلك خبرة كبيرة».

لكن الرسالة الأجمل لديل بييرو ربما تلك التي بعث بها سيب بلاتر عبر «تويتر» (نفس النص تضمنه خطاب تم إرساله إلى مقر أنييللي رئيس اليوفي)، وكتب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم: «تهانئي لديل بييرو على المشاركة 700 مع اليوفي، هو مثال للإخلاص والالتزام نحو ناديه. إنك قدوة للشباب لما يمكن أن يصلوا إليه بالبقاء مخلصين لقيم بعينها». ورد ديل بييرو في المساء: «شكرا أيها الرئيس، شهادة تقديرك هي فخر كبير لي».

من جهة أخرى فإن رؤية فريق بايرن ميونيخ الألماني وهو يواجه بكل ما أوتي من قوة فريق ريال مدريد المسلح بكتيبة من النجوم تحت قيادة مورينهو تجعلنا نفكر في فريق اليوفي الحالي تحت تدريب أنطونيو كونتي؛ حيث رأينا التعطش للفوز ذاته وكثافة اللعب ذاتها مع نفس الرغبة في تحدي التوقعات. وبطبيعة الحال تأتي الخطوة التالية بالسؤال حول مسار أداء بيرلو وزملائه في صفوف السيدة العجوز في دوري أبطال أوروبا؟ وليكن واضحا إنها لعبة، ولكن على الأرجح يطرح أندريا أنيللي، رئيس نادي اليوفي، وماروتا، مدير عام اليوفي، والمدرب كونتي السؤال ذاته في الوقت الحالي، لأن ثلاثتهم، في غضون أسابيع قليلة مع انتزاع الدرع أو عدمه، عليهم التخطيط للقفزة الأوروبية المقبلة ومجموعة صفقات الشراء التالية.

إن التفكير الأول يتمثل في أن اليوفي يمكنه هزيمة أي خصم في مباراة صعبة حتى وإن كان هو الفريق الكتالوني (برشلونة). ولكن بالنظر في دوري أبطال أوروبا مع المقارنة المرحلية نجد أنه لم تعد تلك المنافسة التقليدية ذاتها في الجولة والتنافس النبيل بين مدينتي ميلانو وسانريمو من قبل في الركض المخادع في جولات كرة القدم. وجدير بالذكر أن اليوفي يستحق الوصول إلى الدور الـ16 وإذا سمحت القرعة قد يستحق أيضا مكانا بين الفرق الثمانية الأوائل في ربع نهائي دوري الأبطال نظرا لأن مشروع السيدة العجوز يتأقلم بشكل جيد مع كرة القدم الدولية بنتاج اللياقة البدنية الجيدة لبعض اللاعبين الأساسيين مثل كييلليني وفيدال فضلا عن موهبة بعض العباقرة مثل بوفون وبيرلو وماركيزيو مع تطعيم ذلك كله بالضراوة التي لا غنى عنها في مباريات بعينها.

وعلى العكس يعد صعود الدرجات الأخيرة في هرم القيمة الكروية معقدا للغاية. فبالنظر بالعين المجردة يمكننا القول إن اليوفي لكي يستطيع الاقتراب أو البقاء واحتلال مكانا في القاموس الكروي الأوروبي وركوب مزلاج برشلونة وريال مدريد والمدرعات الإنجليزية، تلك الفرق التي ستعود إلى قاعدة الانطلاق في سبتمبر (أيلول) المقبل باستثمارات ضخمة جديدة، فإن اليوفي يلزمه لاعب قلب هجوم يتميز بأسلوب كروي عالمي ويرتقي ببعض الدرجات النبيلة على المستوى الأجنبي، كما يحتاج إلى لاعب وسط يتبادل الأدوار مع بيرلو وماركيزيو وفيدال من دون التقليل من شأن هذه العناصر. ولمزيد من الوضوح نقول إن اليوفي يلزمه الحصول على ثلاثة لاعبين متميزين، وهو أمر كبير على المستوى الاقتصادي أيضا.

علاوة على ما سبق يتعين على اليوفي التسريع بالمبادلة بين اللاعبين (اللازمة للعب مباراة كل ثلاثة أيام) والاستعانة بـ«الخبرة الدولية» مثل تلك التي قهرت نابولي أثناء مباراة تشيلسي في ثمن نهائي دوري الأبطال. ولكن بهذا الصدد يستطيع البطل بيرلو الذي انتزع الألقاب مع الميلان بكثرة إنتاجيه أن يساعد زملاءه في اليوفي في تعلم الدرس سريعا. كما أن هناك أمرا آخر يدعو للتفكير بإيجابية وفقا للأرقام التي يظهرها سباق التنافس على الدرع فإن فريق كونتي لم يخطئ أبدا أمام الفرق الكبيرة في مباريات صعبة تبدو كمعارك دوري أبطال أوروبا الحقيقية.