مهمة صعبة لهودجسون لإقناع المشككين في قدرته على قيادة إنجلترا

بعد تأكيد الاتحاد الإنجليزي تعيينه مدربا للمنتخب

TT

أعلن الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم تعيين روي هودجسون مدرب نادي وست بروميتش ألبيون في منصب مدرب المنتخب، أمس قبل 6 أسابيع من انطلاق منافسات كأس أوروبا من 8 يونيو (حزيران) إلى الأول من يوليو (تموز) في بولندا وأوكرانيا. وسيخلف هودجسون (64 عاما) الإيطالي فابيو كابيلو الذي استقال من منصبه مطلع فبراير (شباط) على خلفية عدم موافقته على نزع شارة القائد من جون تيري مدافع تشيلسي لاتهامه بالتمييز العنصري، وتم تعيين الدولي السابق ستيوارت بيرس مدربا مؤقتا.

واختار المسؤولون في الاتحاد الانجليزي هودجسون، فيما طرح اسم مدرب توتنهام هاري ريدناب بقوة ليكون خليفة الإيطالي في تدريب المنتخب. وكان الاتحاد الإنجليزي كشف في وقت متأخر من ليل الأحد الاثنين أنه أجرى اتصالا مع هودجسون، وقال رئيسه ديفيد برنشتاين «هودجسون هو المدرب الوحيد الذي اتصلنا به، وما زال لدينا الوقت لنعلن اسم المدرب الجديد في المهلة التي حددناها لأنفسنا بعد رحيل فابيو كابيلو». وأضاف «سنجري مع روي محادثات معمقة قبل الإعلان عن تعيين المدرب الجديد».

وكان هودجسون اختير أفضل مدرب في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم قبل الماضي بعد أن قاد فريقه فولهام إلى نهائي مسابقة الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) ثم عين مطلع 2011 مدربا لوست بروميتش بعد شهر من إقالته من منصبه مدربا لليفربول وتعيين كيني دالغليش مكانه. يذكر أن هودجسون أشرف أيضا على المنتخب السويسري (1992 - 1995) وقاده في تصفيات مونديال 1994 وكأس أوروبا 1996، والمنتخب الإماراتي (2002 - 2004)، إضافة إلى العديد من الفرق مثل مالمو السويدي (1985 - 1990) الذي توج معه بطلا للدوري المحلي عام 1986، ونيوشاتل السويسري (1992 - 1995) وغراسهوبرز السويسري (1999 - 2000) وكوبنهاغن الدنماركي (2000 - 2001)، إضافة إلى إنترميلان الإيطالي (1995 حتى 1997 ثم 1999) وبلاكبيرن الإنجليزي (1997 - 1998) وأودينيزي الإيطالي (2001). وأوقعت قرعة كأس أوروبا المنتخب الانجليزي في المجموعة الرابعة مع فرنسا والسويد وأوكرانيا.

ولا شك في أن هودجسون من أكثر الناس الذين تحلو رفقتهم، فهو يرتاد مسرحيات الكاتب الشهير آرثر ميلر ويطلق النكات على تمثال محرر شيلي برناردو أوهيغنز الموجود قرب منزله في ضاحية ريتشموند بجنوب غرب لندن. إنه شخص ذكي ومتعلم ويجيد الاستماع إلى الآخرين كما يجيد فن الحديث.. رجل دولي حقق نجاحات عبر أوروبا كلها بداية من تحويل أسلوب اللعب في الدوري السويدي في السبعينيات وحتى تدريب منتخبي فنلندا وسويسرا.

ولكن في المؤتمرات الصحافية، دائما ما يبدو هودجسون مشدود الأعصاب. فهو لا يطلق المزحات الساخرة السهلة مثل هاري ريدناب ولا يداعب وسائل الإعلام لا من قريب ولا من بعيد مثل مدرب فريق توتنهام هوتسبر الإنجليزي. وعندما كان مدربا لليفربول في عصر مالكيه الأميركيين توم هيكس وجورج جيليت، بدا هودجسون بعيدا عن عمقه الذي اشتهر به ودائما ما كان يحتك بأكثر جماهير إنجلترا حساسية على النحو الخاطئ. وبتوليه منصب المدير الفني لمنتخب إنجلترا، سيكون هذا الشعور بالتوتر والعصبية أمام الكاميرات مشكلة كبيرة بالنسبة لهودجسون.

وقد استفسر مارك بيريمان، عضو بارز بنادي جماهير إنجلترا، بالفعل عن السر وراء عدم اختيار ريدناب ليكون المرشح الأول لتدريب البلاد بدلا من هودجسون.

وقال: «أكاد لا أصدق أنهم لم يحاولوا الاتصال بريدناب.. أعتقد أن الجماهير والرأي العام الرياضي بشكل عام من حقهم أن يعرفوا الموقف مع ريدناب». وأضاف: «يمكنني تخيل أن يكون ريدناب هو من رفض المنصب ولكن الجماهير من حقها أن تعرف حقيقة الموقف». هذا السلوك قد يبدو غير مبرر من جماهير إنجلترا، فقبل ستة أعوام عندما كان ستيف ماكلارين يحتل المركز الثاني في قائمة المدربين المرشحين لتدريب إنجلترا خلفا للسويدي سفن غوران إريكسون أطلقت عليه الجماهير اسم «الاختيار الثاني ستيف» مما قلل من شأن المدرب وصلاحياته منذ البداية. وسواء كان ريدناب، الذي يتمتع بقاعدة شعبية عريضة في إنجلترا، هو الاختيار الصائب أم لا لتولي تدريب البلاد فقد كان سيحظى بتأييد ودعم الجماهير في كل الأحوال.

الغريب أيضا أن ريدناب تمت تبرئته من اتهامات التهرب الضريبي قبل ساعات من استقالة الإيطالي فابيو كابيلو مدرب إنجلترا الأسبق من منصبه اعتراضا على نزع شارة قيادة الفريق من المدافع جون تيري انتظارا لما ستسفر عنه جلسة الاستماع الخاصة به في قضية توجيهه إساءة عنصرية للاعب آخر. ولطالما لعبت فرق ريدناب بطرق مفتوحة مقدمة أداء هجوميا، ورغم أنه دائما ما بدا تكتيكيا غير قادر على تغيير مسار المباريات فقد تكون طريقة إدارته ناجحة على المستويات الدولية.

وعلى الجانب الآخر، فإن هودجسون أكثر حذرا وعقلانية. ويحرص على الحفاظ على طريقته المنظمة المباشرة في الأداء التي حقق بها نجاحا كبيرا في السويد خلال السبعينات.

وهذا الأسلوب أثبت نجاحه قبل عامين في إنجلترا نفسها عندما قاد هودجسون فريق فولهام إلى نهائي بطولة الدوري الأوروبي، كما أن قدراته وإمكاناته كمدرب لا يمكن التشكيك فيها. وقال سيمون ديفيز لاعب خط وسط فولهام: «لو كنت ستلعب تحت قيادته (هودجسون) يجب أن تستعد للعمل وأن تقدم المطلوب منك وأن تعمل وفقا للنظام وتكون ملتزما تماما من الناحية الدفاعية.. أما ما تحصل عليه لاحقا، فيكون مكافأة على ذلك». وأضاف: «إنه يعمل على تحسين الحالة البدنية للاعبين يوميا. إنه يختار لاعبيه الـ11 (لأي مباراة)، ثم يزرع فيهم كل ما يريد».

وبسؤال ديفيز عما إذا كان اللاعبون يشعرون بالملل تحت قيادة هودجسون، ابتسم اللاعب واعترف بالأمر قبل أن يؤكد أن النجاح الذي حققه الفريق لاحقا أقنع اللاعبين بأن الأمر كان يستحق هذا العناء. ولكن مثل هذا التفهم والقناعة ربما لا يكونان متوفرين لدى اللاعبين الألمع والأكثر شهرة. وحتى لو كان الوقت المحدود الذي عادة ما يحصل عليه المدربون الدوليون كافيا بالنسبة لهودجسون لتوصيل رسالته التدريبية للاعبي منتخب إنجلترا، فقد تأتيه المقاومة من ناحية اللاعبين أنفسهم.

يجب أن يجمع هودجسون كل اللاعبين والجماهير المشككين إلى جانب وسائل الإعلام إلى جانبه فيما يبدو كمهمة بالغة الصعوبة خاصة مع استمرار ضغوط مؤيدي ريدناب من ناحية أخرى. ورغم نجاحه في إثبات قدراته التدريبية من جديد مع ويستبرومويتش ألبيون الذي تولى تدريبه قبل 15 شهرا ليحوله من فريق مرشح للهبوط إلى فريق آمن في منتصف جدول ترتيب فرق الدوري الإنجليزي الممتاز، فقد لا يحقق هذا الأمر اختلافا كبيرا بالنسبة لهودجسون مع منتخب إنجلترا. فقد يصبح، كما كان في ليفربول، مدربا جيدا ولكن غير مناسب في منصب جاحد.