خطأ بوفون يهدي هدف التعادل لليتشي ويهدد صدارة يوفنتوس

المدرب كونتي يحتفظ بتماسكه ويؤكد أن حارسه الدولي قادر على قيادة الفريق للقب الإيطالي

TT

هل ستكلف الهفوة التي ارتكبها حارس يوفنتوس وقائده جانوليجي بوفون أمام ليتشي وتسببت في هدف التعادل 1/ 1 فريقه الفوز بلقب الدوري الإيطالي للمرة الأولى منذ 2003.

بدا يوفنتوس في طريقه لتحقيق فوزه التاسع على التوالي بعد أن تقدم على ضيفه ليتشي حتى الدقيقة 85 بهدف سجله كلاوديو ماركيزيو منذ الدقيقة 8 خصوصا أن الضيوف خاضوا اللقاء بعشرة لاعبين منذ الدقيقة 55 لكن بوفون ارتكب خطأ قاتلا عندما انزلق وفشل بترويض كرة سهلة، ليستغل اندريا بيرتولاتشي ذلك ويسجل هدف التعادل وسط ذهول جماهير «يوفنتوس».

واستفاد ميلان حامل اللقب تماما من تعثر غريمه يوفنتوس ليقلص الفارق الذي يفصله عن «السيدة العجوز» إلى نقطة فقط قبل مرحلتين على ختام الموسم.

وعقب اللقاء، قال مدرب يوفنتوس، أنطونيو كونتي: «ما حصل لا يُصدق، أمور من هذا النوع حصلت في السابق لكنها تحصل الآن معنا». وسيطر يوفنتوس على المباراة تماما دون أن يتمكن من إضافة هدف الاطمئنان فدفع الثمن في نهاية المطاف.

وحاول كونتي التخفيف من وقع فداحة الخطأ الذي ارتكبه قائده، مشيرا إلى أنه كان سيوقع ألف مرة لو قيل له في بداية الموسم إن فريقه سيتصدر الترتيب بفارق نقطة قبل مرحلتين على نهاية الدوري.

وتابع: «بالطبع كان بإمكاننا أن نكون بمثابة الأبطال (في حال الفوز) لكنها (الهفوة) حصلت، والآن نحن نتطلع إلى الأمام. إنها مجموعة (الفريق) تقوم بأمور رائعة. المباراتان الأخيرتان تشكلان الخطوة الأخيرة في مشوار التطور. إذا فزنا باللقب فنستحقه، وإذا لم نفعل ذلك، الآخرون يستحقونه».

وكرر كونتي موقفه السابق بأنه يشعر وكأنه يدرب فريقا ريفيا متواضعا يحقق النتائج الملفتة، عوضا عن إشرافه على أكبر وأكثر الأندية جماهيرية ونجاحا في الكرة الإيطالية، في إشارة منه إلى غياب الأسماء الرنانة عن الفريق خلافا لمنافسه الأساسي ميلان الذي يضم لاعبين من طراز السويدي زلاتان إبراهيموفيتش والبرازيليين روبينيو وألكسندر باتو.

وعلى الرغم من تمكن ميلان من تضييق الخناق على اليوفي، ذكر كونتي بأن فريقه ما زال في الصدارة، مضيفا: «حصلنا على فرص من أجل مضاعفة النتيجة (أمام ليتشي)، لكننا لم نتمكن من استغلالها. ما حصل لم يكن في الحسبان، حتى تلك اللحظة كان قفازا بوفون نظيفين تماما (أي أنه لم يضطر إلى إنقاذ أي كرة). كانت الجائزة الموجودة على المحك مهمة جدا، كنا ندرك بأن فوزنا كان سيشكل خطوة مهمة نحو الأمام، وتسبب هذا الأمر على الأرجح باستهتارنا بعض الشيء».

وواصل: «كنا نتطور بسرعة كبيرة وكان من المحتم أن نرتكب هفوة ما خلال فترة تطورنا. لكن كل الأمور لا تزال في أيدينا، يجب أن نفوز بمباراتين من أجل تحقيق حلمنا».

ويمكن القول إن اللقب في متناول يوفنتوس تماما لأنه يخوض مباراتين سهلتين نسبيا في المرحلتين الأخيرتين؛ الأولى الأحد المقبل خارج قواعده أمام كالياري والثانية بعد أسبوع منه على أرضه أمام أتالانتا.

وستكون الفرصة متاحة أمام يوفنتوس لحسم اللقب في نهاية الأسبوع الحالي في حال فوزه على كالياري، وذلك لأن ميلان يخوض اختبارا صعبا للغاية أمام جاره اللدود إنترميلان. وربما يشعر بوفون بالحزن أكثر من جميع زملائه لأن المباراة كانت تبدو في متناول فريقه، خاصة بعد طرد كوادرادو، لاعب ليتشي، في الدقيقة التاسعة من الشوط الثاني. لكن شاء القدر أن يسقط بوفون في الخطأ وهو أقل من يستحق ذلك، لأنه ما زال البطل في عيون جماهير اليوفي بعدما رفض الانتقال إلى أفضل الفرق في العالم في عام 2006 مفضلا البقاء مع اليوفي الذي تم تهبيطه لدوري الدرجة الثانية.

ولعل الخطأ حدث بالتوازي مع الشعور بالأمان أثناء المباراة، فقد كان خطر ليتشي قد أصبح سطحيا ولم يكن هناك ما يدعو للقلق، حيث كانت الكرة بين أقدام المدافع بارزالي الذي يمررها إلى ليشتستاينر والعكس، ومن بارزالي إلى بوفون مع بقاء بيرتولاتشي وموريل على بعد مسافة آمنة، فلم يقترب حقا أي من لاعبي الخصم إلى المرمى أو الكرة، وحاول جيجي التحكم في الكرة بقدمه اليسرى قبل تمريرها إلى زميله باليمنى، وما إن لمس بوفون الكرة حتى فهمنا أن ليتشي على وشك التسجيل، وبالتالي يعود الميلان بقوة إلى التنافس على الدرع.

ولم يصدق بوفون ما حدث وهز رأسه وأغمض عينيه، فلم يقوَ حتى على إلقاء نظرة مطمئنة على زوجته إلينا في مقصورة التشجيع. وسرعان ما فهمت جماهير اليوفي طبيعة الموقف، وهتفت لتحفيز الحارس الذي أهدى اليوفي الكثير من النقاط في هذا الموسم بصده الرائع للكرات. كما ساند الزملاء حارس المرمى، بينما واصل أليساندرو ديل بييرو، قائد يوفنتوس، اللعب منطلقا من الخلف بدلا من الأمام في إشارة للتفاهم والدعم للصديق المجروح. فقد شعر الجميع بالأسف تجاه خطأ بوفون، وليس فقط من أجل الترتيب. وفي نهاية المباراة توجه حارس المرمى إلى المدرجات الجنوبية ليطلب السماح من الجماهير برفع يده اليسرى، وفعل الأمر ذاته متوجها إلى القطاعات الأخرى من مدرجات الاستاد. ومن يعلم ماذا كان يدور بباله عندما استخدم المدرب أنطونيو كونتي كلمات محفزة، قائلا: «إنها كرة القدم، وإنه سوء حظ وارد الحدوث عن طريق الخطأ في تسديد هدف أو صده. وإن بوفون يقدم موسما رائعا ولديه القوة والقدرة الكافية للحفاظ على هدوئه والمضي قدما». وللمضي قدما عليه مواجهة كالياري وأتالانتا، وبوفون يود خوضهما على الفور لكي يسامحه الجميع ولكي يصد الكرات ويستعيد الابتسامة، لأنها أشياء واردة الحدوث، ثم يمر عليها الوقت وتذهب أدراج النسيان، ويعود لكي يصبح البطل رقم واحد مرة أخرى.

وما زالت الأرقام في صالح اليوفي الذي حافظ على كونه لا يُقهر في 26 مباراة خاضها على أرضه، بالفوز في 16 مباراة والتعادل في 10 مباريات. وفي المجمل، خاض 40 مباراة من دون أن يُهزم، بما فيها مباريات كأس إيطاليا. وإن ما حدث أمام ليتشي سيساعد كونتي بالتأكيد في الاستعداد لمباراة كالياري المقبلة، أمام فريق آخر يتذيل الترتيب. وجدير بالذكر إن مدرب اليوفي استحضر بالفعل ما حدث من قبل عشية المباراة، قائلا: «علينا تحقيق الفوز أولا ثم الحديث، فإن الصحف وقنوات التلفزيون والجماهير يمكنها قول ما تشاء، والواقع يبقى في أننا لم نفز بشيء بعد فيما عدا ضمان التأهل لدوري الأبطال المقبل، وهو شيء رائع للغاية، فضلا عن خوض مباراة نهائي كأس إيطاليا».

وفي سياق متصل، ما زال سيرسي كوزمي، مدرب ليتشي، يؤمن بقدرات لاعبيه. وكان وقع هدف بيرتولاتشي الذي أدرك التعادل في عقر دار اليوفي المتألق في الصدارة في ظل لعب ليتشي بـ10 لاعبين بمثابة صدمة كهربائية للمدرب الذي انطلق ليشارك مئات من مشجعي الفريق الذين زحفوا كأنه لم يصدق ما حدث. فقد كان من المقدر لمباراة اليوفي في مدينة تورينو أن تكون مباراة اليأس كما وصفها جيوفاني سيميرارو، مالك نادي ليتشي، فقد بات ذلك كابوسا في ضوء نتائج مباريات الفرق الأخرى بفوز جنوا وتعادل فيورنتينا. ولكن جاء القدر ليترك بصيصا من الأمل حتى وإن كان استحضار الهزيمة الماضية على أرضه أمام بارما. وقال: «أمام بارما كنا مستسلمين قليلا. وكانت مباراة اليوفي تنذر بانتهاء الأمل، أما الآن فسنلعب من أجل النجاة من الهبوط، وسنعود إلى الملعب بعد 48 ساعة فقط، وسيكون من العدل والصحة أن تلعب كل الفرق في وقت متزامن». كما أهدى مدرب ليتشي كلمات معسولة إلى حارس مرمى الخصم، قائلا: «لقد كنا محظوظين. وأشعر بالأسف من أجل جيجي، فخطأ مثل هذا يقع مرة واحدة كل عشرة أعوام. فهو إنسان كبير قبل أن يصبح لاعبا كبيرا».