لماذا لا يدرب السعوديون المعتزلون منتخبات وأندية ذوي الاحتياجات الخاصة

رعاية الشباب اشترطت التأهيل.. واتحادهم يرحب.. وماجد عبد الله: القناعة هي السبب

TT

أثارت مطالبات مجموعة من اللاعبين المعتزلين في ألعاب رياضية مختلفة بإتاحة فرصة الاستفادة منهم بعد اعتزالهم في تدريب الأندية والمنتخبات الرياضية لذوي الاحتياجات الخاصة، جدلا بين الجهات المعنية بالرياضة السعودية، ففي الوقت الذي أكدت فيه الرئاسة العامة لرعاية الشباب صعوبة تعامل هؤلاء اللاعبين مع أصحاب الإعاقات نتيجة عدم تأهيلهم، رحّب الاتحاد السعودي لذوي الاحتياجات الخاصة بأي لاعب لديه الرغبة في خوض ذلك المجال شريطة امتلاكه لبعض الأدوات الرئيسية.

وأكد مصدر مسؤول في الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالرياض افتقار اللاعبين المعتزلين لمهارات التواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة من المعاقين حركيا أو سمعيا، مما يخلق فجوة في التعامل فيما بينهم.

وقال المصدر المسؤول الذي فضّل عدم ذكر اسمه خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه «إذا كنا نريد النهوض في هذا الجانب فلا بد من إكساب كافة المنتسبين إلى رعاية الشباب لدورات تأهيلية حول التواصل مع أصحاب الإعاقات في ظل عدم توفر أي برامج أو معسكرات أو أنشطة فعالة لهم».

ولم يستنكر رغبة بعض اللاعبين المعتزلين في تدريب أندية ومنتخبات ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أنه شدد على جانب ضرورة تأهلهم بالشكل المطلوب للقيام بذلك، مشيرا إلى أن الاتحاد السعودي هو المسؤول عن مثل تلك الأمور كونه يملك القوانين الدولية والداخلية والضوابط والتعليمات المتعلقة بهذا الشأن.

وأضاف «من الضروري أن يملك مدرب أندية ومنتخبات أصحاب الإعاقة شهادة جامعية لها علاقة بمجال التربية الخاصة في حال كان سعوديا، بينما يشترط على المدربين الأجانب خضوعهم لدورات تأهيلية في التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة».

وفي هذا الشأن، أفاد ماجد عبد الله قائد المنتخب السعودي ونادي النصر السابق، بأن الاعتزال أمر وارد، خصوصا أن سنة الحياة تقتضي مثل هذا القرار، مؤكدا في الوقت نفسه أن حياة اللاعبين بعد الاعتزال أمر يعتمد على تخطيطهم الذاتي وتقديرهم لظروفه وفترة أدائهم السابقة.

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك نماذج كثيرة للاعبين نجحوا في تقدير موهبتهم واستثمار إمكاناتهم في كافة الأصعدة بشكل عام، إلا أنه في المقابل ثمة حالات محدودة ربما أخفقوا في التخطيط الجيد قبل أو بعد الاعتزال».

ورأى أن اهتمام الجهات المعنية في السعودية ينحصر على اللاعبين الحاليين، بينما يتم تهميش اللاعب المعتزل، مرجعا سبب ذلك إلى قناعة الإداريين والمسؤولين في الأندية عموما.

وفيما يتعلق بمدى الاستفادة من اللاعبين المعتزلين، بيّن ماجد عبد الله أن ذلك الأمر يعود إلى اللاعب نفسه في ظل وجود من لا يريدون الاستمرار في المجال الرياضي بعد الاعتزال، في حين هناك من يرغبون في تقديم عصارة خبراتهم غير أنهم لا يجدون الفرص المتاحة أمامهم وفق ما يريدون.

وزاد «ما زالت لدينا حتى الآن عقدة المدرب الأجنبي التي تسيطر علينا ومن ثم تمنعنا من منح الفرصة للمدرب المحلي الكفء على الرغم من وجود لاعبين سابقين يعملون في الأندية، إلا أننا حتى الآن لم نصل للاستفادة الكاملة والحقيقية من الرياضيين المعتزلين».

من جانبه، لفت أسعد أحمد لاعب المنتخب السعودي والنادي الأهلي لكرة السلة المعتزل، إلى عدم وجود اهتمام كافٍ بالرياضة لذوي الاحتياجات الخاصة وذلك نتيجة إهمال المجتمع لهم رغم وجود بعض الشركات والجهات المهتمة، غير أن تلك الجهود تعد حتى الآن فردية.

وقال خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» إنه «حينما نتحدث مع المعاقين لنعرّفهم بأنواع الرياضات الموجودة فإن ذلك لا يفيدهم كونهم لا يمتلكون الفرصة لممارستها، الأمر الذي يستدعي إنشاء ملاعب متخصصة لهم وتشجيعهم على ممارسة الرياضة بها».

وأبان أن هناك لاعبين معتزلين في كرة السلة أصبحوا مدربين لمجموعات من ذوي الاحتياجات الخاصة وذلك بهدف تهيئتهم وتأهيلهم للمشاركة في مسابقات دولية خارج السعودية، مؤكدا في الوقت نفسه قدرة أصحاب الإعاقات على تحقيق الإنجازات والفوز بأولمبياد كونهم يمتلكون قدرات ومواهب متعددة.

واستطرد في القول «سأقدم سيرتي الذاتية للجمعيات الخيرية المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصة في جدة ومستعد لتكوين مجموعات وتدريبها على كرة السلة، وذلك تمهيدا لتأسيس منتخب نطالب من خلاله الرئاسة العامة لرعاية الشباب بإشراكه في مسابقات خارجية».

وانتقد قائد المنتخب السعودي والنادي الأهلي لكرة السلة المعتزل استعدادات المنتخبات الرسمية السعودية لذوي الاحتياجات الخاصة والتي وصفها بـ«الضعيفة» في ظل عدم وجود مدربين وافتقارها إلى الخطط والبرامج والاهتمام الفعال.

وطالب الجهات المعنية بضرورة وجود لفتة كبيرة لتلك الفئة أسوة بالأصحّاء، خصوصا أن المعوقين بحاجة إلى اهتمام أكبر من غيرهم كون احتياجاتهم تفوق الأسوياء، مشددا على أهمية إخضاع مدربي فرق ذوي الاحتياجات الخاصة إلى دورات تدريبية تؤهلهم للتعامل معهم بشكل سليم.

وتابع «من المفترض قيام اللاعبين المعتزلين بتدريب مجموعات من ذوي الاحتياجات الخاصة في كل مدينة بالسعودية ومن ثم زرع روح التنافس فيما بينهم سنويا والاهتمام بهم جديا، وهو ما يجب التكليف به رسميا من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب».

وربما تكون إشكالية عدم الاستفادة من الرياضيين المعتزلين في تدريب أندية ومنتخبات ذوي الاحتياجات الخاصة ناجمة عن «تهميش» اللاعبين بعد اعتزالهم، والقصور في استغلال خبراتهم التي اكتسبوها طيلة أدائهم في المجال الرياضي بالشكل المطلوب.

من جهته، أوضح خالد الأحمد المدير الوطني للمونديال الخاص التابع للاتحاد السعودي، أن الاتحاد السعودي يرحب في أي لاعب يرغب بتدريب أندية ومنتخبات ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا أن العائق الوحيد أمام الاستفادة من خبرات اللاعبين المعتزلين في هذا المجال يتمثل في عدم تأهيلهم بالشكل الكافي.

وقال في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط» إن «ثمة شروطا يجب توفرها في مدربي تلك الفئة تحديدا، والتي تتضمن ضرورة أن يكونوا لاعبين سابقين ولا تقل مؤهلاتهم العلمية عن الثانوية العامة، بالإضافة إلى القدرة على التعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة والتي من الممكن اكتسابها بالخبرة».

وبيّن أن هناك لاعبين معتزلين لا يحملون سوى شهادات المرحلة الابتدائية والذين لا يمكنهم القيام بذلك كون التدريب بحاجة إلى التعمق في قراءة الكثير من الكتب والدراسات المتخصصة - بحسب قوله -.

وأشار إلى أن بعض اللاعبين المعتزلين قد يكونون متميزين رياضيا، غير أنهم لا يصلحون لخوض مجال التدريب، ولكنه استدرك قائلا «إن الاتحاد السعودي يرحب بأي راغب في تدريب هذه الفئة».

وفي سؤال عن حجم الميزانيات التي ينفقها الاتحاد السعودي للاحتياجات الخاصة على المدربين الأجانب المتخصصين في تدريب هذه الفئة ومدى توفيرها في حال وجدت كوادر وطنية بديلة، رفض خالد الأحمد الإفصاح عنها واكتفى بالقول «لا بد أن يكون المدرب الأجنبي رفيع المستوى ويملك خبرة في تدريب المعاقين لا تقل عن 5 سنوات، عدا عن قدرته على التواصل مع الاتحاد الدولي والتخصص في أنواع الرياضات».