مهمتان تواجهان هيوز اليوم.. إنقاذ فريقه من الهبوط والانتقام لإقالته المهينة

مدرب كوينز بارك رينجرز يعود إلى سيتي ليواجه مانشيني ومرارة رحيله لا تفارقه

TT

يستعد المدير الفني الحالي لنادي كوينز بارك رينجرز مارك هيوز لتصفية حساباته القديمة مع ناديه السابق مانشستر سيتي عندما يلتقي الفريقان في المباراة الختامية للدوري الإنجليزي الممتاز، والتي يحتاج فيها سيتي للفوز لكي يضمن الحصول على اللقب، في حين يحتاج كوينز بارك رينجرز لنقطة واحدة لضمان البقاء في المسابقة.

وتعود بنا الناقدة الرياضية بصحيفة «الغارديان» البريطانية بالذاكرة إلى صباح يوم التاسع عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2009، عندما فتح هيوز هاتفه الجوال ليستقبل سيلا من المكالمات من أصدقائه تارة ومن صحافيين تارة أخرى يخبرونه بأنه قد أصبح على وشك الرحيل عن نادي مانشستر سيتي. وكان هذا التنبؤ قد تم ترجمته بالفعل إلى عناوين رئيسية في الصفحة الخلفية لإحدى الصحف، وعندما طلب هيوز توضيحا لتلك الأخبار، لم يجد أي شخص يوضح له الأمر. وعندما طلب مقابلة المستشار الإعلامي للنادي، والذي كان داعما له بقوة في الماضي، قيل له إنه «في رحلة خارجية»، وفي تلك الأثناء، كانت موجات الأثير تعلن عن تكهنات بأن المدير الفني القادم للفريق هو الإيطالي روبرتو مانشيني.

حدث هذا يوم السبت، ولم يكن يتبقى سوى سويعات قليلة على لقاء مانشستر سيتي مع نادي سندرلاند على ملعب الاتحاد، ودخل هيوز وطاقمه الفني في جدال حول ما الذي يتعين عليهم القيام به. وفي ظل الصمت المطبق من قبل مجلس إدارة النادي، قام هيوز بإعداد لاعبيه بالشكل المعتاد وحقق الفوز على نادي سندرلاند تحت قيادة المدير الفني ستيف بروس بأربعة أهداف مقابل ثلاثة. وعقب إطلاق صافرة نهاية المباراة، تم إخبار هيوز بانتهاء مهمته مع الفريق، في حين كان يتم الإعداد للإعلان عن تعاقد النادي مع مانشيني.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، قام مانشستر سيتي بالعديد من الأعمال الرائعة، لعل أهمهما بعض الأعمال الخيرية على المستوى المحلي والدولي، ولكن الشيء المؤكد أنه قد تعامل مع رحيل هيوز بشكل مروع. ويساور نادي مانشستر سيتي قلق كبير من أن يؤدي هذا السلوك غير الأخلاقي بحق هيوز إلى نتائج سلبية على النادي عندما يلتقي اليوم مع كوينز بارك رينجرز تحت قيادة هيوز وهو في حاجة لتحقيق الفوز للحصول على اللقب الذي غاب عن النادي لمدة 44 عاما كاملة. وفي حالة تعثر مانشستر سيتي في تلك المباراة، فسيؤمن الجميع بأن القدر قد عاد لينتقم منه بسبب تعامله المشين مع هيوز.

وقال جوليان ليسكوت، وهو أحد لاعبي مانشستر سيتي الذين إما تعاقد معهم هيوز أو عملوا تحت قيادته: «هناك مفارقة كبيرة في أننا سنواجه مارك هيوز في هذا اللقاء الحيوي. مارك هيوز مدير فني رائع، وكان جيدا للغاية بالنسبة لي». وبغض النظر عما حدث مع هيوز، يشعر الجميع في مانشستر سيتي بقلق بالغ من تلك المباراة نظرا لأن كوينز بارك رينجرز في حاجة إلى نقطة من تلك المباراة حتى يضمن عدم الهبوط إلى القسم الثاني، وهو ما يزيد من أهمية تلك المباراة لهيوز ولاعبيه. بالإضافة إلى ذلك فإن هناك لاعبين في فريق سيتي يحملون ولاء لهيوز وعلى رأسهم كارلوس تيفيز.

وثمة عامل آخر يزيد من سخونة تلك المباراة وهو أن الطاقم الفني لنادي كوينز بارك رينجرز يضم العديد من الشخصيات التي كانت تعمل في السابق في مانشستر سيتي، مثل مارك بوين وإيدي نيدزيويكي وكيفين هيتشكوك، علاوة على أن الفريق يضم أيضا ثلاثة لاعبين كانوا بمثابة أعمدة أساسية في مانشستر سيتي في السابق وهم نيدوم أونوها وشون رايت فيليبس وجوي بارتون.

ولا يمكن نسيان أن المدير التنفيذي لنادي مانشستر سيتي غاري كوك قد قدم استقالته من منصبه بعد اتهامه بإرسال رسالة إلكترونية يسخر فيها من والدة أونوها المصابة بالسرطان، أو أن التحقيقات التي أجراها نادي مانشستر سيتي في هذا الشأن قد أثبتت وجود «أسس» لتلك الاتهامات. وبينما رحل أونوها عن صفوف مانشستر سيتي إلى نادي كوينز بارك رينجرز في شهر يناير (كانون الثاني)، فقد رحل بارتون عن النادي في صيف عام 2007 - قبل عام واحد من تعيين مارك هيوز كمدير فني للفريق خلفا لستيفن غوران إريكسون - بعد اعتدائه على زميله في الفريق عثمان دابو أثناء التدريبات. وقد اعترف بارتون في وقت لاحق في المحكمة بأنه مذنب، ولذا صدر بحقه حكم بالسجن مع إيقاف التنفيذ، علاوة على خدمة المجتمع لفترة من الوقت.

وكان هيوز قد انتقد مانشيني بشدة خلال الخريف الماضي ووصفه بأنه «استبدادي»، وأنه هو السبب وراء رحيل تيفيز إلى الأرجنتين لمدة ثلاثة أشهر. وفيما يتعلق بمباراة اليوم بين مانشستر سيتي وكوينز بارك رينجرز في الجولة الأخيرة للمسابقة، قال هيوز: «لقد أراد القدر أن أعود إلى مانشستر سيتي في اليوم الأخير للمسابقة. وإذا ما نجحنا في تحقيق نتيجة إيجابية، فسيكون هذا شيئا رائعا. يقاتل مانشستر سيتي من أجل الحصول على اللقب، ونحاول نحن البقاء في المسابقة».

وسوف يضع مانشيني، الذي لم يخسر فريقه مطلقا على ملعبه خلال الموسم الحالي، في حسبانه أن هيوز وطاقمه الفني يعرف كل كبيرة وصغيرة عن لاعبي مانشستر سيتي ونقاط ضعفهم من الناحية الخططية والفنية. ويدرك مانشيني جيدا أن هيوز ما زال يشعر بمرارة شديدة في حلقه بسبب طريقة إقالته من الفريق بعد العمل لمدة 18 شهرا فقط، في الوقت الذي كان مانشستر سيتي يحتل فيه المركز السادس في الدوري الإنجليزي الممتاز ولم يخسر سوى مباراتين فقط منذ بداية موسم 2009 - 2010. وقال هيوز أكثر من مرة: «لقد تحملت الألم، وجاء الآخرون ليحصدوا ثمار ما زرعت». وعلاوة على هذا الإحساس بالمرارة، يدخل هيوز (48 عاما) اللقاء وهو يملك خبرات تدريبية قليلة بعض الشيء، بدأت بتولي قيادة منتخب ويلز، ثم نادي بلاكبيرن روفرز، ثم موسم رائع في نادي فولهام أعقبه استقالة بسبب «تعزيز طموحاته»، ثم تم تجاهله من قبل نادي أستون فيلا، قبل أن يتم تفضيل مارتين أونيل عليه للعمل كمدير فني لنادي سندرلاند. وفي النهاية، وافق هيوز على تدريب نادي كوينز بارك رينجرز الذي يصارع من أجل البقاء، ولكن يبقى هناك شعور، على الأقل لمن يرصد التحول الهائل الذي أحدثه في نادي بلاكبيرن، بأنه مدير فني كبير ينتمي إلى نادٍ كبير.

ويحظى هيوز بحب جارف، ليس فقط من جانب اللاعبين الذين عملوا معه - كريغ بيلامي وشاي غيفن وتيفيز وروبي سافاج، ما هم إلا مجموعة من اللاعبين الذين يعشقونه ولا يتحملون أي كلمة تقال ضده - ولكن أيضا من جانب قطاع عريض من الذين عملوا معه في الأندية المختلفة. وقد تأثرت شخصية هيوز كثيرا عندما شغل منصب المدير الفني لنادي مانشستر سيتي بسبب الإمكانات المادية الهائلة للنادي، وقد اتضح هذا جليا عندما تولى تدريب نادي فولهام وطالب بمقاعد وكراسي أكبر وأفضل وأجهزة كومبيوتر جديدة وتوسيع المكاتب.

وكان هناك بعض الفتور في العلاقة بين هيوز ومديره الفني السابق في مانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون، غير أن هذه العلاقة قد تحسنت عندما رحل هيوز عن نادي مانشستر سيتي، ولم يكن غريبا أن يتذكر فيرغسون بأنه وصف هيوز ذات مرة بأنه «محارب يثق فيه المرء بحياته». والآن، لم يعد أمام فيرغسون سوى أن يعقد آماله في الحصول على اللقب على لاعبه السابق هيوز، الذي كان واحدا من أعظم المهاجمين في تاريخ مانشستر يونايتد، وأن يدعو من أجل أن يكون لاعبو كوينز بارك رينجرز على مستوى الحدث وأن يتمتعوا بنفس ذكاء وقوة وإرادة مديرهم الفني. وقال فيرغسون: «دائما كنت أتمنى لو ضممت مثل هيوز، ولا بد من مصارحة نفسي والقول بأنه تم الإطاحة به من مانشستر سيتي بصورة غير أخلاقية، ولن ينسى هذا».