الميلان يشهد نهاية حقبة مهمة في تاريخه اليوم أمام نوفارا

إنزاغي وسيدورف ونيستا وغاتوزو وزامبروتا يودعون النادي

TT

تعتبر مباراة الميلان ونوفارا اليوم الأحد في الجولة الأخيرة من الدوري الإيطالي نهاية لحقبة طويلة وهامة في تاريخ الميلان. وسوف تشهد المباراة ارتداء نيستا وغاتوزو وإنزاغي وسيدورف وزامبروتا قميص الميلان لآخر مرة. ويمثل هؤلاء اللاعبون أبرز نجوم الميلان خلال السنوات العشر الأخيرة ولا شك أنهم يستحقون التحية والإجلال. وبذل هؤلاء اللاعبون (باستثناء زامبروتا الذي انضم للميلان عام 2008) الكثير من الجهد وقادوا قطار الميلان وسجلوا له الأهداف وربما تشاجروا أيضا من أجل الفريق بين عامي 2002 و2012. وباختصار قدم هؤلاء اللاعبون كل ما لديهم من أجل الميلان ونجحوا أيضا في الحفاظ على وحدته وانسجامه في أوقات الخلاف والصعوبات. ويبدو من الصعب حقا تصور فريق الميلان من دون غاتوزو وسيدورف ونيستا، بغض النظر عن أن بعضهم لم يكن يشارك كثيرا مع الفريق خلال الفترة الأخيرة. فهم لم يكونوا جزءا من الفريق، لكنهم كانوا الفريق نفسه. وهذا هو الفرق بين اللاعب العادي الذي يشارك في الملعب وينتهي دوره واللاعب المتميز الذي يلعب دورا في قيادة فريقه حتى لو لم يشارك أو يلمس الكرة.

ولا يعلم أحد ماهية الاحتفال الذي تجهزه جماهير الميلان الوفية لوداع نجومها، لكن المؤكد أن الشعور بالحنين للماضي هو السائد الآن بين الجماهير وهي ترى نجومها على وشك الرحيل. وليس من الغريب أن نسمع الجماهير وهي تردد هل تذكر تلك المرة التي سدد فيها نيستا الكرة؟ أو تلك التمريرة التي قام بها سيدورف؟ أو ذلك الهدف لإنزاغي؟ وسوف تتذكر الجماهير البطولات التي شارك فيها وحققها هؤلاء النجوم ولعل أبرزها ستكون بطولة دوري أبطال أوروبا عام 2003 وعام 2007. الأولى لأنها مثلت بداية المغامرة عندما نجح الميلان في التغلب على اليوفي بضربات الترجيح، والثانية لأن أحدا لم يكن يتوقع الفوز بها حتى أشد محبي الميلان، إذ تخطى الفريق الكثير من العقبات ليثأر في النهائي من فريق ليفربول الذي خطف منه اللقب عام 2005. ويذكر أنشيلوتي جيدا كلمات لاعبيه وهم يؤكدون له عام 2007 أنهم سيفوزون بالبطولة رغم مواجهتهم لأقوى الفرق الإنجليزية المرشحة للقب في ذلك الموسم.

إن الشيء الأهم في مسيرة هؤلاء اللاعبين مع الميلان هو أن الفوز بدوري الأبطال عام 2007، وكذلك في عام 2003، قد تحقق بفضل ما يطلق عليه «روح الفريق» وبمشاركة جميع اللاعبين في هذين الإنجازين التاريخيين. ورغم أن إنزاغي كان هو نجم نهائي أثينا عام 2007 بإحرازه لهدفين في مرمى ليفربول، ورغم أن غاتوزو كان يركض بحماس وقوة وكأنه في مهمة انتحارية، ورغم أن نيستا وسيدورف لعبا في تلك البطولة واحدا من أفضل مواسمهما على الإطلاق، فإن الفوز والتألق الذي تميز به الميلان كان محصلة لأداء هؤلاء اللاعبين معا، وليس لأداء واحد منهم فقط. لقد كان غاتوزو وسيدورف ونيستا وإنزاغي (ويضاف إليهم زامبروتا في السنوات الأخيرة) هم حجر الزاوية في أداء فريق الميلان خلال السنوات العشر الماضية.

والمعروف أن الزمن لا يرحم أحدا وأن كرة القدم ترتبط بشدة بالسن والجهد والقدرة على العطاء. ويبلغ نيستا وسيدورف من العمر الآن 36 عاما، بينما تجاوز إنزاغي حاجز الـ 39 عاما وغاتوزو، الأصغر بين هذه المجموعة، أصبح في الـ 34 من عمره. لا وجود للخلود في عالم كرة القدم، وينبغي على جميع لاعبيها أن يجيدوا اختيار لحظة الوداع والخروج من الساحة وهم في قمة مستواهم وحب الجماهير لهم. ورغم التأثر الشديد الذي لا مفر منه مع رحيل هؤلاء النجوم، ينبغي أن نقول إنهم فازوا في تلك المباراة أيضا حيث اختاروا التوقيت السليم للرحيل. ولم يكن النجوم الخمسة يستطيعون ترك أفضل مما يتركونه الآن مع نادي الميلان. فقد ترك إنزاغي ورفاقه الكثير من البطولات والذكريات الرائعة وأيضا بعض الشكوك حول قدرة من سيخلفهم في الفريق على القيام بدورهم خير قيام. وينبغي على مسؤولي النادي أن يختاروا بعناية طريق المستقبل بعد رحيل هذه الرموز، ولن يكون الأمر سهلا بأي حال من الأحوال.

وعلى صعيد آخر، حان وقت التغيير في نادي الميلان بعد نحو ربع قرن. وتفكر عائلة برلسكوني حاليا في بيع جزء لا بأس به من أسهم النادي لشركاء آخرين. وهي ليست المرة الأولى التي يتردد فيها مثل هذا الأمر، لكنه في السابق لم يتم أبدا لأن عائلة برلسكوني لم تكن مقتنعة تماما باتخاذ مثل هذه الخطوة ولأن العروض التي كان يتلقاها النادي لم تكن جيدة. وبالنظر إلى أن عائلة برلسكوني تقدر قيمة الميلان بنحو 800 مليون يورو يجب على من يرغب في شراء حصة جيدة من أسهم النادي أن يدفع مبلغا كبيرا، لا يقل بأي حال من الأحوال عن 200 مليون يورو.

40 في المائة. وتؤكد الأنباء الأخيرة أن هناك مجموعة مصرفية كبيرة من خارج إيطاليا يمثلها بعض رجال الأعمال الشرقيين تبدي اهتمامها بنادي الميلان. ولم يتم حتى الآن الإعلان عن أية أسماء أو أرقام، لأن هذه المفاوضات تتم عادة في سرية كبيرة، لكن البعض تحدث عن إمكانية بيع 40 في المائة من أسهم النادي. وفي حالة إتمام هذه الصفقة ستحتفظ عائلة برلسكوني على أية حال بسيطرتها على النادي وسوف يتمتع الميلان باستثمارات جديدة تمكنه من الحصول على الأموال التي يحتاجها سوق الانتقالات والتي لا يحظى بها في الوقت الحالي سوى الأندية الإنجليزية والإسبانية الكبرى. وبضخ أموال جديدة في ميزانية النادي سيتحرر الفريق أيضا من شبح بيع بعض نجومه الذي يثير قلق النجم السويدي إبراهيموفيتش.

وتتساءل عائلة برلسكوني كل عام عن مدى جدوى التدخل لتعديل ميزانية نادي الميلان ودعمه ماديا من أموالها الخاصة. لكن الأمر أصبح معقدا الآن في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها إيطاليا وتعاني منها مجموعة فينينفيست التي تدير نادي الميلان. ولذلك فإن برلسكوني، رغم أنه كان يقول دائما إن الميلان بالنسبة له يمثل مسألة حب وليس مسألة أموال، فإنه لا يمكنه أن يهدر المزيد من الأموال على النادي وينبغي أن يبحث عن شركاء ومساهمين جدد لتوفير الأموال اللازمة.

إن كل طرق البحث عن أموال جديدة لدعم الميلان تؤدي إلى الشرق الأدنى أو الأقصى. وتحدث الكثيرون في السابق عن إمكانية شراء مجموعات اقتصادية عربية لأسهم في نادي الميلان، لكن هناك أيضا المسار الذي يؤدي إلى بورصة هونغ كونغ. ويتردد أيضا أن برلسكوني، الذي يحظى بالكثير من الأصدقاء في الاتحاد السوفياتي السابق، قد اتصل بالفعل ببعض المجموعات الاقتصادية الروسية لمعرفة مدى استعدادها لشراء جزء من أسهم الميلان. لكن هناك عقبة كبيرة أمام المفاوضات وكان سيصبح من الأسهل إقناع مستثمرين جدد بشراء أسهم الميلان لو أن النادي كان يمتلك استادا خاصا به، وهو ما ليس متاحا في الوقت الحالي بالإضافة إلى عدم وجود قطعة أرض لبناء مثل هذا الاستاد أو مشروع لبنائه في المستقبل.