فوز سيتي بالدوري الإنجليزي خطوة أولى نحو الهيمنة الأوروبية

جماهير الفريق رفعت لافتات «شكرا شيخ منصور».. وتأمل استمرار دعمه للفريق

TT

ربما لا يكون هناك من هو أكثر سعادة من الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، رئيس نادي مانشستر سيتي الإنجليزي الذي تابع أكثر المشاهد الدراماتيكية في الجولة الأخيرة للدوري الإنجليزي الممتاز، ورأى فريقه يفوز بالرهان الذي أنفق من أجله 930 مليون جنيه إسترليني.

وشاهد الشيخ منصور لاعبه الأرجنتيني سيرجيو أغويرو وهو يتعرض للاعتداء من جانب نجم خط وسط كوينز بارك رينجرز جوي بارتون، قبل أن ينجح في تسجيل هدف قاتل في الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدلا من الضائع ليقود فريقه للحصول على أول لقب للدوري الإنجليزي الممتاز منذ 44 عاما.

ولم يحضر الشيخ منصور في مدينة مانشستر التي تحولت إلى ضيعته الثانية لكي يشاهد المباراة، ولكن أصبح لزاما عليه أن يتساءل عن الأشياء التي من الممكن أن يجلبها له المال في كرة القدم الإنجليزية.

وإذا كان الفوز في المباراة الختامية بنتيجة 3 أهداف مقابل هدفين والحصول على درع الدوري الإنجليزي يمثل نهاية 4 عقود ونصف العقد عجاف من دون الحصول على أي لقب للدوري الإنجليزي، فالسؤال الآن هو: هل تكون هذه البطولة هي بداية هيمنة مانشستر سيتي على كرة القدم العالمية وتكوين إمبراطورية كبيرة في عالم الساحرة المستديرة؟

إن الفوز بكأس الاتحاد الإنجليزي، ثم حصد لقب الدوري في الموسم التالي يعكس وجود تطور كبير في مسيرة الفريق، على الرغم من خروج الفريق من دور المجموعات في دوري أبطال أوروبا في الخريف الماضي.

لقد شاهد الشيخ منصور بارتون وهو يتعامل مثل «البلطجي» ويتم طرده من الملعب، كما شاهد فريقا مهددا بالهبوط يلعب بـ10 لاعبين ويقاتل بكل قوة أمام فريق مرشح للحصول على اللقب حتى آخر 5 دقائق من الجنون الذي أعاد كتابة التاريخ الرياضي في مدينة مانشستر.

ولك أن تتخيل مدى القوة التي شعر بها الشيخ منصور. وبينما كان جميع عشاق مانشستر سيتي في المدرجات يعانون من بعض الآلام في الصدر وضيق في التنفس ويتساءلون هل تأتي لهم الفرصة مرة أخرى للحصول على اللقب من بين براثن مانشستر يونايتد أم لا، تبددت كل هذه الآلام والشكوك وتحول الحلم إلى حقيقة بعد 44 عاما كاملة. ولو كان الشيخ منصور ظل متابعا للتلفاز الخاص به بعد نهاية المباراة، لشاهد اللاعب الإيطالي المثير للشغب ماريو بالوتيللي ملفوفا بالعلم الإيطالي ويرتدي قبعة تثير الضحك والسخرية، ويقول لمن يجري معه المقابلة: «الناس يتحدثون عني كثيرا، ويقولون الكثير من الأشياء السيئة».

ولأن أهداف سيتي وفقا لخطط الشيخ منصور هي الانطلاق للسيطرة الأوروبية، فلا بد من أجل تحقيق الهيمنة على كرة القدم العالمية بتسلسل منطقي، على الرغم من المشكلة التي حدثت مع المهاجم الأرجنتيني كارلوس تيفيز والشجار الدائم مع بالوتيللي والصعوبة في استيعاب المواهب القادمة من جميع أنحاء العالم وصهرها في بوتقة واحدة.

وكانت فرص مانشستر سيتي في الحصول على اللقب قد تزايدت بشكل كبير عقب الفوز على غريمه التقليدي مانشستر يونايتد ثم الفوز المثير للإعجاب على نيوكاسل يونايتد بفضل الإبداع الرائع لنجم خط وسط الفريق يايا توريه، الذي أصيب في شوط المباراة الأول أمام كوينز بارك رينجرز ووجه ضربة موجعة لفريقه في تلك المباراة الهامة، وبدا الأمر وكأن هذا اليوم لن يكون يوم مانشستر سيتي.

وفي الحقيقة، تذكرنا تلك المباراة بنهائي كأس أوروبا بين مانشستر يونايتد الإنجليزي وبايرن ميونيخ الألماني، التي نجح فيها نجمي مانشستر يونايتد تيدي شيرينغهام وسولشكاير في ترجيح كفة فريقيهما في الدقائق الأخيرة من عمر اللقاء، وهو نفس ما قام به ادين ديزيكو وسيرجيو أغويرو في مباراة كوينز بارك رينجرز، حيث قلبا الطاولة على الجميع وأحرزا هدفين في الوقت المحتسب بدلا من الضائع، بينما كان جمهور الفريق يستعد للدخول في صيف جديد من الحزن والكآبة.

وفي تلك الأثناء، كان المدير الفني لمانشستر سيتي، روبرتو مانشيني، قد فقد أعصابه تماما في الوقت الذي كان يتجه في اللقب باتجاه الغريم التقليدي مانشستر يونايتد. وأصيب لاعبو الفريق بحالة من الشلل الذي حول أي عمل إيجابي إلى خطأ كبير، وبدا الأمر وكأن هذا اليوم سيكون من أتعس الصدمات الرياضية في تاريخ الساحرة المستديرة، ولكن التاريخ تحول مرة أخرى، وتم إنقاذ الفريق عن طريق مهاجمين على طرقي نقيض من بعضهما البعض، الأول هو المهاجم البوسني دزيكو القادم إلى النادي في صفقة بلغت قيمتها 27 مليون جنيه إسترليني، الذي يظهر تأثيره في الفريق على فترات متقطعة ويفتقر إلى التحكم في الكرة بشكل جيد، ولكنه نجح في استقبال كرة ديفيد سيلفا من ضربة الزاوية بشكل رائع ونجح في إحراز هدف التعادل بضربة رأس متقنة وحاسمة، ثم جاء دور نجم الفريق ومهاجم التانغو الأرجنتيني وزوج ابنة أسطورة كرة القدم الأرجنتينية والعالمية دييغو أرماندو مارادونا، الذي نجح في تحويل مسار البطولة في الوقت القاتل.

ونجح أغويرو في خلق مساحة له وسط الدفاعات الحصينة لكوينز بارك رينجرز قبل نهاية الوقت المحتسب بدلا من الضائع بثوان معدودة، وأكد موهبته الفذة التي توهجت بقميص مانشستر سيتي، وكان دائما ما يحرز الأهداف الحاسمة وذكرنا بثنائيته في مرمى سوانزي سيتي في شهر أغسطس (آب) الماضي والثلاثية التي سجلها في شباك ويغان قبل شهر من الآن.

وفي الحقيقة، يختلف أغويرو عن مواطنه وزميله في الفريق كارلوس تيفيز الذي يتسم أداؤه بالتعقيد، حيث إن أغويرو يتميز بالتناسق والقوة البدنية ومعرفة متى وكيف يحول نتيجة أي مباراة. ولو نجح مانشستر سيتي في الحفاظ على أغويرو من إغراءات ريال مدريد الإسباني، فسيكون هو المهاجم الأول الذي سيبني عليه الفريق الإنجليزي خط هجومه خلال السنوات القادمة.

ومن خلال التغيير المستمر، تمكن مانشيني من الوصول للتشكيلة الرئيسية التي يعتمد عليها الفريق خلال المباريات الحاسمة والنهائية، على الرغم من أن المدافع ميكا ريتشارد سيتألم كثيرا لغيابه عن التشكيلة الرئيسية نظرا لإسهاماته الكبيرة في نتائج الفريق خلال الموسم ككل. ولو بدأ الفريق المباراة الأولى له في موسم 2012 - 2013 بنفس هذه التشكيلة، فلن يكون هناك تذمر كبير من قبل جمهور النادي، وسيكون النادي قد امتلك لاعبين أقوياء للغاية على مقاعد البدلاء يمكنهم تقديم الإضافة للفريق وقت الحاجة مثل نيغيل دي يونغ وجيمس ميلنر وألكساندر كولاروف وريتشاردز. وكان الشيء الأكثر تميزا في مانشيني، حسب اعتراف السير أليكس فيرغسون نفسه، هو قدرته على مزج هذه المواهب الفردية في بوتقة واحدة بهدف تقديم أداء جماعي راق على غرار ما كان يقدمه الفريق عام 1968. ومع وضع ذلك في الاعتبار، فقد نجح الفريق الحالي لمانشستر سيتي بقيادة المدافع القدير فينسنت كومباني في تسلم راية الجماعية من العصر الذهبي للفريق عام 1968 بقيادة فرانسيس لي ومايك سمربي وكولين بيل. وعلى الرغم من أن ذلك قد يعد إشارة على الماضي، فإنه قد نجح في فتح الباب على مصراعيه نحو المستقبل والتأكيد على اللاعبين الحاليين أنهم هم المسؤولون عن روح الفريق، ويتعين على كل منهم أن يقرر ما إذا كان سيكتفي بتلك البطولة أم سيقاتل من أجل الحصول على بطولات أخرى والهيمنة على كرة القدم العالمية.

وسيكون المطلوب من مانشستر سيتي الآن أن يغزو أوروبا ويضيف بطولة دوري أبطال أوروبا إلى الغنائم والمكاسب التي حققها على مدى العامين الماضيين.

وعلى الرغم من أن التقدم قد أصبح شيئا إجباريا على مانشستر سيتي، فإن الطريق نحو الهيمنة على كرة القدم الإنجليزية لن يكون مفروشا بالورود في ضوء المنافسة الشرسة من جانب مانشستر يونايتد وتشيلسي وآرسنال.

وعقب اللقاء قال مانشيني، الذي ضمن بقاءه مديرا فنيا للفريق لموسم آخر: «يتعين علينا أن نطور من أدائنا الموسم المقبل عندما نلعب في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا».

وقبل أن تظلم شاشة التلفاز، كان الشيخ منصور قد ألقى الضوء على الكثير من الأشياء التي يجب أن توضع في الاعتبار، وهو يرى جماهير سيتي ترفع لافتات «شكرا شيخ منصور».

وكانت قيادات إماراتية قد أبدت سعادتها بتتويج فريق مانشستر سيتي باللقب الإنجليزي، ووجهت التهنئة إلى الشيخ منصور بن زايد نائب رئيس مجلس الوزراء الإماراتي، مالك النادي الإنجليزي.

وكانت التهنئة الكبرى من الشيخ خليفة بن زايد، رئيس الإمارات، إلى مالك النادي بفوز الفريق، كما هنأ الرئيس الإماراتي «القائمين على الفريق وأعضاء الجهاز الفني واللاعبين على ما بذلوه من جهد خلال الموسم تكلل بهذا الفوز التاريخي الكبير».

ووجه الشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الإمارات حاكم دبي، التهنئة أيضا إلى مالك النادي، وأشاد «بروح الانتصار التي تحلى بها الفريق والقائمون عليه وأعضاء الجهاز الفني واللاعبون حتى تحقق هذا الفوز».