فوز تشيلسي على بايرن اليوم ليس صعبا

استغلال حالة الإحباط بعد الهزيمة القاسية أمام دورتموند في نهائي كأس ألمانيا عامل قوي

TT

تكتسي مدينة ميونيخ الألمانية باللونين الأحمر والأبيض اللذين يمثلان قميص بايرن ميونيخ، استعداد لنهائي دوري أبطال أوروبا الذي يجمع العملاق البافاري بتشيلسي الإنجليزي، أما معسكر بايرن ميونخ فتسوده حالة من الإحباط والروح المعنوية المنخفضة عقب الهزيمة القاسية في نهائي كأس ألمانيا بخمسة أهداف مقابل هدفين أمام حامل لقب الدوري الألماني «البوندزليغا» بروسيا دورتموند.

وفي محاولة لإزالة آثار تلك الهزيمة القاسية، قال رئيس نادي بايرن ميونخ أولي هونيس لصحيفة «سودويتشه تسايتونج» الألمانية يوم الأربعاء: «ربما يكون الحزن على فقدان الكأس هو شيء أصبح في الماضي في الوقت الراهن». وكانت هذه الهزيمة الثقيلة بمثابة ضربة موجعة لبايرن ميونخ الذي فقد الكثير من ثقته بنفسه للدرجة التي جعلت وسائل الإعلام الألمانية لا تتعامل مع العملاق البافاري على أنه الفريق الأقوى في ألمانيا. ومع ذلك، لا يزال بايرن ميونخ ندا قويا لأي فريق بكل تأكيد.

وطبقا لرافائيل هونغستاين خبير كرة القدم الألمانية في تحليله لـ«بي بي سي سبورت»، فإن أداء الخط الخلفي للعملاق البافاري وحارس مرماه لم يخل من بعض التذبذب طوال الموسم، ومع ذلك لم تهتز شباك الفريق في الدوري الألماني سوى 22 مرة فقط، وهو ما يعني أنه يتم المبالغة كثيرا في المشكلات الدفاعية التي يعاني منها الفريق. وعلى الرغم من ذلك، سيتعين على المدير الفني للفريق يوب هاينكس إدخال بعض التعديلات والتغييرات في صفوف الفريق الذي سيخوض المباراة النهائية أمام تشيلسي، حيث يفتقد العملاق البافاري لجهود مدافعه القوي هولغر بادشتوبر للإيقاف والمدافع البلجيكي دانيال فان بويتن بداعي الإصابة، وهو ما يعني مشاركة لاعب نجم خط الوسط الأوكراني أناتولي تايموتشاك في مركز قلب الدفاع.

إن إرسال كرات طويلة لدروغبا لكي يلدغ بها خصومه قد أثبتت نجاحا باهرا خلال مباراتي الذهاب والعودة بين بايرن ميونخ وتشيلسي في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا في موسم 2004 – 2005، اللتين انتهتا بفوز البلوز في مجموع اللقاءين بستة أهداف مقابل خمسة، ونجح الفيل العاجي في تسجيل هدفين آنذاك. ويعاني بايرن ميونخ من مشكلات كبيرة في خط الدفاع، وما يزيد الأمر سوءا هو أن مدافع الفريق جيروم بواتينغ، لاعب مانشستر سيتي السابق، دائما ما يفقد تركيزه أثناء الفترات المهمة والحرجة من اللقاء، ولا يستطيع القيام بنفس الواجبات التي يقوم بها هولغر بادشتوبر الذي يغيب عن المباراة بداعي الإيقاف.

ويشارك دييغو كونتينتو في مركز الجناح الأيسر ليحل محل ديفيد ألابا الذي يغيب عن اللقاء بداعي الإيقاف أيضا. ويتميز كونتينتو البالغ من العمر 22 عاما بالنشاط والحيوية، ولكن هناك الكثير من علامات الاستفهام حول قدرته على الوفاء بمهام وواجبات ذلك المركز، وهو ما سيكون نقطة ضعف كبيرة في الفريق. وعلى النقيض تماما، تمثل الجبهة اليمني للفريق قوة هجومية هائلة بقيادة قائد الفريق فيليب لام، الذي وضعه المدير الفني لتشيلسي روبرتو دي ماتيو ضمن الأسلحة الهجومية الأبرز في بايرن ميونخ، جنبا إلى جنب مع النجم الفرنسي فرانك ريبيري والهولندي أرين روبن وماكينة الأهداف الألمانية ماريو غوميز.

ويلعب لام بشكل رائع ومجهود وفير يجعلك تشعر وكأنه آلة أو ماكينة داخل الملعب، ولا يتوانى عن تقديم الدعم للنجم الهولندي روبن على الجناح الأيمن، ولذا يتعين على تشيلسي إغلاق الجهة اليمنى أمام انطلاقاته ومنعه من تمرير الكرات العرضية الرائعة داخل منطقة الجزاء بين حارس المرمى بيتر تشيك وخط دفاعه. وعلاوة على ذلك، فإن عودة تايموتشاك إلى الخط الخلفي سوف تجعل بايرن ميونخ يلعب من دون لاعب خط وسط قادر على الإمساك بزمام الأمور، ولا سيما في ضوء غياب النجم البرازيلي لويس غوستافو أيضا بداعي الإيقاف. ومن المؤكد أن توني كروز وباستيان شفانيشتيجر سوف يكونان قادرين على سد هذا الفراغ في قلب الملعب، ولكنهما لن يكونا قادرين على تقديم الدعم الدفاعي للخط الخلفي.

وسيعمل لاعبو تشيلسي، ولا سيما النجم الإسباني خوان ماتا، على استغلال تلك المساحات الشاسعة بين خطوط لاعبي بايرن ميونخ. وسوف يلعب توماس مولر مكان غوستافو في وسط الملعب، وهو ما سيؤدي إلى مشكلات أكبر للفريق لأن مولر يعد مهاجما وليس لاعب خط وسط مهاجما. ونتيجة لتلك التغييرات الإجبارية، قد يكون بايرن ميونخ أقوى من الناحية الهجومية، ولكن ذلك سوف يعطي لتشيلسي فرصة كبيرة للسيطرة على خط الوسط، لأنه سيكون لديه تفوق عددي في هذا المكان.

وإذا كان الفريق اللندني له الأفضلية في خط الوسط، فسوف يواجه مشكلات كبرى على جانبي الملعب في ظل امتلاك العملاق البافاري للاعبين من العيار الثقيل في هذين المركزين وهما الفرنسي ريبري والهولندي روبن، القادران على فتح ثغرات كثيرة على جانبي الملعب، ما لم يحصل ظهيرا الجنب في تشيلسي على الدعم الكافي من لاعبي خط الوسط.

ومن الممكن أن يركز بايرن ميونخ على شن الهجمات على الظهير الأيمن لتشيلسي جوزيه بوسينغوا، من خلال إعطاء روبين ولام ومولر وريبيري تعليمات بالتركيز على اللعب في ذلك المكان. وسيكون تشيلسي في حاجة لإغلاق المساحات أمام هؤلاء اللاعبين الذين يتمتعون بسرعات كبيرة للغاية، حتى ولو بدا الأمر في بداية اللقاء وأنهم يلعبون في مكان واحد من دون خطة تكتيكية واضحة. ومن المعروف أن مهاجم بايرن ميونخ ماريو غوميز لا يقدم أداء جماليا، ولكنه سيكون المصدر الأكبر للخطورة على شباك تشيلسي، ويكفي أنه قد أحرز 41 هدفا في كل المسابقات في الموسم الحالي، من بينها 12 هدفا في دوري الأبطال. إنه مهاجم لا يخطئ أمام المرمى ويستغل أنصاف الفرص ودائما ما يظهر في الوقت المناسب والمكان المناسب.

ودائما ما تعتمد طريقة اللعب التي يتبعها بايرن ميونخ على امتلاك الكرة لأطول فترة ممكنة، ولكن عدم وجود مولر في وسط الملعب يجعل الفريق غير قادر على تنفيذ تلك الطريقة بالفاعلية المطلوبة. ويتعين على تشيلسي الاعتماد على الهجمات السريعة من خلال الحصول على الكرة وتمريرها بسرعة كبيرة لضرب خط وسط بايرن ميونخ. إن الهزيمة القاسية التي تلقاها الفريق في نهائي كأس ألمانيا، ستجعل بايرن ميونخ يلعب بحذر أكبر، ولا سيما في ضوء غياب لاعب خط الوسط القادر على التحكم في إيقاع المباراة.

ويتعين على تشيلسي أن يستغل هذا الحذر من خلال عزل روبن وريبري على طرفي الملعب ومنع وصول الكرة إلى مولر وغوميز. ودائما ما يكون الهدف الأول مهما للغاية في نهائي دوري أبطال أوروبا. وفي الحقيقة، يحتاج بايرن ميونخ إلى إحراز هذا الهدف أكثر مما يحتاجه أي فريق آخر، مع العلم بأن بايرن ميونخ قد نجح مرة واحدة فقط خلال الموسم الحالي في العودة إلى أجواء اللقاء وتحقيق الفوز بعدما تهتز شباكه أولا، إذا ما استثنينا مباراة نصف نهائي دوري أبطال أوروبا أمام ريال مدريد، التي فاز فيها الفريق بركلات الجزاء الترجيحية. وما إن تهتز شباك الفريق أولا، حتى يفقد روبن وريبري الصبر، وتتغير الحالة المزاجية لغوميز عندما لا تسير الأمور على ما يرام. وقد نفى لاعبو بايرن ميونخ أن يكون على كاهلهم مزيد من الضغوط لأن المباراة النهائية تقام في ميونيخ، ولكن الشيء المؤكد هو أن الجمهور لن يهدأ إذا ما ظهر تشيلسي بشكل قوي وسيطر على مجريات اللقاء. وكلما حافظ تشيلسي على تفوقه في اللقاء لأطول فترة ممكنة، فسيفقد لاعبو بايرن ميونخ تركيزهم.