دي ماتيو.. منقذ تشيلسي

البطل الذي قاد الفريق لاعبا ومدربا لانتصارات تاريخية

TT

روبرتو دي ماتيو.. رجل الإنقاذ الذي لا تنساه ولن تنساه جماهير فريق تشيلسي الإنجليزي أبدا، هو صاحب الهدف الصاروخي الذي قاد الفريق للفوز بكأس إنجلترا عام 1997، وفي الموسم التالي سجل هدفا ساهم في تتويج تشيلسي أيضا ببطولة الأندية الأوروبية (أبطال الكأس)، لكن إنجازه أول من أمس كمدرب قد يكون الأروع له ولناديه لأنه الأول في تاريخهما في دوري أبطال أوروبا.

عندما تولى المدرب الإيطالي روبرتو دي ماتيو منصب المدير الفني المؤقت لنادي تشيلسي، كان الفريق يقف على أعتاب بوابة الخروج من بطولة دوري أبطال أوروبا لكرة القدم. وكانت هزيمة تشيلسي أمام نابولي الإيطالي 1 / 3 في ذهاب دور الستة عشر في الماضي بمثابة المسمار الأخير في نعش البرتغالي أندري فيلاش بواش الذي أقيل من منصب المدير الفني بعدها.

وتحت قيادة دي ماتيو، 41 عاما، قلب تشيلسي الموازين حيث توج بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي بالفوز على ليفربول 2 / 1 قبل أن يحرز لقب دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه على حساب بايرن ميونيخ 4 / 3 بضربات الجزاء الترجيحية. وقاد دي ماتيو بذلك الفريق إلى تحقيق اللقب الذي طالما انتظره الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش مالك النادي الإنجليزي.

وأكد دي ماتيو المولود في سويسرا لعائلة إيطالية، الذي أحرز الكثير من الألقاب بقميص تشيلسي ما بين 1996 و2002 قبل أن تجبره الإصابة على الاعتزال، أنه مدرب يمتلك الرؤية ويستحق أن ينال التقدير الكامل لما قدمه وحققه على غير ما كان يتوقع المراقبون.

وقاد دي ماتيو فريق تشيلسي إلى الفوز على نابولي 4 / 1 في إياب دور الستة عشر بدوري الأبطال، ثم الفوز على بنفيكا البرتغالي في دور الثمانية، والإطاحة ببرشلونة الإسباني حامل اللقب من الدور قبل النهائي، قبل أن يصعد بالفريق إلى منصة التتويج على حساب بايرن ميونيخ.

وفي مباراة إياب الدور قبل النهائي أمام برشلونة في إسبانيا، وكذلك المباراة النهائية أمام بايرن، دفع دي ماتيو بالنجم العاجي الدولي ديديه دروغبا بمفرده في الهجوم أمام فريق يعتمد على الصمود الدفاعي، مؤكدا على أنه رجل من خريجي المدرسة الإيطالية الدفاعية التي كثيرا ما قهرت أعتى المهاجمين.

وقال دي ماتيو، الذي سبق أن لعب لعدة فرق سويسرية قبل الانتقال إلى لاتسيو الإيطالي ومنه إلى تشيلسي: «عندما توليت تدريب الفريق كانت أولى مهامي هي إعادة الثقة للاعبين من جديد، قلت لهم إنهم لاعبون من طراز عالمي ولا يمكن أن يخسروا الكثير خلال فترة قصيرة. كانوا بحاجة إلى الثقة بأنفسهم. عملت معهم على الجوانب الخططية والبدنية والذهنية، وقد أتى ذلك بثماره». وبعد أن قاد تشيلسي إلى الفوز بلقبين خلال أسبوعين، لم يكن مفاجئا أن يطالب اللاعبون ببقائه في منصب المدير الفني للفريق بعد نهاية الموسم.

وقال النيجيري جون أوبي ميكيل مدافع الفريق: «جميع اللاعبين يؤيدون بقاءه في منصب المدير الفني. كذلك طالب القائد جون تيري، وهو واحد من اللاعبين الأربعة الذين غابوا عن صفوف تشيلسي في مباراة أمس بسبب الإيقاف، مسؤولي النادي بإبقاء دي ماتيو في المنصب. وقال تيري: «لقد قام بعمل جيد، ونحن جميعا نريد بقاءه».

وبالتواضع الذي اتسم به منذ أن كان لاعبا، أوضح دي ماتيو أنه يرغب في الاستمرار في المنصب حتى بعد الفوز في ميونيخ. وأضاف دي ماتيو: «أي شيء يريده النادي سأحترمه.. إنني ببساطة لا أعرف ما في المستقبل، ولكنني سأتقبل ما يحمله لي. وقبل أي شيء سأحصل على فترة إجازة لأنني بحاجة إلى ذلك حقا».

ورفض دي ماتيو الحديث عن مستقبله الكروي رغم ما تردد عن أن مالك النادي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش يسعى لتعيين الإسباني جوسيب غوارديولا مدرب برشلونة السابق على كرسي تدريب الفريق اللندني، أو الإيطالي الآخر فابيو كابيللو. لكن بعد تحقيق دي ماتيو حلم مالك النادي بإحراز اللقب أصبح من الصعب على أبراموفيتش تجاهل الأصوات التي تطالب ببقائه في منصبه مدربا أصيلا.

وعانق أبراموفيتش بحرارة المدرب الشاب خلال صعود الأخير لتسلم الكأس في مدرجات ملعب «اليانز ارينا»، في وقت ظهر فيه دي ماتيو المتحفظ يقول له بحرارة أيضا: «لقد فزت بها (الكأس)».

وقال دي ماتيو بعدما قلب فريقه تأخره في الدقائق القاتلة إلى فوز غير متوقع: «ما أناقشه مع المالك لا أناقشه علنا. أنا سعيد بالدور الذي لعبته، وأيا كان ما سيحمله المستقبل لي، سأقبل به».

وكان دي ماتيو الذي استهل مسيرته التدريبية مع فريق ميلتون كينز دونز الإنجليزي (درجة ثالثة) ووست بروميتش البيون في الدوري الممتاز، وفيا للمدرب السابق فيلاش بواش، وقال: «إنه يستحق الشكر، أنا ممتن له كثيرا لأنه استدعاني للعمل معه. لدينا علاقة ممتازة».

وعن ضمان الفريق بطاقة التأهل إلى المسابقة القارية الموسم المقبل على حساب مواطنه توتنهام، قال: «سيغير هذا الأمر كثيرا مستقبل النادي. إنها ضربة مزدوجة لنا، إنما من الناحية الإيجابية».

وكان دي ماتيو الذي نشأ في بيئة رياضية وتعلم كرة القدم مع فريق شافهاوسن السويسري قبل الانتقال إلى نادي أراو ليفوز معه بلقب الدوري السويسري عام 1993، حيث اختير أيضا أفضل لاعب في البطولة. ولفت دي ماتيو أنظار الأندية الإيطالية، وانتقل إلى لاتسيو ليصبح أحد الأعمدة الرئيسية في تشكيلة الفريق ولينضم إلى صفوف المنتخب الإيطالي، إلا أن خلافات مع مدربه في ذلك الوقت جعلته يترك فريق العاصمة الإيطالية لينتقل إلى تشيلسي الذي كان يقوده المدرب الهولندي الشهير رود خوليت.

وفي تشيلسي كانت انطلاقة دي ماتيو المدوية، فسجل في مباراته الأولى أمام ميدلزبره، وأنهى موسمه الأول برصيد 9 أهداف، رغم أنه كان يلعب في مركز لاعب الوسط المدافع.

وكان لدى ماتيو دور حاسم في فوز تشيلسي بكأس إنجلترا عام 1997 عندما سجل هدفا صاروخيا بتسديدة بعيدة المدى استقرت في شباك ميدلزبره بعد 42 ثانية فقط من انطلاق الشوط الأول ليفوز الفريق 2 – صفر في النهاية. وفي الموسم التالي ساهم دي ماتيو في إحراز فريقه بطولة الأندية الأوروبية (أبطال الكأس)، كما سجل هدفا في المباراة النهائية لكأس رابطة المحترفين الإنجليزية أمام ميدلزبره أيضا. وفي موسم 2000 عاد دي ماتيو ليمارس هوايته خلال المباريات النهائية وسجل هدفا تاريخيا في مرمى استون فيلا ليتوج فريقه بطلا للكأس.

واضطر النجم الإيطالي الدولي للاعتزال في وقت مبكر عام 2002 وعمره 31 سنة فقط، بعدما تعرض لكسر في ساقه خلال مباراة بمسابقة كأس الاتحاد الأوروبي، ابتعد على أثرها عن الملاعب 18 شهرا قبل أن يهجر الكرة.

وخلال مسيرته مع تشيلسي لعب دي ماتيو 175 مباراة أحرز خلالها 26 هدفا، وتم اختياره ضمن التشكيلة المثالية للنادي عبر تاريخه، كما أن دي ماتيو مثل منتخب إيطاليا في 34 مباراة دولية، وشارك معه في كأس أوروبا 1996 وكأس العالم 1998.