فان بيرسي الهولندي.. ومحاولة لعدم تكرار مأساة ميسي مع الأرجنتين

يأمل أن لا يوضع اسمه في سجل الكبار الذين أخفقوا مع منتخبات بلادهم

TT

سيكون مهاجم آرسنال الإنجليزي روبن فان بيرسي أمام فرصة الخروج من ظل زميليه في المنتخب الهولندي ويسلي شنايدر وآريين روبن عندما يخوض «البرتقالي» نهائيات كأس أوروبا 2012 المقررة في كل من بولندا وأوكرانيا. ويدخل فان بيرسي إلى البطولة القارية بمعنويات مرتفعة جدا بعد الموسم الاستثنائي الذي قدمه مع آرسنال حيث توج بلقب هداف الدوري الإنجليزي (30 هدفا في 38 مباراة) مما ساهم في إحرازه جائزة أفضل لاعب في الدوري الممتاز.

وفرض فان بيرسي نفسه من أبرز نجوم القارة العجوز خلال الموسم المنصرم واضعا خلفه الإصابات المتكررة التي حرمته من المشاركة في أكثر من 25 مباراة خلال موسم 2010 - 2011 من الدوري الإنجليزي، وهو يضع الآن نصب عينيه أن ينقل تألقه إلى الساحة الدولية عبر فرض نفسه النجم المطلق لمنتخب بلاده بعد أن اكتفى بتسجيل هدف واحد خلال مونديال جنوب أفريقيا 2010 الذي وصل فيه «البرتقاليون» إلى النهائي قبل أن يخسروا أمام الإسبان (صفر - 1 بعد التمديد). وستكون نهائيات بولندا وأوكرانيا 2012 البطولة الكبرى الرابعة لفان بيرسي مع المنتخب الوطني بعد أن كان ضمن التشكيلة التي خاضت أيضا نهائيات مونديال 2006 وكأس أوروبا 2008، لكنه يسعى هذه المرة أن يستفيد من النضوج الذي وصل إليه، لكي يكون عنصرا مؤثرا جدا في المنتخب الذي سيعتمد بقيادة المدرب بيرت فان مارفييك على مهاجم وحيد في المقدمة ما سيدخل نجم آرسنال في منافسة مع هداف الدوري الألماني يان كلاس هونتيلار الذي تفوق عليه في التصفيات من خلال تسجيله 12 هدفا، مقابل 6 للأول.

أما في حال قرر فان مارفييك إشراك اللاعبين معا فسيضطر فان بيرسي إلى اللعب كجناح أيمن أو مهاجم مساند وهما مركزان لا يحبذهما ولم يعتد على شغلهما في فريقه آرسنال، لكن من المرجح أن يكون فان بيرسي المهاجم الأساسي في مباريات منتخب بلاده الثلاث في الدور الأول أمام الدنمارك وألمانيا والبرتغال، مما سيمنحه فرصة فرض نفسه وإلا فسيضطر إلى أن يترك مكانه لهونتيلار. وقد تحدث المهاجم البالغ من العمر 28 عاما عن وضعه في آرسنال والمنتخب قائلا: «اللعب مع المنتخب الوطني يختلف عن تمثيلك لناديك. مع آرسنال أتمرن مع الشبان (زملائه) كل يوم لكن مع المنتخب يحصل هذا الأمر في فترات متقطعة ولفترة قصيرة. لا يمكنك مقارنة الأمرين». وواصل «لكن الوضع يصبح مختلفا مع اقتراب بطولة معينة لأنه يصبح أمامنا المزيد من الوقت من أجل خوض التمارين معا واللعب معا والاعتياد على بعضنا...».

ويأمل فان بيرسي أن لا يختبر ما حصل معه في مونديال جنوب أفريقيا حيث تسبب الإحباط الذي شعر به جراء فشله أمام المرمى، بالدخول في مشادة مع مدربه بعد أن قرر الأخير إخراجه من الملعب في مواجهة الدور الثاني أمام سلوفاكيا. ولم يقدم فان بيرسي شيئا يذكر في نهائيات جنوب أفريقيا مقابل تألق شنايدر وروبن، لكنه تأثر حينها بشكل كبير بالموسم «الأسود» الذي أمضاه في الدوري الإنجليزي حيث تعرض لإصابة في كاحله أبعدته عن الملاعب من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أبريل (نيسان).

ويسعى مهاجم آرسنال الذي سجل هدفا وحيدا كان في مرمى الكاميرون (2 - 1) خلال الجولة الأخيرة من الدور الأول عندما كان منتخبه قد ضمن تأهله في الجولة السابقة، لتعويض ما فاته ويملك هذا اللاعب الذي قارنه مدربه الفرنسي في النادي اللندني أرسين فينغر بالأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو، فرصة أن يخرج من ظل روبن وشنايدر الذي كان محط تركيز نجم آرسنال وسببا لتوتر علاقته مع فان مارفييك بعدما كشفت وسائل الإعلام الهولندية أنه سأل مدربه بعد إخراجه أمام سلوفاكيا: «لماذا تخرجني أنا؟ لماذا ليس شنايدر؟».

ولم تكن هذه المرة الأولى التي يتسبب فيها فان بيرسي بتوتير أجواء المنتخب لأن الأمور لم تكن على ما يرام في المعسكر البرتقالي خلال كأس أوروبا 2008 أيضا حيث دخل في جدال مع شنايدر بالذات حول من سينفذ الركلات الحرة التي سيحصل عليها المنتخب، ثم طالت تصريحاته زميله الآخر ديرك كاوت قبيل انطلاق نهائيات مونديال 2010 عندما قال بأن التشكيلة الهجومية المثالية للمنتخب هي بوجود الأربعة «الكبار» رافايل فان در فارت وشنايدر وروبن و...فان بيرسي. لكن لكي يكون لاعب آرسنال بين الأربعة الكبار عليه أن يستغل الفرصة المتاحة أمامه في كأس أوروبا 2012 من أجل أن يؤكد أحقيته في أن يكون أساسيا وأن يخرج من ظل شنايدر وروبن عبر المساهمة الفعلية في قيادة منتخب بلاده إلى لقبه القاري الثاني الذي سيكون اللقب الأغلى والأثمن في خزانة هذا اللاعب الذي لا يزال يبحث عن طريقه نحو المجد. فالسيرة الذاتية للاعب فيينورد روتردام السابق ليست قريبة ولا حتى من بعيد من سيرة شنايدر أو روبن، إذ إنه ومنذ فوزه مع فيينورد بلقب كأس الاتحاد الأوروبي عام 2002، لا يتضمن سجله سوى لقب كأس إنجلترا مع آرسنال عام 2005، وهو يلهث وراء الألقاب التي تتناسب مع سمعته وموهبته الكبيرة. لعب فان بيرسي في صفوف منتخبي تحت 19 سنة وتحت 21 سنة، واختير أفضل لاعب واعد في موسم 2001 - 2002 على الرغم من عدم تسجيله أي هدف في الدوري الهولندي، ثم نجح في تسجيل 14 هدفا في الموسمين التاليين، لكنه كان على خلاف مع مدربه حينها.. فان مارفييك.

انضم فان بيرسي في صيف 2004 إلى فريق المدفعجية بقيادة فينغر الذي كان واثقا من أنه حصل على خليفة الهولندي الشهير دينيس بيرغكامب. أوكلت إلى فان بيرسي مهام جديدة بعد رحيل الفرنسي تييري هنري إلى برشلونة الإسباني، لكنه لم يؤكد ثقة مدربه به إلا موسم 2008 - 2009 بتسجيله 11 هدفا في الدوري المحلي وخمسة أهداف في دوري أبطال أوروبا. لكن الإصابة التي أبعدته عن الملاعب لخمسة أشهر حرمته من مواصلة تألقه مع الفريق اللندني خلال موسم 2010 - 2011 إلا أنه استعاد لياقته في الوقت المناسب ليوجد مع المنتخب في جنوب أفريقيا.

أما بالنسبة للموسم المنصرم، فقدم فان بيرسي أفضل مستوياته وقد توج جهوده مع فريقه آرسنال باختياره أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي. ويبدو أن النجم الهولندي يسير على خطى الفرنسي تييري هنري بعدما حول «ستاد الإمارات» إلى حديقته الخاصة بمساهمته في إعادة فريقه آرسنال إلى مستواه المعهود بعد بداية موسم مخيبة جدا وقاده لاحتلال المركز الثالث المؤهل مباشرة إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل. وأكد فان بيرسي لمدربه فينغر أن بإمكان الأخير الاعتماد عليه تماما بعد رحيل الثنائي الإسباني سيسك فابريغاس والفرنسي سمير نصري إلى برشلونة الإسباني ومانشستر سيتي على التوالي وذلك بتسجيله 37 هدفا في جميع المسابقات التي خاضها.

«روبن من عالم آخر، هو ليس بحاجة إلى فرصتين أو ثلاث بل واحدة تكفيه من أجل التسجيل»، هذا ما قاله المدافع الكاميروني ألكسندر سونغ عن زميله الهولندي في «المدفعجية»، مضيفا «هذا هو الفارق بين اللاعبين الجيدين جدا واللاعبين الكبار جدا. هو من اللاعبين الكبار جدا جدا في العالم». ومما لا شك فيه أن فان بيرسي لاعب كبير جدا لكن التاريخ مليء بالنجوم الكبار الذين تألقوا على صعيد الأندية وفشلوا في الارتقاء إلى نفس المستوى على صعيد المنتخب الوطني، وآخر الأمثلة ليونيل ميسي بالذات، وبالتالي سيسعى نجم آرسنال خلال الصيف المقبل أن لا يسجل اسمه في سجل الكبار الذين كانوا رقما منسيا في البطولات الكبرى.