لسعة «نصراوية» تعيد أديلايد الأسترالي إلى واجهة التحدي الآسيوي من جديد

«الشرق الأوسط» تستعرض تاريخ الفريق الأحمر من عصر الانسحابات إلى التألق «القاري»

TT

حتى قبل شهر أغسطس (آب) من عام 2003 لم يكن لدى أهالي مدينة أديلايد الهادئة جنوبي استراليا أي فكرة بخصوص إنشاء فريق كرة قدم جديد بجانب فريق المدينة أديلايد سيتي لينافس في دوري كرة القدم الوطني، إلا أن الإعلان المفاجئ من قبل عدد من مسؤولي فريق أديلايد سيتي ولاعبيه بخصوص انسحابهم من المشاركة بالدوري أبقى أهالي المدينة البالغ تعداد سكانها 1.3 مليون نسمة في حيرة من أمرهم، كون ذلك يعني ابتعاد المدينة عن الوجود في المنافسات الكروية المحلية لأول مرة منذ انطلاق الدوري عام 1977.

وفي غضون فترة زمنية تقدر بأقل من أسبوعين، شكل أهالي أديلايد فريقهم الجديد (أديلايد يونايتد) وسط مخاوف عديدة من قبل الأهالي حول مقدرة الفريق حمل التركة الثقيلة التي خلفها الفريق السابق، لكن كل تلك المخاوف تبددت عندما استطاع الفريق الأحمر الناشئ التغلب على نظيره بريزبان سترايكرز بهدف نظيف في أول الاختبارات التي لاقاها وأمام 16 ألفا من أهالي أديلايد الذين حضروا المواجهة الأولى تلك، وبعدها استمر الفريق بتحقيق الانتصارات وضرب رقما قياسيا بلعبه 7 مباريات دون هزيمة ليحصل على المركز الثالث في دوري ذلك العام ويصل إلى نهائيات خروج المغلوب ويخسر أمام فريق بيرث غلوري.

في الموسم اللاحق وفي باكورة نسخ الدوري الجديد المستحدث قبل فترة بسيطة تحت مسمى «هيونداي أي ليج» بعد قرار إيقاف الدوري الوطني، استطاع الفريق الجنوبي الحصول على المركز الأول في الدوري بفارق 7 نقاط عن صاحب المركز الثاني سيدني إف سي، ولكن ذلك النجاح لم يستمر في نهائيات خروج المغلوب حيث ثأر فريق سنترال كوست مارينز لهزيمته في الدور الأول أمام أديلايد وأخرجه من الدور النصف النهائي قبل خسارته أمام سيدني إف سي في المباراة النهائية.

وفي الموسم الذي يليه لم يستطع فريق أديلايد كسر هيمنة عدوه اللدود ملبورن فيكتوري عليه حيث أنهى الموسم ثانيا بفارق 11 نقطة عنه في الدوري بعد هزيمتين 2-0 و3-1 قبل أن يقصيه في النهائي بهدف وحيد ويشاركه الرحلة الآسيوية في الموسم التالي لأول مرة.

ويعد موسم 2008 - 2009 الأنجح في مسيرة الفريق الأحمر حيث استطاع الحصول على المركز الثاني في بطولة دوري أبطال آسيا بعد خسارته من غامبا أوساكا بمجموع مباراتين 5-0 في المباراة النهائية وحلوله خامسا في بطولة أندية العالم بعد فوزه على الأهلي المصري بهدف وحيد، ولا يلغي ذلك النجاح عجزه عن الفوز في البطولة المحلية وبقاؤه تحت خصمه اللدود ملبورن فيكتوري الذي طار إلى البطولة الآسيوية.

وفي العام الماضي قدم أديلايد يونايتد مستوى فنيا رائعا تحت إدارة الهولندي ريني كوولين حيث حل ثالثا في الدوري الأسترالي وخرج من دور الـ16 الآسيوي قبل أن تقوم الإدارة بعمل استقطابات لتعزيز صفوف الفريق، حيث كانت أولى تلك الصفقات هي جلب المدافع الدولي جون ماكين من صفوف النصر السعودي بعدما أنهى الأخير عقده، ولاعب الوسط البرتغالي ريكاردو دا سيلفا من فريق أديلايد سيتي في الدرجة الثانية ولاعب الوسط الشاب أسامة مالك و12 لاعبا آخرين، وذلك للمنافسة بشكل أقوى على الدوري الأسترالي الذي بقي بعيدا عن خزائن الفريق.

وبعد عشاء جمع منسوبي النادي في إحدى الليالي تم إعلان الأسترالي الدولي جون ماكين قائدا للفريق نظرا لخبرته الجيدة مع منتخب استراليا وتجاربه المتعددة في رومانيا والسعودية، مع وضع الحارس جيلاكوفيتش قائدا ثانيا، قبل أن تعلن الإدارة أنها أشترت مجمعا سكنيا لتحويله إلى مقر تدريب دائم للفريق وهذا في سبيل الإصلاحات الفنيّة والإدارية التي تقوم بها، لكن الجهود المبذولة لم تأتِ بثمارها على الإطلاق حيث بدأ الفريق مشواره في هذا الدوري بهزيمة غريبة أمام فريق بيرث غلوري بهدف نظيف، وعلى الرغم من انتصاره على فريق ملبورن فيكتوري بهدف فإن الفريق عاد لدوامة الخسائر أمام سيدني قبل السقوط المريع أمام بطل الموسم الفائت بريزبان روار بسباعية، لتتم إقالة مدربه الهولندي في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وتعيين المدرب السابق جون كوسمينا الذي سبق له تدريب الفريق بين عامي 2003 - 2007، ليكون أول القرارات تجريد ماكين من شارة القيادة وتعيين جيلاكوفيتش قائدا، وهو القرار الذي سبب نوعا من الحزازة بين المدافع الاسترالي ومدربه لفترة من الوقت قبل أن يصاب ويبتعد عن الفريق لشهرين.

تعيين كوسمينا لم يأتِ بجديد حيث انتصر الفريق في 3 مباريات فقط وهزم في 7 وضعته في المرتبة التاسعة، إلا أن ذلك الترهل المحلي لم يظهر في بطولة دوري أبطال آسيا حيث استطاع الفريق الفوز في 4 مباريات والتعادل في مباراة وحيدة وخسارة مثلها في المجموعة الخامسة التي ضمته إلى جانب بوهانغ ستيلرز الكوري وغامبا اوساكا الياباني وبونيدكور الأوزبكي، قبل إقصاء ناغويا غرامبوس بهدف ماكين لاعب النصر السعودي سابقا يوم الثلاثاء الفائت وتجاوزه المرحلة التي وقف عندها في النسخة السابقة.

يذكر أن المدرب كوسمينا اعتمد منذ توليه الإدارة الفنية على أسلوب لعب تقليدي حيث كان مخلصا دوما لطريقة 4 - 4 - 2 بوجود رأس الحربة الهدّاف الهولندي سيرجيو فان ديك وخلفه الأسترالي الدولي بروس ديت وبوجود الاستراليين زينون كارفيلا على الجناح الأيمن وايان رامسي على الجناح الأيسر، ومن خلفهم أسامة مالك في الوسط.

ويعتبر الفريق الأحمر من الفرق ذات الكثافة الجماهيرية العالية حيث بلغ متوسط الحضور الجماهيري للفريق هذا الموسم على ملعب الفريق الرسمي ملعب هندمارش ذي الطاقة الاستيعابية البالغة 16 ألف مقعد ما يقارب الـ10 آلاف مشجع، فيما كان أعلى رقم هو رقم مباراة ملبورن فيكتوري الذي بلغ 15 ألف مشجع.