غياب ديسترو ورانوكيا عن قائمة إيطاليا.. وبونوتشي يرسخ قدميه

الآزوري قد يخصص جزءا من مكافآت أمم أوروبا للمتضررين من الزلزال

TT

في عالم كرة القدم الإيطالية قد يثار الجدل لأسابيع متتالية حول ضربة جزاء أو تسلل، ولكن في وقت الاستدعاء للمنتخب الإيطالي يحدث كل شيء في صمت. فقد أعلن تشيزاري برانديللي، المدير الفني للمنتخب الإيطالي، عن القائمة النهائية للاعبين المشاركين في يورو 2012، ولم يكن من بينهم رانوكيا وديسترو، ولكن لم يثر ذلك أكثر من الهمهمة. ويمكننا القول على الفور إنه لم يبقِ أحد اللاعبين الأكفاء في منزله. مثلما نقول إنه قد مضى عهد تغاضي المدرب بيارزوت عن بروتسو وبيكالوسي أو استثناء المدرب تراباتوني للعبقري باجيو. ولقد تعين على المدير الفني لمنتخب الآزوري اليوم اتخاذ القرار في ظل واقع مرير؛ حيث وصلت نسبة اللاعبين الأجانب في دوري الدرجة الأولى الإيطالي في هذا الموسم إلى 50 في المائة، لتنخفض بذلك أهلية المنتخب إلى أدنى حد في التاريخ. وليس ذلك فحسب، ولكن أيضا استعدادات المنتخب الإيطالي باتت وهمية، إذا فكرنا في أن إيطاليا خلال 7 شهور لم تلعب إلا مباريتين؛ الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أمام منتخب أوروغواي، والثانية في فبراير (شباط) الماضي أمام منتخب الولايات المتحدة الأميركية، وخسرت في كلتيهما. مع الاستماع إلى الشكر الموجه لرابطة أندية دوري الدرجة الأولى التي عارضت طويلا الورش التدريبية القصيرة التي طلبها المدير الفني للمنتخب الإيطالي.

حراس مرمى: ولا جدال بشأن وجود بوفون، قائد المنتخب الآزوري، في القائمة النهائية. كما كان الحارس دي سانكتيس أحد أبطال نابولي الممتاز الذي رأيناه هذا الموسم. وفاز سيريغو بفضل تقديمه موسما رائعا مع فريق باريس سان جيرمان الفرنسي في السباق مع منافسه الحارس فيفيانو الذي سيغيب عن قائمة المنتخب بسبب غيابه الطويل للإصابة ودخوله المتسرع.

مدافعون: ومن غير المجدي إخفاء أمر مواجهة خطر على الجانب الأيسر بخسارة كريشيتو الذي سيلعب محله كييلليني (العائد للتو من الإصابة) وفقا للتجارب الماضية، وبالزاريتي الذي لا يبدو بأفضل حالاته. وعلى الجانب الأيمن سيلعب ماجيو من دون شك، وأباتي أيضا يبدو مستعدا، وفي قلب الدفاع بارزالي وبونوتشي لديهما أوغبونا كبديل، وهو من لعب بمفرده في دوري الدرجة الثانية. إذن مخاطرة المعاناة لا تغيب.

وسط الملعب: مما لا شك فيه أن القائمة يغيب عنها بديل لبيرلو الذي عليه أن يشد عضده، نظرا لأن دي روسي لا يعرض التفوق ذاته في هذا المركز، كما يقدم تياغو موتا التغطية ذاتها. وفي خط الوسط الذي يضم لاعبين مثل ماركيزيو ومونتوليفو ونوتشيرينو ودي روسي ذاته يضمن الجميع مرونة خططية. وبالطبع يعد ديامنتي هو صانع الألعاب الحقيقي الوحيد، وبشكل نظري يبدو تعزيزا لصفوف المنتخب، ولكنه يتمتع بمميزات إفساد اللعب (في التسديد أيضا). ويتم استدعاء جياكيريني لأول مرة في المنتخب الإيطالي، وهو المفيد في نصف الملعب، وبالدفع به على جانب وبماجيو على الجانب الآخر يمكن التفكير في تغيير طريقة اللعب في الحالات القصوى إلى طريقة 3/ 5/ 2 التي تستخدمها السيدة العجوز، ولكنه سيكون محض تغيير.

الهجوم: وفي الطريق غاب عن القائمة النهائية المهاجمون أماوري وباتزيني وماتري وأوسفالدو وديسترو في تلك السنتيمترات التي يستطيع بالوتيللي اللعب فيها جيدا. وباقي المهاجمين هم من صغار النجوم الصاعدة. وفي الواقع من بين نجوم الهجوم كاسانو الذي يغطي لعبه طبقة من الصدأ، بسبب قلة خوض المباريات لغيابه الطويل هذا الموسم، ودي ناتالي مثله بسبب تقدمه في السن، حيث يبلغ من العمر 34 عاما. وفي النهاية قد تكون سرعة جيوفينكو وتضحية بوريني مفيدة في الملعب. وربما لن تكون كذلك على الفور، نظرا لأن تشكيلة الاستعداد لمواجهة روسيا الودية كانت كالآتي: بوفون في حراسة المرمى، وفي الدفاع ماجيو وبارزالي وبونوتشي وبالزاريتي، وفي وسط الملعب نوتشيرينو وتياغو موتا وماركيزيو، وفي الهجوم ديامنتي وبالوتيللي وكاسانو. إذن، فإن المنتخب يواصل عمله في ظل القلق من مرور الوقت سريعا دون إدراكه.

ومن جهة أخرى، ضمت قائمة المنتخب بونوتشي بينما غاب كريشيتو، وقد أوضح أبيتي، رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، وبرانديللي السبب وراء ذلك على النحو التالي: «لا تحفظات بشأن بونوتشي، فلم يُرسل إليه أي إخطار بالاتهام أو أي نوع من أنواع الاتصال. ويختلف موقفه عن موقف كريشيتو. ولقد تم إبلاغنا بشكل تام أنه لن تظهر أي عناصر من شأنها إعاقة مشاركته في كأس الأمم الأوروبية 2012. وماذا عن الخوف من حدوث شيء ما في الأيام المقبلة؟ ضمن سلطة المحققين اتخاذ أي قرار في أي لحظة، ولكن لا يبدو أن هناك النية بالقيام بذلك مع بونوتشي».

إذن يمكننا استنتاج أن هناك بعض الطمأنة المهمة قد جاءت بالفعل.

كريشيتو والضغط الكبير: كما أوضح برانديللي، قائلا: «الأمر الذي يبعث على الضيق أكثر هو اقتراب أحدهم من حدثين. وأؤكد أن ليوناردو بونوتشي لم يتلقَ أي إخطار، ولهذا سيأتي معنا»، ولعل ذلك أيضا بسبب اقتناع وتمسك المدرب العقلي به أكثر من ذلك الخاص بكريشيتو. وفي الواقع برر المدير الفني «استبعاد» ميمّو، قائلا: «قررت عدم استدعائه بسبب الضغط غير الآدمي الذي سينشب حوله من جانب وسائل الإعلام». تلك الضغوط التي لا يمكن لبونوتشي أن لا يتجاوزها، نظرا لأنه مشهور بقدرته على إذابة كل العوائق سواء في الملعب (حيث عارضته الجماهير بشدة في العام الماضي وبعد مباراة الميلان واليوفي الأخيرة كان قادرا على المواصلة وإنهاء الموسم أمام تصفيق الجماهير والانتقادات) أو خارجه، نظرا لأن الجزء الأفضل في الموسم قدمه في ظل تعايشه مع اتهامات آندريا مازييللو (صديقه وزميله حينما كان يلعب في باري)، التي كان لها ثقل كبير في قضية المراهنات الإيطالية وفضيحة التلاعب بنتائج المباريات. ولم يكن لدى برانديللي أدنى شك حول نزاهة مدافع اليوفي، وبالطبع قبل أن يتخذ القرار، نظر جيدا في عينيه.

وينتظر اتحاد الكرة، كتقليد، أن يطلب الفريق أول مقابلة، وليس مستبعدا أن يتقدم القائدان التاريخيان، بوفون وبيرلو، بعد مباراة زيوريخ الخارجية، كما هو متوقع أيضا أن يظهر منتخب إيطاليا حساسية شديدة لما يقع حوله. في عام 2010، قبيل مونديال جنوب أفريقيا، «شرّف» بوفون نفسه وكانافارو احتفالات مرور 150 عاما على وحدة إيطاليا، وقالا: «هل هناك مشكلات ميزانية في صندوق الاحتفالات؟ لو حصلنا على جائزة فإن كل واحد منا سيساهم في دعم احتفال إيطاليا الموحدة». بعدها سارت الأمور كما نعلم، لكن التصرف كان صادقا ومخلصا. من السهل اليوم أن يدرس لاعبونا الطريقة الأكثر فاعلية لمساعدة ضحايا زلزال إيميليا. ويوم الواقعة، كانوا في بارما، على مقربة من الكارثة، وشعروا بهزة القوة الطبيعية الخارقة. نحن على يقين أنهم سيدعمون جيش الرياضيين لصالح متضرري الزلزال، ومن بين المشاركين بالفعل رابطة دوري الهواة (رصدوا بالفعل 100 ألف يورو للأقاليم المتضررة من الزلزال)، واتحاد الكرة (أنشأ صندوقا لإعادة الملاعب الرياضية إلى حالتها)، وأبطال السباحة الإيطالية، وهكذا يتعين على الرياضة الرد على من يعكر صفو عالم أحلام أي طفل.