الأندية الكبيرة تخطف المدربين الناجحين من الأندية الصغيرة

ظاهرة أصبحت واضحة في الدوري الإنجليزي

TT

يعكس تعاقد نادي ليفربول الإنجليزي مع المدير الفني لنادي سوانزي سيتي، بريندان رودجرز، ليقود الفريق خلفا لكيني دالغليش، وتعاقد نادي أستون فيلا مع المدير الفني لنادي نوريتش سيتي بول لامبرت، يعكس ظاهرة واضحة في الدوري الإنجليزي الممتاز وهي أن الأندية الكبار دائما ما تنجح في خطف المديرين الفنيين المميزين من الأندية الصغيرة.

وتبدأ الحكاية بأن تقوم الأندية الكبرى التي تقدم أداء ضعيفا باستهداف مدير فني مميز في إحدى الفرق الصغيرة التي تسير بشكل جيد في الدوري الإنجليزي الممتاز، ثم تقوم بإغرائه والتعاقد معه، وهو ما حدث بالضبط خلال الأيام القليلة الماضية، التي شهدت رحيل كل من بريندان رودجرز وبول لامبرت عن صفوف سوانزي سيتي ونوريتش سيتي على الترتيب لقيادة كل من ليفربول وأستون فيلا.

وكان ليفربول قد فقد الأمل في دالغليش وقدرته على العودة بالفريق إلى الطريق الصحيح. وفي الحقيقة، لم يكن هناك أي مشكلة في ذلك. ليفربول دفع لسوانزي سيتي 5 ملايين جنيه إسترليني كتعويض مقابل تخلي رودجرز عن تدريب الفريق قبل انتهاء عقده مع النادي، أي أقل من تكلفة التعاقد مع لاعب خط وسط الفريق تشارلي أدم. وكان أستون فيلا قد أخطأ في حساباته عندما قام بالتعاقد مع المدير الفني السابق لنادي برمنغهام سيتي أليكس ماكليش، ولكن النادي اتخذ خطوات تصحيحية وتعاقد مع لامبرت، الذي يشبه في أدائه المدير الفني الأسبق لأستون فيلا مارتن أونيل.

وطبقا لبول هاوارد الناقد الرياضي بصحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية فإنه يجب أن يتساءل كل من سوانزي سيتي ونوريتش سيتي لماذا صرفا النظر عن البحث عن مدير فني جديد يحمل اسما بين المدربين المشاهير. وهناك مثل آخر، هو المدير الفني الإسباني لنادي ويغان روبرتو مارتينيز الذي كان مطلوبا هو الآخر من قبل أحد ملاك الأندية الغنية. ويضيف بول هاوارد أن الكثيرين، وعلى مدار سنوات طويلة، يقولون دائما إنه لا كرامة للمديرين الفنيين الإنجليز، ولا سيما الشباب، في وطنهم، ولكن الوضع قد تغير الآن، وأصبحوا مستهدفين من أندية القمة.

ويوم الخميس الماضي، دبت الفوضى في جميع أرجاء نادي نوريتش سيتي، عندما أعلن لامبرت عن عزمه تقديم استقالته من تدريب الفريق، وردت عليه إدارة النادي بأنه لا يمكنه الرحيل بهذه السهولة. ومما لا شك فيه أن نوريتش سيتي سيحصل على قيمة الشرط الجزائي في عقد لامبرت، والبالغ 5 ملايين جنيه إسترليني، لكي يخفف من وطأة رحيله عن الفريق. وفي الوقت الحالي، يحظى المديرون الفنيون بدرجة كبيرة من التعاطف، لأنهم مشتتون بين ملاك الأندية الذين يبحثون عن مصالحهم، والجمهور المتقلب واللاعبين البارزين ووكلاء الأعمال ووسائل الإعلام الشرهة، ولكن المقابل أصبح المديرون الفنيون قادرين على القيادة بشكل جيد وعلى تنظيم أنفسهم بشكل أكثر فعالية في إطار رابطة المديرين الفنيين للدوري الإنجليزي تحت قيادة المدير التنفيذي للرابطة ريتشارد بيفان.

ودائما ما تتردد جملة بناء فريق على المدى الطويل داخل أروقة حجرات اجتماعات الأندية، حيث مل رؤساء الأندية والمديرون التنفيذيون من عدم الاستقرار ومن تكلفة دفع الشروط الجزائية للمديرين الفنيين الذين يتم الإطاحة بهم. وبعدما كانت كل الأندية تبحث عن المديرين الفنيين أصحاب الأسماء الكبيرة، أصبح من الرائج الآن الاستعانة بالمديرين الفنيين الشباب لبناء فرق للمستقبل، وخير دليل على ذلك ما حدث مع نادي برشلونة الإسباني الذي تعاقد مع المدير الفني الشاب بيب غوارديولا الذي تمكن من تحقيق نجاحات ساحقة مع العملاق الكتالوني قبل استقالته مؤخرا.

وكما يعلم المدير الفني لنادي ريدينغ بريان ماكديرموت والمدير الفني لنادي ساوثهامبتون نيغل أدكينز، فإن أي مدير فني يكون متحمسا للغاية عندما يسمع كلمات المدح والإطراء تنهال عليه. وبعد ذلك يأتي الجزء الأصعب، وهو الارتقاء بالفريق إلى الجزء العلوي من جدول الترتيب العام للدوري الإنجليزي، وهو ما كان بالتأكيد ضمن أولويات لامبرت ورودجرز عندما سمعا باهتمام ليفربول وأستون فيلا بهما، وهي أندية لها باع طويل في عالم الساحرة المستديرة وارتقت إلى منصات التتويج الأوروبية من قبل. إن الطموح الشخصي والرغبة في الحصول على راتب أفضل قد تفوق الإحساس المتنامي بأن المدير الفني الشاب الجيد لا يمكنه تولي مهمة فريق كبير، وأن أقصى إمكانياته هي تدريب فريق في منتصف جدول الترتيب.

وإذا كان رحيل لامبرت ورودجرز قد تسبب في حالة من الحزن داخل سوانزي سيتي ونوريتش سيتي، إلا أن ذلك سوف يعلي من أسهم المديرين الفنيين الإنجليز بكل تأكيد. وفي الوقت الذي تمسك فيه المدير الفني ديفيد مويس بالبقاء مع نادي إيفرتون، تمكن جيل جديد من المديرين الفنيين الشباب من التألق وإزالة العقبات من طريقهم. وفي نادي برايتون الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى، هناك قلق كبير من رحيل المدير الفني للفريق جوس بويت إلى أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، بدءا من ولفرهامبتون وويست برومتش، وحتى نادي سوانزي سيتي الآن. وبمجرد رحيل دالغليش لم يفكر نادي ليفربول في التعاقد مع مدير فني إيطالي أو فرنسي أو إسباني ليحل محله ولكنه تعاقد مع مدير فني آيرلندي يدرب فريقا في جنوب ويلز. وخلال الموسم الماضي أيضا، تمكن المدير الفني الإنجليزي ألان بارديو من قيادة نادي نيوكاسل يونايتد إلى المركز الخامس في جدول ترتيب الدوري، ويبدو أن المديرين الفنيين الإنجليز قد توقفوا عن العويل وبدأوا يتكيفون مع الوضع الحالي ويعملون بشكل جيد. وكان رودجرز قد لعب أمام فرق أجنبية عندما كان يلعب مع منتخب آيرلندا الشمالية للشباب وتمنى لو كان يلعب في الفرق المنافسة له، حيث كان دائما يتطلع للخارج ويعمل على نقل أفكار جديدة للثقافة الإنجليزية، وهو انعكاس رائع للأندية التي تستعين بمديرين فنيين أجانب للاستفادة من الأفكار والخبرات الأجنبية.

ومن الأسماء المرشحة بقوة للتوهج كمدير فني خلال المرحلة المقبلة هو بول كليمنت، الذي يعمل حاليا كمساعد للمدير الفني الإيطالي القدير كارلو أنشيلوتي في نادي باريس سان جيرمان الفرنسي، والذي عمل أيضا كمساعد مدرب في نادي تشيلسي، ووصل لمرحلة النضج التدريبي الآن. وفي الحقيقة، لم يعد المدير الفني الشاب يواجه نفس المشكلات التي كان يواجهها في الماضي وأصبح من الممكن أن يتولي قيادة فريق كبير وهو في بداية مسيرته التدريبية. وتكمن المشكلة الآن بالنسبة للفرق الصغيرة التي تقدم أداء قويا في أن الأندية الكبرى تستهدف المديرين الفنيين لها. وإذا كانت تلك الأندية الصغيرة تمتلك الكيان القوي، كما هو الحال مع نادي سوانزي سيتي، فإنها يمكن أن تقف صامدة أما غزوات الأندية الكبار على مدربيها.