هودجسون يقود إنجلترا لإقناع المشككين في قدراته.. والخبراء يستبعدون المنافسة على اللقب

فرديناند مدافع يونايتد يفتح النار على المدير الفني للمنتخب لتجاهله في تشكيلة «أمم أوروبا»

TT

يتعين على روي هودجسون القابض بيده على عصا المارشال أن يقنع الكثير من المشككين الذين فركوا أعينهم بشدة عندما اختير ابن الرابعة والستين الذي تطلق عليه الصحافة تسمية «السيد وسط» للإشراف على منتخب إنجلترا في كأس أوروبا 2012 لكرة القدم التي تستضيفها بولندا وأوكرانيا من 8 يونيو (حزيران) حتى الأول من يوليو (تموز).

وخلق الاتحاد الإنجليزي نوعا من المفاجأة عندما اختار مدرب وست بروميتش البيون للإشراف على منتخب «الأسود الثلاثة»، وليس مدرب توتنهام هاري ريدناب الذي كان الأوفر حظا لشغل هذا المنصب بعد الاستقالة المحرجة للإيطالي فابيو كابيللو.

ولم تكن ردود الفعل بكل صراحة متحمسة لهذا الاختيار الذي اعتبره الكثيرون في غير محله. صحيح أن هودجسون يملك خبرة واسعة ومنفتح على العالم كما تشهد على ذلك سفراته المتعددة وإقامته في الخارج، وهو شخص محترم بالفعل لكن سيرته الذاتية على الصعيد العملي لا يمكن أن تقارن بسيرة سلفه الإيطالي.

وبعد مسيرة متواضعة كلاعب، بدأ هودجسون في السبعينات مسيرة طويلة كمدرب قادته إلى جميع أرجاء إنجلترا وأوروبا بدءا من نادي هالمشتاد في السويد إلى كوبنهاغن في الدنمارك مرورا بفولهام وبلاكبيرن الإنجليزيين، ثم سويسرا وفنلندا أيضا، مدربا لمنتخبيهما.

وبين الفرق الـ20 التي أشرف عليها، يمكن أن نجد اسمين كبيرين هما إنتر ميلان الإيطالي الذي كان يعيش حينها في فترة صعبة (1995 - 1997) وليفربول الإنجليزي حيث لم يمض فيه سوى 6 أشهر عام 2010.

وفي المحصلة، تعتبر النتائج التي حققها هودجسون مشرفة، لكنها ليست باهرة حيث حقق اللقب المحلي مع هالمشتاد وكوبنهاغن، وبلغ نهائي كأس الاتحاد الأوروبي مع إنتر ميلان ونهائي الدوري الأوروبي (يوروبا ليغ) مع فولهام، وهو ما عزز الانطباع بخيار خاطئ قام به بيروقراطيون داخل الاتحاد الإنجليزي حريصون على الهدوء بعد الضوضاء التي اتسم بها عهد كابيللو.

وكان هودجسون قد أشرف على المنتخب السويسري (1992 - 1995) وقاده في تصفيات مونديال 1994، وكأس أوروبا 1996، والمنتخب الإماراتي (2002 - 2004)، بالإضافة إلى الكثير من الفرق مثل مالمو السويدي (1985 - 1990) الذي توج معه بطلا للدوري المحلي عام 1986 ونيوشاتل السويسري (1992 - 1995) وغراسهوبرز السويسري (1999 - 2000) وكوبنهاغن الدنماركي (2000 - 2001)، بالإضافة إلى إنتر ميلان (1995 حتى 1997 ثم 1999) وبلاكبيرن (1997 - 1998) وأودينيزي الإيطالي (2001).

ويبدو أن فشل تجربة هودجسون مع ليفربول هو الوحيد الذي أثار حقا اهتمام وسائل الإعلام والجمهور الإنجليزي، ويقلق أيضا أنصار المنتخب، وعلى هذا الأساس جاءت الكلمات المطمئنة التي تلفظ بها ستيفن جيرارد بعد أن أسند إليه المدرب الجديد شارة قائد المنتخب.

وقال جيرارد: «إنه سيئ الحظ. لقد جاء في لحظة سيئة أيضا، ومن الحماقة الحكم عليه بناء على هذه الفترة بالذات. لقد شاهدته يعمل وأستطيع أن أقول لكم إنه مدرب رائع»، مضيفا: «إنه رجل تكتيك من الطراز الأول والجميع يقفون خلفه».

وفي أول عمل قام به بعد توليه المهمة رسميا أكد هودجسون سلطته خلال اختيار التشكيلة المشاركة في البطولة الأوروبية وفيها مدافع تشيلسي جون تيري المثير للجدل، الذي كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وراء استقالة كابيللو. واتهم تيري بالعنصرية في قضية سيحاكم فيها بعد انتهاء كأس أوروبا، فسحب منه الاتحاد الإنجليزي شارة القائد في فبراير (شباط) الماضي، وكان هذا القرار السبب الرئيس في استقالة كابيللو الذي لم يوافق عليه.

وعلى غرار سلفه الإيطالي، أكد هودجسون أن تيري يبقى «بريئا حتى تثبت إدانته»، واختاره ضمن التشكيلة دون أن يعيد إليه شارة القيادة «لأسباب رياضية» على حساب مدافع مانشستر يونايتد ريو فرديناند الذي وجد نفسه ضحية كونه شقيق أنطون فرديناند المشتكي في قضية العنصرية.

وكان من نتاج ذلك توجيه وكيل أعمال ريو فرديناند اتهاما لهودجسون، بأنه تعامل مع موكله «بقلة احترام» عبر إسقاطه من حساباته لحظة الإعلان عن قائمة المنتخب. وعندما تم التأكد من أن جاري كاهيل لن ينضم إلى قائمة المنتخب الإنجليزي بسبب إصابته بكسر في الفك، خلال المباراة الودية أمام بلجيكا يوم السبت، وبعد أن قام هودجسون باستدعاء فيل جاجيلكا ليحل محل غاريث باري الأسبوع الماضي، فإن المدرب مرة أخرى لم ينظر إلى فرديناند وقرر الاستعانة بمارتين كيلي بدلا من كاهيل.

وبدا أن فرديناند (33 عاما) اختيار بديهي بدلا من كاهيل، إن لم يكن الأمر يتعلق بمخاوف حول إمكانية عدم جاهزيته للعب بجوار جون تيري.

وفند وكيل أعمال فرديناند تصريحات هودجسون بأن استبعاد فرديناند «لأسباب كروية»، أخذا في الاعتبار عامل السن وسجل الإصابات بالنسبة للاعب، حيث إنه شارك 3 مرات فقط مع المنتخب الإنجليزي على مدار عامين، وقال جيمي مورالي، وكيل أعمال فرديناند: «لامبارد وتيري وباري وجيرارد، جميعهم في سن مماثلة (لفرديناند) ولكن تم اصطحابهم للبطولة».

وأضاف: «لماذا الوضع مختلف بالنسبة لريو؟ أن تعامل لاعبا قاد وشارك في صفوف بلاده 81 مرة، بشكل مشين، نقص كامل للاحترام من جانب هودجسون والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم».

ومن ابتكارات هودجسون الغريبة أنه ألغى معسكرا طويلا في جنوب إسبانيا واستعاض عنه بمعسكر داخلي أكثر قسوة في مانشستر كي لا يقال عنه إنه مجرد دمية.

لكن بعيدا عن التكهنات والتشككات، من المؤكد أن إنجلترا ستخوض البطولة الأوروبية لأول مرة منذ أكثر من عقدين من الزمن دون ضغوط كبيرة ترهق كاهلها، وأن الأحداث التي مرت على المنتخب في الفترة الأخيرة تشير إلى أن إنجلترا لا تتطلع إلى أكثر من التأهل إلى الدور الثاني عن المجموعة الرابعة التي تضم فرنسا والسويد وأوكرانيا المضيفة، وأكثر من ذلك سيكون إنجازا.

ونجاح أو فشل إنجلترا بقيادة روي هودجسون في تخطي الدور الأول يتوقف بنسبة كبيرة على نتيجة المباراة الأولى ضد فرنسا في مدينة دانييتسك الأوكرانية في 11 يونيو.

وإذا لم يستطع الإنجليز فرض أسلوبهم على رجال لوران بلان في هذا اللقاء الافتتاحي للمجموعة، سيكون هامش الخطأ ضئيلا بالنسبة لهم في المباراة الثانية مع السويد قبل المواجهة الختامية التي قد تكون صعبة مع الدولة المضيفة، وبخاصة أن أفضل لاعب في المنتخب الإنجليزي واين روني لن يستطيع المشاركة في المباراتين الأوليين بسبب الإيقاف.

وتم إيقاف روني بسبب تصرف أرعن من جانبه خلال المباراة الأخيرة في التصفيات ضد مونتينيغرو، وهو لن يستطيع المشاركة إلا في المباراة الثالثة الأخيرة من الدور الأول في الـ19 من الشهر ذاته.

وتوقع كابيللو أن يواجه خلفه هودجسون صعوبة في مهمته مع المنتخب الإنجليزي لأن الوقت ليس كافيا من أجل «خلق الذهنية اللازمة لتحقيق الفوز في وقت قصير جدا، صعب للغاية، وستكون مهمة شاقة جدا».

ورأى كابيللو أن مهمة المدرب «ليست بالعمل العادي، ومن الصعب جدا القيام بأي شيء خلال فترة زمنية قصيرة. لا يمكننا دائما أن نجد الأفضل من اللاعبين لأن بعضهم يعاني من الإصابة والبعض الآخر ليس في قمة مستواه أو ليس سعيدا في وضعه داخل ناديه أو يواجه مشكلة مع مدربه».

ورغم الأسماء الكبيرة في تشكيلة إنجلترا، فإن المباراتين الوديتين اللتين فازت بهما على النرويج وبلجيكا بنتيجة واحدة (1-0)، ليستا كافيتين بالتأكيد لهودجسون بوضع الخطط المناسبة لخوض البطولة رغم خبرته الطويلة في الملاعب. وازدادت محن هودجسون بانسحاب أكثر من ركيزة أساسية بسبب الإصابة، آخرهم لاعبا وسط مانشستر سيتي وتشيلسي غاريث باري وفرانك لامبارك، على التوالي، وزميل الأخير في الفريق اللندني غاري كاهيل.

ولا يلقي خبراء اللعبة المحليون، على غرار كابيللو، باللائمة مسبقا على هودجسون وإنما يحملون مسؤولية أي فشل محتمل للاتحاد الذي لم يكن على دراية تامة بنتائج ما أقدم عليه في الفترة الأخيرة، مما دفعهم إلى التشاؤم بشأن حظوظ منتخب بلدهم في إحراز اللقب الأول في تاريخه، علما بأن كرة القدم هي اختراع إنجليزي. ويأتي في رأس قائمة هؤلاء الخبراء المدرب السابق غراهام تايلور الذي لا يؤمن بالتوقعات التي ترشح بلاده كأحد المنافسين على اللقب، خصوصا أن المدرب الحالي هودجسون «اعتذر مسبقا»، على حد قوله، عن أي فشل قد يحصل خلال هذه الحملة.

وقال تايلور في هذا الصدد: «اللاعبون جيدون والمدرب هودجسون أيضا، لكن بات الآن لديهم سبب إذا لم تجر الأمور بشكل جيد. عندما تكون الأمور على هذا النحو، يصبح صعبا على الجميع معرفة السبيل المؤدي إلى تحقيق نتيجة طيبة».

وأضاف تايلور: «كلنا نعلم أن الفترة الزمنية قصيرة بالنسبة إلى المدرب الجديد واللاعبين لإيجاد تشكيلة متجانسة وقوية واستنباط الطريقة المناسبة للتعامل مع الواقع القائم بكل تفاصيله». وشدد قائلا: «إذا لم ينجحوا في مهمتهم فأنا لا أعتبر ذلك خطأ منهم. إنه خطأ اتحاد اللعبة، وهو الذي يلام على كل شيء قام به».

واختتم تايلور (67 عاما)، الذي أشرف كمدرب على عدة أندية منها أستون فيلا وواتفورد وعلى منتخب إنجلترا من 1990 إلى 1993، قائلا: «كيف يمكننا أن نتوقع أي شيء من المنتخب؟ بالنظر إلى المجموعة التي نحن فيها هناك فرنسا وستكون المباراة الأولى ضدها، ثم السويد، وأخيرا الدولة المنظمة أوكرانيا. إنها مجموعة ليست سهلة على الإطلاق».