البدلاء.. من أسرار قوة المنتخب الإسباني

قدراتهم تضاهي الأساسيين في تشكيلة الفريق

TT

عندما قال خوان ماتا: «لن يلعب من الـ23 لاعبا سوى 11 لاعبا فقط»، عكس لاعب خط وسط المنتخب الإسباني لكرة القدم القدرة الكبيرة التي يتمتع بها منتخب بلاده على مستوى اللاعبين البدلاء. فمن الصعب أن يتصور أحد أن لاعبين، مثل ماتا وسيسك فابريغاس وفيكتور فالديس أو فيرناندو يورنتي، الذين يعتبرون من أبرز نجوم أنديتهم، سيكون مكانهم مقاعد البدلاء عندما تلعب بلادهم.

والمشكلة هي أن المباريات قصيرة للغاية على منح دقائق لعب لكل لاعبي الجيل الذي لم تشهد له الكرة الإسبانية مثيلا طوال تاريخها.

وقال ماتا في تصريحات له هذا الأسبوع: «هدفي هو أن ألعب قدر المستطاع. يوجد منافسة شديدة في المنتخب، ولا يمكن أن يلعب سوى 11 لاعبا فقط من الـ23 لاعبا. عليك دائما أن تؤازر فريقك، سواء كنت تلعب أم لا. كلنا نريد الأمر ذاته، أن نفوز بلقب يورو مع إسبانيا».

ويعتبر ماتا تجسيدا جيدا لهذه المفارقة، فلاعب خط الوسط الإسباني الذي يعتبر حجر زاوية مهما في فريق تشيلسي الإنجليزي الفائز ببطولة دوري أبطال أوروبا هذا العام يتمنى اللعب لدقائق معدودة مع منتخب بلاده في بطولة الأمم الأوروبية الحالية «يورو 2012». وقال ماتا إنه لعب مع تشيلسي «دقائق كثيرة وشعرت أنني لاعب مهم. ولكن هنا مع المنتخب يوجد لاعبون يتمتعون بخبرة دولية واستحقوا أماكنهم الأساسية بالفريق عن جدارة. لا يوجد لدي سوى خطة واحدة، وهي أن أواظب على العمل الشاق حتى ألعب قدر المستطاع».

وتوجد حالة أخرى مثيرة للاهتمام في منتخب إسبانيا، تتمثل في مهاجم برشلونة بيدرو الذي لعب ضمن التشكيل الأساسي لبلاده في نهائي بطولة كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا، التي فازت إسبانيا بلقبها، ولكنه كافح طويلا حتى نجح في الانضمام لقائمة المنتخب الإسباني المشارك في يورو 2012. وقال بيدرو: «أشعر أنني بحالة جيدة، وهذا جيد. ولكن المدرب سيقرر بعدها ما إذا كان سيستعين بخدماتي. يجب أن تظل مستعدا بنسبة 100 في المائة تحسبا لقيام المدرب باختيارك». ولا شك في أن الدخول بفريق يعمل بنظام كعقارب الساعة خلال السنوات الأربع الماضية هو أمر بالغ الصعوبة.

وقال بيدرو: «لدينا أفضل لاعبي العالم (بمنتخب إسبانيا)». وفي ظل كل هذا، فإن الشيء الوحيد الذي يفعله البدلاء في منتخب إسبانيا الآن هو انتظار فرصتهم واستغلالها على أفضل نحو. وهذا هو أفضل ما فعله خوردي ألبا، على سبيل المثال، فقد ظل فيسينتي ديل بوسكي مدرب إسبانيا يختبره لمدة عامين كبديل لخوان كابديفيلا حتى نجح اللاعب أخيرا في إقناع مدربه. ومن الممكن الآن اعتبار ألبا من اللاعبين الأساسيين الجدد في إسبانيا.

ويعتبر ديفيد سيلفا مثالا آخر بإسبانيا، فقد قال لاعب نادي مانشستر سيتي الإنجليزي قبل أشهر قليلة، إن لديه شعورا بأن ديل بوسكي لا يثق فيه ولكن المدرب الإسباني أبدى إعجابه بإصرار اللاعب ليصفه الآن بأنه «ميسي الإسباني»، وبذلك فقد أصبح سيلفا لاعبا أساسيا جديدا آخر بمنتخب إسبانيا. ولكن انضمام سيلفا إلى التشكيل الأساسي الإسباني تحول إلى ضربة جديدة لفابريغاس الذي لم يحقق حتى الآن مع منتخب بلاده التألق الكبير الذي حققه على مستوى الأندية، في البداية مع آرسنال الإنجليزي، ثم مع برشلونة.

وتضم مقاعد بدلاء إسبانيا كذلك سانتي كازورلا قائد فريق ملقة الحالي الذي قاد فريقه إلى التأهل لبطولة دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه. ولطالما أعجب ديل بوسكي بكازورلا، ولكن وجود لاعبين مثل أندريس إنييستا أو حتى سيلفا بالفريق يمنع وصوله إلى التشكيل الأساسي لإسبانيا. أما حارس المرمى فيكتور فالديز فقد نجح في انتزاع مكان الحارس بيبي ريينا في منتخب إسبانيا، ولكنه لم يتمكن من التقدم أكثر نحو مركز الحارس الأساسي للفريق بسبب عدم إمكانية المساس بقائد الفريق وحارسه الأساسي حاليا إيكر كاسياس، سواء بسبب ارتفاع مستوى أدائه في الملعب أو بسبب مكانته كقائد للفريق.

الأمر الغريب هو أن الهدوء ما زال يسود غرفة تغيير ملابس تضم كل هؤلاء اللاعبين الكبار. فقد صرح ديل بوسكي لصحيفة «ماركا» الإسبانية قائلا: «لم نصبح أبطالا إلا عندما تغلبنا على غرورنا الشخصي». ولا شك في أن هذا الأمر يعتبر سرا آخر من أسرار نجاح إسبانيا. ولطالما عرف عن ديل بوسكي أنه قائد مجموعة ناجح. ومن الواضح أن مهاراته كاختصاصي نفسي ما زالت في أوجها، على الأقل طالما ظل الفوز حليفا له.