إنجلترا تصطدم بإيطاليا.. والفرص متكافئة للعبور للمربع الذهبي

مواجهة نارية في ختام دور الثمانية بكأس الأمم الأوروبية

TT

سيكون الملعب الأولمبي في كييف اليوم مسرحا لمواجهة نارية مرتقبة في ختام الدور ربع النهائي من كأس أوروبا 2012 وتجمع بين المنتخبين الإيطالي والإنجليزي اللذين يخوضان في نهائيات بولندا وأوكرانيا «رحلة البحث عن الذات» لكن الصدف شاءت أن يصطدمان ببعضهما.

وإذا كان المنتخب الإيطالي اختبر نجاحات متقطعة منذ مونديال بلاده عام 1990 حين حل ثالثا ثم أتبع هذه النتيجة بوصوله إلى نهائي مونديال 1994 وإلى نهائي كأس أوروبا 2000 قبل أن يتوج بلقبه العالمي الرابع في مونديال ألمانيا 2006، فان المنتخب الإنجليزي لم يحقق شيئا يذكر منذ المونديال الإيطالي بالذات (وصل إلى نصف النهائي).

ولم يتمكن منتخب البلاد التي انطلقت من أراضيها كرة القدم، من أن يفرض نفسه بين اللاعبين الكبار رغم السمعة المميزة لبطولته المحلية، إذ يبقى فوزه «المثير للجدل» بلقب مونديال 1966 الذي أقيم على أرضه إنجازه اليتيم على الصعيد العالمي لأن ثاني أفضل نتيجة له في البطولة الأهم على الإطلاق كانت وصوله إلى نصف نهائي مونديال إيطاليا. أما على الصعيد القاري فتبقى أفضل نتيجة له احتلاله المركز الثالث عام 1968 حين كان يعتمد نظام النصف النهائي والمركز الثالث والنهائي في النهائيات التي يتأهل إليها أربعة منتخبات فقط، ووصوله إلى نصف نهائي 1996 على أرضه حين خرج على يد الألمان بركلات الترجيح.

وبالتالي فإن الإيطاليين نجحوا، ورغم أدائهم غير المقنع في غالبية الأحيان، من أن يفرضوا أنفسهم من كبار اللعبة الشعبية الأولى في العالم بفضل النتائج التي حققوها، في حين يبقى المنتخب الإنجليزي اسما كبيرا في كرة القدم لكن دون نتائج. وهناك قاسم مشترك بين المنتخبين أنهما يسعيان إلى تعويض ما فاتهما في الأعوام الأربعة الأخيرة، حيث خرج الإيطاليون من الدور ربع النهائي لكأس أوروبا 2008 بركلات الترجيح على يد إسبانيا التي توجت لاحقا باللقب، ثم تنازلوا عن لقبهم العالمي بخروجهم من الدور الأول لمونديال جنوب أفريقيا 2010. أما الإنجليز الذين تأهلوا إلى النهائيات بقيادة المدرب الإيطالي فابيو كابيلو قبل أن يترك الأخير منصبه في فبراير (شباط) الماضي لستيوارت بيرس ثم روي هودجسون، فهم لم يتأهلوا حتى إلى نهائيات كأس أوروبا 2008 ثم ودعوا نهائيات مونديال جنوب أفريقيا بطريقة مذلة بعد خروجهم من الدور الثاني على يد ألمانيا (1 - 4).

وسيكون من الصعب توقع النتيجة التي ستنتهي عليها هذه المواجهة النارية خصوصا أن اللقاء الأخير بين المنتخبين يعود إلى 27 مارس (آذار) 2002 عندما عاد الإيطاليون من ليدز فائزين 2 - 1 في مباراة ودية تحضيرية لمونديال كوريا الجنوبية واليابان، أما المواجهة الأخيرة بينهما في مشاركة رسمية فتعود عام 1997 في التصفيات المؤهلة لمونديال فرنسا 1998 حين فاز «الآزوري» ذهابا في لندن 2 - 1 قبل أن يتعادلا إيابا صفر - صفر في روما. أما بالنسبة لمواجهاتهما في البطولة القارية فسيكون لقاء اليوم الثاني فقط بينهما بعد عام 1980 حين فازت إيطاليا 1 - صفر في دور المجموعات، وبالمجمل تواجه الطرفان في 22 مناسبة سابقا وفازت إيطاليا 9 مرات وإنجلترا 7 مرات، آخرها يعود إلى عام 1997 (2 - صفر)، مقابل 6 تعادلات.

ومن المؤكد أن مباراة اليوم ستكون قوية جدا خصوصا أن الفريقين قدما أداء جيدا في الدور الأول، حيث تعادلت إيطاليا مع إسبانيا، حاملة اللقب وبطلة العالم، وكرواتيا وفازت على آيرلندا، فيما تعادلت إنجلترا مع فرنسا وفازت على السويد وأوكرانيا.

«نحن بين أفضل 8 منتخبات في أوروبا وتجاوزنا مجموعة صعبة لكن ما قمنا به حتى الآن لن يكون كافيا»، هذا ما قاله حارس إيطاليا وقائدها جانلويجي بوفون عشية المواجهة مع الإنجليز، مضيفا «نحتاج إلى المزيد إذا كنا نريد مواصلة تقدمنا». ورأى بوفون أن المهم تذكير الجميع أن إيطاليا تملك ثاني أفضل سجل في تاريخ كأس العالم بعد المنتخب البرازيلي (4 ألقاب مقابل 5)، وذلك ردا على الذين شككوا بقدرة «الآزوري» على تحقيق نتيجة جيدة في كأس أوروبا بعد الذي اختبره في مونديال جنوب أفريقيا وبعد الفضيحة الجديدة التي تعصف بالكرة الإيطالية نتيجة المراهنة على المباريات.

وأضاف حارس يوفنتوس «نحن نختبر في أغلب الأحيان أوقاتا صعبة في كرة القدم عندنا لكننا نريد التعويض عن الأداء المخيب الذي قدمناه في جنوب أفريقيا. لن نضع لأنفسنا حدودا رغم إدراكنا أننا لسنا الأفضل، نأمل أن نكون في أفضل حالاتنا وحسب». ورأى بوفون الذي توج مع يوفنتوس بلقب الدوري الإيطالي للمرة الأولى منذ 2003، أن المنتخبين الإيطالي والإنجليزي يملكان فرصة متساوية للتعويض عن إخفاقاتهما الأخيرة، مضيفا «أتذكر إنجلترا في مونديال إيطاليا 1990 (حين خسرت أمام إيطاليا في مباراة المركز الثالث)، ومن مباراتي التصفيات المؤهلة لكأس العالم (1998) ومن مباراتين وديتين. ستكون مباراة رائعة ضدهم. نحن نعاني من مشكلة أن مستوانا يتأثر بمستوى الفريق الذي نواجهه، إذ نلعب سيئا إذا كنا نواجه منافسا سيئا وبشكل جيد إذا كنا نواجه منافسا جيدا».

ويدخل مدرب المنتخب الإيطالي تشيزاري برانديلي إلى مباراة اليوم وقد توصل إلى التركيبة التي سيواجه بها «الأسود الثلاثة» حيث سيعتمد على تشكيلة 2 - 4 - 4 متغيرة في خط الوسط. ومن المؤكد أن خط الوسط الرباعي الأضلاع سيضم «العقل المفكر» أندريا بيرلو ودانييلي دي روسي وكلاوديو ماركيزيو فيما يتنافس تياغو موتا وريكاردو مونتوليفو على الضلع الرابع الذي سيكون خلف المهاجمين أنتونيو كاسانو وماريو بالوتيلي الذي من المرجح أن يستعيد مكانه الأساسي على حساب أنتونيو دي ناتالي بعد تسجيله هدفا رائعا في مرمى آيرلندا، خصوصا أنه يعرف تماما الكرة الإنجليزية كونه يدافع عن ألوان مانشستر سيتي بطل الدوري الممتاز.

أما بالنسبة للدفاع فسيفتقد المنتخب الإيطالي خدمات قلب دفاع يوفنتوس جورجيو كييليني خلال الموقعة المرتقبة بسبب الإصابة التي تعرض لها أمام آيرلندا في الجولة الأخيرة من الدور الأول.

من المؤكد أن برانديلي فرض على المنتخب الإيطالي ثقافة مختلفة عن تلك التي عرفها مع المدربين السابقين، إذ جعله أكثر مرونة من الناحية التكتيكية وجعل العالم ينظر بنوع من الصدمة إلى ما قام في المباراة الأولى أمام إسبانيا.. لا أحد يصدق أن بلد «الكاتيناتشيو» يواجه أبطال العالم وأوروبا وملوك اللعب السلس والهجوم المتواصل بتشكيلة 2 - 5 - 3، لكنه فعل ذلك وقدم فريقه أداء جيدا وكان البادئ بالتسجيل كما أنه وصل إلى المرمى الإسباني في العديد من المناسبات خصوصا خلال الشوط الأول.

ومن الجهة الإنجليزية، حذر الظهير آشلي كول الإيطاليين بأن يستعدوا لمواجهة 11 محاربا، مشيرا إلى أن اللاعبين الإنجليز مستعدون «للموت من أجل بعضهما على أرضية الملعب». ويخوض كول (31 عاما) اليوم مباراته الثامنة والتسعين بقميص «الأسود الثلاثة» وهو يأمل أن ينجح رجال المدرب روي هودجسون الذي يعرف الكرة الإيطالية جيدا كونه أشرف سابقا على إنترميلان (1995 - 1997 و1999) وأودينيزي (2001)، في تخطي عقبة الإيطاليين وبلوغ نصف النهائي للمرة الأولى منذ 1996 من أجل أن يحظى بفرصة الاحتفال بمباراته المائة على الأراضي الأوكرانية لكن المهمة لن تكون سهلة ليس لأن إيطاليا منتخب قوي وحسب، بل لأن الخصم المقبل في نصف النهائي سيكون المنتخب الألماني القوي جدا.

وفي ظل تحضيرات فوضوية لكأس أوروبا تضمنت تعيين هودجسون مدربا في اللحظة الأخيرة، إلى سلسلة من الإصابات تعرض لها لاعبون بارزون، يمكن اعتبار المشاركة الإنجليزية في الكأس نجاحا حتى لو خسر المنتخب أمام «الآزوري». لكن هودجسون سارع إلى التأكيد أن لاعبيه «لن يشعروا بالذهول» إذا ما انتهت مسيرتهم الأوروبية في كييف. «إذا خسرنا في هذه الكأس، أكان ذلك في ربع النهائي أم نصف النهائي أم النهائي، سيكون يوما حزينا». أضاف: «للأسف، كما باقي الإنجليز، نحن نحلم أيضا. نحلم بتقديم أداء جيد والفوز في المباريات. لا عزاء في سماع كلمات لطيفة إذا خرجنا من المنافسة». وأكد أن الإنجليز لا يريدون الخروج من البطولة «نريد أن نكمل. وأخشى أن الإيطاليين يريدون الأمر نفسه. لم نتحدث أبدا عن أن عدم تحقيقنا ذلك لن يكون أمرا سيئا. كل الأفكار إيجابية. سنكون جاهزين».