المنتخب الإسباني أنهى العقدة الفرنسية وتقدم خطوة جديدة نحو الاحتفاظ باللقب

الماتدور حقق أول انتصار في تاريخه على «الديوك» وتأهل لمواجهة البرتغال في نصف النهائي

TT

حالة من السعادة والرضا فرضت نفسها على الأجواء الإسبانية أمس في أعقاب فوز الماتادور على الديوك الفرنسية (2 / صفر) وصعوده إلى المربع الذهبي لـ«يورو 2012».

وهذا هو الفوز الأول على الإطلاق على فرنسا في مسابقة رسمية في المحاولة السابعة، ليعبر الفريق إلى المربع الذهبي في مواجهة البرتغال ليقطع الفريق خطوة كبيرة نحو الحفاظ على اللقب القاري.

وتخلص المنتخب الإسباني بذلك من عقدته أمام نظيره الفرنسي، حيث التقى الفريقان ست مرات من قبل في البطولات الرسمية وحقق المنتخب الفرنسي خلالها خمسة انتصارات مقابل تعادل واحد، قبل أن يحقق الماتادور (مساء أول من أمس) أول فوز له على الديوك في مباراة رسمية. ويلتقي المنتخب الإسباني في الدور قبل النهائي مع نظيره البرتغالي الذي تأهل بالفوز على نظيره التشيكي 1 / صفر في افتتاح منافسات دور الثمانية.

وكتبت صحيفة «ماركا» تحت عنوان «نهاية اللعنة الفرنسية»، مضيفة: «إنهم بالكاد تحصلوا على الكرة»، بسبب طريقة لعب المنتخب الإسباني التي منحته نسبة استحواذ بلغت 60 في المائة.

وكان تشابي ألونسو نجم وسط ريال مدريد هو نجم المباراة الأول بعدما سجل هدفي الفوز للمنتخب الإسباني في مباراته الدولية رقم مائة مع المنتخب.

وقالت صحيفة «سبورت» الكاتالونية: «تشابي ألونسو قاد إسبانيا للمربع الذهبي».

ودائما ما يطغى الحديث عن تشافي واندريس إنيستا على الحديث عن ألونسو، ولكن الأخير نال إشادة الجميع بعدما قدم أفضل عرض له خلال مسيرته مع الماتادور.

ونال بعض اللاعبين الآخرين إشادة خاصة، مثل الظهير الأيسر خوردي ألبا، الذي صنع الهدف الأول، وكذلك البديل بيدرو، الذي حصل على ضربة الجزاء التي سجل منها ألونسو الهدف الثاني. وكانت وسائل الإعلام الإسبانية تتوقع مهمة أكثر صعوبة وفوجئت بسلبية الديوك الفرنسية، التي حققت تسديدة واحدة على المرمى الإسباني طوال المباراة.

وتلقى المدرب الفرنسي لوران بلان انتقادات لاذعة بسبب التشكيل الدفاعي الذي دفع به، وعكس خوفه من المنتخب الإسباني وفقا لوسائل الإعلام الإسبانية.

وبحسب صحيفة «آس» فإن «المنتخب الإسباني فريق يثير الرعب، وهذا ما أثار الحذر لدى بلان.. إسبانيا أثارت حالة من الذعر لدى الخصم وأجبرته على الوقوع في الأخطاء».

ووفقا لمحطة «كادينا سير» الإذاعية فإن «إسبانيا لم تحتَج إلى اللعب بشكل جيد حقا، لأن فرنسا كانت في منتهى البشاعة.. كان كافيا الاحتفاظ بنسبة الاستحواذ ومواصلة السيطرة».

وتم اعتبار قرار المدرب فيسنتي دل بوسكي بعدم اللعب بمهاجم صريح، مع تقدم سيسك فابريغاس من خط الوسط إلى الهجوم، بأنه ناجح تماما.

ولم يدفع دل بوسكي بمهاجم صريح في المباراة الأولى أمام إيطاليا ولكنه اعتمد على فرناندو توريس في خط الهجوم أمام آيرلندا وكرواتيا.

وتابع أكثر من 17 مليون إسباني المباراة، في رقم قياسي للمباريات الإسبانية بـ«يورو 2012»، حيث حظيت إسبانيا بنسبة 70 في المائة من معدل المشاهدة. وشاهد الكثير من الشباب المباراة في حفلات ضخمة في الهواء الطلق انتهت بالكثير من الإصابات والاعتقالات. وسادت حالة من التفاؤل المعسكر الإسباني بشأن إمكانية فوز الفريق بلقب «يورو 2012»، ليصبح أول منتخب وطني على الإطلاق ينجح في الفوز بثلاثة ألقاب كبرى على التوالي، بعد فوزه بلقب «يورو 2008» وكأس العالم 2010.

وأظهر استطلاع للرأي لصحيفة «موندو ديبورتيفو» أن 83 في المائة من القراء يعتقدون أن المنتخب الإسباني قادر على هزيمة البرتغال، بعد أن فاز عليه بهدف نظيف في دور الستة عشر لمونديال 2010.

ولكن ماركا حذرت من ضرورة توخي الحذر، خصوصا أن المنتخب البرتغالي يضم بين أركانه الأسطورة كريستيانو رونالدو نجم ريال مدريد الإسباني.

وقال فيسنتي دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الذي قاد الماتدور إلى إحراز كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا: «لا أريد التحدث عن مدرب الفريق الآخر، هذا ليس من اختصاصي. كل ما أستطيع قوله إننا لعبنا جيدا، خصوصا على الجهة اليسرى بوجود خوردي ألبا وإنيستا حيث شكلنا خطورة». وأضاف: «لعب فريقي بطريقة جيدة ونجح في السيطرة على مجريات اللعب لفترات طويلة». وتابع: «لا أعتقد أن المنتخب الفرنسي كان ينقصه شيء في خط المقدمة بوجود فرانك ريبيري وكريم بنزيمة، قبل أن يدخل سمير نصري وأوليفييه غيرو في الشوط الثاني». وأشار: «لعبنا جيدا كفريق، وكان هذا سبب الفوز، ولا أعتقد أن فرنسا لعبت بطريقة دفاعية».

واعتبر دل بوسكي أن البرتغال حصلت على راحة أكبر من فريقه، كونها خاضت مباراتها في ربع النهائي قبل 48 ساعة، وقال: «قد تملك البرتغال الأفضلية من هذه الناحية، وسنحاول الحصول على أكبر قدر من الراحة من الآن وحتى الأربعاء».

وقرر دل بوسكي حصول اللاعبين على راحة سلبية 24 ساعة عقب الفوز على فرنسا على أن يعاود تدريباته اليوم استعدادا لمباراته مع نظيره البرتغالي.

وقال دل بوسكي: «لقد وصلنا إلى دونتسك في حالة من الإرهاق، ولكن هذا أمر طبيعي، الحرارة أصبحت أكثر شدة، نتمنى أن نصل إلى أفضل حالة ممكنة خلال المباراة أمام البرتغال».

من جهته اعتبر لاعب الوسط تشابي ألونسو مسجل الهدفين بأن فريقه سيطر على مجريات مباراته ضد فرنسا بالكامل.

وقال ألونسو: «عندما تبلغ الأدوار الإقصائية فإن المباريات مسألة حياة أو موت. على الرغم من أننا لم نخلق فرصا كثيرة لكننا سيطرنا على المباراة تماما». وتابع: «في هذا النوع من المباريات كان ردنا على أرض الملعب. سيطرنا من البداية وحتى النهاية، بالطبع تسجيل هدف مبكر ساعدنا كثيرا»، مضيفا: «بالطبع أنا سعيد لأني احتفلت بخوضي مباراتي المائة وتسجيل هدفين، وتم اختياري أفضل لاعب في المباراة وبلغ فريقي الدور نصف النهائي».

وعن المباراة فقد بدأت بمرحلة جس نبض من الجانبين، حيث توخى كل منهما الحذر الدفاعي في الدقائق الأولى دون أي اختبار لحارسي المرمى.

وفي أول اندفاعة هجومية طالب لاعبو المنتخب الإسباني بضربة جزاء في الدقيقة السادسة بدعوى قيام جايل كليتشي مدافع فرنسا بدفع سيسك فابريغاس داخل منطقة الجزاء، لكن الحكم الإيطالي نيكولا ريتسولي أشار بمواصلة اللعب.

وسيطر المنتخب الإسباني على مجريات اللعب بشكل أكبر وأحكم قبضته على وسط الملعب، حيث واجه المنتخب الفرنسي صعوبة كبيرة في الوصول إلى منطقة جزاء منافسه.

وفرض لاعبو المنتخب الفرنسي رقابة دفاعية لصيقة على إنيستا بينما افتقد فابريغاس السرعة والمهارة اللازمة في اللمسات الأخيرة للهجمات.

وعانى المنتخب الإسباني من التكتل الدفاعي للاعبي فرنسا وحاول بشتى الطرق الاختراق للوصول إلى المرمى. وفي الدقيقة الـ19 نجح الماتادور في اختراق دفاع الديوك، حيث انطلق المدافع خوردي ألبا من الناحية اليسرى وتوغل داخل منطقة الجزاء ثم مرر عرضية رائعة إلى تشابي ألونسو الذي قابل الكرة برأسه قوية إلى داخل الشباك، معلنا تقدم إسبانيا 1 / صفر في الدقيقة الـ19.

وحاول المنتخب الإسباني استغلال الارتباك في صفوف منافسه، ونجح بالفعل في الوصول إلى منطقة جزائه، لكنه أهدر أكثر من فرصة لتسجيل الهدف الثاني.

وكثف المنتخب الإسباني تركيزه على الاستحواذ على الكرة قدر الإمكان انتظارا لفرصة يمكنه من خلالها الوصول مجددا إلى المرمى الفرنسي. وحصل الإسباني سيرخيو راموس على إنذار في الدقيقة الـ31 لاستخدام الخشونة مع الفرنسي كريم بنزيمة زميله بفريق ريال مدريد.

وتصدي يوهان كابا للركلة وسددها بمهارة، لكن حارس المرمى الإسباني إيكر كاسياس تصدى لها ببراعة وأخرجها إلى ركنية لم تستغل.

وفي الدقيقة الـ38 مرر فابريغاس عرضية رائعة إلى إنيستا الذي اندفع لتسديدها، لكن المدافع الفرنسي لوران كوتشيلني تدخل في الوقت المناسب وأنقذ منتخب بلاده من هدف محقق.

وحصل الفرنسي كابا على إنذار في الدقيقة الـ42 بدعوى الخشونة مع سيرجيو بوسكيتس. ولم تسفر الدقائق الأخيرة من الشوط الأول عن جديد لنتهي بتقدم المنتخب الإسباني 1 / صفر.

وفي الشوط الثاني اختلف الحال كثيرا حيث أعاد المنتخب الفرنسي تنظيم صفوفه وأظهر حماسا هجوميا صنع من خلاله أكثر من فرصة تهديفية. وتوالت المحاولات الفرنسية أملا في إدراك التعادل، لكنّ لاعبيه فشلوا في اختراق الدفاع الإسباني.

وكاد المنتخب الفرنسي أن يحقق مبتغاه في الدقيقة الـ60 حيث راوغ النجم فرانك ريبيري أكثر من مدافع ثم مرر عرضية إلى ماتيو دوبوشي الذي سدد الكرة برأسه، لكنها مرت فوق العارضة مباشرة.

وأتيحت فرصة أخرى خطيرة للمنتخب الفرنسي في الدقيقة الـ62 وسط ارتباك إسباني، لكن الدفاع نجح في إنقاذ المرمى وشتت الكرة بصعوبة.

وفي الدقيقة الـ64 أجرى لوران بلان المدير الفني للمنتخب الفرنسي تغييرين دفعة واحدة، حيث أشرك جيريمي مينيز بدلا من دوبوشي وسمير نصري في الهجوم بدلا من فلوران مالودا. كذلك أجرى دل بوسكي المدير الفني للمنتخب الإسباني تغييرا بإشراك بيدرو رودريجيز بدلا من ديفيد سيلفا، وبعدها بأقل من دقيقتين دفع بفيرناندو توريس بدلا من فابريغاس.

وفي الدقيقة الـ70 مرر بيدرو عرضية رائعة داخل منطقة الجزاء، لكن المدافع الفرنسي كوتشيلني أطاح بها قبل أن تصل إلى قدم توريس أمام المرمى. ورد ريبيري بهجمة خطيرة للمنتخب الفرنسي في الدقيقة الـ71، لكن الحارس الإسباني كاسياس تصدى للكرة ببراعة.

ودفع فيسنتي دل بوسكي بسانتي كازورلا بدلا من أندريس إنيستا في الدقيقة الـ84 لتعزيز مناطق دفاعه أمام اندفاع المنتخب الفرنسي في الدقائق الأخيرة، أملا في إدراك التعادل، لكن المنتخب الإسباني قضى على أي آمل للفرنسيين حيث احتسب الحكم ضربة جزاء لصالحه عندما عرقل أنطوني ريفيليه الجناح بيدرو داخل منطقة الجزاء، وتقدم ألونسو لتسديد ضربة الجزاء، محرزا منها الهدف الثاني له وللمنتخب الإسباني ليصعد ببلاده إلى المربع الذهبي في البطولة الأوروبية.