دل بوسكي يبحث عن مجد «الثنائية الكبرى».. وبنتو عن حلم اللقب الأول

مدربا إسبانيا والبرتغال يتطلعان إلى دخول التاريخ من بابه العريض

TT

يبدو مدرب منتخب إسبانيا فيسنتي دل بوسكي على بعد خطوتين من أن يصبح ثاني مدرب في التاريخ بعد الألماني هلموت شون يقود فريقه إلى إحراز كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية. وكان دل بوسكي (61 عاما) تسلم تدريب المنتخب الإسباني خلفا للويس أراغونيس الذي قاد المنتخب الإسباني إلى إحراز كأس أوروبا 2008، قبل أن يقوده إلى المجد العالمي في مونديال 2010 في جنوب أفريقيا.

ودفع التتويج العالمي ملك إسبانيا خوان كارلوس إلى منح دل بوسكي وسام الماركيز الأول تقديرا لإنجازاته على رأس الجهاز الفني للمنتخب الإسباني. ويتعين على المدرب صاحب الشارب العريض أن يتخطى البرتغال في نصف النهائي ثم ألمانيا أو إيطاليا في مباراة القمة ليدخل التاريخ من بابه العريض. وإذا قدر للمنتخب الإسباني إحراز اللقب القاري فإنه سيصبح أول فريق يحرز ثلاثة ألقاب كبيرة على التوالي، لكن الأمور لن تكون سهلة قبل تحقيق ذلك.

وكان أراغونيس وضع حدا للحرمان دام أربعة عقود عندما قاد إسبانيا إلى إحراز كأس أوروبا الأخيرة في سويسرا والنمسا بعد غياب عن منصة التتويج منذ عام 1964 عندما استضافت البطولة. وورث دل بوسكي فريقا يلعب أسلوبا معينا هو «تيكي تاكا»، أي التمريرات القصيرة والتمركز الجيد في الملعب والاستحواذ على الكرة، الذي يعتمد عليه بفعالية كبيرة نادي برشلونة، وذلك بفضل مجموعة من اللاعبين الأفذاذ أمثال تشافي هرنانديز واندريس انييستا الذين نسخوا نوعا ما أسلوب الكرة الشاملة التي تميز بها الهولنديون في السبعينات.

ويبدو أن هدوء دل بوسكي والاحترام الذي يكنه له اللاعبون كانا عاملين هامين في إبعاد المشكلات عن صفوف المنتخب الإسباني رغم أن المدرب اتخذ قرارات صعبة مثل استبعاد فرناندو توريس من التشكيلة الأساسية وإشراكه احتياطيا في جميع المباريات حتى الآن باستثناء اللقاء ضد جمهورية آيرلندا. ويقول المدرب: «نحن محظوظون كوننا نملك جيلا ذهبيا من اللاعبين، وهؤلاء ليسوا فقط موهوبين جدا، بل هم أناس طيبون أيضا ومتواضعون». ويملك دل بوسكي سجلا رائعا على رأس الجهاز الفني للمنتخب، فقد حقق فريقه الفوز في 10 مباريات في تصفيات كأس العالم في 10 لقاءات، كما بلغ نهائيات كأس أوروبا الحالية بفوزه في مبارياته الثماني. ولم يخسر المنتخب الإسباني بإشراف دل بوسكي سوى مباراتين رسميتين في كأس القارات عام 2009 ضد الولايات المتحدة، وضد سويسرا في مباراته الافتتاحية في كأس العالم 2010.

أمضى دل بوسكي معظم مسيرته كلاعب في صفوف ريال مدريد، حيث فاز باللقب المحلي خمس مرات وكأس إسبانيا أربع مرات بين 1974 و1982. وشارك دل بوسكي في كأس أوروبا 1980 في إيطاليا قبل أن ينتقل إلى مجال التدريب. وتسلم الإشراف على ريال مدريد خلفا للويلزي جون توشاك عام 1999، وقاد الفريق الملكي إلى اللقب المحلي مرتين وإلى دوري أبطال أوروبا مرتين أيضا. لكن عقده لم يجدد عام 2003 لأن رئيس الفريق آنذاك وحاليا فلورنتيو بيريز اعتبر أنه لا يملك الكاريزما اللازمة للإشراف على مجرة النجوم، فأقاله وعيّن مكانه البرتغالي كارلوس كيروش من دون أن يصيب نجاحا. لقد وعد دل بوسكي الجماهير الإسبانية بأنها ستضحك في النهاية ويبقى أن يفي بوعده.

في المقابل عرف مدرب البرتغال باولو بنتو بأنه كان لاعب وسط دفاعيا خلال مسيرته الكروية ولا يتردد في التصدي للاعبين المنافسين بصلابة، وقد نقل عدوى الروح القتالية إلى لاعبي فريقه بعد أن تسلم تدريب المنتخب الوطني. وتلتقي البرتغال مع جارتها في شبه الجزيرة الأيبيرية إسبانيا في الدور نصف النهائي من كأس أوروبا في مباراة تفوح منها رائحة الثأر، كون إسبانيا حاملة اللقب القاري أزاحت جارتها من الدور الثاني في مونديال جنوب أفريقيا 2010 في طريقها لإحراز اللقب.

وإذا قدر للبرتغال تخطي العقبة الإسبانية فإنها ستبلغ المباراة النهائية في بطولة للمرة الثانية في تاريخها بعد كأس أوروبا 2004 التي استضافتها على أرضها وخسرتها بشكل مفاجئ أمام اليونان صفر - 1. وبفضل تألق النجم كريستيانو رونالدو بشكل كبير في البطولة الحالية، خصوصا في المباراتين الأخيرتين ضد هولندا وجمهورية التشيك وتسجيله ثلاثة أهداف، تبدو الآمال عالية لبلوغ مباراة القمة المقررة في الأول من يوليو (تموز) المقبل، بيد أن بنتو لا يريد أن يحلم كثيرا.

قد يكون بنتو البالغ من العمر 43 عاما أصغر مدرب في البطولة الحالية، لكن سلوكه في المؤتمرات الصحافية يجعلك تشعر وكأنه يملك خبرة كبيرة في مجال التدريب. ويعتبر بنتو أن اللعب الجماعي هو الأهم، وعلى الرغم من أن الأنظار مسلطة بقوة على رونالدو فإنه يرفض التحدث عن لاعب معين، وقال في هذا الصدد: «لا أود الحديث عن لاعبين معينين بعد المباراة. فأنا أحلل لعب الفريق ككل بعد كل مباراة وليس ما قدمه هذا اللاعب أو ذاك». وقد رفض بنتو الإشادة برونالدو قائد الفريق بعد تألقه في المباراتين الأخيرتين ضد هولندا وجمهورية التشيك، فهو يركز على الكفاح والاستراتيجية المثالية وروح الفريق وتنظيمه، ولا يريد التحدث عن المجد قبل أوانه. وكان بنتو خلف كارلوش كيروش في سبتمبر (أيلول) عام 2010 بعد أن حقق نجاحات بارزة في صفوف فريقه سبورتينغ لشبونة. منذ البداية فرض شخصيته القوية، ولم يتردد في إبعاد صخرة الدفاع ريكاردو كارفاليو.

قد تكون إسبانيا على شفير إحراز ثلاثية غير مسبوقة بعد أن توجت بطلة لأوروبا عام 2008 ثم لكأس العالم 2010، لكن بنتو قاد فريقه إلى فوز ساحق على المنتخب الإسباني 4 - صفر في آخر مباراة ودية جمعت بينهما في لشبونة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010. ويتحدث بنتو بلهجة الواثق من قدرات فريقه على بلوغ النهائي وما ينتظرهم في مباراة اليوم بقوله: «لقد عملنا بجهد كبير للوصول إلى هنا، والآن سنحاول أن نخوض المباراة بأفضل ظروف ممكنة». وأضاف: «لم يساورني أي قلق بشأن هؤلاء اللاعبين لأنهم يملكون النوعية ويبذلون جهودا شاقة. لدي إيمان كبير باللاعبين الـ23 وسنظهر ردنا ضد إسبانيا». أظهر المنتخب البرتغالي بإشراف بنتو فعالية كبيرة وتوازنا في جميع خطوطه، وعلى الرغم من أن نسبة استحواذه على الكرة متدنية بعض الشيء (46 في المائة)، فإنه نجح في بلوغ نصف النهائي. يبدو بنتو على بعد خطوتين من بلوغ المجد الكروي ولا يريد إضاعة هذه الفرصة.