هل يمر مجد المنتخب الإسباني عبر «بوابة فابريغاس»؟

4 أعوام تفصل بين ركلتي ترجيح قد تدون اسم إسبانيا في سجل الإنجازات القياسية

TT

ركلتان ترجيحيتان تفصل بينهما أربعة أعوام لكنهما قد تشكلان الرابط الذي سيدون اسم إسبانيا في سجل الإنجازات التاريخية، وبطلهما هو لاعب واحد اسمه سيسك فابريغاس الذي أصر أول من أمس على مدربه فيسنتي دل بوسكي ليكون صاحب الركلة الترجيحية الأخيرة لبلاده أمام البرتغال.. فهل كان يعلم باطنيا أن مجد المنتخب الإسباني يمر عبره. «سيسك قال لي إنه يريد تنفيذ الركلة الترجيحية الأخيرة لكي يتمكن من أن يكون صاحب الفوز»، هذا ما قاله دل بوسكي بعد مباراة أول من أمس التي شهدت فوز منتخبه على نظيره البرتغالي بركلات الترجيح 4 - 2 بعد تعادلهما صفر - صفر في الوقتين الأصلي والإضافي.

كان فابريغاس صاحب الركلة الترجيحية الأخيرة التي حملت بلاده إلى النهائي، كما كانت حاله قبل أربعة أعوام في فيينا حين سجل الركلة الترجيحية الأخيرة لبلاده أمام إيطاليا في الدور ربع النهائي من كأس أوروبا 2008 ليقودها إلى الفوز 4 - 2 والتأكيد أنه أصبح بإمكانها أخيرا الفوز على الكبار، وهذا ما أكدته بعد أسبوع من مباراتها مع المنتخب الألماني بفوزها على ألمانيا في النهائي 1 - صفر، لتحقق لقبها الأول منذ 1964 حين توجت أيضا بطلة لأوروبا.

وكان اللقب القاري قبل أربعة أعوام مفتاح عبور إسبانيا إلى نادي الكبار وقد نجح المنتخب الإسباني أخيرا في فك عقدته كالمنتخب المرشح دائما دون أن يحقق الألقاب، وأصبح اليوم على بعد تسعين دقيقة من دخول التاريخ كأول منتخب يتوج بثلاثية كأس أوروبا - كأس العالم - كأس أوروبا. «أعتقد أننا غيرنا طريقة تفكيرنا بعد تلك المباراة»، هذا ما قاله المدافع جيرار بيكيه عن مباراة إيطاليا في الدور ربع النهائي من كأس أوروبا 2008، مضيفا «قبل ذلك، عندما كانت إسبانيا تصل إلى ربع النهائي كنا نلعب من أجل أن لا نخسر. ومنذ حينها، نحن نلعب من أجل الفوز».

بعد أربعة أعوام على ربع نهائي 2008، ها هو فابريغاس يلعب مجددا دورا مفصليا في تاريخ المنتخب الإسباني رغم أنه لم يتمكن حتى الآن من فرض نفسه أساسيا في التشكيلة وهو دخل إلى مباراة أول من أمس في الشوط الثاني كبديل لألفارو نيغريدو. وبالإمكان القول إن فرحة التأهل إلى النهائي كادت أن تتحول حسرة بالنسبة لفابريغاس لو لم يسعف الحظ صانع ألعاب برشلونة الحالي وآرسنال الإنجليزي السابق، وذلك لأن الكرة التي سددها ارتدت من القائم الأيمن ثم تحولت إلى داخل الشباك.

ما هو مؤكد أن المنتخب الإسباني ليس في قمة عطاءاته في البطولة القارية الحالية، ويبدو أن ما كان يعتبر في 2008 قوة صاعدة على الساحة العالمية أصبح اليوم منتخبا منهكا بعض الشيء يعاني من الناحية التهديفية رغم هيمنته على أجواء المباريات. صحيح أن المنتخب الإسباني لم يتلق أي هدف في تسع مباريات على التوالي في الأدوار الإقصائية، لكنه توج بلقب مونديال جنوب أفريقيا بأربعة انتصارات متتالية بهدف يتيم أمام البرتغال ثم الباراغواي وألمانيا وأخيرا هولندا.

وكما كانت حاله أمام فرنسا في ربع النهائي وأمام كرواتيا في الدور الأول، فرض المنتخب الإسباني همينته الميدانية على مباراة أول من أمس أمام البرتغال دون أن يتمكن من تهديد مرمى الحارس روي باتريسيو بشكل فعلي حتى الوقت الإضافي، وحتى حينها لم يضطر الأخير إلا للتدخل على تسديدتين لأندريس انييستا وخيسوس نافاس. «كانت مباراة صعبة ولم تكن الأفضل لنا لأنهم صعبوها علينا»، هذا ما اعترف به مدافع المنتخب الإسباني سيرخيو راموس، مضيفا «يحبون تناقل الكرات والانطلاق بالهجمات المرتدة، والوضع كان صعبا علينا».

وحاول المدرب فيسنتي دل بوسكي أن يفاجئ البرتغاليين بإشراك نيغريدو أساسيا للمرة الأولى في البطولة القارية، لكن مهاجم اشبيلية لم يقدم شيئا يذكر ولم يسدد على المرمى ولو مرة واحدة ما تسبب باستبداله بفابريغاس الذي كان بدوره موضوع اختبار بالنسبة للمدرب كما حال فرناندو توريس لأن الأول شارك أساسيا أمام إيطاليا (1 - 1) ثم ترك مكانه للثاني أمام آيرلندا (4 - صفر). ورغم نجاح فابريغاس في إدراك التعادل لبلاده أمام إيطاليا والثنائية التي سجلها توريس أمام آيرلندا، لم يتمكن أي من منهما من فرض نفسه على دل بوسكي كلاعب لا يمكن الاستغناء عنه في التشكيلة الأساسية. وإذا كان فابريغاس وتوريس نالا فرصتهما في البطولة القارية كما حال نيغريدو، فإن مهاجم أتلتيك بلباو فرناندو يورنتي لم يطأ أرضية الملعب حتى الآن رغم الموسم الرائع الذي قدمه في الدوري المحلي أو مسابقة الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ» أو الكأس المحلية.

ورغم فشله في أن يكون ضمن الركائز الأساسية الدائمة، كزميليه في برشلونة أندريس انييستا وتشافي هرنانديز، يلعب فابريغاس دورا مؤثرا تماما في فريق دل بوسكي الذي بإمكانه الاعتماد على الآخرين خيسوس نافاس وبدرو رودريغيز اللذين منحا المنتخب دفعا هجوميا هاما في مباراة أول من أمس. ورأى دل بوسكي أن المشكلات التي واجهت البرتغال أمام إسبانيا كانت أكبر بوجود فابريغاس ونافاس وبدرو، ورغم أن هناك احتمال أن يكون سيسك ضمن التشكيلة الأساسية للمباراة النهائية الأحد المقبل في كييف، فمن المستبعد جدا أن يتمكن الأخيران من شق طريقهما إلى الـ11 الأساسيين.

ورغم استراتيجية التغيير في التشكيلة، يبدو دل بوسكي محافظا على التركيبة التي منحته النجاح في جنوب أفريقيا قبل عامين وهي التمرير، ثم التمرير، ثم التمرير، وإذا لم يفلح الأمر فاللجوء إلى مقاعد الاحتياط. إن الأداء الذي قدمه المنتخب الإسباني في كأس أوروبا كان محط انتقاد وهذا ما اعترف به الحارس والقائد إيكر كاسياس، لكن هل بدأ يخسر الموقع الذي كسبه في قلوب المشجعين «المحايدين» بفضل الأداء الرائع الذي ترافق مع ما حققه في الأعوام الأربعة الأخيرة، وهل بدأت حسابات الألقاب تلعب دورها في دفعه إلى أن يكون متحفظا؟ ما هو مؤكد أن الإسبان لن يكترثوا لجميع هذه الانتقادات في حال تمكنوا الأحد من رفع الكأس القارية للمرة الثالثة في تاريخهم.