الماتادور الإسباني يواصل كتابة التاريخ ويسيطر أوروبيا وعالميا

أول منتخب يتوج باللقب الأوروبي مرتين متتاليتين وبينهما كأس العالم.. ويفجر الاحتفال في عموم البلاد

TT

عمت الاحتفالات كل أرجاء المدن الإسبانية احتفالا بتتويج المنتخب بلقب كأس الأمم الأوروبية للمرة الثانية على التوالي عبر الفوز الساحق على إيطاليا بأربعة أهداف نظيفة في المباراة النهائية للبطولة على الاستاد الأولمبي بالعاصمة الأوكرانية كييف. وبمجرد أن أطلق الحكم البرتغالي بيدرو بروينسا صافرة نهاية المباراة امتلأت شوارع كل مدن وقرى إسبانيا بالجماهير المنتشية، وانطلقت أبواق السيارات واختفى القمر عن الأنظار بفعل السحب الدخانية للألعاب النارية.

وشاهد أكثر من 20 مليون إسباني المباراة النهائية ليورو 2012، نصفهم تقريبا تابعوا اللقاء في حفلات خارجية وفي الميادين.

وحقق الماتادور الإسباني إنجازا تاريخيا غير مسبوق وأصبح أول منتخب يتوج باللقب الأوروبي مرتين متتاليتين كما أصبح أول منتخب يفوز بثلاثة ألقاب متتالية في البطولات الكبيرة حيث بدأها بإحراز لقب يورو 2008 في النمسا وسويسرا ثم لقب كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا وأخيرا بإحراز لقب يورو 2012.

وبح صوت المهاجم الإسباني السابق فرناندو موريانتس بسبب انفعاله بإنجاز منتخب بلاده، قائلا: «إنجاز مذهل، تاريخي، من الصعب إيجاد الكلمات اللازمة لوصف ذلك».

وأوضح موريانتس أن المنتخب الإيطالي حالفه سوء حظ بسبب إصابة تياغو موتا وخوض فترات طويلة من الشوط الثاني بعشرة لاعبين، ولكنه في الوقت ذاته نوه عن أن «إسبانيا تفوقت منذ البداية وحتى النهاية».

وخرجت الصحافة الإسبانية أمس لتحيي المنتخب الذي وصفته بأنه «الأفضل في التاريخ».

وبعناوين: «تاريخية»، «إسبانيا تحقق التتويج الثلاثي» و«دخلت الأسطورة»، «ما لم يحققه أحد»، أبدت الصحف حماسة كبرى لفوز المنتخب بكأس أوروبا.

وكتبت الصحيفة الرياضية «موندو ديبورتيفو» على صفحتها الأولى، «تاريخية. ثلاثية أسطورية: كأس أوروبا.. 2008 كأس العالم، 2010 وكأس أوروبا 2012».

ولم تتردد «ماركا» في كتابة: «إسبانيا ولا أحد غيرها - الماتادور أظهر أنه أفضل منتخب في كل العصور»، مثلها مثل صحيفة «إس» التي كتبت على صفحتها الأولى: «المنتخب الأفضل في التاريخ». وكما العديد من الصحف اليومية، كتبت «إل بايس» على صفحتها الأولى: «حققت إسبانيا التتويج الثلاثي. الفوز بكأس أوروبا جعل المنتخب أسطورة».

وذهبت «إل موندو» أبعد في القول إن إسبانيا حققت «ما لم يحققه أحد أبدا»، بينما عنونت «إي بي سي»: «إسبانيا لا تقهر». وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها: «تقدم نجاحات المنتخب الإسباني راحة غير مباشرة في مواجهة النتائج المدمرة للركود والبطالة اللذين يعاني منهما المجتمع الإسباني». وتابعت بأنه «لا يمكن الاستعاضة بكرة القدم عن إدارة سياسية سليمة أو رخاء اقتصادي، ولكن يمكنها أن تعطي جرعة من الثقة في الأوقات الصعبة».

وجاء فوز المنتخب الإسباني على نظيره الإيطالي 4-صفر تتويجا لمسيرته الناجحة في البطولة التي استضافتها أوكرانيا وبولندا في مواجهة مكررة بين الفريقين بعدما تعادلا 1-1 في أولى مبارياتهما بالدور الأول للبطولة. وواصل المنتخب الإسباني كتابة التاريخ وتوج مهاراته وإمكاناته بإنجاز جديد غير مسبوق، حيث أصبح أول منتخب يتوج باللقب الأوروبي مرتين متتاليتين، ثم لقب كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.

كما عادل المنتخب الإسباني الرقم القياسي لنظيره الألماني في عدد مرات الفوز باللقب برصيد ثلاثة ألقاب، بعدما استحوذ الألمان على الرقم القياسي لمدة 16 عاما.

وحقق المنتخب الإسباني أول فوز له في المباريات الرسمية على نظيره الإيطالي (الآزوري) بعدما فشل في ذلك لعقود طويلة وإن اجتاز العقبة الإيطالية في دور الثمانية للبطولة الماضية (يورو 2008) بضربات الترجيح.

وفي 30 مباراة سابقة بين الفريقين على المستويين الرسمي والودي، فاز المنتخب الإسباني في ثماني مباريات فقط مقابل عشر هزائم و12 تعادلا بين الفريقين. وهو الفوز الأول لإسبانيا على إيطاليا في 8 مباريات جمعت بينهما في البطولات الكبرى. وكانت إيطاليا عقدة إسبانيا، وعلى الرغم من تخطي الأخيرة للآزوري في ربع نهائي النسخة الأخيرة عام 2008 فإنها لم تحسم النتيجة في الوقت الأصلي واحتاجت إلى ركلات الترجيح (4 - 2) بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي. كما أن تعادلهما في الجولة الافتتاحية للنسخة الحالية (1 - 1) أكد التفوق الإيطالي (3 انتصارات و4 تعادلات) قبل أن تفك إسبانيا النحس في النهائي بعرض رائع. وحرمت إسبانيا إيطاليا بطلة العالم 4 مرات (1934 و1938 و1982 و2006) من التتويج باللقب القاري الثاني في تاريخها بعد الأول عام 1968. واستحقت إسبانيا اللقب لأنها قدمت عرضا رائعا وتسيدت مجريات المباراة من البداية وحتى النهاية خلافا للمواجهة الأولى بين المنتخبين في الجولة الأولى من الدور الأول والتي انتهت بالتعادل 1 - 1. وخلافا لتلك المباراة التي كانت فيها إيطاليا سباقة إلى التسجيل عبر انطونيو دي ناتالي في الدقيقة (61) قبل أن يرد فرانشيسك فابريغاس بالتعادل في الدقيقة (64)، لم يترك الإسبان مجالا للطليان للدخول في مجريات المباراة ولقنوهم درسا في فنون اللعبة خصوصا في الدقائق الـ30 الأخيرة من الشوط الثاني والتي لعبها الإيطاليون بعشرة لاعبين إثر إصابة البديل تياغو موتا بتمزق عضلي في فخذه اليمنى حيث استنفد مدربهم تشيزاري برانديلي التبديلات القانونية.

وكانت إسبانيا صاحبة الأفضلية في بداية المباراة واستحوذت على الكرة بنسبة كبيرة في سعيها إلى هز الشباك وتأتى لها ذلك مبكرا عبر سيلفا قبل أن تتراجع نسبيا أمام الضغط الإيطالي لإدراك التعادل، بيد أن الهجمات المرتدة لأبطال العالم كانت خطرة وأثمرت هدفا ثانيا للمدافع السابق لفالنسيا والجديد لبرشلونة ألبا. ودفع برانديلي بانطونيو دي ناتالي مكان كاسانو مطلع الشوط الثاني، ومن بعده ورقته الأخيرة تياغو موتا مكان ريكاردو مونتوليفو، لكن دون جدوى لأن إسبانيا كانت الأفضل والأكثر استحواذا على الكرة، كما أن موتا لم يلعب سوى 4 دقائق حيث تعرض لإصابة في فخذه اليمنى واضطر إلى ترك الملعب ليكمل منتخب بلاده المباراة بعشرة لاعبين، وهو ما استغله أبطال العالم لإضافة هدفين عبر البديلين توريس وماتا.

وحسم المنتخب الإسباني المباراة بشكل كبير في شوطها الأول بهدفين سجلهما ديفيد سيلفا وخوردي ألبا في الدقيقتين 14 و41 وتصدى حارس المرمى الإسباني إيكر كاسياس لأكثر من هدف محقق ليحافظ على نظافة شباكه في النهائي، وهي التي لم تهتز سوى مرة واحدة في البطولة الحالية، وكانت في لقاء إيطاليا بالدور الأول.

وعادل كاسياس بذلك الرقم القياسي لعدد المباريات التي يحافظ فيها أي حارس على شباكه نظيفة في نهائيات البطولات الأوروبية وهو الرقم الذي كان مسجلا باسم حارس المرمى الهولندي السابق إدوين فان دير سار، برصيد تسع مباريات.

وسنحت أكثر من فرصة لكل فريق، وخاصة المنتخب الإسباني في الشوط الثاني ونجح فيرناندو توريس في تسجيل الهدف الثالث للماتادور في الدقيقة 84 ليضاعف محنة الآزوري في الدقائق الأخيرة بعدما حرم الفريق من لاعبه البديل تياغو موتا في آخر نصف ساعة من المباراة بسبب الإصابة، وذلك بعد ست دقائق من نزوله.

وبعدها بأربع دقائق، أهدى توريس زميله البديل الآخر خوان ماتا هدفا رائعا عندما مرر إليه الكرة بإتقان ليسجل ماتا الهدف الرابع لإسبانيا في الدقيقة 88 بعد دقيقة واحدة من نزوله.

وبذلك، حقق المنتخب الإسباني أكبر هامش فوز في المباريات النهائية للبطولات الأوروبية حيث كانت أكبر نتيجة سابقة هي فوز ألمانيا على منتخب الاتحاد السوفياتي السابق 3-صفر في نهائي يورو 1972.

وحقق المنتخب الإسباني الفوز الثالث له في أربع مباريات نهائية خاضها في تاريخ مشاركاته بالبطولة الأوروبية حيث فاز باللقب أعوام 1964 و2008 و2012 وخسر النهائي عام 1984.

وحافظ الفريق على سجله خاليا من الهزائم للمباراة التاسعة عشر على التوالي على مستوى المباريات الرسمية.

كما كانت المباراة هي العاشرة على التوالي للفريق في الأدوار الفاصلة بالبطولات الكبيرة (كأس العالم وكأس أوروبا) والتي يحافظ فيها على نظافة شباكه وذلك في غضون ست سنوات حيث كانت آخر مباراة اهتزت فيها شباكه بالأدوار الفاصلة في هذه البطولات عندما خسر أمام نظيره الفرنسي في دور الستة عشر لكأس العالم 2006 بألمانيا.

وفي المقابل، خسر المنتخب الإيطالي المباراة النهائية للمرة الثانية حيث سبق له الخسارة في نهائي 2000 أمام فرنسا بينما فاز باللقب مرة واحدة سابقة بالفوز على المنتخب اليوغسلافي السابق في نهائي 1968.

وهزيمة أول من أمس هي الأولى للمنتخب الإيطالي في جميع المباريات الرسمية التي خاضها تحت قيادة مديره الفني تشيزاري برانديللي الذي تولى تدريب الفريق عقب الخروج المبكر المهين للفريق من الدور الأول لكأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.

وشق المنتخب الإسباني طريقه إلى المباراة النهائية بالتعادل 1-1 مع إيطاليا ثم الفوز على آيرلندا 4-صفر وعلى كرواتيا 1-صفر في دور المجموعات قبل أن ينجح الماتادور في الفوز على فرنسا بهدفين نظيفين في دور الثمانية وبضربات الجزاء الترجيحية 4-2 على البرتغال في المربع الذهبي بعدما انتهى الوقتان الأصلي والإضافي بتعادل الفريقين سلبيا.

فيما صعد الآزوري إلى المباراة النهائية بتعادله مع إسبانيا 1-1 ومع كرواتيا بنفس النتيجة ثم الفوز على آيرلندا 2-صفر وعلى إنجلترا 4-2 بضربات الجزاء الترجيحية في دور الثمانية ثم على ألمانيا 2-1 في المربع الذهبي.