بلاتيني: «يورو 2012» قدمت كرة قدم هجومية وأثبتت أنها بطولة استثنائية

بولندا وأوكرانيا اجتازتا الاختبار الصعب داخل الميدان وخارجه ونظمتا بطولة رائعة

TT

من الضربة الرئيسية لروبرت لوفاندوفسكي للمنتخب البولندي في المباراة الافتتاحية إلى الهدف الرابع لخوان ماتا للمنتخب الإسباني في المباراة النهائية التي فاز فيها الفريق على 4-صفر في المباراة النهائية، شهدت يورو 2012 تسجيل 76 هدفا، بفارق هدف واحد عن آخر نسختين لكأس الأمم الأوروبية، وبفارق تسعة أهداف عن يورو 2000.

ورغم ذلك فإن بطولة يورو 2012 ستظل عالقة في الأذهان بسبب الطريقة التي ظهرت بها الجماهير والدولتان المنظمتان، بولندا وأوكرانيا وكذلك الأهداف التي تم تسجيلها أو طريقة اللعب، رغم الرقم القياسي العالمي الذي حققه المنتخب الإسباني بتتويجه بثالث لقب لبطولة كبرى على التوالي، بعد لقبي يورو 2008 ومونديال 2010.

وأصيبت الدولتان المنظمتان بخيبة أمل لعدم تجاوزهما دور المجموعات، ولكنهما نالا الإشادة لتنظيمهما بطولة ناجحة بعدما كان الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) أعرب عن تخوفه من إمكانية عدم جاهزية أوكرانيا في الوقت المناسب لاحتضان فعاليات البطولة.

وقال الفرنسي ميشال بلاتيني رئيس اليويفا «نظمت بولندا وأوكرانيا بطولة رائعة ستظل عالقة في ذاكرتنا.. شعار نحقق التاريخ سويا (شعار يورو 2012) لم يكن ليصبح أكثر صحة فيما يتعلق بالاقتصاد والبنية التحتية وتنمية كرة القدم والتنمية المحلية».

وأضاف: «أظهرت بولندا وأوكرانيا أنهما على قدر مسؤولية تنظيم البطولة.. وأظهر الشعبان البولندي والأوكراني حماسهما ووضعا سقفا عاليا للغاية للمستقبل.. سيكون من الصعب للغاية محاكاته.. ترك اليورو إرثا مهما في الدولتين».

وأعرب مسؤولو كرة القدم عن رضاهم بشكل خاص إزاء الود الذي شهدته البطولة، حيث التزمت الجماهير إلى أقصى حد، وقد فوجئت هذه الجماهير بالاستقبال الدافئ والجهود الكبيرة في الدولتين.

واستمتع مئات الآلاف من المشجعين بمشاهدة المباريات والاستماع إلى الموسيقى في ساحات الجماهير، حتى بعد خروج بولندا وأوكرانيا من البطولة، فيما ذهبت المخاوف من حدوث أحداث عنصرية في يورو 2012 أدراج الرياح، ورغم ذلك، يجري اليويفا تحقيقات في حوادث فردية حول تعرض لاعبين للإهانة، وقد فرضت غرامات مالية على اتحادات وطنية لكرة القدم.

وربما كانت الوصمة الوحيدة التي شهدتها البطولة هي المشاجرات العنيفة التي اندلعت خلال المباراة الملتهبة بين بولندا وروسيا في وارسو، ولكن المسألة تتعلق بخصومات سياسية قديمة أكثر منه التنافس في كرة القدم.

كذلك أعرب رئيسا الاتحادين البولندي والأوكراني لكرة القدم عن ارتياحهما بشأن الطريقة التي سارت بها البطولة، حيث قال جرزيجورز لاتو رئيس الاتحاد البولندي «اجتازت الدولتان الاختبار بشكل جماعي.. كانت قفزة عالية بالنسبة لنا فيما يتعلق بالتنمية الرياضية والاجتماعية».

من جانبه، أوضح جريجوري سوركيس رئيس اتحاد الكرة الأوكراني: «أظهرت أوكرانيا أننا جزء من البيت الأوروبي.. ستستفيد الأجيال المستقبلية في أوكرانيا أيضا لأن البطولة تركت لنا بنية تحتية رائعة».

وكان دور المجموعات ممتعا ولم يشهد أي تعادل سلبي، وذلك للمرة الأولى منذ صارت كأس الأمم الأوروبية تضم 16 فريقا في عام 1996، وكانت المفاجأة الأبرز هي تعرض المنتخب الهولندي لثلاث هزائم متتالية، بعد أن كان أحد المرشحين للفوز باللقب، كذلك خرج المنتخب الروسي بعدما حقق بداية مبشرة وسحق التشيك 4-1 ولكنه خسر في الجولة الأخيرة أمام اليونان صفر-1 ليخرج من البطولة مبكرا.

وشهدت المرحلة الإقصائية أول الأحداث الدرامية عبر ضربات الجزاء الترجيحية عندما فازت إيطاليا على إنجلترا بضربات الجزاء عقب نهاية الوقت الأصلي والإضافي للمباراة التي جمعت بين الفريقين في دور الثمانية بالتعادل السلبي فيما سحق المنتخب الألماني نظيره اليوناني 4-2 لتصبح المباراة هي الأكثر تسجيلا للأهداف خلال البطولة، كما صعد المنتخب الإسباني إلى المربع الذهبي بالفوز على البرتغال 4-2 بضربات الجزاء الترجيحية.

وحطمت الأحلام الألمانية في البطولة الأوروبية بعد الهزيمة على يد إيطاليا 1-2، بهدفي المشاكس ماريو بالوتيللي.

وشهدت المباراة النهائية تقديم الماتادور الإسباني وجبة كروية دسمة انتهت بسحق إيطالي بأربعة أهداف نظيفة، حيث شارك فرناندو توريس من على مقاعد البدلاء ليسجل الهدف الثالث لبلاده والثالث له في البطولة ثم تكفل بصناعة الهدف الرابع لزميله خوان ماتا، ليفوز بالحذاء الذهبي لهداف البطولة.

ولم تشهد البطولة الكثير أو لم تشهد مطلقا أحداث عنف فيما شهدت مبارياتها ثلاث بطاقات حمراء فقط (بطاقة حمراء واحدة مباشرة) لينال اللاعبون إشادة بلاتيني للعب النظيف.

وقال بلاتيني: «قدم اللاعبون كرة قدم هجومية رائعة.. كان هناك الكثير من الأهداف.. وقد جعلت الجماهير الأجواء استثنائية.. إنني فخور بكل من شارك في هذا المشروع، الاهتمام بالمنتخبات الوطنية كان أيضا واضحا من خلال معدل المشاهدة التلفزيونية.. الكرة الأوروبية ممتعة للغاية». وكانت معايير التحكيم أيضا مرتفعة، غير أن جدلا حول تجاوز الكرة خط المرمى أثار علامة استفهام حول تجربة اليويفا في الاستعانة بخمسة حكام، حيث إنه كما حدث في مونديال 2010 فإن الكرة تجاوزت خط المرمى ولم يتم احتساب هدف، ولكن الضحية هذه المرة كان المنتخب الأوكراني عندما سجل ماركو ديفيتش هدفا في شباك إنجلترا ولكن الحكم تغاضى عن احتسابه.

ورغم ذلك ظل بلاتيني معارضا لفكرة استخدام تكنولوجيا خط المرمى مؤكدا تأييده لفكرة الاستعانة بمساعد للحكم خلف المرمى.

هذه هي البطولة الأخيرة التي تشهد مشاركة 16 فريقا قبل أن يتم زيادة عدد الفرق إلى 24 فريقا بدءا من «يورو 2016» في فرنسا. وبدأ بلاتيني منذ الآن التطلع إلى يورو 2020 حيث كشف مؤخرا عن خطة لإقامة البطولة في أنحاء أوروبا بدلا من دولة واحدة أو دولتين. من جهة أخرى حيا ملك إسبانيا خوان كارلوس إنجاز منتخب بلاده لإحرازه كأس أوروبا 2012 وشكر المدرب فيسنتي دل بوسكي لتحمل الضغط.

وقال خوان كارلوس، 74 عاما، للاعبين الذين تجمعوا لأخذ صورة تذكارية معه في مدريد: «الشعب الإسباني فخور بكم، حقا فخور بكم، وليس لأن كل واحد منكم هو لاعب جيد بل لأنكم رائعون كفريق».

ولم يتمكن الملك خوان كارلوس من حضور المباراة النهائية رغم أنه مشجع للرياضة، وذلك لأسباب صحية، وقال في كلمته للاعبين: «ليس من السهل أن تكون بطلا ثلاث مرات. لقد أدخلتم البهجة على الإسبان جميعهم ليس فقط بالفوز، ولكن لأنكم فريق هائل، ولنتمن أن تستمر هذه المسيرة الجيدة».

كذلك أشاد خوان كارلوس بالمدير الفني دل بوسكي، علما بأنه كان قد منحه وسام «ماركيز» من الدرجة الأولى بعد تتويج المنتخب بلقب كأس العالم 2010، وعنه قال: «قام بعمل رائع وعرف كيف يتحمل الكثير من الأمور، وبالفعل ها هي النتيجة».

ومنح قائد الفريق الحارس إيكر كاسياس الملك قميص إسبانيا وعليها الرقم واحد موقعة من كل اللاعبين. وتحدث اللاعبون مع الملك ونجله ولي العهد الأمير فيليبي وزوجته ليتيسيا، في حين غابت الملكة صوفيا بسبب جولة تقوم بها في الفلبين. وكانت إسبانيا حققت نتيجة ساحقة بفوزها على إيطاليا 4 - صفر في نهائي البطولة القارية.

وكان الملك خوان كارلوس قد خضع العام الحالي في مدريد إلى عملية جراحية الفخذ بسبب كسر ناجم عن تعثر تعرض له خلال زيارة خاصة إلى بوتسوانا حيث كان يشارك في رحلة لصيد الفيلة عندما تعثر وسقط في أحد المخيمات.