الألمان يجددون الثقة في لوف رغم الخروج من نصف نهائي يورو 2012

المدرب أكد أن مستقبلا مشرقا ينتظر «الماكينات».. والجماهير تطالبه بـ«التركيز» على الألقاب

TT

جدد الألمان ثقتهم في المدير الفني للمنتخب الألماني لكرة القدم، وجدد رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم ولفغانغ نيرشباخ ما كان قد أعلنه من قبل وأكد أن وظيفة لوف في أمان حتى ما بعد كأس العالم 2014. ومع عقد يستمر حتى كأس العالم 2014 المقررة في البرازيل، يؤكد المدرب لوف أن مستقبلا مشرقا ينتظر المنتخب الألماني، رغم خروجه من الدور نصف النهائي لكأس أوروبا 2012 بخسارته أمام إيطاليا 1 - 2. لكن المشجعين الألمان قد يحتاجون إلى المزيد من الإقناع بعدما تحطمت في وارسو الطموحات الأوروبية لألمانيا. وعندما ينتقل الألمان إلى البرازيل في 2014، في حال تأهلهم إلى كأس العالم، تكون 18 عاما قد مضت منذ حصولهم على لقب، أي منذ فوزهم بكأس أوروبا 1996.

وقال لوف: «أعتقد أن لدينا سنتين رائعتين. تطور المنتخب في شكل جيد وفزنا في 15 مباراة على التوالي. خرجنا من كأس الأمم الأوروبية أمام منتخب إيطالي قوي جدا، ولا سبب يدعونا إلى الشك». وبعدما أقصت ألمانيا إنجلترا والأرجنتين في طريقها إلى المركز الثالث في كأس العالم 2010، بدا السيناريو أن منتخب لوف سيكون قادرا على الإقدام على الخطوة الإضافية (نحو النهائي) وإثبات صحة وضعه قبل انطلاق البطولة، كمرشح للفوز في نهائي يورو 2012.

ومع 57 فوزا و13 تعادلا و13 خسارة في 83 مباراة منذ تسلمه الدفة، يملك لوف رصيدا يحسد عليه، لكن الضغط ما زال يمارس على المدرب البالغ من العمر 52 عاما لتحويل قدرة ألمانيا غير المشكوك بها نجاحا نهائيا على الصعيد الدولي. ورغم أن الوصول إلى الدور نصف النهائي لبطولة كبرى للمرة الرابعة على التوالي ليس إنجازا عاديا، كانت مهمة ألمانيا دائما أن تعيد الكأس الأوروبية إلى برلين، لكن منتخب لوف ظهر مقصرا في اللحظة الأكثر أهمية.

وبعد أعوام في سدة المسؤولية، يبدو أن البطولة المقبلة في مونديال البرازيل 2014 ستكون الفرصة الأخيرة للوف للفوز بلقب كبير. فبعد انتصارات مقنعة على البرتغال وهولندا والدنمارك واليونان في البطولة الأوروبية، كسب الألمان نقاطا إضافية في كأس أوروبا 2012. فماركوس ريوس المنتقل إلى بوروسيا دورتموند، اثبت نفسه كأحد النجوم الصاعدين في ألمانيا، بينما حجز جيروم بواتينغ مركز الظهير الأيمن لصالحه. ومع معدل أعمار يتجاوز 25 عاما بقليل، كان المنتخب الألماني الأكثر شبابا في البطولة، علما بأن ريوس وبواتينغ لن يبلغا الـ25 قبل كأس العالم المقبلة. لكن من الناحية السلبية، لن تعجب سوى قلة من مشجعي آرسنال بأداء اللاعب المنتقل إلى ناديهم لوكاس بودولسكي، الذي برز بين الحين والآخر، علما بأنه شارك في أكثر من 100 مباراة دولية.

وفي مقاربة مماثلة، بدا أن ثنائي قلب الدفاع هولغر بادشتوبر وماتس هاملز نجحا في تطوير شراكة جيدة، إلى حين أظهر الإيطاليون للثنائي الشاب أنهما ما زالا في حاجة إلى تعلم الكثير. وواجه لوف عن وجه حق بعض الانتقاد للتغييرات المتكررة في تشكيلته، في حين بدا افتقاد المنتخب «الخطة البديلة» مؤلما بعدما ساءت الأمور في الشوط الأول مع إيطاليا.

وكان رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم ولفغانغ نيرشباخ قد قال إن وظيفة لوف في أمان حتى ما بعد كأس العالم 2014. وسيخوض لوف تحديه المقبل في مباراة ودية ضد الأرجنتين في فرانكفورت في 15 أغسطس (آب)، قبل المباراة الأولى في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى كأس العالم ضد جزر الفارو في 7 سبتمبر (أيلول) في هانوفر. وأقر لوف بحاجة المنتخب إلى «هضم هذه البطولة (كأس أوروبا). ما زالت (كأس العالم في) البرازيل بعيدة نسبيا، لذا لن نفكر بالأمر في الأيام القليلة المقبلة. لدينا فريق شاب، لذا لا أعتقد من هذا المنظار أنه ستكون ثمة تغييرات كثيرة».

القدرة والشباب أمران إيجابيان، لكن الجمهور الألماني المهووس بكرة القدم يحتاج إلى أن يرى كؤوسا إذا أراد لوف ألا يقال إن عهده في تدريب المنتخب كان غنيا بالوعود ومقصرا في الوفاء بها. وكان لوف أكد أنه يتحمل مسؤولية هزيمة الفريق أمام نظيره الإيطالي والخروج من الدور قبل النهائي ببطولة كأس الأمم الأوروبية (يورو 2012). وقال لوف مؤخرا «بالطبع أثيرت مناقشات حول التشكيل الأساسي. وأنا أتحمل مسؤولية ذلك. ولكن ليس من الضرورة أن يمثل التشكيل سببا لإهدار الفرصة التهديفية التي أتيحت لنا أمام المنتخب الإيطالي. وأضاف «كانت هذه هي فكرتي لكنها لم تؤد الدور بنسبة 100 في المائة. وكان المنتخب الألماني قد خرج أيضا من الدور قبل النهائي بكل من بطولتي كأس العالم 2006 بالهزيمة أمام إيطاليا وكأس العالم 2010 بالهزيمة أمام إسبانيا، كما خسر أمام نظيره الإسباني في نهائي يورو 2008». وقال لوف «بعض الأخطاء ما كان من المفترض أن ترتكب في مباريات على هذا المستوى». ولكن لوف قال إن فريقه قدم عروضا جيدة بشكل عام وإنه لا يعتزم على الإطلاق فسخ عقده، الذي يستمر حتى كأس العالم 2014 بالبرازيل.

وفي الوقت الذي بدأ فيه في استجماع أفكاره احتدم فيه النقاش حول قدر المسؤولية الذي يتحمله المدرب في خروج ألمانيا من المربع الذهبي ليورو 2012. ووصل الإحباط والغضب إلى معدلات عالية بعد فشل الماكينات مرة أخرى في تجاوز أحد الحواجز الأخيرة في سبيل التتويج باللقب القاري الغائب عن خزانة البلاد منذ عام 1996. ونجح اللاعبون الصغار في فريق لوف في رفع معدل التوقعات خلال العامين الماضيين عبر تحقيق نتائج رائعة امتدت إلى المباريات الأربع الأولى بيورو 2012.

ولكن ليس بالضرورة أن تكون مجموعة اللاعبين الذين قادوا ألمانيا للوصول إلى الدور قبل النهائي بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم هي نفسها التي ستسافر إلى البرازيل في عام 2014 لتمثيل ألمانيا في كأس العالم. ويرجح ألا يتخلى لوف عن سياسته في إجراء التغييرات باستمرار في صفوف الفريق. وتشير التغييرات التي طرأت على الفريق على مدار العامين الماضيين إلى أن لوف سيواصل البحث عن المواهب الشابة الجديدة اعتبارا من الآن وحتى نهائيات كأس العالم 2014 التي يخوضها الفريق في البرازيل في حالة تأهله من التصفيات الأوروبية.

ويشهد المنتخب وفود الكثير من العناصر الشابة بشكل مستمر، وهو ما يقلل متوسط أعمال لاعبي الفريق باستمرار. فمنذ أن تولى المدرب المساعد السابق لوف منصب المدير الفني للمنتخب الألماني خلفا ليورجن كلينسمان عقب كأس العالم 2006، استغنى لوف عن خدمات 30 لاعبا بالإضافة إلى غياب حارس المرمى روبرت إنكه الذي انتحر. وعادة ما يغيب لاعبون عن صفوف المنتخب الألماني بسبب أعمارهم كما أن الغياب يكون في أحيان أخرى بسبب الإصابات أو التراجع في المستوى. وكان القائد السابق مايكل بالاك وحارس المرمى رينيه أدلر من بين اللاعبين الأساسيين الذين فقدوا أماكنهم في المنتخب بسبب الإصابات قبل انطلاق كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا.

وقال شفاينشتايجر «من الطبيعي أن ينضم لاعبون ويغادر آخرون. الشيء المهم هو أن تكون هناك فلسفة يجرى الالتزام بها. ومنذ عام 2005 يتطور منتخبنا باستمرار». ويمكن للاعبين أمثال مسعود أوزيل والحارس مانويل نيوير وهولجر بادشتوبر وتوماس مولر، الذين كانوا مبتدئين في مونديال 2010، أن يثبتوا أنفسهم كعناصر أساسية في المنتخب خلال الفترة المقبلة.

ولم يبد كلوزه لاعب لاتسيو الإيطالي، أي نية لاعتزال اللعب الدولي، حيث أكد أنه يتطلع إلى تحقيق النجاح في مونديال 2014، ولكنه ليس مرجحا أن يظل في المنتخب حتى موعد انطلاق البطولة التي تقام وهو في السادسة والثلاثين من عمره.

كذلك يحتمل أن تكون يورو 2012 آخر بطولة لميرتساكر (27 عاما) مع المنتخب، رغم أن لوف قال إن مدافع آرسنال الإنجليزي لا يزال عنصرا أساسيا بالمنتخب.

وقال فيليب لام الذي يشارك بشكل منتظم مع المنتخب الألماني منذ عام 2004، إن التغييرات المستمرة في المنتخب تعد أمرا طبيعيا. وقال لام لاعب بايرن ميونيخ والذي سيبلغ التاسعة والعشرين من عمره قريبا «كلما تقدمت في العمر واجهت صعوبة في البقاء بأفضل مستوياتك». وأضاف «دائما ما تتوافد مواهب جديدة بكفاءات عالية. ويكون الأمر صعبا بالنسبة للاعبين الأكبر سنا في مواصلة التنافس».

وهكذا وعلى عكس التفاؤل الشديد الذي بدا به المنتخب الألماني مسيرته في بطولة كأس الأمم الأوروبية ببولندا وأوكرانيا، انتهت مسيرة الفريق في البطولة بالدموع وخيبة الأمل.

وأثار المنتخب الألماني غيرة الكثير من الأمم العريقة في مجال كرة القدم خاصة بعدما نجح الفريق في التحول السريع من منتخب لم يحقق أي فوز في مبارياته الثلاث بالدور الأول ليورو 2000 إلى فريق ينافس على القمة في البطولات التي خاضها في السنوات القليلة الماضية منذ 2006.