دي روسي: محونا الفضائح وأشعلنا عشق وحماس الإيطاليين مجددا

بارزالي قال إنه شعر بالقشعريرة.. وكيلليني ما زال يتجرع مرارة الخسارة

TT

جلس ما يقرب من 100 شخص تحت الشمس الحارقة خارج فندق توروفسكا، والذي ظل لشهر تقريبا مقر إقامة المنتخب الإيطالي بإحدى المقاطعات التي تبعد 15 كم عن مدينة كراكوف. هناك بعض قمصان الآزوري مبعثرة هنا وهناك، وتلفزيونان محليان ينقلان الحدث، ومصور محترف. وبعدها بوقت قصير، مرت مجموعة من التلاميذ، أطفال يرتدون منديلا أخضر على الرقبة وهم يصفقون. ضجيج ينفجر في كل مرة تدخل أو تخرج فيها سيارة من بوابة الدخول، ووجوه تتطلع نحو النوافذ لمعرفة من بالداخل. وفي الصباح التالي لانهيار إيطاليا أمام هيمنة المنتخب الإسباني كان الأمر أشبه بفقاعة انتظار كبيرة فحسب.

خيبة أمل بالزاريتي: الجماهير تنتظر، ومشجعون يحملون في أيديهم مفكرات وكاميرات تصوير، ومن العاشرة صباحا يبحثون عن ابتسامة، توقيع، لكن الوحيد الذي خرج من الفندق (بصحبة سيريغو) وكانت لديه رغبة في التوقف لدى عودته كان بالزاريتي، والذي صرح قائلا «كان هناك القليل لنفعله، وكانوا أقوى منا». كما تردد أن بعثة الآزوري ستخرج بين الثانية عشرة والواحدة ظهرا، فقد كانوا ينتظرون اللاعبين أيضا، الذين سيتوجهون إلى المطار من أجل السفر إلى إيطاليا، بينما كان اللاعبون في الداخل إما في غرفهم وإما في بهو الفندق، منطلقين على أجهزة «آي باد» الخاصة بهم أو الحواسب والهواتف الجوالة لتقريب ساعة الغداء، والعودة.

فخر ومشاعر: سيلتقون معا مجددا في منتصف أغسطس (آب)، ثم في سبتمبر (أيلول)، من أجل الزحف نحو مونديال البرازيل في 2014، وهذه الجبهة تحديدا تساعد على نسيان خيبة الأمل الكبيرة بعد مباراة الأحد الماضي، لأن محاولة التأهل إلى المونديال ومع برانديللي سيكون وسيلة لمواصلة الشعور بالفخر بما تم فعله. وصرح دانييلي دي روسي، لاعب وسط الآزوري وفريق روما قائلا: «قبل كل شيء، الفخر لأننا أشعلنا عشق وحماس الإيطاليين مجددا، والذين كانوا قد غابوا قليلا. خاصة بعد الحوادث غير الرياضية التي سبقت بطولة أمم أوروبا كان البعض يتجه للتهويل، وعلى العكس بات الإيطاليون الآن يعتقدون أن هناك لاعبين نظيفين، يلعبون الكرة وينجحون في إثارة مشاعرهم».

كما أنه من المثير للمشاعر أيضا لعب الكرة الخاصة ببرانديللي، ويتابع دي روسي: «إنه لأمر سار أن قرر البقاء، وكان ليصير من العيب لو لم تسر الأمور هكذا، شريطة ألا توجد لديه أسباب شخصية لذلك. وجانب كبير من الفضل يرجع إليه فيما تم تحقيقه خلال أمم أوروبا هذه، ليس فقط في بولندا، وإنما خلال هذين العامين. وإيجاده مجددا في شهر سبتمبر سيكون دفعة للانطلاق مجددا، فبعد بطولة يورو كهذه، قد تكون مواجهة منتخب مالطا - مع كامل الاحترام - ذات ثقل، لكن بالتأكيد التفكير أننا ننافس على فرصة الوصول لمونديال وخوضه بنفس الروح ونفس كرة هذه الأيام سيساعد كثيرا».

يا لها من مفارقة: داخل قاعة الاحتفالات هناك القليل الذي يدعو للاحتفال. فقد دخلت بعثة الآزوري إلى القصر الرئاسي الإيطالي عند الساعة السابعة مساء، حيث دخل اللاعبون اثنين اثنين على التوالي، منظمين للغاية، وبرغبة ضعيفة في الابتسام. كان الهدوء المخيم على المكان بالأحرى ثقيلا، يكسره فحسب صوت اللقطات المتكررة من عدسات كاميرات التصوير الفوتوغرافي. وكان أول من حطم جليد الصمت هو، دون حاجة إلى قول ذلك، المهاجم ماريو بالوتيللي: كان يرتدي زوج من الأحذية الرياضية تحت البذلة ذات اللون الغامق، ودون أن يربط رابطة العنق الزرقاء. وبمجرد أن جلس الجميع وانتظموا في انتظار رئيس دولة إيطاليا نابوليتانو، نهض ماريو. اندلعت حالة من الذعر بين الحضور، ففي اليوم الذي أعلنت فيه صديقة بالوتيللي السابقة إلى العالم أنها حامل من المهاجم الإيطالي، انتشرت أيضا شائعة بأن ماريو تشاجر مع حارس المرمى بوفون. ولذلك، اتجهت كل الأنظار نحو بالوتيللي عندما وقف غير أن اللاعب، على العكس، كان ذاهبا فحسب إلى الحمام. بالإضافة إلى ذلك، مع عودة ماريو قام جيجي ذاته بالمزاح حول محاولة كاسانو (السيئة) لربط رابطة عنق بالوتيللي، وهكذا كان من الممكن للاحتفال أن يبدأ.

العناق. الشكر والتفاهم والود والألفة.: هذا ما لفت الانتباه خلال لقاء رئيس إيطاليا بلاعبي الآزوري. ولم يستطع وشاح الحزن الذي كان يغطي أعين اللاعبين أن يؤثر بالسلب على نابوليتانو الذي تحدث بشكل مباشر مع برانديللي قائلا «نتحدث عن المرارة ولكن ليس عن خيبة أمل! ما قدمتموه خلال البطولة استحق الشكر من جانبي أنا والمؤسسات وملايين الإيطاليين. لقد أظهرتم الاحترافية والشغف ومعنى كلمة بلد واحد». بعدها أومأ برانديللي، عناق الإيطاليين بمثابة علاج للجميع بعد صفعة الأحد الفائت القوية. وهذا ما استقبله المنتخب الإيطالي عند وصوله إلى مطار فيويتشينو، وما شعر به في القصر الرئاسي، وتحدث تشيزاري إلى نابوليتانو قائلا «ولكن ود الجماهير الإيطالية صاحبنا طوال البطولة الأوروبية. فقد وجدنا آلاف الأشخاص أمام مقر الفندق الذي كنا نقيم فيه، وذلك بعد عودتنا من كل مباراة». وهذا الود، المتلاحم مع الإحساس بفتح حقبة بعقلية جديدة، منح برانديللي نوعا من الزخم: «نحن ما زلنا في البداية، لقد قمنا فحسب بإلقاء بذور، ولكن لجعل هذه البذرة تنمو علينا أن نستأنف العمل على الفور ونثق في أنفسنا».

القيم: وهل أصبحت إيطاليا بلدا للشباب؟ أما أن الثورة ستنطلق بالفعل من كرة القدم؟ ثم عاد نابوليتانو إلى اعتبار آخر أقل بروتوكولا: «عندما أفكر دائما في الصعوبات التي صاحبت انطلاقة المنتخب الإيطالي في بطولة أمم أوروبا هذه، ثم في القفزة الكبيرة التي لم يكن يتوقعها الكثيرون، أتساءل ولكن ربما أنا لا أتحدث عن إيطاليا؟ حسنا، الأحاديث تبدو لي متشابهة للغاية». عند هذه اللحظة بدا برانديللي مبتهجا وشكر رئيس إيطاليا لأسباب ثلاثة: «الدعوة لمقابلته في المقام الأول. ولأنه طالما دعمنا منذ اليوم الأول للبطولة، لدرجة أننا مساء الأحد، داخل غرفة خلع الملابس، تساءلنا: هل اتصل الرئيس؟، ثم لأنه قدر قيمة فريقنا بغض النظر عن النتائج. وأود أن أشكره أيضا على الخطاب». وعند هذه النقطة كان نابوليتانو هو من أصبح مبتهجا. واختتم رئيس إيطاليا حديثه قائلا «ما كتبته إليكم لم يكن ليتغير سواء بعد مباراة كييف أو قبلها. الويل لو لم يكن برانديللي قام بتوضيح الأمور المستقبلية وأكد بقاءه مع الفريق، كنت وقتها سأحتج».

التحية: وعند ذلك صفق الحضور. وبدا أن حارس المرمى بوفون يشعر بارتياح شديد داخل القصر الرئاسي، فقد وجه التحية إلى الرئيس الإيطالي وكأنه رفيق له، ثم حضر بوفون تحية جميع لاعبي الآزوري إلى نابوليتانو وبعدها جاء وقت تسليم الهدايا إلى رئيس الدولة: الميدالية الفضية الخاصة بالمركز الثاني من جانب تشيزاري، فيما تقدم أندريا بيرلو بالعلم الصغير الخاص بالمنتخب الإيطالي، وحمل ماريو إلى نابوليتانو كرة موقعا عليها من جانب الفريق. وعند ذلك الحد انتقلت بعثة المنتخب الإيطالي إلى قاعة المرايا لتناول المقبلات. وبعدها حان وقت الرحيل، وكان المدافع الإيطالي أندريا بارزالي متحفزا للغاية من هذه المقابلة وصرح قائلا «لقد جعلني نابوليتانو أشعر بالقشعريرة». أما جورجيو كيلليني فقد قام بتحليل كامل للموقف قائلا: «كانت بطولة كبيرة، وستظل بداخلنا مرارة بسبب الخسارة أمام إسبانيا، ولكن علينا أن نتقبلها. لقد أدركت الجماهير أننا قدمنا كل ما بداخلنا». وكانت الكلمة الأخيرة في تلك الاحتفالية بالطبع لصاحب المكان، نابوليتانو وقال فيها: «هذا كان بالأحرى فريقا». والجميع يتفق معه في ذلك.