الإسبان واثقون من قدرتهم على حصد لقب المونديال القادم في البرازيل

المؤشرات تدل على أن هز عرش الماتادور ليس سهلا

TT

على الرغم من الأداء الرائع والاستثنائي للماتادور الإسباني في المباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية 2012 أمام إيطاليا، فإنه من الصعوبة بمكان أن تجزم بما إذا كان المنتخب الإسباني الحالي هو أعظم فريق في تاريخ الساحرة المستديرة أم لا، حتى وإن كان لا يبدو أن هناك فريقا آخر يقدر على إيقاف مسيرة الإسبان في كأس العالم 2014، التي تستضيفها البرازيل.

وقبيل وأثناء بطولة كأس الأمم الأوروبية الأخيرة، اتفق كثيرون على أن الوقت والإرهاق قد نالا من قوة المنتخب الإسباني بقيادة المدير الفني المخضرم فيسنتي ديل بوسكي. وحتى لو اتفقنا على أن الأداء الرائع للمنتخب الإسباني في المباراة النهائية التي انتهت برباعية نظيفة على حساب المنتخب الإيطالي قد أنهى هذا الجدل، فإنه قد ألقى الضوء أيضا على قوة وإرادة وعزيمة الماتادور الإسباني، كما نجح في التخلص من بعض الانتقادات المعتادة التي توجه لهذا الفريق عن سوء فهم في كثير من الأحيان، حيث نجحت المباراة النهائية في تبديد الانطباع السائد بأن دفاع المنتخب الإسباني يعتمد فقط على آلية الاحتفاظ بالكرة، ويكفي أن نعرف أن نسبة الاحتفاظ بالكرة في المباراة النهائية كانت 52 في المائة لصالح المنتخب الإسباني مقابل 48 في المائة للأزوري الإيطالي، على الرغم من أن إيطاليا قد استحوذت على الكرة بنسبة 56 في المائة في شوط المباراة الثاني.

وما يهم في حقيقة الأمر هو ما فعله المنتخب خلال وقت استحواذه على الكرة، حيث كان المنتخب الإسباني حاسما وفعالا في تلك الفترات، وخير دليل على ذلك هو أن الهدف الثاني الذي سجله النجم الإسباني خوردي ألبا لم يستغرق سوى 7 ثوان فقط، وهي الفترة بين الاستحواذ على الكرة في نصف ملعب المنتخب الإسباني وحتى وضع الكرة في شباك العملاق الإيطالي بوفون. وعلاوة على ذلك، ألقت تلك المباراة الضوء على جانب آخر يتجاهله كثيرون، فعلى على الرغم من أن الأداء التكتيكي والتحرك داخل المستطيل الأخضر يتم على أعلى مستوى، فإن القوة الهجومية الرهيبة للماتادور الإسباني تعكس المستويات الاستثنائية وغير العادية للياقة البدنية للاعبين.

ولعل أكثر شيء مقلق بالنسبة لمنافسي المنتخب الإسباني في المستقبل هو ذلك النهم الشديد لتطوير الأداء وعدم الاكتفاء بالإنجازات التي حققها المنتخب الإسباني. ومؤخرا، نشرت صحيفة «ماركا» الإسبانية واسعة الانتشار قائمة تضم الـ7 تحديات التي يواجهها الماتادور الإسباني خلال الفترة القادمة. وقد ضمت تلك القائمة الفوز بكأس القارات والحفاظ على لقب كأس الأمم الأوروبية، على الرغم من أن كاتب المقال توماس كامبوس قد أضاف لتلك التحديات فوز المنتخب الإسباني «بمباراة رسمية أمام منتخبي الأرجنتين وأورغواي». وثمة شعور يسيطر على الشارع الإسباني بأن منتخب بلادهم قد بات قادرا على القيام بأي شيء، وأنه قادر على تحقيق الانتصار في كل المناسبات.

ولم تخل القائمة من أولمبياد لندن بكل تأكيد، كما أن تشكيلة المنتخب الإسباني الأوليمبي التي أعلن عنها المدير الفني للفريق لويس ميلا مؤخرا توضح بعض المعالم القليلة على طريق كرة القدم الإسبانية في المرحلة المقبلة. وقد ضمت قائمة الفريق الجيل القادم لكرة القدم الإسبانية، التي تم تدعيمها بالحارس العملاق إيكر كاسياس الذي رفع لتوه كأس البطولة الأقوى في القارة العجوز، كما شملت 13 لاعبا من الفريق الفائز بكأس الأمم الأوروبية تحت 21 عاما في الدنمارك. وتضم قائمة الفريق نجم نادي أتلتيك بلباو الإسباني أندير هيريرا ونجم نادي برشلونة تياغو ألكانتارا، الذي سجل هدفا في المباراة النهائية في مرمى المنتخب السويسري الموهوب.

وفي الحقيقة، لا يوجد ما يضمن أن يصبح الشباب الإسباني الواعد اليوم أبطال العالم بعد ذلك، ولكن الشيء المؤكد هو أن المستوى الرائع للاعبين الصغار يعد دعما هائلا للمنتخب الإسباني الأول في المستقبل. ومن الواضح أيضا أن اللاعبين الإسبان لديهم طموح حقيقي لحصد البطولات والألقاب لمنتخب بلادهم في أي مستوى من المستويات، للدرجة التي جعلت النجم الإسباني خوان ماتا سعيدا للغاية عندما شارك مع المنتخب الأصغر وحمل شارة قيادة المنتخب الإسباني تحت 21 عاما الذي حصل على كأس الأمم الأوروبية في الدنمارك.

وتضم القائمة الأولية للمنتخب الإسباني المشارك في أولمبياد لندن النجمين خوان ماتا وخوردي ألبا اللذين نجحا في التسجيل في كأس الأمم الأوروبية 2012، علاوة على زميلهما في المنتخب الإسباني خافي مارتينيز. ويعمل اللاعبون من الآن بكل قوة من أجل حجز مكان لهم في تشكيلة المنتخب الإسباني المشارك في كأس العالم القادمة في البرازيل، وستكون المنافسة شرسة للغاية بين كل اللاعبين للدفاع عن ألوان الماتادور الإسباني في هذا العرس الكروي الكبير. ومع ذلك، ربما لا تكون هناك تغييرات جوهرية في صفوف الفريق بالشكل الذي يتخيله البعض.

وفي ظل المخاوف من لعنة الإصابات المتكررة التي أصابته خلال السنوات الأخيرة، هناك احتمال لغياب نجم برشلونة الإسباني كارلوس بويول عن صفوف المنتخب الإسباني في كأس العالم في البرازيل. وعلاوة على ذلك، سيكون النجم تشافي هيرنانديز قد بلغ عامه الرابع والثلاثين عند انطلاق بطولة كأس العالم 2014، ولكن لا يمكن استبعاد مشاركته في البطولة، حيث يقوم بدور محوري في منتصف ملعب المنتخب الإسباني منذ بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 2008.

وبمرور الوقت أصبح وجود النجم سيسك فابريغاس لا غنى عنه في صفوف الماتادور الإسباني، حيث إن الخبرة الهائلة التي حصل عليها من اللعب في الدوري الإنجليزي الممتاز تجعله يضيف عنصري الإرادة والطاقة لمنتخب بلاده. وفي الحقيقة، تعد كثرة اللاعبين الجاهزين بمثابة حيرة لذيذة للمدير الفني ديل بوسكي.

وفي غضون ذلك، يتعين على المنتخبات التي ترغب في منافسة المنتخب الإسباني بذل مزيد من الجهد. ويرى الكثير من الخبراء أن المنتخب الألماني قادر على تهديد عرش الإسبان في المستقبل القريب. وبعد تعثر ألمانيا في المراحل الأخيرة من البطولات الكبرى للمرة الرابعة على التوالي، ينبغي طرح السؤال التالي: أين الروح القتالية التي تمكن الفريق من الوصول للمباراة النهائية؟

وقد أظهر المنتخب الإسباني في المباراة النهائية لكأس العالم 2010 أمام هولندا وفي مباراة الدور قبل النهائي لكأس الأمم الأوروبية 2012 أمام البرتغال أنه قادر على الفوز بالمباريات الهامة حتى ولو لم يكن في أفضل حالاته، وهو الشيء الذي ما زال المنتخب الألماني يفتقر إليه حتى الآن. أما بالنسبة لكأس العالم عام 2014، فسيواجه المنتخب البرازيلي ضغوطا كبيرة للغاية لأنه مطالب بشيء واحد فقط وهو الصعود على منصة التتويج في نهاية المطاف للاحتفال بالبطولة التي تقام على أرضه ووسط جماهيره، في حين أن التحدي الذي يواجه التانغو الأرجنتيني ومنتخب البرتغال يتمثل في استغلال المهارات الفردية الكبيرة وصهرها في قالب الأداء الجماعي بالشكل الذي يصب في مصلحة الفريق في نهاية الأمر.

وعلاوة على ذلك، هناك تطور مستمر في مستوى المنتخب الإيطالي، على الرغم من الفجوة الكبيرة التي ظهرت بينه وبين المنتخب الإسباني في المباراة النهائية. وعلى الجانب الآخر، هناك تواضع ملحوظ في مستوى المنتخبين الفرنسي والإنجليزي، كما ظهر جليا في كأس الأمم الأوروبية الماضية. وخلاصة القول هو أن المنتخب الإسباني ما زال قادرا على مواصلة المنافسة على الألقاب والبطولات الكبرى في المستقبل.