العرب يتطلعون إلى انتفاضة حقيقية في أولمبياد لندن 2012

82 ميدالية حصدوها عبر تاريخ مشاركتهم الأولمبية من أمستردام 1928 حتى بكين 2008

TT

يتطلع الرياضيون العرب إلى تعويض ما فاتهم في الدورات الأولمبية السابقة، وحصد عدد أكبر من الميداليات في الدورة الأولمبية المقامة حاليا في لندن التي تفتتح اليوم. وكان الرياضيون العرب قد جمعوا 82 ميدالية في الألعاب الأولمبية من دورة أمستردام 1928 إلى دورة بكين 2008، وكان اللافت أن جميع هذه الميداليات جاءت في الألعاب الفردية وليس الجماعية، وتحديدا في ألعاب القوى ورفع الأثقال والمصارعة والملاكمة.

والميداليات الـ82 الثمينة هي: 21 ذهبية، و21 فضية، و40 برونزية.. موزعة على مصر 22 ميدالية، والمغرب 21، والجزائر 14، وتونس 7، ولبنان 4، وسوريا 3، وقطر ميداليتين، والجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا مشترك) ميداليتين، والسعودية ميداليتين، وميدالية واحدة لكل من العراق، والإمارات والكويت، وجيبوتي، والسودان. وهي أيضا موزعة على ألعاب القوى 35 ميدالية، ورفع الأثقال 12 ميدالية، والملاكمة 14 ميدالية، والمصارعة 10 ميداليات، والجودو 4 ميداليات، والغطس ميداليتين، والرماية ميداليتين، وميدالية واحدة لكل من الفروسية والتايكوندو، والسباحة.

واستطاع المصري أحمد حسني شرف أن يكون أول عربي يشارك في الألعاب وذلك في دورة عام 1912 في استوكهولم، وبدأ الحصاد عن طريق رفع الأثقال بواسطة المصريين تحديدا في دورة أمستردام عام 1928 عن طريق سيد نصير، وإبراهيم مصطفى، قبل أن تصبح ألعاب القوى منارتهم المؤدية إلى أعلى منصات التتويج في الدورات الحديثة؛ حيث يحمل المشعل حاليا المغاربة والجزائريون، في حين دونت الدول الخليجية اسمها في النسخ الأخيرة.

وكان المغربي راضي عبد السلام أول عربي يحرز ميدالية في رياضة أم الألعاب، وتحديدا من المعدن الفضي في أولمبياد روما عام 1960 في سباق الماراثون.

وكانت المغربية نوال المتوكل، أول عربية تحرز ميدالية وذلك في أولمبياد لوس أنجليس عام 1984 عندما أحرزت ذهبية سباق 400 متر حواجز، ثم حذت حذوها الجزائرية حسيبة بولمرقة، والسورية غادة شعاع، والجزائرية نورية بنعيدة مراح.

وشهدت فترة الثمانينات والتسعينات تألقا لعدائي شمال أفريقيا عن طريق الجزائري نور الدين مرسلي، ثم حمل المشعل هشام الكروج الذي لا يزال يحمل الرقم القياسي العالمي في سباق 1500 متر. يذكر أن الكروج هو العربي الوحيد الذي أحرز ميداليتين ذهبيتين في دورة واحدة وحقق ذلك في سباقي 1500 متر و5 آلاف متر في أثينا عام 2004.

وعلى الصعيد الفردي فإن أكثر الأبطال العرب ألقابا العداء التونسي محمد القمودي الذي انتزع 4 ميداليات (ذهبيتين وفضيتين) في ثلاث دورات، يليه الكروج وله ثلاث ميداليات (ذهبيتان وفضية) ثم مواطنه سعيد عويطة، والمصريان فريد سميكة وإبراهيم شمس ولكل منهما ميداليتان. وأحرزت البحرين أولى ميدالياتها في الألعاب الأولمبية في النسخة الأخيرة في بكين عام 2008 بواسطة عدائها رشيد رمزي، لكن الذهبية سحبت منه لاحقا لثبوت تناوله المنشطات.

وتوج السباح التونسي أسامة الملولي بطلا لسباق 1500 متر حرة في بكين، والشيخ الإماراتي أحمد بن حشر آل مكتوم بذهبية الرماية في أثينا 2004. وغاب العرب عن منصات التتويج كليا عام 1976 في مونتريال، في حين كان الرباع اللبناني حسن بشارة الوحيد الذي نال ميدالية في أولمبياد موسكو عام 1980. أما في النسخة الحالية، فإن التوقعات محدودة بالصعود إلى منصات التتويج نسبيا لكن الأنظار تتركز على منافسات الرماية والفروسية (قفز الحواجز) وبعض الألعاب القتالية، بالإضافة إلى ألعاب القوى خصوصا عرب أفريقيا.

وأوضح رئيس البعثة المصرية إلى أولمبياد لندن 2012 أحمد الفولي أن هناك أملا بإحراز ميداليات في رياضات التايكوندو ورفع الاثقال والجودو والمصارعة.

وقال الفولي وهو أيضا نائب رئيس اللجنة الأولمبية المصرية في اتصال مع وكالة «فرانس برس» «هناك أمل في ألعاب التايكوندو ورفع الأثقال والجودو والمصارعة»، مشيرا إلى أن «المشاركة المصرية في لندن هي الأكبر لنا في تاريخ مشاركاتنا في الألعاب الأولمبية التي انطلقت قبل مائة عام وتحديدا عام 1912».

وتتصدر مصر الدول العربية في عدد الميداليات الأولمبية برصيد 24 ميدالية بواقع 7 ذهبيات و7 فضيات و10 برونزيات، لكن مشاركتها الأخيرة في بكين 2008 لم تكن موفقة؛ إذ اكتفت بميدالية واحدة وكانت برونزية في الجودو.

* الفروسية

* ويحمل فرسان السعودية الآمال العربية في منافسات قفز الحواجز ضمن دورة الألعاب الأولمبية في لندن. وبرغم اهتمام الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص برياضات الخيول وفي طليعتها مسابقات قفز الحواجز، تعتبر السعودية الدولة الخليجية الوحيدة التي تشرك فرسانها في الألعاب، فضلا عن عدد محدود من الفرسان العرب خصوصا الأردني إبراهيم بشارات. ودفعت السعودية بفرسان لهم حضورهم القوي عربيا وآسيويا وحتى في الجولات العالمية هم الأمير عبد الله بن متعب (على الجواد دافوس) ورمزي الدهامي (على الجواد بيار) وكمال بأحمدان (على الفرس دلفي) وعبد الله الشربتلي (على الجواد سلطان).

لكن القائمة السعودية خلت من أبرز فرسانها، وهو الفارس «الأولمبي» خالد العيد ،حامل برونزية أولمبياد سيدني 2000، وذلك نتيجة إصابة جواده «بروسلي بوي» في الحافر قبل يومين من الإعلان النهائي لقائمة الجياد، حيث تعرض للإصابة أثناء مشاركته في بطولة «بول هايدن» في بلجيكا مطلع الشهر الحالي ضمن برنامج التحضيرات لأولمبياد لندن. وشكل غياب العيد خسارة كبيرة للمنتخب السعودي حيث كان مرشحا قويا للمنافسة على إحدى الميداليات.

وقد اهتم الملك السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، اهتماما شخصيا بالفرسان عبر إنشاء صندوق خاص بهم قبل نحو عامين لإعدادهم على مدار العام وشراء الجياد المناسبة لهم. وقال مدير الصندوق والعضو السابق في المنتخب زياد عبد الجواد: «نملك نخبة من الفرسان القادرين على حمل الرسالة وتحقيق الهدف المرجو عبر الدعم الكبير الذي يجده المنتخب من الملك عبد الله بن عبد العزيز راعي الفروسية وداعمها الأول، والذي أمر بإنشاء صندوق الفروسية السعودية ليكون داعما للمنتخب بتنظيم البرامج وشراء الخيل القادرة على المنافسة وتوفير الأجهزة المساندة طبيا وفنيا».

وأضاف: «من خلال هذا الدعم حقق المنتخب عدة إنجازات منها المركز الثامن في بطولة العالم بـ(كنتاكي) الأميركية التي نال فيها الشربتلي الميدالية الفضية، وأيضا فوز الفريق بعد ذلك بذهبيتي الألعاب الآسيوية في الصين، والألعاب العربية في قطر».

حقق فرسان السعودية نتائج رائعة في جولات الدوري العربي المؤهلة للألعاب الأولمبية، وكانت لهم أيضا مشاركات كثيرة في الـ«غلوبال تور» والجولات العالمية الأخرى.

وتبدو آمال الأردنيين معلقة على الفارس إبراهيم بشارات، الذي خلف والده هاني بشارات صاحب الصولات والجولات في ميادين الفروسية العربية، والذي مثل بلاده أعواما طويلة. ويسجل بشارات في لندن الحضور الأولمبي الثالث على التوالي بعد أثينا وبكين، وهو يؤكد أنه اكتسب خبرات أولمبية وعالمية تدفعه هذه المرة لرفع شعار: «المشاركة من أجل المنافسة». ويشارك أيضا الفارس المصري كريم أحمد رفعت الزغبي.

* الرماية

* وتحولت منافسات الرماية (السكيت والتراب والدبل تراب) إلى اختصاص خليجي بكل ما للكلمة من معنى، نظرا للنجاحات اللافتة التي تحققت في الآونة الأخيرة على الأصعدة القارية والدولية وحتى الأولمبية. وقد لا يكون الحصاد الخليجي في الميادين الأولمبية غزيرا، لكن يلوح في الأفق أمل كبير بإمكان خروج الرماية العربية، والخليجية تحديدا، بنتائج جيدة بوجود رماة اعتادوا التنافس على هذا الصعيد المرتفع خصوصا أن صدى بعض الأرقام التي سجلوها قد سبقهم إلى أولمبياد لندن 2012.

وتتجه الأنظار بشكل خاص إلى رماة قطر والإمارات والكويت، فالمسؤولون الرياضيون في الدول الثلاث أكدوا من دون تردد أن الرماية تشكل ذروة آمالهم بإحراز ميداليات. وقد يكون تكرار إنجاز الشيخ الإماراتي، أحمد بن حشر آل مكتوم الذي حقق الإنجاز الأولمبي الأبرز للرماة الخليجيين بنيله ذهبية الحفرة المزدوجة (دبل تراب) في أولمبياد أثينا 2004، هدفا مشروعا خصوصا للقطري ناصر العطية الذي عادل الرقم العالمي في منافسات «السكيت» بإصابة 150 طبقا من أصل 150 في بطولة «آسيا» الأخيرة مطلع العام الحالي في الدوحة. وعلق رئيس الاتحاد القطري للرماية محمد الغانم على إنجاز العطية قائلا: «حقق رقما عالميا بإصابة 150 طبقا من 150 وانتزع بطاقة التأهل إلى أولمبياد لندن».

أما العطية فقال بدوره: «أنا سعيد جدا بهذا الإنجاز الكبير خاصة أنني ضمنت التأهل إلى الأولمبياد للمرة الخامسة في مسيرتي»، مضيفا: «ألعاب لندن ستشهد منافسة قوية للغاية بين كل الرماة من جميع الدول وآمل في أن أحرز ميدالية فيها».

ويشارك العطية في الأولمبياد للمرة الخامسة على التوالي بعد أتلانتا 1996، وسيدني 2000، وأثينا 2004، وبكين 2008، وقد حقق المركز الرابع في أثينا.

وقبيل انطلاق الألعاب، فاز العطية بالميدالية الفضية للرماية ضمن مسابقة «السكيت» في بطولة فرنسا الدولية المفتوحة، في منافسة جمعته مع 17 راميا يستعدون لخوض غمار أولمبياد لندن. وقال العطية «تحقق هذا الإنجاز بعد الدورات التدريبية التي خضعت لها، وذلك وفقا للبرنامج التدريبي.. آمل أن أتمكن من تطويق عنقي بالمعدن الأصفر في لندن لتحقيق الحلم الأولمبي الذي ما زال ينقص سجلي الرياضي».

ويعتبر ناصر صالح العطية، رياضيا استثنائيا في قطر، وأحد أشهر الرياضيين على مستوى آسيا، كما ذاع صيته على المستوى العالمي. وهو بطل عالمي في سباقات «الرالي» وحصل على كثير من الألقاب، مثل لقب بطولة «رالي الشرق الأوسط» 7 مرات، كما توج بلقب «رالي داكار الدولي» عام 2011. ويشارك إلى جانب العطية، القطري الآخر راشد العذبة في «الدبل تراب»، والطامح بدوره إلى تسجيل حضوره في هذا المحفل العالمي. وساهم العذبة مع العطية في فوز قطر بذهبية «السكيت» في بطولة آسيا برصيد 362 نقطة، أمام الكويت الثانية (361)، في حين تقاسمت الإمارات والصين المركز الثالث (359 نقطة). وجاء تأهل العذبة إلى منافسات الدبل تراب في لندن بعد حلوله ثالثا في البطولة الآسيوية بنتيجة 132 طبقا من 150.

تتمثل الكويت في ألعاب لندن بثلاثة رماة من العيار الثقيل هم؛ فهيد الديحاني «دبل تراب»، وعبد الله الرشيدي «سكيت»، وطلال الرشيدي «تراب»، الذين يحملون آمال الكويتيين بإحراز الميداليات. ويخوض فهيد الديحاني غمار أولمبياد لندن بعد أن حل ثانيا في بطولة آسيا الأخيرة خلف ناصر العطية مسجلا رقما جديرا بالاحترام أيضا قدره 147 طبقا من أصل 150.

ويملك الديحاني خبرة طويلة في ميادين الرماية، وسبق له أن ذاق طعم الوقوف على منصة التتويج في الألعاب الأولمبية في سيدني عام 2000 حين نال الميدالية البرونزية. وخطف طلال وعبد الله الرشيدي بطاقتيهما إلى لندن بعد حلولهما في المركز الثاني لمنافسات «التراب» و«السكيت» على التوالي في بطولة آسيا. وقال أمين عام اللجنة الأولمبية الكويتية عبيد العنزي: «نأمل في إحراز ميدالية أو أكثر ونعول على الرماية خصوصا لأن المشاركين في منافساتها تأهلوا بعد أن حققوا الأرقام المطلوبة وليس بناء على بطاقات دعوة».

في الإمارات، ينتظرون بفارغ الصبر إنجازا شبيها بالذي حققه الشيخ أحمد بن حشر، في أثينا قبل ثمانية أعوام، والرماية هي مجددا مبعث الأمل. ويمثل الإمارات ثلاثة رماة هم الشيخ سعيد بن مكتوم في منافسات «السكيت»، الشيخ جمعة بن دلموك «اطباق الحفرة المزدوجة - دبل تراب» وظاهر العرياني «الحفرة - تراب». ويشارك الشيخ سعيد بن مكتوم في الأولمبياد للمرة الرابعة على التوالي، وقد حقق نتائج جيدة في مشاركاته الأخيرة خصوصا فوزه بذهبية بطولة العالم للـ«اسكيت» في أكتوبر (تشرين الأول) 2011 في مدينة العين الإماراتية، ثم ببرونزية بطولة آسيا بتسجيله 146 طبقا من 150 حيث حل خلفا للعطية وعبد الله الرشيدي. ونال الشيخ جمعة بن دلموك ذهبية بطولة آسيا في «الدبل تراب»، وظاهر العرياني المركز الرابع في «التراب» فضمنا بالتالي تأهلهما إلى لندن. يذكر أن أحمد بن حشر هو مدرب منتخب الإمارات للرماية حاليا.

وتشارك بعض الرياضيات الخليجيات في منافسات الرماية الهوائية، وتبرز القطرية بهية الحمد التي شاركت في البطولة العربية العاشرة في مارس (آذار) الماضي ونالت مع المنتخب القطري الميدالية الفضية لفئة «البندقية الهوائية 10 أمتار»، كما برزت أيضا في الدورة العربية التي احتضنتها الدوحة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي وأحرزت 5 ميداليات (3 ذهبيات وفضيتين). وسطرت الرامية الكويتية مريم أرزوقي إنجازا لافتا؛ حيث أحرزت ميدالية ذهبية في الدورة العربية في الدوحة «البندقية الهوائية 10 أمتار»، قبل أن تضيف ذهبية ثانية في مسابقة البندقية من 50 مترا رغم مشاركتها للمرة الأولى في هذه الفئة. وأكدت أرزوقي أحقيتها في التأهل إلى أولمبياد لندن من خلال إحرازها المركز الثالث ونيلها الميدالية البرونزية في الترتيب العام لمسابقة الفردي في «البندقية الهوائية 10 أمتار»، خلال البطولة الآسيوية في الدوحة أيضا.

من جهة أخرى اعتبر رئيس الاتحاد الإماراتي لألعاب القوى أحمد الكمالي، أن أولمبياد «ريو دي جانيرو» عام 2016 قد يشهد إنجازا إماراتيا بإحراز ميداليات، محددا في الوقت ذاته سقف الطموحات في المشاركة الحالية في أولمبياد لندن 2012. وقال الكمالي وهو عضو الاتحاد الدولي أيضا: «سقف طموحنا في الدورة الحالية الوصول إلى النهائيات لأن المنطق يقول إننا لا نستطيع الطلب من لاعبينا إحراز ميدالية بل تحقيق أرقام جديدة». ويمثل الإمارات في منافسات ألعاب القوى محمد عباس في الوثبة الثلاثية، وإلهام بيتي في سباق 1500 م.

وتابع: «لو سارت الأمور كما نريد وبنفس سرعة التطور بالنسبة لإلهام بيتي فأتوقع في ألعاب 2016 بالبرازيل أن يكون لها مكان على منصة التتويج».