فان بيرسي قادر على العودة بمانشستر يونايتد إلى زمن «فريق الأحلام»

فيرغسون يرى أن ضم اللاعب عزز قوة فريقه.. وفينغر حزين على انضمامه إلى «غريمه التقليدي»

TT

تمكن مانشستر سيتي في نهاية الموسم الماضي - بهدف واحد - من اقتناص لقب الدوري للمرة الأولى خلال 44 عاما. وبعدما أنفق ما يقرب من 250 مليون جنيه إسترليني على لاعبين كانت وظيفتهم وضع الكرة في الشبكة، تعثر مانشستر سيتي في أكثر من مرحلة في بطولة الدوري - ليحرز هدفا في مرمى كوينز بارك رينجرز في الوقت الإضافي - ليهزم غريمهم الكبير مانشستر يونايتد لا بالنقاط بل لأنهم أحرزوا المزيد من الأهداف.

لم يكن السير أليكس فيرغسون ليسمح بتكرار مثل هذا الموقف، ووضع المدير الفني لمانشستر يونايتد في الحال نصب عينيه هداف الدوري الإنجليزي، روبين فان بيرسي، لا ليضيف القوة والسرعة إلى خط هجوم مانشستر يونايتد، بل ليؤكد على أنه لن يسمح لمانشستر سيتي بالاستحواذ على كل شيء داخل وخارج المستطيل الأخضر.

ويقول غاري باليستر أسطورة مانشستر يونايتد في مقابلة مع «بي بي سي سبورت»: «خلال السنوات الماضية، كان بمقدور مانشستر سيتي الحصول على أي لاعب. لكن انتقال فان بيرسي يؤكد أن مانشستر يونايتد لا يزال قادرا على المنافسة مع ثروة سيتي الطائلة، واقتناص اللاعبين بعيدا عن سيتي نتيجة لما يمثله النادي ومديره الفني».

ويضيف باليستر: «أراد فان بيرسي الانتقال إلى ناد ذي تاريخ وتراث، ويونايتد كان على الدوام صاحب اليد العليا على مانشستر سيتي في ذلك، وهذا هو النوع من التعاقدات الذي يمكن أن يبعث برسالة قوية تفيد بأن هناك لاعبا قادرا على إمتاع الجمهور».

فان بيرسي لاعب مبدع ويرى مانشستر يونايتد ناديا صاحب تاريخ وتقاليد، على غرار آرسنال وفريقه الأصلي فينورد. أخبر اللاعب الهولندي أصدقاءه بسعادته أن فيرغسون يود ضمه إلى النادي منذ فترة، وأنه سعيد بالعمل مع المدرب صاحب الـ70 عاما. إضافة إلى ذلك، فإن فكرة اللعب إلى جانب واين روني، صاحب المركز الثاني في ترتيب هدافي الدوري الموسم الماضي، كانت أيضا أحد العوامل التي شجعت بيرسي، فشراكة روني الهجومية مع بيرسي ستجعل من يونايتد أشبه بفريق الأحلام قبل 15 عاما. وربما تكون هذه شراكة تضم مزيجا من السرعة المهارة والقدرة على إنهاء الهجمات والخيال.

فان بيرسي أكثر من مجرد هداف، فمنذ أغسطس (آب) 2008، قدم فان بيرسي تمريرات أكثر من أي لاعب آخر في الدوري الإنجليزي. ويقول ستيف بروس، كابتن مانشستر يونايتد السابق: «ستكون تلك توليفة رائعة حقا. لعب فان بيرسي بمفرده الموسم الماضي، حيث لعب مهاجما وحيدا، ولو أنه قام بذلك مع مانشستر يونايتد، فسوف يسمح ذلك لواين روني بتغيير مركزه والاضطلاع بمركزه في العمق. سيكون ذلك رائعا وليس بالشيء الذي يمكن لأي دفاع أن يقف في مواجهته».

استقر فيرغسون الموسم الماضي على تشكيلة 4 - 4 - 1 – 1، وتحمل فيها روني الكثير من عبء إحراز الأهداف. في الوقت الذي كان فيه مانشستر سيتي يمتلك ثلاثة مهاجمين (سيرغيو أغويرو، وماريو بالوتيللي، وإدين إدزيكو)، فيما لم يملك يونايتد سوى روني واحد.

وأضاف باليستر: «ضم لاعب بكفاءة فان بيرسي يمكن فقط أن يحسن من الخطورة الهجومية لأي فريق». وأضاف: «من وجهة النظر الدفاعية، فإن الشراكة بين روني وبيرسي ستشكل كابوسا لمدافعي الوسط في خط ظهر أي فريق. كلا اللاعبين من طراز رفيع المستوى، وبصفهما ثنائيا، فهما قادران على تشكيل شراكة رائعة. ويعتبر بيرسي لاعبا متمكنا في القدرة على سحب دفاع الخصوم، لذلك، فإن أي شراكة سيكونها مع روني أو داني ويلبيك وتشيكاريتو (خافير هيرنانديز) سيكتب لها النجاح في تطوير الفريق وجعل مانشستر يونايتد أكثر خطورة من الناحية الهجومية».

المرونة التي ستوفرها هذه الشراكة لفيرغسون كانت أحد عوامل إصراره على ضم فان بيرسي، وسيكون بمقدور كل من روني وفان بيرسي اللعب في مركز المهاجم الأوحد، لكن كلاهما أيضا سيشعر بالارتياح باللعب إلى جوار الآخر، واللعب في العمق لصنع وإنهاء الهجمات. خلال المرات الماضية، تمسك فيرغسون بشراء لاعبين شباب، يمكن الاستفادة عند إعادة بيعهم، وكان الاستثناء الأخير في ذلك ديمتري بيرباتوف، الذي تعاقد معه النادي مقابل 30.75 مليون جنيه استراني. لكن دخول بيرسي سن التاسعة والعشرين جعل هناك إحساسا بأن يونايتد ما كان لينتظر أطول من ذلك.

واختتم باليستر قاصدا خسارة يونايتد لبطولة الدوري الموسم الماضي لصالح سبتي: «خيبة الأمل مما حدث ستظل تلازم أولد ترافورد. والتغلب على مانشستر سيتي بضم لاعب بمهارة فان بيرسي يبعث برسالة واحدة، وهي أن الموسم المقبل سيكون موسما رائعا، وأنا أتوقع صراعا شرسا بين مانشستر سيتي ومانشستر يونايتد على صدارة الترتيب. إذا كانت المنافسة على اللقب ستحتدم هذا الموسم كالموسم الماضي، فربما يمكن لفان بيرسي أن يصنع الفارق ويحدد صاحب اللقب».

من جانبه، اعتبر فيرغسون أن تعاقد فريقه مانشستر يونايتد مع فان بيرسي من الغريم آرسنال سيمنح «الشياطين الحمر» قوة هجومية ضاربة مشابهة لتلك التي كان يتمتع بها عام 1999، حين توج برباعية الدوري والكأس المحليين ومسابقة دوري أبطال أوروبا وكأس إنتركونتيننتال. وتوقع فيرغسون أن يسجل فان بيرسي بدايته مع «الشياطين الحمر» غدا عندما يبدأ الأخير مسعاه لاستعادة لقب الدوري الممتاز من جاره اللدود مانشستر سيتي في مواجهة مضيفه إيفرتون.

وسيضم يونايتد في خطه الأمامي أفضل هدافين في الدوري الممتاز الموسم الماضي؛ إذ توج فان بيرسي هدافا برصيد 30 هدفا، فيما حل روني ثانيا برصيد 27 هدفا.

«إنهما لاعبان مذهلان، ومن الرائع أن نملكهما معا»، هذا ما قاله فيرغسون، مضيفا: «من الرائع أن يأتي إلى الفريق لاعب بتمتع بمؤهلات فان بيرسي». ويشعر فيرغوسون أنه بوجود ويلبيك وهرنانديز والوافد الجديد الياباني شينجي كاغاوا، أصبح بإمكان الفريق الحالي منافسة ذلك الذي خاض موسم 1999 وتوج بالرباعية التاريخية مع آندي كول والترينيدادي دوايت يورك وتيدي شيرينغهام والنرويجي أولي غونار سولسكيار.

وأضاف فيرغوسون: «إذا عدنا بالزمن إلى 1999 كنا نملك دوايت وآندي وتيدي وأولي غونار - أفضل أربعة مهاجمين في أوروبا - ونحن نخطو الآن في هذا الاتجاه. نحن نملك تشيتشاريتو وواين وروبن وداني ويلبيك وكاغاوا. إنه مزيج مذهل من اللاعبين. آمل أن اختار المزيج الصحيح».

وكان فان بيرسي يرتبط بعقد مع آرسنال حتى عام 2013، بيد أنه أعلن في يوليو (تموز) الماضي رغبته في ترك الفريق اللندني بسبب خلافه معه على الخصوص حول استراتيجية التعاقدات. ولعب فان بيرسي (29 عاما) مع آرسنال منذ عام 2004 وفرض نفسه نجما في صفوفه في الموسمين الأخيرين.

في المقابل، أعلن المدرب الفرنسي لآرسنال آرسين فينغر أنه كان يفضل بيع هدافه فان بيرسي لمواطنه باريس سان جرمان بدلا من تعزيز صفوف فريق لـ«المدفعجية» المنافس في الدوري الممتاز. وقال فينغر إن بيع فان بيرسي إلى يونايتد يعتبر نقطة سلبية، مضيفا: «هذا ما كنا نسعى لتجنبه لكل الأثمان، لكننا لم ننجح في مسعانا. بصراحة، كنت أفضل بيعه إلى الخارج (خارج الدوري الإنجليزي)، إلى باريس سان جرمان على سبيل المثال، بدلا من بيعه لمانشستر يونايتد».. وواصل فينغر: «إنه لاعب استثنائي بكل ما للكلمة من معنى. لم أر في حياتي الكثير من اللاعبين الذين يتمتعون بهذه القدرة على التعامل مع الكرة من لمسة واحدة، بهذا الكم من الفنيات، وبذكاء التمركز في الأمتار العشرين الأخيرة». وتابع: «لسوء الحظ، هناك واقع اقتصادي وهناك رغبة اللاعب.. لم يكن أمامنا أي خيار سوى السماح له بالرحيل»، مشيرا إلى اضطرار فريقه للتعامل مع ضربة أخرى تضاف إلى تلك التي تلقاها بعد خسارته جهود لاعبين كبار آخرين مثل الإسباني سيسك فابريغاس والفرنسي سمير نصري الموسم الماضي لمصلحة مانشستر سيتي على التوالي.

وأردف المدرب الفرنسي قائلا: «لطالما تمكنا من التعايش مع هذه الأمور، لكنه سجل 30 هدفا في البطولة (الموسم الماضي)، أي في كل مباراة تقريبا. الناحية الاقتصادية هي الناحية الإيجابية الوحيدة (نال آرسنال 28 مليون يورو من هذه الصفقة) لكننا لا نلعب بالأموال في أرضية الملعب.. أنت تلعب من خلال النوعية التي تميز اللاعبين. خسارة لاعب من هذا العيار أمر صعب للغاية».

وختم: «هذا الأمر (رحيل فان بيرسي) سيمنح (الوافد الجديد أوليفييه) جيرو المزيد من الفرص لأنه، وبصراحة، عندما يكون فان بيرسي هنا، فإنه أول اللاعبين الذين أضعهم على ورقة المباراة ثم أضع الآخرين حوله. هناك فراغ يجب أن نسده، وستكون الفرصة متاحة أمامه (جيرو) لاغتنامها». وكان فينغر تعاقد مع مواطنه جيرو من مونبلييه، بطل الدوري الفرنسي للموسم الماضي، كما عزز صفوف «المدفعجية» بالمهاجم الألماني لوكاس بودولسكي من كولن ولاعب الوسط الإسباني سانتي كازورلا من ملقة.

أما فان بيرسي، فأصر بعد انتقاله المثير للجدل إلى مانشستر يونايتد على عدم وجود أي ضغائن مع ناديه السابق آرسنال، كاشفا أن الطفل في داخله هو الذي أقنعه بالانتقال إلى أولد ترافورد. وأقر فان بيرسي بأن قرار ترك آرسنال بعد ثمانية أعوام ناجحة كان صعبا، لكن عرض مانشستر كان مثاليا إلى حد يحول دون رفضه. وقال فان بيرسي بعد توقيع عقد لأربعة أعوام: «في الحالات المماثلة، عندما أضطر إلى اتخاذ قرار صعب في حياتي، أستمع إلى الطفل الصغير في داخلي». وأضاف: «ماذا أراد؟ كان ذاك الطفل يصرخ (مطالبا بـ) مانشستر يونايتد».