رودجرز تنتظره مهمة شاقة في ليفربول.. والجماهير فقدت صبرها بعد الاختبار الأول

الهزيمة الثقيلة أمام وست بروميتش البيون أكدت أن أيام المدرب الجديد مع الفريق تبدو معدودة

TT

لم تكن تصريحاته قبل انطلاق الدوري الإنجليزي لكرة القدم تتسم بالكثير من التفاؤل حول سرعة انتقال فريق ليفربول من حالة «الإحباط» التي أنهى بها الموسم الماضي إلى حالة مختلفة تبشر بالمنافسة على ترتيب متقدم في الموسم الحالي. كما أن تصريحاته أيضا لم تتضمن ما يوحي بالتشاؤم حول مستقبل الفريق الذي يأتي ضمن أعرق الفرق الإنجليزية. إلا أن بريندان رودجرز مدرب ليفربول الجديد واجه بداية مروعة مع الفريق في انطلاق الموسم الجديد لدوري إنجلترا عندما خسر بثلاثة أهداف نظيفة أمام وست بروميتش البيون.

وعلى الرغم من قول رودجرز إن الخسارة أمام نادي وست بروميتش ليست مستحقة، فإن الهزيمة الثقيلة أمام وست بروميتش ما زالت أصداؤها صاخبة تماما، مثل ترديد مشجعي ليفربول اسم سلفه المقال كيني دالغليش في نهاية اللقاء، مما يدل على أن جماهير ليفربول تستعجل تغيير الأوضاع في النادي الإنجليزي العريق.

لم يكن قد مضى على تعيين بريندان رودجرز في منصب المدير الفني لفريق ليفربول سوى ما يزيد قليلا على الشهر حتى قرر لأول مرة التخلي عن سيارته والخروج للتمشية في أنحاء المدينة. وتجمع الجمهور حول الرجل الذي تطلب منه الأمر 45 دقيقة كي يقطع مسافة 30 ياردة عائدا إلى فندقه. وإذا كان قدوم المدرب البالغ من العمر 39 عاما إلى ملعب أنفيلد قد قوبل في البداية بأجواء من التشكك، فإن هذه الأجواء قد انحسرت أمام إحساس هادئ بالتفاؤل والأمل. إلا أن البداية المخيبة لكل الآمال السبت الماضي أمام وست بروميتش، أعادت أجواء الشكوك مرة أخرى.

يمثل رودجرز صفحة بيضاء، أو بالأحرى بداية جديدة أو فصلا جديدا، في تاريخ نادي ليفربول الذي لا مفر منه. فالماضي يقف دائما على كتفيك في أنفيلد، ليذكرك بما حدث في السابق ويتوقع منك ما سيأتي مجددا، ولا شك أن الرجل المقبل من آيرلندا الشمالية على دراية تامة بذلك التراث. وقد أخبر قناة «بي بي سي سبورت» قبل انطلاق بطولة الدوري الإنجليزي: «كان انتقالا سلسا، وهذا عاد إلى الإدارة في النادي وأهل هذه المدينة العظيمة. لا بد أن يكون لديك حس بالماضي وحس بالحاضر وحس بالمستقبل. سوف أفعل كل ما يقتضيه الأمر كي أحقق النجاح مع ليفربول، وقد كرست حياتي لذلك. الناس كانوا رائعين. أعيش حياتي من أجل كرة القدم، والحماس الذي يملأ هذه المدينة لا يصدق». وقد كان رودجرز بمثابة نسمة من الهواء المنعش منذ أن جاء إلى النادي وتحدث بأول تصريحاته كمدير فني لفريق ليفربول في الأول من يونيو (حزيران) الماضي، حيث تضمن كلامه عبارات عرضية ومجاملة عن كيني دالغليش، واسترجاع ذكريات الطفولة حينما كان يشاهد فرق النادي العظيمة في السبعينات والثمانينات مع والده وجده اللذين كانا من عشاق نادي ليفربول، وربط واضحا بين مبادئه في كرة القدم ومبادئ المديرين الفنيين العظام الذين سبقوه.

والسؤال الآن - خاصة بعد الهزيمة أمام وست بروميتش - هو: هل يستطيع رودجرز أن يقطع هذا المشوار؟ يقول المدرب: «ليس عندي أي شك في أن هناك الكثير من العمل الذي ينبغي القيام به. لا يمكنك أن تتهرب من الاعتبارات العملية، وهو أمر له علاقة بالأمانة والاجتهاد في العمل. سوف يستغرق الأمر وقتا قصيرا جدا لجعل الأمور على النحو الذي أردنا أن تكون عليه. أعلم أين نريد أن نصل. الطاقة التي يمكننا أن نستمدها من الوحدة بين اللاعبين والنادي والمشجعين هي الأساس. معا يمكننا الذهاب بعيدا».

إلا أن حجم المهمة يوهن العزيمة، حيث لم يتمكن فريق ليفربول من إنهاء الموسم في أحد المراكز الخمسة الأولى من الدوري الإنجليزي منذ أن كان فريق رافاييل بينيتز على بعد 4 نقاط فقط من اللقب في شهر مايو (أيار) عام 2009. وفي الموسم الماضي، أنهى النادي مسيرته متخلفا 37 نقطة كاملة عن بطل الدوري مانشستر سيتي، و17 نقطة عن المربع الذهبي، ثم جاءت هذه الهزيمة الثقيلة أمام وست بروميتش. ويقول رودجرز: «أنا هنا كي أجعل هذا النادي قادرا على المنافسة من جديد. في الأعوام الثلاثة الماضية، أنهينا الدوري في المراكز السابع والسادس والثامن على الترتيب. إنها مهمة ضخمة».

ويرى المدير الفني السابق لفريق سوانزي أن هناك أوجه تشابه مع مهمته السابقة، وهو يعتقد أن إجراء بعض التعديلات البسيطة، وليس تجديدا شاملا، من الممكن أن يغير حظوظ النادي. ويضيف: «عندما قدمت إلى نادي سوانزي، لم يكونوا قد سجلوا سوى 40 هدفا في الموسم السابق، وهو من أقل معدلات التهديف في أي دوري. ومع إجراء تغيير هيكلي طفيف وزيادة اللعب الهجومي وشراء بضعة لاعبين جدد، تغيرت حظوظنا تماما. أحيانا لا يتجاوز الأمر إجراء تغيير بسيط، والتركيز على عقول اللاعبين، ومنحهم الثقة والإيمان بأننا أينما ذهبنا في العالم، فنحن جيدون بما يكفي للفوز».

والآن فإن عليه أن ينهض بفريق يفتقر إلى الثقة، ويفتقر إلى العمق، ويفتقر إلى الموهبة، وذلك باعتراف رودجرز نفسه: «لديكم مشجعون من أفضل المشجعين في العالم هنا، والفريق الذي يلعب لم يرتق تماما إلى ذلك المستوى بعد». وقد بدأ بالفعل في تطبيق رؤيته الإسبانية المتميزة على الفريق، حيث سيضغط لاعبوه من أجل الاستحواذ على الكرة في المناطق المتقدمة من الملعب، مع الاحتفاظ بها دون كلل أو ملل، بدرجة تجعل لاعبي الفريق الخصم يشعرون بأنها «أطول 90 دقيقة في حياتهم». وفي فترة الإعداد قبل بداية الموسم، تدرب الفريق على كيفية استعادة الكرة في غضون 7 ثوان من فقدها. غير أن طريقته 4-3-3 ستحتاج إلى بعض الوقت كي تستقر في أذهان اللاعبين، وسوف يعتمد الجزء الأكبر على التأثير الذي سيحدثه فابيو بوريني المنضم حديثا إلى الفريق، ففي الموسم الماضي، بلغ متوسط تهديف مهاجم نادي روما حينها هدفا كل 194 دقيقة، مقارنة بهدف كل 232 دقيقة بالنسبة للويس سواريز وهدف كل 516 دقيقة بالنسبة لآندي كارول. وقد كانت مشكلة ليفربول الموسم الماضي هي كثرة إضاعة الأهداف أمام المرمى، وبالتالي لا بد أن يبحث رودجرز عن حل، وكذلك عن بعض الحظ.

ويضيف رودجرز: «عندما ينظر الناس إلى فرق مثل إسبانيا، يرون هذا الفريق المتدفق الرائع. هناك الكثير من التدريس، والكثير من العمل، والكثير من الساعات في ملعب التدريب من أجل الوصول إلى هذا المستوى. هناك الكثير من الشجاعة من جانب اللاعبين والكثير من الروح القتالية. هناك الكثير من الأشياء التي تجعلك تلعب بتلك الانسيابية وبتلك الفعالية. سوف يستغرق ذلك بعض الوقت، ولكن عندما تستحوذ على الكرة بنسبة تصل إلى 60 أو 70 في المائة، لا بد أن تكون في كامل لياقتك البدنية، لأنك تضغط عند كل فرصة وتحتفظ بالكرة. أريد من فريقي أن يفرض إيقاعه على الخصم، ولكن من أجل تحقيق ذلك، لا بد أن تمتلك الكرة. وعندما لا تمتلكها، فإنك تعمل بكل قوة وسرعة على تضييق المساحات من أجل استعادة الكرة. عندما لا تكون الكرة في حوزتنا، أريد أن أرى ذلك التعطش لاستعادتها».

وسوف تكون الأسابيع المقبلة، وخاصة بعد الخسارة أمام وست بروميتش، اختبارا لرودجرز وفريقه إلى أقصى درجة، فما زال الغموض يحيط بمستقبل كل من آندي كارول ودانيل آغر، وسوف تكون مباريات الفريق ضد مانشستر سيتي وآرسنال ومانشستر يونايتد أصعب هذه الاختبارات.

ولكن، بحسب المدير الفني لفريق ليفربول، فإن هذه تحديات ينبغي الترحيب بها، وليس الخوف منها، مؤكدا: «إنها فرصة هائلة. إنها شيء أتطلع إليه حقا. عليك أن تلاعب جميع الفرق، سواء كان ذلك في البداية أو في المنتصف أو في النهاية. ما لدينا هو فرصة عظيمة لإعادة البريق إلى ملعب أنفيلد. أحيانا يحتاج ذلك إلى المباريات الكبيرة. كل مباراة ستكون حيوية، سواء داخل ملعبنا أو خارجه، ولا توجد طريقة أفضل لبدء الموسم من المباريات الكبيرة التي لدينا. سوف نكون حينها ممتلئين بالقوة والحماس».

والهدف هو إنهاء الموسم في أحد المراكز الأربعة في المقدمة، غير أن مشجعي ليفربول يريدون أن يروا تحسنا وتقدما، ويريدون أكثر من أي شيء آخر أن يمنحهم الفريق الأمل. لقد انتهى وقت الكلام.