فرق السلة النسائية السعودية.. بطولات وتحديات ساخنة بعد سنوات المخاض

لينا المعينا لـ «الشرق الأوسط»: تعلمنا احترام المنافس وروح التعاون بين الجميع

TT

بعد أن لقيت معارضة شديدة عند انطلاقتها قبل 8 أعوام، باتت تجمعات فرق كرة السلة النسائية «غير الرسمية» في جدة، تشهد توسعا كبيرا في نشاطاتها الأمر الذي دفع بعض الجهات إلى رعاية بطولاتها، وتكريم الفرق الفائزة بمبالغ مالية فضلا عن الكؤوس والميداليات الملونة.

لينا المعينا صاحبة فكرة إطلاق أندية السلة النسائية، بدأت منذ الصغر في ممارسة هذه الرياضة بين أفراد عائلتها، إلى جانب حصولها على شارة «الكابتنية» في فريق مدرستها طيلة فترة دراستها، وهو ما دفع بها إلى تشكيل فريق «جدة يونايتد» النسائي لكرة السلة.

بعدها بدأت الفرق في الظهور بشكل تدريجي، ومن ضمنها فريق «جولد جيم» التابع لأحد الأندية الصحية النسائية، وآخر يحمل اسم «بلاك تايجر» الذي حقق المركز الأول في إحدى البطولات النسائية التي جرت في جدة، فضلا عن فرق بعض المدارس الأهلية الكبرى للبنات.

ومن ناحيتها ترى اللاعبة وجدان إحدى أعضاء فريق «جدة يونايتد» النسائي لكرة السلة، أن المجتمع السعودي بات أكثر تقبّلا للممارسة تلك الرياضة من قبل النساء، لا سيما أن فوائدها لا تقتصر على الرجال وحسب.

وقالت في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «خير دليل على ذلك هو تنظيم بطولة ليبتون لكرة السلة والتي شهدتها مدينة جدة العام الماضي، حيث إننا حصدنا المركز الثاني ومكافأة مادية بقيمة 6 آلاف ريال، وهي المرة الأولى التي يتم فيها دعم فرق كرة السلة النسائية من الناحية المادية بعد أن كان تكريمها لا يتعدى تقديم الميداليات فقط».

وأشارت إلى أن الفرق النسائية لكرة السلة في جدة عادة ما يلتقين مرتين كل أسبوع لإقامة مباريات ودّية، وقضاء أوقات التدريب مع بعضهن البعض، وذلك في بعض النوادي الصحية النسائية من التي توجد بها ملاعب مخصصة لتلك الرياضة.

واستدركت بالقول: «نحن بحاجة إلى مزيد من المدربات، إلى جانب ضرورة إيجاد ملاعب كرة سلة مخصصة السيدات ومجهزة بالكامل، خصوصا أن تلك الملاعب محدودة جدا في ظل وجودها داخل بعض الأندية الصحية النسائية فقط»، لافتة إلى أنها تطمح للمشاركة في بطولات خارج السعودية.

ولا يختلف رأي فاطمة فقيها التي التحقت مؤخرا كلاعبة كرة سلة في فريق «جولد جيم» النسائي بعد أن كانت إحدى المسعفات في الكادر الطبي للفريق، حيث أكدت أن الوسط السعودي بدأ فعليا بالتفاعل معهن، وذلك من خلال الإقبال المتزايد في كل مرة على حضور بطولات كرة السلة النسائية، مبيّنة أنها ولاعبات فريقها يسعين للاستمرار في هذا المضمار.

وقالت في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «رياضة كرة السلة تحقق الرشاقة المطلوبة للفتاة، عدا عن أن الرياضة بشكل عام من شأنها أن تساهم في تحسين النفسية والأخلاق وتزيد من اللياقة البدنية، إلى جانب تجديدها لحيوية الجسم»، مشيرة إلى أن تنظيم بطولات نسائية لكرة السلة لا يتنافى مع الدين الإسلامي كونها تقام في أماكن محترمة ومغلقة.

وشددت على حاجتهن إلى ملاعب متخصصة بعيدة عن الأندية الصحية، خاصة أنهن يضطررن إلى دفع مبالغ كبيرة للالتحاق بها والاستفادة من ملاعبها، الأمر الذي يجعل ممارسة الرياضة مقتصرة على فئة معينة في المجتمع.

وأضافت: «من الضروري إنشاء ملاعب لكرة السلة النسائية، والتي توفر خدماتها بأسعار رمزية، وذلك من أجل إتاحة الفرصة أمام كل فئات المجتمع لممارسة هذه الرياضة»، مؤكدة أن تجربة كرة السلة النسائية تعد ناجحة جدا.

من جهتها، أوضحت لينا المعينا صاحبة أول فريق نسائي لكرة السلة في السعودية والذي يحمل اسم «جدة يونايتد» أن تسليط الضوء على دخول المرأة لذلك المجال كان محصورا في البداية على وسائل الإعلام الموجهة للمجتمعات الغربية، غير أنه الآن بدأ في الوجود حتى عبر المحلية منها.

وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نسعى من خلال الفريق النسائي إلى إزالة الفكرة المأخوذة عن المرأة السعودية والتي تتمثل في كونها تعد مواطنة من الدرجة الثانية، وهو ما يدفعنا دوما لإثبات عكس ذلك»، موضحة أن هناك فرقا كبيرا بين المجتمعات الممارسة للرياضة وغيرها، ولا سيما أن مثل هذه الرياضات تعلّم كيفية احترام الخصم وتنمي روح التعاون بين أفرادها.

وباعتبار أن «جدة يونايتد» تعتبر أول أكاديمية رياضية نسائية في السعودية حيث انطلقت أعمالها منذ عام 2003 كمنظومة تجارية، فإنه من الضروري أن يتم تمويلها من قبل جهات رسمية، غير أن ذلك يتم حتى الآن بجهود شخصية من قبل مالكتها وزوجها، بهدف نشر مبدأ «الرياضة للجميع».

وأضافت لينا المعينا: «لدينا خطة في الأكاديمية تتضمن التوجه لتدريب كل شرائح المجتمع وخاصة الأسر من ذوي الدخل المحدود، وذلك من منطلق برامج المسؤولية الاجتماعية، في ظل بدئنا باستهداف ذوي الاحتياجات الخاصة».

وفيما يتعلق بطريقة تدريب فئات المجتمع من ذوي الدخل المحدود، أفادت بأن ذلك سيتم من خلال تنظيم دوريات وبطولات رياضية داخل أحيائهم السكنية، وذلك من أجل الوصول إلى كل فئات المجتمع باختلاف شرائحهم العمرية رجالا ونساء.

وبالنسبة لإمكانية مشاركة فريق «جدة يونايتد» النسائي لكرة السلة في بطولات خارجية، أبانت لينا المعينا أن الفريق قد ينافس الفرق الخليجية، إلا أنه غير قادر على منافسة الفرق العربية الأخرى والأوروبية، خاصة أنها تسبق السعودية في ذلك المجال منذ عقود زمنية، بينما تعد فرق كرة السلة النسائية السعودية حديثة العهد. وزادت: «نحن في الفريق لا نتقيد حاليا بأي شروط معينة لإلحاق الفتيات به، حيث إن الهدف ليس الفوز أو تحقيق البطولات في البداية، وإنما إتاحة الفرصة أمام الجميع، إلا أننا نعمل على تصنيف المجموعات داخل الفريق بحسب الفئات العمرية والقدرات».

وذكرت صاحبة أول فريق نسائي لكرة السلة أن هذه الرياضة كانت سببا في معالجة الكثير من السلوكيات الخاطئة لدى بعض الفتيات والتي من ضمنها الجلوس لأوقات طويلة على الإنترنت وفقدان الثقة بالنفس وغيرها.

الجدير بالذكر، أن مدينة جدة شهدت خلال العام الماضي بطولة ليبتون لكرة السلة النسائية، والتي كانت في قاعة مغلقة تابعة لإحدى المدارس الأهلية الكبرى، حيث أتاحت أيضا فرصة ممارسة كرة السلة لمجموعة من الإعلاميات السعوديات، وسط أجواء صاخبة زادتها أهازيج المشجعات من الفتيات حماسة وإثارة، عدا عن توزيع ميداليات تقديرية لهن.

وعلّقت لينا المعينا بالقول: «إن مشاركة الإعلاميات في بطولة كرة السلة تعد دعما كبيرا للفرق النسائية، إذ إن هؤلاء الإعلاميات شاركن بشكل فعلي وليس وجدانيا فقط، وعلى الرغم من أن الكثيرات منهن ليس لديهن أي خبرة في تلك الرياضة، فإن تلك التجربة ستزيد من إبداعهن في تسليط الضوء إعلاميا على تلك الفرق».