ريكارد: الكرة السعودية «نائمة» منذ 8 أعوام

قال في حوار لـ «الشرق الأوسط» إنه لا يملك إجابة شافية عن مصيره مع الأخضر

TT

أكد مدرب المنتخب السعودي الأول لكرة القدم الهولندي فرانك ريكارد، أن الاهتمام بالنشء يعد الحل الأمثل لكرة الأخضر، كاشفا عن أن اللاعبين الحاليين لا يمكنهم التخلص من كل المشكلات التي يعانونها، في الوقت الذي يفترض منهم أن يكونوا أصحاب خبرة وليسوا متعلمين، مشيرا إلى أن ملاقاة منتخب عالمي كإسبانيا سيساعد على تطور مستوى اللاعبين والقضاء على جوانب القصور لديهم، نظرا إلى أن الخطط والتعليمات ليست كافية، مستغربا اعتراض النقاد على مواجهة المنتخب الأول عالميا بعد أن كانوا يطالبون بمباريات مع منافسين أقوياء، مبررا تشابه الأهداف التي ولجت مرمى الأخضر السعودي من أستراليا في تصفيات المونديال بالتي سجلها «الماتادور» يوم الجمعة الماضي، وذلك نظير عدم قدرة اللاعب على التركيز طوال أوقات المباراة في ظل وجود فوارق كبيرة في مستويات الأندية التي تمد المنتخب باللاعبين.

* سنبدأ من النهاية، ماذا تتوقع من لاعبيك أن يتعلموا بعد نهاية المعسكر الحالي وبالتحديد عقب مباراة إسبانيا؟

- بصفتي لاعبا سابقا ومدربا حاليا أعرف أن الخطط والتعليمات التي يتلقاها اللاعب في التمارين ليست كافية لتطور بعض جوانب القصور لديه، ولهذا اللعب مع منتخب عالمي مثل إسبانيا سيكون مفيدا لهم على مستويات عدة، مثل التمرير الصحيح للكرة والتمركز والضغط، وأمور أخرى على أرض الواقع، وهذا ما سيفيد اللاعبين مستقبلا في مسيرتهم.

* كثير من النقاد والجماهير أبدوا اعتراضهم على توقيت مباراة إسبانيا، فلماذا اخترتم مواجهة أفضل منتخبات العالم في أسوأ حالات المنتخب السعودي؟

- عندما أتيت إلى المنتخب كان الاتحاد السعودي يواجه صعوبات كبيرة في إيجاد منتخبات يخوض معها مباريات تجريبية، وكان النقاد يتحدثون عن أننا نواجه المنتخبات الضعيفة فقط ونتجنب المنتخبات القوية، وعندما عرضت علينا تجريبية إسبانيا تحمست كثيرا للفكرة، وبعدما قررناها اختلف النقاد معنا بحجة التوقيت، وسأعيد ما قلته، وهو أن اللعب بجانب المنتخب الإسباني يعتبر فخرا بالنسبة لنا وسيضيف لهم الكثير من الخبرة، ولهذا لم أكن غاضبا من النتيجة؛ لأن احتكاك اللاعبين بنجوم إسبانيا كان الأهم بالنسبة لي، كما أنني اخترت الغابون حرصا مني لنستطيع تطبيق بعض التفاصيل الصغيرة التي تعلمناها أمام «الماتادور»، وسيكون هذا عائدا بالنفع على اللاعبين؛ لأنه سيخلق بينهم التجانس بشكل أكبر، وسنكون بعد عدد من التجريبيات جاهزين تماما لخوض كأس الخليج في العام المقبل.

* ولكن من يشاهد أهداف المنتخب الإسباني يجد أنها أتت بالطريقة نفسها التي سجلت بها أستراليا أهدافها الـ4 في تصفيات المونديال، مما يعني أن المشكلات ما زالت حاضرة.

- مشكلة الجمهور السعودي والإعلام أنهم لا يرون الصورة كاملة ويقارنون بين نتيجة آخر مباراة والتي تعقبها، ويعتقدون أن لعب مباراة قوية سيكون حلا للمشكلات جميعها، بحيث نلعب المباراة التالية ونقدم أداء مغايرا لما قدمناه، وهذا أكبر خطأ، فليس من المنطق أن نلعب أمام إسبانيا مباراة وننتظر لاعبينا في اللقاء المقبل ليكونوا «تشافي وأنيستا»، نعم هناك تطور ولكن بنسبة بسيطة، والحل الأمثل للكرة السعودية أن تبدأ بالاهتمام الآن باللاعبين الذين أعمارهم ما بين 8 و10 أعوام ليتعلموا كرة قدم «منظمة»، وتدريبهم على كرة قدم جماعية وكل الأساسيات التي يتوجب على لاعب كرة القدم امتلاكها، وهذا المشروع يحتاج إلى سنوات طويلة جدا، وإذا لم نبدأ الآن سننسى الموضوع بشكل كامل، ولن تعود الكرة السعودية لسابق عهدها حتى تبدأ هذا المشروع، فاللاعب يتعلم الأساسيات بين عمر 10 و20 عاما، ويبدأ الانطلاق نحو النجومية إذا كان يمتلك الموهبة والإرادة، وما يعقب ذلك مجرد «خبرة»، وهذا ما يجعل أنيستا يتطور بشكل مذهل كل عام عما يسبقه. لذا من الصعب أن نعالج كل ما حدث في مباراة أستراليا بلاعبين أعمارهم تتجاوز 24 عاما، نعم.. هناك تطور بسيط يحدث في لعبهم، ولكنه ليس جذريا.

* استدعيت بعض اللاعبين لهذا المعسكر واستبعدتهم قبل أن تراهم، وهذه خطوة أثارت حفيظة البعض، فلماذا اتخذت هذا القرار؟

- عندما أعلنت القائمة كنت أشرت إلى أنها أولية، وضم هؤلاء اللاعبين كان احترازيا لأن الدوري تبقى عليه مباراتان، وكنت أخشى تعرض أحد العناصر لإصابة، وكذلك عدم حصول بعضهم على تأشيرة الدخول إلى الأراضي الأوروبية، وعندما سارت الأمور بالشكل المطلوب استبعدتهم، ونحن مقيدون بعدد 24 لاعبا.

* عندما تعلن عن القائمة المشاركة مع المنتخب السعودي تتلقى عددا من الانتقادات، فهل أصبحت معتادا عليها؟

- سبق أن واجهت ذلك كثيرا، فالوضع في السعودية لا يختلف عن أي مكان في العالم، وهذا أمر طبيعي جدا، فكل صحافي يكون مفضلا للاعب ويتساءل عن سبب غيابه.

* بعد فترة من وجودك في السعودية، برأيك ما هي أبرز المشكلات التي تعاني منها كرة القدم هنا؟

- بصراحة، أكبر مشكلة لاحظتها أن مسألة امتلاك الكرة هي أبرز تلك المشكلات، فاللاعبون السعوديون لا يعرفون الاحتفاظ بالكرة بينهم، وأعتقد أن هذه المشكلة أتت بسبب أن الكرة السعودية كانت طوال السنوات الثماني الماضية «نائمة»، حيث كان الكل مقتنعا بمقولة إننا الأفضل ونستطيع الفوز على منتخبات الجوار الخليجية، ولكن هذا تغير حاليا لأن كرة القدم في الخليج أصبحت أكثر تنظيما، وكلها في يومنا الحالي تمتلك أكاديميات متطورة لتأهيل الناشئين، ويستقطبون أفضل مدربي العالم على مستوى الفئات السنية، كما أن مساحة دول الخليج الجغرافية صغيرة في معظمها، وهذا يجعلها قادرة على استقطاب أفضل المواهب، ويدعم ما قلته قبل قليل حول الاهتمام بالنشء ليكون لدينا فريق جاهز لمقارعة أعتى الفرق الأوروبية، ففي الواقع هناك لاعبون دوليون في السعودية لم يلعبوا في أندية حتى بلغوا 17 عاما أو يزيد، والموهبة ليست كفاية، وتأثير هذا وضح بشكل جلي على الكرة السعودية في الفترة الحالية.

* تعتقد أن تواضع مستويات اللاعبين السعوديين وافتقاد عدد كبير منهم لأساسيات كرة القدم أسهما في وجود فارق بينهم وبين الآخرين الذين يعتبرون نجوما في الكرة السعودية؟

- بكل تأكيد سيكون هناك فارق ملحوظ فيما بينهم، حتى إنني لاحظت في اختياراتي الدولية مشكلات متعددة تتعلق بالأساسيات، وهذا ما جعلني أتحدث عن مسألة الاهتمام بالنشء لتلافي جميع تلك السلبيات التي نواجهها اليوم.

* هناك صحافي أسترالي في معسكر تصفيات المونديال أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن صعوبة ذلك اللقاء تشابه ما حدث لك في نهائي أبطال أوروبا مع برشلونة.

- لا، على الإطلاق، المباراة لم تكن صعبة بل كانت سهلة جدا؛ لأننا كنا محتاجين للفوز، ولعبنا مباراتين تجريبيتين أمام نيوزيلندا ساعدنا على تطبيق ما أردناه وكانت كذلك، بدأنا المباراة وكنا الأفضل في الشوط الأول، وحتى أستراليا كانت تريد الانتصار لإثبات تفوقها أمام جماهيرها والإعلام، وبقينا متماسكين حتى الدقيقة 70، ولكن وقتها بدأنا بالانهيار، وهذا ليس بسبب اللياقة كما يقول البعض، بل كان بسبب عدم اعتياد اللاعبين على لعب مباراة كاملة بالتركيز نفسه. اللاعبون هنا معتادون على لعب 45 دقيقة بتركيز عال في أفضل الأحوال، وفي الواقع هذا تصعب مشاهدته في الدوري السعودي لأن المسابقة تبدأ في شهر أغسطس (آب) بدرجة حرارة عالية، مما يخفض أداء اللاعبين وكذلك الفوارق الكبيرة بين الفرق في الدوري، لأن أندية الصدارة لا تحتاج كثيرا لبذل مجهود بدني وذهني عال للانتصار على خصومها الأقل مستوى، وهذا حدث في مباراة إسبانيا، حيث كنت قد أعطيت تعليماتي للاعبين بالضغط على الإسبان في منطقتهم إلى درجة أن فالديز كان يجد صعوبة في تمرير الكرة لزملائه، ولكن بعد 20 دقيقة لاحظت أن اللاعبين في المقدمة بدأوا يشعرون بالتعب، وهذا ما دفع الإسبان لتسجيل الهدف الأول وضاعت منا المباراة.

* بحكم منصبك في المنتخب الأخضر، هل حاولت الحديث مع مسؤولي الاتحاد السعودي لإيجاد حلول أو تقديم مقترحات بخصوص الدوري؟

- ليست وظيفتي تقديم الاقتراحات.. أنا مدرب المنتخب الأول وأختار اللاعبين ونلعب مباريات تجريبية مع الفرق الأخرى، وقمت ببعض الزيارات لمدربي الأندية، ولكن ذلك كان لمرات معدودة فقط.

* المرتب العالي الذي تتلقاه من الاتحاد السعودي كان ولا يزال مثار جدل، فهل أصبحت أكثر مناعة الآن عند الحديث الإعلامي عن ذلك؟

- بالعكس، الأمر عادي جدا بالنسبة لي، أنا أعمل وأحصل على مرتبي كأي شخص في العالم، لا أعتقد أنهم ينتظرون مني العمل دون مقابل؛ لأن أحدا لا يفعل ذلك.

* هل سبق أن زرت مدربي الأندية الهولندية عندما كنت مدربا لبلادك في بداية القرن الحالي؟

- لا، لأن كل شيء يعمل هناك بالشكل المخطط له، الاتحاد الملكي الهولندي ينظم البطولات ويراقب الأندية من نواح ليست رياضية فقط، بل حتى الجوانب الاقتصادية، وطريقة متابعة تسديد المستحقات للاعبين وحتى على مستوى الفئات السنية.

* وما أبرز ما كان يدور بينك وبين المدربين الآخرين في تلك المقابلات؟

- كانت بسيطة.. نتحدث عن تجاربنا الشخصية، أعبر عن تعاطفي معهم مثلما يحدثوني عن ذلك، لم يكن هناك شيء حقيقي يساعد في حل مشكلة أو أخرى.

* بقي قرابة عام ونصف على نهاية عقدك مع المنتخب السعودي، فهل لديك الرغبة في الاستمرار عقب نهاية العقد؟

- لنتركها للمستقبل، لا أملك أي إجابة الآن.