الميلان يسقط مجددا في سان سيرو أمام أتلانتا في الدوري الإيطالي

أليغري: الجانب النفسي يقلقني كثيرا.. كولانتونو: أخيرا عدنا لرؤية الضوء

TT

مني فريق الميلان بالخسارة للمرة الثانية على التوالي على ملعبه ووسط جمهوره ضمن المرحلة الثالثة لبطولة الدوري الإيطالي «الكالتشيو»، وذلك بعدما سقط أمام أتلانتا يوم أول من أمس السبت بهدف دون رد سجله شيغاريني في الدقيقة الـ17 من الشوط الثاني، ليتجمد رصيد الميلان عند ثلاث نقاط من فوز وحيد حققه في المرحلة الثانية على بولونيا خارج ملعبه، بينما خسر أولى مبارياته في البطولة في استاد سان سيرو أمام سمبدوريا.

ربما اختبر الجميع أرضية استاد سان سيرو، وجربوها، وأشادوا بها، لكنها تظل لعينة، فلا الميلان ولا الإنتر نجح بعد في تحقيق الفوز على الأرضية الجديدة. الأمر أشبه باللعنة بالنسبة إلى ملعب انتقل إلى العشب الصناعي من الجيل الأخير لكنه على أساس عشب طبيعي. أو ربما هو انتقام من الأرضية القديمة التي اتهمت دائما بأنها سبب إصابات كثيرة.

الأرقام تثير الشفقة، فقد خسر الميلان مباراتين في الدوري، علاوة على بطولة برلسكوني، بينما توجد هزيمتان بالنسبة للإنتر (واحدة بالدوري والأخرى بالدوري الأوروبي)، وتعادل مرة واحدة (بالدوري الأوروبي). في الماضي كان استاد سان سيرو بالنسبة لفريق الميلان يمثل نوعا من الحصن، والآن صار أرضا ينبغي غزوها، ولم يحدث منذ موسم 1930 - 1931 أن خسر الميلان أول مباراتين له على ملعبه. وكان نائب رئيس النادي أدريانو غالياني قد تحدث عن عامل الملعب قبل المباراة، وقال: «قد يثير فضول تحقيق أول فوز في سان سيرو، نظرا لأن فريقي ميلانو لم يفلحا في تحقيق الفوز». لم يتحقق لغالياني الرضا، وقد تسير الأمور بشكل أفضل الثلاثاء المقبل في دوري الأبطال، أمام أندرلخت البلجيكي. وقال المدافع فرانشيسكو أتشيربي: «لا بديل لنا عن الفوز لتبديد هذه اللعنة». على الميلان الفوز وإلا ستهب رياح أزمة، نظرا لأنه بخلاف النقاط الثلاث التي حققها أمام بولونيا، هناك القليل مما يبعث على التفاؤل في بداية الدوري هذه. وشرح نائب رئيس النادي قبيل مباراة أول من أمس: «ليس صحيحا أن فريق الميلان هذا بلا طموح، فقد تناسب مع الوقت، وقرر مع مالكي النادي الوصول إلى التعادل الموسمي. ينبغي أن نكون بارعين جدا في أن نبلي حسنا بميزانية متعادلة. إنه فريق مختلف، لكن لديه طموحات أيضا». لكن في هذه اللحظة من الصعب التفكير أن هذا الفريق يمكنه فعلا المنافسة على أهداف طموحة.

الخروج من الأزمة: وبحسب أتشيربي، هي مشكلة ثقة، حيث أضاف: «علينا النضوج ومحاولة أن نكون أقل خشية والتحلي بشراسة أكبر»، وبحسب أمبروزيني (الذي خرج بسبب كدمة في رقبة القدم، وهي ذات نقطة الإصابة الأخيرة)، جاءت على العكس لحظة إظهار القدرات الحقيقية، وقال: «هذا موقف لا يمكن أن يستمر، لقد تغير هذا الفريق، لكن الآن كفى الحديث. لقد حانت لحظة إظهار قدرات أخرى في الملعب، في الماضي كان هناك لاعبون يمتلكون إمكانات أكبر ويمكنهم دائما حل المباراة، الآن علينا أن نعلم أنه لم يعد كذلك. الجماهير كانت قريبة منا، ولا ينبغي علينا أن نخيب آمالهم. علينا النهوض مجددا». يبدو جمهور الميلان مستسلما أكثر من كونه غاضبا، حيث عدد قليل حضر المباراة في المدرجات، وتشجيع متواضع. أيضا الجمهور، مثل اللاعبين، لا بد أن يسترد الحماس. الحل الوحيد للخروج من هذا الموقف المحزن هو الفوز في المباراة المقبلة، وهكذا لن يصير استاد سان سيرو محظورا مجددا.

أكثر من مجرد عشاء مع أدريانو غالياني: قد يحتاج مدرب الميلان أليغري إلى علاج جماعي لكل عناصر فريقه بحثا عن الفهم، ومن أجل محاولة الدخول في عقل هؤلاء اللاعبين والنجاح في كشف الغموض الذي يحيط بالميلان. وحتى يسألهم أيضا لماذا لم يعد أحد بينهم يستطيع تجاوز الخصم والتسديد نحو المرمى أو إيقاف المنافس كما ينبغي أو رفع الكرة عندما تكون هناك ضربة ركينة. بعد ذلك سيتعين على أليغري الانتقال إلى مرحلة التأمل والتساؤل عن أسباب عدم قدرة الفريق على اتباع تعليمات خلال اللحظات الحالية. صحيح أن الميلان الحالي يضم عددا كبيرا من الوجوه الجديدة، وأن هناك كثيرا من النجوم الكبار قد رحلوا عن الفريق وكذلك هاجر إلى أندية أخرى بعض اللاعبين الذين كانوا يبثون الثقة إلى الفريق بأكمله، مثل السويدي إبراهيموفيتش والمدافع البرازيلي تياغو سيلفا. كل ذلك حقيقي، إنها صعوبات موسم الانطلاق من جديد. وما زال أليغري يحاول تقديم ما بوسعه مع فريق يعد من الناحية الفنية والخبرة أقل مستوى من فريق الموسم الفائت، غير أنه ليس منحدر المستوى أيضا لدرجة تجعله يتعرض للخسارة على ملعبه ووسط جماهيره أمام سمبدوريا وأتلانتا. لم يحصد الميلان حتى الآن سوى ثلاث نقاط في ثلاث مباريات خاضها في بطولة الدوري الإيطالي. إنه ناقوس خطر يثقب هدوء ميلانيللو.

نفس الشيء: ثمة ضجيج وتذمر لم يستطع أليغري عدم إظهارهما عقب نهاية المباراة. ولكن مدرب الفريق هو، حقا، انعكاس القلق الذي يدور الآن حول الميلان. فالفريق في وضع غير مستقر، وكذلك أيضا ماسيمليانو. ليست هناك أحكام مكتوبة مسبقا، وبشكل عملي لم يلقِ غالياني بظلال طويلة على مستقبل مدرب الفريق. ولكنه بالأحرى نوع من الاستجواب الشفهي، عمل مع كل خطوة يصبح أكثر صعوبة. ومن أجل ذلك كانت مباراة أتلانتا بالدوري المحلي وأندرلخت البلجيكي في بطولة تشامبيونز ليغ بمثابة أولى نقاط الالتقاء لهذا الموسم، بعد شهر ونصف الشهر كان فيهما أليغري ونائب رئيس الميلان غالياني يقفان دائما فوق اثنين من أطول الضفاف المختلفة. الأمر الذي كان في ما بعد سببا لكسب عشاء فورتي دي مارمي صبغة الحدث الكبير. وقد أوضح أليغري عقب نهاية المباراة بهذا الصدد قائلا: «مع غالياني لدي تقرير يومي، وهذا الأمر لم يتغير، وهو نفس الشيء الذي يحدث خلال الموسمين الفائتين. وكذلك برلسكوني جمعني به الاتصال الهاتفي مرتين خلال اليومين الماضيين».

وكان أليغري يود أن يقول إن العلاقة بينه وبين إدارة النادي دائما كما هي. ولكن دون تحقيق النتائج سوف يعيش أليغري في الميلان بشكل سيئ، وبدءا من اليوم لن تكون هناك تأكيدات حول مكانه في الفريق. والأسابيع الثلاثة المقبلة والممتلئة بالالتزامات التي سيخوضها الميلان ستساعد على توضيح الأمور أكثر، وحاول أليغري، الذي استقبل أمام أتلانتا الهزيمة رقم 100 له كمدرب، إلقاء بعض الضوء على الوضع الحالي: «يلزمنا مزيد من القوة التنافسية والقناعة. يحتاج اللاعبون إلى مزيد من الثقة في أنفسهم، بينما نحن ننزل إلى الملعب بخوف. سنتعرض للخسارة في مباريات أخرى، ولكن ليس بهذا الطريقة. ثمة شيء واحد مؤكد: هذا الموسم علينا بذل مزيد من العرق في كل اللقاءات مقارنة بالموسم الفائت. العامل النفسي هو أكثر ما يقلقني، علينا أن نلعب بمزيد من الهدوء والإمتاع»، ولكن دون النتائج سيتحول الأمر إلى مغامرة.

وعلى الجانب الآخر، هناك لحظات لا يستطيع الشخص ولا ينبغي عليه كبح العواطف. ستيفانو كولانتونو يدرك جيدا أن الفوز في استاد سان سيرو أمر لا يتكرر بشكل يومي، ولذلك عقب انتهاء المباراة ترك نفسه يبتهج بطريقة تتلاءم مع تلك المغامرة الكبيرة، أحكم قبضة يده وقفز لأعلى وعانق كل من حوله. لقد مرت أربع سنوات على آخر مرة فاز فيها أتلانتا على ملعب سان سيرو (30 مارس «آذار» 2008 بنتيجة 2 - 1)، أما في الموسم الفائت فقد تلقى الفريق الهزيمة مرتين أمام الميلان، دون أن ينجح في تسجيل أي هدف. وعلى العكس أول من أمس لم يحتَج أتلانتا سوى إلى هدف بتوقيع تشيغاريني لينتزع به الفوز والفرحة وتحطيم ذلك النفق المظلم. ورغم غياب كل من بيلوزو (المعرض للإيقاف) وسكيلوتو وكارمونا (بداعي الإصابة)، لم يدع فريق كولانتونو الفرصة التي أتيحت له لصفع وتعميق جراح الميلان الذي ما زال يبحث عن هويته هذا الموسم. لم يخشَ أتلانتا مواجهة فريق أكثر قوة منه على الورق، ولعب بوجه مكشوف وفي النهاية جنى الثمار.

مسألة عقلية: وكان مدرب أتلانتا قد صرح عشية لقاء الميلان قائلا: «إزاء التعادل لن أقول لا، لأن ذلك قد يعني وجودنا بلا نقاط في الجدول، ولكن سيكون له أهميته الكبيرة من الناحية النفسية». ولكن فريق كولانتونو، على العكس، نجح في انتزاع ما هو أكثر من التعادل: لقد كان معصوما من كل الجوانب، فقد قرأ المباراة بالطريقة السليمة سواء من الجانب الخططي أو الأداء، وهكذا صرح لوكا تشيغاريني، صاحب هدف المباراة، قائلا: «لقد فزنا بالمباراة من الناحية العقلية، لقد طلب منا مدرب الفريق عدم ترك المساحات، وهذا ما فعلناه، ثم إننا كنا بارعين في التركيز. أعتقد أن الميلان قدم مباراة رائعة، لقد أتيحت له فرصة التهديف مرة أو مرتين، غير أننا أحسنا التصرف، وفي النهاية كانت النتيجة عادلة وعن جدارة واستحقاق».

قراءة مثالية: وقد أكد ذلك مدرب الفريق عقب اللقاء قائلا: «كنت قد أوضحت للاعبي فريقي أن الفوز على مثل هذه الملاعب الصعبة يتطلب الشجاعة. وقد كانوا بارعين للغاية لأنهم طبقوا بشكل مثالي كل ما تدربوا عليه طوال الأسبوع الفائت. دائما ما تأمل في الفوز بمباراة مثل هذه، حتى وإن كنا نعلم من البداية أن المهمة ستكون شاقة للغاية. في الشوط الأول أصابني الغضب لأننا كنا متراجعين للغاية، ولكننا بعد ذلك نضجنا. نحن سعداء لأننا هكذا عدنا بشكل إيجابي إلى ترتيب جدول الدوري، أخيرا سنرى الضوء بعد انطلاقة عائقة». ثم أوضح ستيفانو التحرك الخططي للمباراة، أي محاصرة بواتينغ: «كنا نخشى من اللاعب الغاني، وكنا نعلم أن مركزه داخل الملعب قد يسبب لنا المشكلات. لقد ضحى بونافينتورا كثيرا أمام كيفين، وفي النهاية كنا رائعين في السيطرة عليه، هذا فضلا عن إيقاف باتزيني. كذلك راق لي أداء تشيغاريني وبريفيو، ولكن جميع لاعبي فريقي قدموا مباراة رائعة». وبالفعل نجح أتلانتا في مغامرته بسان سيرو على أتم وجه.